3 - إن هناك أحاديث موضوعة تذكر في فضائل عمر لا تلتئم مع شيئ مما ذكرناه بأسانيده الوثيقة، وكل من ذلك يفندها، منها ما يعزى إليه صلى الله عليه وآله وسلم من قول: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر. (1)
ورواية: لو لم أبعث لبعثت يا عمر. (2)
ورواية: لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب. (3)
ورواية: قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر. (4)
ورواية: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. (5)
وراية: إن الله ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه. (6)
ومنها ما رووه عن علي أمير المؤمنين عليه السلام من قول: كنا نتحدث إن ملكا ينطق على لسان عمر. (7)
وقوله: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر. (8)
ومنها ما يروى عن أعاظم الصحابة مثل ما يعزى إلى ابن مسعود من قول: لو وضع علم عمر في كفة وعلم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر.
وأمثال هذه من الأكاذيب، فإن من يكون بتلك المثابة حتى يكاد أن يبعث
____________
(1) راجع الجزء الخامس ص 312.
(2) راجع الجزء الخامس ص 316.
(3) الرياض النضرة 1 ص 199.
(4) راجع الجزء الخامس ص 42.
(5) حلية الأولياء 1 ص 42.
(6) الأموال لأبي عبيد ص 543.
(7) حلية الأولياء 1 ص 42.
(8) الأموال لأبي عبيد ص 543.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 250
--------------------------------------------------------------------------------
نبيا لا يفقد علم واضحات المسائل عند ابتلائه أو ابتلاء من يرجع أمره إليه من أمته بها، ولا يتعلم مثله سورة من القرآن في اثنتي عشر سنة (1) وأين كان الحق والملك والسكينة يوم كان لا يهتدي إلى أمهات المسائل سبيلا فلا تسدده ولا تفرغ الجواب على لسانه، ولا تضع الحق في قلبه؟.
وكيف يسع المسدد بذلك كله أن يحسب كل الناس أفقه منه حتى ربات الحجال؟
وكيف كان يأخذ علم الكتاب والسنة من نساء الأمة وغوغاء الناس فضلا عن رجالها وأعلامها؟
وكيف كان يرى عرفان لفظة مفسرة بالقرآن تكلفا ويقول: هذا لعمر الله هو التكلف، ما عليك يا بن أم عمر أن لا تدري ما الأب (2)؟
وكيف كان يأخذ عن أولئك الجم الغفير من الصحابة ويستفتيهم في الأحكام.
وكيف كان يعتذر عن جهله أوضح ما يكون من السنة بقوله: ألهاني عنه الصفق بالاسواق. (3)
وكيف كان لم يسعه أن يعلم الكلالة ويقيمها ولم يتمكن من تعلم صور ميراث الجد وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ما أراه يعلمها. وما أراه يقيمها. ويقول: إني أظنك تموت قبل أن تعلم ذلك؟ (4)
وكيف كان مثل أبي بن كعب يغلظ له في القول ويراه ملهى عن علم الكتاب بالصفق بالأسواق وبيع الخيط والقرظة؟(5)
وكيف كان يراه أمير المؤمنين جاهلا بتأويل القرآن الكريم. (6) وكيف؟ وكيف؟ إلى مائة كيف؟!
نعم راق القوم أن ينحتوا له فضائل ويغالوا فيها ولم يترووا في لوازمها وحسبوا
____________
(1) راجع صحيفة 196 من هذا الجزء.
(2) راجع ص 99.
(3) راجع ص 158.
(4) راجع ص 116، 158
(5) راجع ص 303، 306.
(6) راجع ص 103.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 251
--------------------------------------------------------------------------------
أن المستقل الكشاف يمضي كما مضت القرون خاليا عن باحث أو منقب، أو أن بواعث الارهاب يلجم لسانه عن أن ينطق، ويضرب على يده عن أن تكتب، ولا تفسح حرية القلم والمذاهب والأفكار العلماء أن يبوحوا بما عندهم، فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.
|