( المتعة هي أنواع عند الشيعة )
وكذبت أيضا يا جبهان في قولك :
هي أنواع منها : المتعة الدورية
فإن المتعة التي أباحها الله في كتابه وشرعها في قانونه هي نوع واحد ، لا أنواع ، وهي عقد على امرأة معلومة بمهر معلوم وأجل محدود ، ويشترطون عليها العدة من جملة ما يشترطونه فيها ،
فليراجع كتب الحديث والفقه الشيعي من أراد الوقوف على معرفة أحكامها عندهم ( 1 ) ، وقولك : ليست عليها عدة عندهم فكذب وبهتان .
وأما ما سميتها بالمتعة الدورية وذكرت أنها يشترك جماعة في امرأة واحدة ( إلى آخره ) فكله كذب واختلاق وزور وبهتان ، ينم عن خباثة ذاتك ومدى نصبك والدليل على ذلك أن من راجع كتب الشيعة حول المتعة لم يجد لما ذكرته فيها أثرا .
وقد عرفت أيها القارئ الكريم فيما تقدم إن إباحة الزنا مع تغيير اسم الزنا إلى اسم استيجار ثابت في دين أدعياء الإسلام ومفسدي السنة وإن نكاح البنات يبيحه لهم شرعهم كما ذكر ذلك علامتهم وجار الله ‹ صفحة 70 › عندهم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره الكشاف ج 2 ص 573 طبع مصر عام 1307 .
وإنما حرم أدعياء الإسلام ومحاربوا المسلمين متعة النساء التي أباحها القرآن وأمضاها الرسول صلى الله عليه وآله
لأن عمر بن الخطاب وحنتمة زعيم دينهم حرمها
فقال ردا على كتاب الله وسنة رسوله :
متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا محرمهما ، ومعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحج .
روى ذلك عنه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة ج 1 ص 61 ط مصر عام 1329 مطبعة دار الكتب العربية الكبرى ، والرازي أيضا في تفسيره الكبير ، وغيره منهم . ولم يكن عمر حرم هاتين المتعتين من أحكام الإسلام فحسب ،
فهناك أحكام إسلامية أخرى ثابتة في الكتاب والسنة عارضها وأمضى خلافها ، اجتهادا منه في مقابلة النصوص الإسلامية الواجبة الاتباع على كل مسلم إلى يوم القيامة وفي ذلك تغيير لأحكام الإسلام ونبذ لسنة الرسول صلى الله عليه وآله نذكر للقارئ الكريم طرفا منها في ردنا على علي بن سلطان محمد القارئ الآتي في الرقم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 63 › ( 1 ) مغيث الخلق ص 71 ط مصر عام 1353 ، المطبعة المصرية . ‹ هامش ص 64 › ( 1 ) سورة النساء الآية 24 . ‹ هامش ص 65 › ( 1 ) الإحصائية التي أشار إليها الأستاذ هي ما ذكرها في مقاله هذا في ص 9 وهذا نصها : 1 - بلغ عدد الحوادث سنة 1941 في مدينة القاهرة وحدها ( 354046 ) حادثة بينها 1359 جناية ( إحصاء سكرتير نيابة مصر - الأهرام في 27 فبراير سنة 1942 ) . 2 - عثر في القاهرة على 1005 غلام في 100 فندق وحمام مصابين جميعا بأمراض خبيثة - وثبت بالتحقيق أن عصابة قبض منها على سبعين فردا كانت تتجر في الغلمان وتبيع الغلام بثلاثة جنيهات ( عن المقطم والأهرام في 24 و 25 ديسمبر 1941 ) . 3 - جاء في تقرير مكتب الآداب عن أعماله خلال شهر سبتمبر عام 1941 في القاهرة ما يأتي : قبض المكتب على 719 غلاما مشردا . على 94 امرأة تحرض على الفساد بينهن 8 فتيات قاصرات . على 105 امرأة في منازل سرية . على 65 بنسيونا وفندقا يدار للدعارة . على 34 بلطجيا . على 112 مرة دهم فيها بيوت الدعارة . على 13 قضية فعل فاضح في الصالات . على 1054 شكوى هتك عرض حقق فيها المكتب . على 3 قضايا بيع كتب مخلة بالآداب . ( قال ) : وهذه حصيلة شهر في مدينة كبرى هي عاصمة البلاد . . . فما بالنا بحصيلة الأيام والشهور والأعوام التي تلت ذلك . . . وقد كانت هذه الحصيلة في وقت كان فيه البغاء العلني المصرح به موجودا وقائما ويمارس خدماته الوضعية . . . فما بالنا وقد ألغي هذا البغاء . . . لقد بلغ عدد المصابين بالزهري من بيوت الدعارة سنة 1931 ربع مليون من الزناة أي 250 ألف نسمة . . . ولا نقول إن هذا يمثل الحقيقة في بلادنا في الماضي وفي الحاضر ، وإنما هو يمثل جانبا من الحقيقة وما خفي كان أعظم . إن ما يحدث في المدارس الداخلية بنين وبنات لا يخفى على الناس . . . وما يحدث في داخل البيوت بين الأقارب والصحاب لا يخفى على الناس . . . وتجارة الرقيق يمارسها جميع الشباب في السن الذي ينتظرون فيه الزواج ولا نقصد المعنى الحرفي لتجارة الرقيق ، وإنما نقصد علاقة الذكر بالأنثى بالطريقة التي لا يسيغها العقل ، ولا يسيغها الدين ، ولا تسيغها الأخلاق . . . وما تعرضه الجرائد والمجلات من مآسي تتكرر صورها وتتكرر وقائعها لا يحتاج إلى بيان ، بل إن ما يحدث في أعماق الريف يفوق كل ذلك في النوع وفي المقدار . . . ( الرضوي ) : ومن جراء تحريم إمامك عمر للمتعة التي حللها القرآن تفشى الزنا واللواط في بلادكم إلى هذا الحد الفضيع يا جبهان ، أقر الله عينيك بمتابعتك لهذا المشرع العظيم وحشرك الله معه يوم القيامة . ذكر ابن رشد الأندلسي في كتابه ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد صفحة 47 ج 2 قال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد صلى الله عليه وآله ولولا نهي عمر ( رض ) لما اضطر إلى الزنا إلا شقي . ( أضواء على خطوط محب الدين العريضة ) ص 45 . ‹ هامش ص 69 › ( 1 ) وللعلامة السيد حسين مكي العاملي ( المتعة في الإسلام ) دراسات حول مشروعية المتعة وبقائها طبع في بيروت ، دار الأندلس للطبع والنشر وللأستاذ توفيق الفكيكي ( المتعة وأثرها في الأصلح الاجتماعي ) دراسة متعمقة للمتعة ورد على المفتريات التي وجهت إليها طبع في مصر ، المطبعة العربية ، نلفت أنظار رواد الحقائق إليهما .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كذبوا على الشيعة - السيد محمد الرضي الرضوي - ص 70 - 77
م 7 من هذا الكتاب . هذا منطقنا ، وهذا ديننا ، وهذا منطق خصومنا وهذا دينهم ( فأي الفريقين أحق بالأمن ) وأيهما ( خير مقاما وأحسن نديا ) والحكم في ذلك إليك أيها القارئ الكريم . ‹ صفحة 71 ›
( الشيعة ينسبون الجهل إلى الله )
ومن أكاذيب الجبهان ومفترياته على الشيعة قوله في صفحه 493 منه :
لقد نسبوا إلى الله البداء ، وهو العلم بعد الجهل .
كذب هذا المفتري على الشيعة فإن أحدا منهم لم يقل به بهذا المعنى لا قديما ولا حديثا . قال الصدوق طاب ثراه وهو من علماء القرن الرابع في ( عقائد الشيعة الإمامية ) : الاعتقاد في البداء ، أن اليهود قالوا إن الله تبارك وتعالى قد فرغ من الأمر . قلنا ، بل هو تعالى ( كل يوم هو في شأن ) ( 1 ) لا يشغله شأن عن شأن ( يحيي ويميت ) ( 2 ) ويخلق ويرزق و ( يفعل ما يشاء ) ( 3 )
وقلنا : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) ( 4 )
وأنه لا يمحو إلا ما كان ، ولا يثبت إلا ما لم يكن ،
وهذا ليس ببداء كما قالت اليهود وأتباعهم ، فنسبتنا في ذلك إلى القول بالبداء وتبعهم على ذلك من خالفنا من أهل الأهواء المختلفة
وقال الصادق عليه السلام : ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه الاقرار لله بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأن الله تعالى يؤخر ما يشاء ، ويقدم ما يشاء ، ونسخ الشرايع والأحكام بشريعة نبينا وأحكامه من ذلك ، ونسخ الكتب بالقرآن من ذلك ،
وقال الصادق عليه السلام : من زعم أن الله تعالى بدا في شئ ولم يعلمه من قبل فابرأ منه ،
وقال عليه السلام : من زعم أن الله عز وجل بدا له في شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله ‹ صفحة 72 › العظيم .
وقال العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء وهو من علماء القرن الرابع عشر في ( أصل الشيعة وأصولها ) ص 191 الطبعة السابعة ، النجف المطبعة الحيدرية عام 1369 : مما يشنع به الناس على الشيعة ويزدري به عليهم أمران
( الأول ) قولهم بالبداء ، تخيلا من المشنعين إن البداء الذي تقول به الشيعة هو عبارة عن أن يظهر ويبدو لله عز شأنه أمرا لم يكن عالما به ، وهل هذا إلا الجهل الشنيع والكفر الفضيع ، لاستلزامه الجهل على الله تعالى وأنه محل للحوادث والتغيرات ، فيخرج من حظيرة الوجوب إلى مكانة الامكان ( وحاشا الإمامية ) بل وسائر فرق الإسلام من هذه المقالة التي هي عين الجهالة ، بل الضلالة . . .
أما البداء الذي تقول به الشيعة والذي هو من أسرار آل محمد صلى الله عليه وآله وغامض علومهم حتى ورد في أخبارهم الشريفة ، أنه عبد الله بشئ مثل القول بالبداء ، وأنه ما عرف الله حق معرفته من لم يعرفه بالبداء ( إلى كثير من أمثال ذلك )
فهو عبارة عن إظهار الله جل شأنه أمرا يرسم في ألواح المحو والإثبات وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقربين أو أحد الأنبياء والمرسلين ، فيخبر الملك به النبي ، والنبي يخبر به أمته لم يقع بعد ذلك خلافه ، لأنه جل شأنه محاه وأوجد في الخارج غيره ، وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم ، ولكن في علمه المخزون المصون الذي لم يطلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولا ولي ممتحن وهذا المقام من العلم هو المعبر عنه في القرآن الكريم ( بأم الكتاب ) المشار إليه وإلى المقام الأول بقوله تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ‹ صفحة 73 › أم الكتاب ) .
ولا يتوهم الضعيف إن هذا الإخفاء والإبداء يكون من قبيل الاغراء بالجهل ، وبيان خلاف الواقع فإن في ذلك حكما ومصالح تقصر عنها العقول وتقف عندها الألباب .
وبالجملة فالبداء في عالم التكوين كالنسخ في عالم التشريع فكما أن لنسخ الحكم وتبديله بحكم آخر مصالح وأسرارا بعضها غامض وبعضها ظاهر ، فكذلك في الإخفاء والإبداء في عالم التكوين ، على أن قسما من البداء يكون من اطلاع النفوس المتصلة بالملأ الأعلى على الشئ وعدم اطلاعها على شرطه أو مانعه ،
مثلا اطلع عيسى عليه السلام أن العروس يموت ليلة زفافه ، ولكن لم يطلع على أن ذلك مشروط بعدم صدقة أهله ،
فاتفق أن أمه تصدقت عنه ، وكان عيسى عليه السلام أخبر بموته ليلة عرسه فلم يمت ، وسئل عن ذلك فقال : لعلكم تصدقتم عنه ، والصدقة قد تدفع البلاء المبرم . وهكذا نظائرها ، وقد تكون الفائدة الامتحان وتوطين النفس كما في قضية أمر إبراهيم بذبح إسماعيل ولولا البداء لم يكن وجه للصدقة ولا للدعاء ولا للشفاعة ولا لبكاء الأنبياء والأولياء وشدة خوفهم وحذرهم من الله مع أنهم لم يخالفوه طرفة عين ، إنما خوفهم من ذلك العلم المصون المخزون الذي لم يطلع عليه أحد ، ومنه يكون البداء .
وقد بسطنا بعض الكلام في البداء وأضرابه من القضاء والقدر ، والمحو والإثبات في الجزء الأول من كتابنا ( الدين والإسلام ) فراجع إذا شئت ( انتهى ) . ‹ صفحة 74 ›
وقال العلامة الشيخ محمد رضا المظفر عميد كلية الفقه في النجف الأشرف في ( عقائد الإمامية ) صفحة 24 طبع مصر ، الطبعة الثانية عام 1381 مطبعة نور الأمل :
( عقيدتنا في البداء ) البداء في الإنسان أن يبدو له رأي في الشئ لم يكن له ذلك الرأي سابقا ، بأن يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه إذ يحدث عنده ما يغير رأيه وعلمه به ، فيبدو له تركه ، بعد أن كان يريد فعله ، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه .
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنه من الجهل والنقص وذلك محال عليه تعالى ، ولا تقول به الإمامية ،
قال الصادق عليه السلام : من زعم أن الله تعالى بدا له في شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم .
وقال أيضا : من زعم أن الله بدا في شئ ولم يعلمه أمس فابرأ منه .
غير أنه وردت عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدم ولذلك نسب بعض المؤلفين في الفرق الإسلامية إلى الطائفة الإمامية القول بالبداء طعنا في المذهب وطريق آل البيت ، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة .
والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) .
وقال العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في ( الشيعة في الميزان ) ص 52 طبع بيروت دار التعارف للمطبوعات :
( البداء ) اتفق المسلمون بكلمة واحدة على جواز النسخ ووقوعه في الشريعة الإسلامية ، ومعناه في ‹ صفحة 75 › في اصطلاح المفسرين وأهل التشريع أن الله يشرع حكما كالوجوب أو التحريم ، ويبلغه لنبيه ، وبعد أن يعمل النبي وأمته بموجبه يرفع الله هذا الحكم وينسخه ويجعل في مكانه حكما آخر ، لإنهاء الأسباب الموجبة لبقاء الأول واستمراره ، وهذا النوع من النسخ ليس بعزيز ، فإنه موجود في الشرائع السماوية والوضعية واستدل المسلمون على جوازه ووقوعه بأدلة ،
منها : إن الصلاة كانت في بدء الإسلام لجهة بيت المقدس ثم نسخت وتحولت إلى جهة البيت الحرام ، كما نطقت الآية 144 من سورة البقرة ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) . ونتسائل إذا جاز النسخ على الله بهذا المعنى في الأمور التشريعية فهل يجوز عليه ذلك في الأشياء الكونية والطبيعية ، وذلك بأن يقدر الله ويقضي بإيجاد شئ في الخارج ثم يعدل ويتحول عن قضاءه وإرادته ؟
اتفق المسلمون جميعا على عدم جواز النسخ في الطبيعيات لأنه يستلزم الجهل وتجدد العلم لله وحدوثه بعد نفيه عنه ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، ويسمى هذا بالبداء الباطل ، وقد نسبه البعض إلى الإمامية جهلا أو تجاهلا رغم تصريحاتهم المتكررة بنفيه .
روى الشيخ الصدوق في كتاب ( إكمال الدين وإتمام النعمة ) عن الإمام الصادق ( ع ) أنه قال : من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرؤا منه .
وبعد أن نفى المسلمون جميعا البداء بهذا المعنى أجازوا بداء لا يستدعي الجهل وحدوث العلم لذات الله ، وهو أن يزيد الله في الأرزاق والأعمار أو ينقص منهما بسبب أعمال العبد . قال المفيد شيخ ‹ صفحة 76 › الشيعة الإمامية في كتاب ( أوائل المقالات ) باب القول في البداء والمشيئة : البداء عند الإمامية هو الزيادة في الآجال والأرزاق والنقصان منهما بالأعمال . وتدل على هذا الآية 60 من سورة غافر ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )
وروى الترمذي في سننه باب لا يرد القدر إلا الدعاء أن النبي قال : لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر .
وبالتالي فقد اتفق السنة والشيعة بكلمة واحدة على أن أية صفة تستدعي الجهل وتجدد العلم فهي منفية عن الله سبحانه بحكم العقل والشرع ، سواء أعبرنا عنها بالبداء أو بلفظ آخر ، وعليه فلا يصدق القول بأن الشيعة أجازوا البداء ، على الله دون السنة ، لأن المفروض أن البداء المستلزم للجهل باطل عند الفريقين ، والبداء بمعنى الزيادة والنقصان في الأرزاق والآجال جائز عند الفريقين فأين محل النزاع والصراع ؟
هذا إلى أن الإمامية قد تشددوا في صفات الباري أكثر من جميع الفرق والطوائف ، وبالغوا في تنزيهه عن كل ما فيه شائبة الجهل والظلم والتجسيم والعبث وما إليه ، فلم يجيزوا على الله ما أجازه الأشاعرة وغيرهم من سائر الفرق الإسلامية
الذين قالوا : بأن الخير والشر من الله ،
وأنه سبحانه يكلف الإنسان بما لا يطاق ،
وأنه تعالى علوا كبيرا يأمر بما يكره وينهى عما يحب ويفعل بدون غرض
( كتاب المواقف ج 8 للإيجي وشرحه للجرجاني ، وكتاب الفروق للقرافي ج 2 ، وكتاب المذاهب الإسلامية لأبي زهرة ) .
كما أن الإمامية قد نفوا التجسيم عن الله
الذي قال به الحنابلة ،
ومنهم الوهابية الذين رووا عن النبي : لا تزال جهنم يلقى فيها وهي ‹ صفحة 77 › تقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها رجله ، فينزوي بعضها إلى بعض وهي تقول : قط ، قط ، ( العقيدة الواسطية لابن تيمية المطبوعة مع الرسائل التسع سنة 1957 ص 136 ) . فهل عرفت يا جبهان أن الشيعة الإمامية لا تنسب إلى الله تعالى الجهل كما ينسب له أدعياء السنة التكليف بما لا يطاق ، والأمر بما يكره والنهي عما يحب ، والتجسيم ، وغير ذلك من العقائد الكافرة ، وأن قولك : لقد ن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 71 › ( 1 ) سورة الرحمن الآية 29 ( 2 ) سورة آل عمران الآية 156 . ( 3 ) سورة آل عمران الآية 40 ( 4 ) سورة الرعد الآية 39 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كذبوا على الشيعة - السيد محمد الرضي الرضوي - ص 77 - 83
نسبوا إلى الله البداء وهو العلم بعد الجهل كذب عليهم وافتراء فلعنة الله على كل مفتر كذاب .
وقد عقد العلامة المحدث الكبير محمد بن الحسن الحر العاملي طاب ثراه في كتابه ( الفصول المهمة في أصول الأئمة )
أبوابا أورد فيها طائفة من أحاديث أئمة الشيعة الإمامية حول علم الله تعالى وتنزيهه من الجهل ، وكلها رد على الجبهان وإخوانه الكذابين ،
وإليك عناوين بعض تلكم الأبواب الباب 30 عنوانه
( إن جميع المعلومات بالنسبة إلى علمه سواء . . . )
والباب 34 عنوانه ( أنه لا يقع شئ في الوجود إلا بقضاء الله وقدره وعلمه وإذنه )
والباب 45 عنوانه ( أن الله سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء من غير تغيير للعلم الأزلي )
والباب 37 عنوانه ( أن الله عالم بكل معلوم ) .
فأين ما نسبته يا جبهان إلى الشيعة من قولهم بالبداء وهو العلم بعد الجهل ؟
أيها الكذاب الأثيم .
| قال الدكتور حامد حفني داود أستاذ الأدب العربي بكلية الألسن في القاهرة في ( نظرات في الكتب الخالدة ) ص 38 المطبوع في القاهرة عام 1399 مطبعة دار العلم للطباعة : ‹ صفحة 78 ›
وهناك صورة خامسة نختم بها حديثنا في هذه المقدمة وهي قول الإمامية في ( البداء ) ومعناه الظاهر فعل الشئ ثم محوه ،
وقد قال به الإمامية في حق الله تعالى حتى أثر عنهم : ما عبد الله بشئ مثل القول بالبداء . ولما كان البداء من صفات المخلوقين لأن فعل الشئ ثم محوه يدل على التفكير الطارئ ، وعلى التصويب بعد الخطأ ، وعلى العلم بعد الجهل ،
فإن كثيرا من المفكرين سفهوا عقول الشيعة في نسبة البداء إلى الله سبحانه والشيعة الإمامية براء مما فهمه الناس عن البداء ،
إذ المتفق عليه عندهم وعند علماء السنة أن علم الله قديم منزه عن التغيير والتبديل والتفكير الذي هو من صفات المخلوقات ، أما الذي يطرأ عليه التغيير والمحو بعد الإثبات فهو ما في اللوح المحفوظ بدليل قوله تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت )
ولنضرب مثالا لذلك يبين معنى البداء عند الإمامية فلان من الناس كتب عليه الشقاء في مستهل حياته ، وفي سن الأربعين تاب إلى الله فكتب في اللوح المحفوظ من السعداء فالبداء هنا محو اسمه من باب الأشقياء وكتابته في باب السعداء .
أما ما في علم الله فيشمل جميع تاريخ هذه المسألة من إثبات ومحو بعد التوبة ، أي أنه سبق في علم
الله أن هذا الشخص سيكون شقيا ثم يصير سعيدا في وقت كذا حين يلهمه التوبة .
إن البداء الذي يقول به الإمامية هو قضية الحكم على ظاهرة الفعل الإلهي في مخلوقاته بما تتطلبه حكمته ، فهو قول بالظاهر المترائي لنا ، وإذن فوجه الإشكال في الذين خطئوا الشيعة في قولهم بالبداء إنما جاء ‹ صفحة 79 › من زعمهم أن الشيعة ينسبون البداء إلى علم الله القديم لا إلى ما في اللوح المحفوظ .
ولعلك بما قدمته لك من بيان ضاف تكون وقفت معي على ما في عقائد الإمامية من وجاهة في قولهم بالبداء وما في تفكيرهم من عمق في الحكم به ، لأن معناه في نظري - إن الله سبحانه يطور خلقه وفق مقتضيات البيئة والزمان اللذين خلقهما وأودع فيهما سر التأثير على خلقه - ولو ظاهرا - أن القول بالبداء هو المقالة الوحيدة التي نستطيع بهديها أن نفسر لك سر الناسخ من المنسوخ في القرآن ، كالحكمة فيما ورد من آيات تحريم الخمر ، وكيف تدرج ذلك التحريم في صورة مراحل ليعالج سبحانه بذلك اعوجاج النفس البشرية ويخلصها من قيود العادة المستحكمة شيئا فشيئا حتى يتحقق لهذه النفس صلاحها ، ولو حرمها مرة واحدة لكان في ذلك ما فيه من مشقة على النفس ، فذلك هو اعتقاد الإمامية في البداء .
|