قال : فذهبت وفعلت ما أمرني به الشيخ ، فمر بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم على الدنو من الدائرة التي أنا فيها ، وما زالوا يمرون زمرا ، زمرا ، إلى أن جاء ملكهم راكبا فرسا وبين يديه أمم منهم ، فوقف بإزاء الدائرة وقال : يا إنسي ما حاجتك ؟ قال : قلت : قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر ، فنزل عن فرسه ، وقبل الأرض ، وجلس خارج الدائرة وجلس من معه ، ثم قال لي : ما شأنك ؟ فذكرت له قصة ابنتي فقال لمن حوله : علي بمن فعل هذا ، فأتى بمارد ومعه ابنتي ، فقيل له : إن هذا مارد من مردة الصين ، فقال له : ما حملك على أن اختطفت من تحت ركاب القطب ؟ فقال : إنها وقعت في نفسي ، فأمر به فضربت ‹ صفحة 356 › عنقه ، وأعطاني ابنتي . فقلت : ما رأيت كالليلة في امتثالك أمر الشيخ عبد القادر قال : نعم ، إنه لينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فيفرون من هيبته ، وإن الله تعالى إذا قام قطبا مكنه من الجن والإنس . أقول : فإذا كان عبد القادر ينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فلماذا كلف الرجل البغدادي المسكين بالذهاب إلى خراب الكرخ وبالجلوس عند التل ليلا حتى تمر عليه طوائف من الجن مزعجة المنظر في وقت السحر فيتولى ملكهم آنذاك إطلاق سراح ابنته ؟ فكان على هذا الولي العظيم أن ينظر من داره إلى المارد وهو في الصين ويأمره بدفع ابنة الرجل إليه ( 1 ) فإن امتنع نفث عليه وصيره رمادا ، أو قال انقلب خنزيرا فكان ينقلب في الحال خنزيرا . ومن أكاذيبهم ومهملاتهم ما ذكره السيوطي في كتابه ( بشرى الكئيب بلقاء الحبيب ) عن محمد بن نصر الصائغ قال : كان أبي مولعا بالصلاة على الجنائز فقال : يا بني حضرت يوما جنازة فلما دفنوها نزل إلى القبر ‹ صفحة 357 › نفسان ، ثم خرج واحد وبقي الآخر ، وحشى الناس التراب ، فقلت : يا قوم يدفن حي مع ميت ؟ فقالوا : ما ثم أحد ، فقلت : لعله شبه لي . ثم رجعت فقلت : ما رأيت إلا اثنين خرج واحد ، وبقي الآخر ، لا أبرح حتى يكشفه الله ما رأيت ، فقرأت عشر مرات يس وتبارك وبكيت وقلت : يا رب أكشف لي عما رأيت فإني خائف على عقلي وديني ، فانشق القبر فخرج منه شخص فولى مبادرا . فقلت يا هذا بمعبودك ألا وقفت حتى أسئلك فما التفت ، فقلت الثانية والثالثة فالتفت ، وقال : أنت نصر الصائغ ؟ فقلت : نعم قال : ما تعرفني ؟ قلت : لا ، قال : نحن من ملائكة الرحمان موكلان بأهل السنة إذا وضعوا في قبورهم نزلنا حتى نلقنهم الحجة ، وغاب عني ( 1 ) . أقول : يظهر من هذه الكرامة الآلهية لأهل السنة أن لهم صلة و معرفة بالملائكة لذلك نجد الملك الموكل بتلقينهم في قبورهم يقول لنصر الصائغ : ما تعرفني ؟ فيجيبه بلا . وليت شعري كيف أساء هذا الملك الأدب بالنسبة إلى الله تعالى فلم يحتفل بالرجل السني الذي أقسم عليه بمعبوده أن يكلمه حتى أقسم عليه به ثلاث مرات ، ألم يكن معبوده هو الله سبحانه ألم يكن الرجل من قوم لهم عند الله شأنا وجاها كريما حيث يبعث ملائكته إلى قبورهم كي تلقنهم الحجة ؟ والغالب على الظن أن هذا الملك إنما لم يجب هذا ‹ صفحة 358 › الرجل السني لأنه يعلم أنه لا يموت على شريعة الإسلام وإنما أجابه في المرة الثالثة تكرمه لمعبوده الذي أقسم عليه الرجل به . ومن أكاذيبهم ما ذكره الشيخ محي الدين بن العربي في كتابه ( روح القدس في مناصحة النفس ) في ترجمة ابن زين اليابري وكان من أهل الله أنه قرأ ليلة تأليف أبي القاسم أحمد بن حمدين في الرد على أبي حامد الغزالي فعمى ، فسجد لله تعالى من حينه وتضرع وأقسم أنه لا يقرأه أبدا ويذهبه ، فرد الله تعالى عليه بصره . ذكر هذه الكرامة عبد الغني النابلسي في ( كشف النور ) ص 8 وقال : وهي كرامة صدرت لأبي حامد الغزالي رضي الله عنه بعد موته على يد هذا الإنسان . أقول : والذين أعماهم الله لقرائتهم الكتاب الذي كتب ردا على أبي حامد الغزالي لا يعلم عددهم إلا الله تعالى وحده ، وليت شعري هل تاب الله على غير هذا الإنسان من هؤلاء المساكين الذين أعماهم لهذه الجريمة فرد عليهم بصرهم أم بقوا عميانا حتى يلاقوا ربهم ؟ أم أن عطفه تعالى شمل هذا الرجل وحده فرد عليه بصره في حينه بعد أن أقسم أنه لا يقرأه أبدا ( وهو أعمى ) لست أدري . ومن أك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 350 › ( 1 ) سورة الأعراف الآية 179 . ( 2 ) لما لم يكن آية الله مردوخ الكردستاني في عهد إمامه عمر كي يقدم له حلة يزينه بها إزاء للجهود التي بذلها في سبيل توطيد الخلافة لإمامه الأول أبي بكر بن أبي قحافة ، التي لولاها لما قامت لأبي بكر قائمة . فقد حلى اسمه بعد موته فأدخل عليه الألف واللام فقال : العمر ، ولا يهمه ذلك مخالفته للقاعدة العربية لأن أهل كردستان يجهلونها فهم يشكرونه على هذا الوسام المردوخي والآية اللهى الجديد ، الذي يدل على مدى تضلع فاضلهم الشهير بقواعد اللغة العربية . ‹ هامش ص 351 › ( 1 ) جاء في كتاب ( سياسة الحسين عليه السلام ) للربيعي ج 2 ص 108 ما نصه : حدثني بعض المولعين بالأسفار والمنقبين فيها عين الآثار أنه رأى كتابا لا يزال مخطوطا في المكتبة الظاهرية العربية بدمشق اسمه ( السلافة في أمر الخلافة ) لصاحبه الشيخ عبد الله المراغي من أعلام السنة في القرن السابع الهجري ، وفيه روايتان مضمون إحداهما أنه أذن الفارسي فرفع الصحابة لرسول الله أنه زاد في الأذان ( أشهد أن عليا ولي الله ) فجبههم النبي بالتوبيخ والتأنيب اللاذع ، وأقر لسلمان هذه الزيادة ، ومضمون الأخرى أنهم سمعوا أبا ذر الغفاري بعد بيعة الغدير يهتف بها في الأذان فرفعوا ذلك إلى النبي فقال لهم : أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية ؟ أما سمعتم قولي في أبي ذر : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر الغفاري ، إنكم لمنقلبون بعدي على أعقابكم . ‹ هامش ص 352 › ( 1 ) يقع في 25 مجلدا وطبع أخيرا وقد تجاوزت أجزاؤه المأة مجلد وهو بعد لم يكمل . ( 2 ) سورة النحل الآية 105 . ( 3 ) سورة التوبة الآية 77 . ‹ هامش ص 353 › ( 1 ) لم نكن أول من وصم أبا هريرة بالكذب فإن من يقدسون الصحابة إطلاقا وصموه به أيضا ، قال ابن قتيبة : أبو هريرة أول راوية اتهم في الإسلام . راجع كتاب ( شيخ المضيرة أبو هريرة ) للشيخ محمود أبو رية الطبعة الثالثة ص 1 مطابع دار المعارف مصر عام 1969 . ‹ هامش ص 354 › ( 1 ) سورة البقرة الآية 31 . ‹ هامش ص 356 › ( 1 ) كما نظر خليفتهم عمر بن الخطاب وهو في المدينة إلى سارية وهو في نهاوند وبين المدينة ونهاوند آلاف من الكيلومترات ، ففي كتاب ( أضواء على خطوط محب الدين العريضة ) ص 18 ط بيروت ، دار معجم متن اللغة نقلا من ( الفتاوى الحديثية ) لابن حجر الهيثمي ص 220 نقلا عن البخاري : بينما كان عمر يخطب على منبر يوم الجمعة إذ صاح : يا سارية ، الجبل ، وكان سارية يقود سرية بنهاوند ، وقد كمن لهم عدوهم في الجبل ، فبلغ سارية صوت عمر فاستيقظوا للكمين ، وظفروا بهم . ‹ هامش ص 357 › ( 1 ) كشف النور عن أصحاب القبور لعبد الغني النابلسي ص 8 ط باكستان عام 1397 المكتبة النورية الرضوية ، طبع ملحقا بالمنحة الوهبية في رد الوهابية ، الطبعة الثانية .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كذبوا على الشيعة - السيد محمد الرضي الرضوي - ص 358 - 366
كاذيبهم ومهملاتهم ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن سعيد ابن جبير قال : أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابت البناني في لحده ومعي حميد الطويل فلما ساوينا عليه اللين سقطت لبنة فإذا أنا به يصلي في قبره ، وكان يقول : اللهم إن كنت أعطيت أحدا من خلقك الصلاة في قبره فاعطنيها فما كان الله ليرد دعاءه . ذكر ذلك النابلسي ‹ صفحة 359 › في ( كشف النور عن أصحاب القبور ) ص 9 . وأخرج أبو نعيم في الحلية عن إبراهيم أن المهلبي قال : حدثني الذين كانوا يمرون بالمصر في الأسحار قالوا كنا إذا مررنا بجنبات قبر ثابت البناني سمعنا قراءة القرآن . أيضا ذكره النابلسي في كشف النور . وأخرج ابن مندة عن أبي النصر النيسابوري الحفار وكان صالحا ورعا قال : حفرت قبرا فانفتح في القبر قبر آخر فنظرت فإذا أنا بشاب حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح جالسا متربعا وفي حجره كتاب مكتوب بخضرة أحسن ما رأيت من الخطوط وهو يقرء القرآن ، فنظر الشاب إلى وقال : أقامت القيامة قلت ، لا . فقال : أعد المدرة إلى موضعها ، فأعدتها إلى موضعها ( 1 ) . وقال اليافعي : روينا عمن حفر القبور من الثقاة أنه حفر قبرا فأشرف فيه على إنسان جالس على سرير وبيده مصحف يقرء فيه ، وتحته نهر يجري ، فغشي عليه ، وأخرج من القبر ، ولم يدروا ما أصابه فلم يفق إلا في اليوم الثالث ( 1 ) وذكر الشيخ الشعراوي في كتابه ( طبقات الأخيار ) قال : شاهدت أنا بعيني سنة خمس وأربعين وتسعمأة أسيرا على منارة سيدي عبد العال مقيدا مغلولا وهو مخبط العقل ، فسألته عن ذلك ، فقال : بينما أنا في بلاد الفرنج آخر الليل توجهت إلى سيدي أحمد ( البدوي ) فإذا أنا به فأخذني وطار بي في الهواء فوضعني هنا ، فمكث يومين ورأسه دائرة عليه من شدة الخطفة ( 1 ) . ‹ صفحة 360 › ومن أكاذيبهم ومهملاتهم ما ذكره حمد الله الداجوي عن ورع أبي حنيفة الكاذب أنه تحرج عن الاستظلال بظل حائط مدينة لئلا يكون ذلك نفعا جره قرضه ( 1 ) . وعن أدب مالك ذكر أن لدغته يوما عقرب ست عشر مرة وهو يحدث ، فكان يتغير ويتلوى ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما له ( 1 ) . وعن أبي حنيفة من اجتهاده في طاعة الله أنه مكث يصلي الفجر بوضوء العشاء أربعين أو خمسين سنة ( 1 ) . وعن أحمد يقول عنه من عاشره ما رأيته أفطر إلا يوما واحدا ، أفطر واحتجم ( 1 ) . وعن مالك كان يقول : لقد استحييت من ربي من كثرة ما أتردد على بيت الخلاء ، وكان لا يذهب إليه إلا كل يومين مرة ( 1 ) . ومن أكاذيبهم ومهملاتهم وأباطيلهم ما نقله الدميري في حياة الحيوان الكبرى ج 1 ص 199 ط مصر عام 1306 عن صحيح البخاري وغيره : أن أعرابية كانت تخدم نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكانت كثيرا ما تتمثل بهذا البيت : ويوم الوشاح من أعاجيب ربنا * على أنه من ظلمة الكفر نجاني فقالت لها عائشة رضي الله عنها : ما هذا البيت الذي أسمعه منك ؟ فقالت : شهدت عروسا لنا تجلى إذ دخلت مغتسلا لنا وعليها وشاح ‹ صفحة 361 › فوضعته فجائت الحديا فأبصرت حمرته فأخذته ، ففقدوا الوشاح فاتهموني به ففتشوني حتى قبلي ( 1 ) فدعوت الله أن يبرأني ، فجائت الحديا بالوشاح حتى ألقته بينهم ( 2 ) . . . قال : وفي رواية فرفعت رأسي وقلت يا غياث المستغيثين فما أتممتهن حتى جاء غراب فرمى الوشاح ، أو قالت : فألقى الوشاح بيننا ، فلو رأيتني يا أم المؤمنين وهن حولي يقلن اجعلينا في حل . فنظمت ذلك البيت فأنا أنشده لئلا أنسى النعمة فأترك شكرها . ويظهر لنا من هذه الكرامة لهذه المرأة الأعرابية أنها تعرف لغة الطيور أيضا كما كان سليمان ( ع ) يعلم ذلك إذ قال ( علمنا منطق الطير ) . ومن خرافاتهم ما ذكره الدميري في ص 200 من ج 1 من حياة الحيوان عن القشيري في الرسالة في آخر باب كرامات الأولياء عن شبل المروزي أنه اشترى لحما بنصف درهم فاستلبته منه حدأة ، فدخل شبل مسجدا يصلي فيه ، فلما رجع إلى
|