ولقد بدأ الإمام السجاد عليه السلام في الفصول التالية ، من جهاده وجهوده ، لتحقيق هذه الأهداف السامية . وحاولنا - نحن - بقدر وسعنا ، لجمع ما انتشر من أنبأ ذلك الجهاد ، وتلك الجهود ، في المجالات العملية والعلمية ، بعون الله وتوفيقه . ‹ صفحة 77 ›
الفصل الثاني
النضال الفكري والعلمي أولا :
في مجال القرآن والحديث ثانيا :
في مجال الفكر والعقيدة ثالثا :
في مجال الشريعة والأحكام
وأخيرا : في إعمار الكعبة المعظمة ‹ صفحة 79 ›
يكاد المؤرخون لحياة الإمام السجاد عليه السلام ، لا سيما الدارسون الاجتماعيون ، الذين يريدون إبعاد الإمام عن الحياة السياسية ، يتفقون على أن الإمام عليه السلام : ( انكب على الشؤون الدينية ، ورواية الحديث ، والتعليم ) ( 1 ) وأن مهمته كانت : ( الانصراف إلى بث العلوم ، وتعليم الناس ، وتربية المخلصين ، وتخريج العلماء والفقهاء ، والإشراف على بناء الكتلة الشيعية ) ( 2 ) . ولا ريب في أن الإمام السجاد عليه السلام قام بدور بليغ في هذه المجالات كلها ، ولكن لم تكن - قط - هذه الأمور خارجة عن العمل السياسي ، أو بديلا عن العمل السياسي ! بل ، إن هذه الواجبات هي من أهم وظائف الأنبياء والأئمة بل المصلحين السياسيين من البشر ، بأن يقوموا بها ، ويبلغوا بالأمم والشعوب إلى مستويات راقية فيها ، خاصة التعاليم الإلهية التي من أجلها بعثوا ، ولها عينوا ، وبتبليغها وبثها كلفوا ، وهم طريق معرفة الناس بها ، والأمناء الوحيدون عليها . والتعليم الصحيح هو واحد من طرق النضال ، فكل مناضل يعلم - بوضوح - أن من مقومات كل حركة سياسية ، هو تثقيف الجماهير ، وتوعيتها ، بالتعليم والتلقين ، لتكون على علم بما يجري حولها وما يجب لها من حقوق وما عليها من واجبات . وقد سعى الحكام الفاسدون - على طول التاريخ - إلى إبعاد الناس عن الحق ، والتعاليم الأصيلة ، بطرق شتى : ‹ صفحة 80 › منها : التصدي للذين يبلغون رسالات الله ، بالضغط ، والأسر ، والتشريد ، والحبس ، وحتى القتل . ومنها : تزييف الأديان وتحريفها بالبدع والخرافات ، وبث التعاليم الباطلة ، والعمل من أجل ترويجها . ومنها : منع تثقيف الناس ، حذرا من تنبههم إلى ما هم عليه من خلل ونقص في الحياة المادية ، وما هم فيه من ذل ومهانة في الحياة المعنوية . ومنها : محاولة استيعاب أجهزة التعليم ، بوضع المناهج التعليمية المشبوهة والمحرفة . وهكذا تضييع جهود القائمين على التعاليم ، بشراء الضمائر ، وغسل الأدمغة والعقول ، وتفريغها من الرؤى الصائبة ، وملئها بالأفكار الفاسدة والمنحرفة . وقد استعمل معاوية هذا الأسلوب بكل جرأة لما استولى على أريكة الخلافة ، فعمم كتابا على أقطار نفوذه ، يأمر فيه الولاة بوضع الأحاديث والروايات واختلاقها ، وبثها بين الناس في المدارس والمساجد والكتاتيب والبيوت ، ليربي جيلا ناشئا مشبعا بتلك التعاليم المزورة في صالح الأمويين ، والتي تعارض التعاليم الإسلامية الأصيلة ( 1 ) . فوجود المعلمين المناهضين لتلك الخطط الهدامة ، وتلك المناهج التعليمية الفاسدة ، يكون صدا سياسيا للأنظمة الحاكمة ، ويكون عملهم جهادا ونضالا سياسيا ، بلا ريب . وإن الحكومات الفاسدة ، من أجل تنفيذ خططها في تحريف الدين وإغواء الناس وإبعادهم عن العلماء المصلحين ، اصطنعت من علماء السوء رجالا مقنعين بالعلم ، ملجمين بلباس الدين ، من العملاء بائعي الضمائر ، ليكونوا وسائل لإقناع العامة بما تمليه الدولة عليهم من أحكام باطلة ، وقضايا منافية للحق ، وليصححوا للدول الظالمة تصرفاتها الجائرة . ‹ صفحة 81 › فكان التصدي لهؤلاء ، وفضح دسائسهم ، وإبطال استدلالاتهم ، والكشف عن سوء نياتهم ، من واجب الأئمة والمصلحين الإلهيين . وقد قام الإمام السجاد عليه السلام في عصره بأداء دور مهم في هذا الميدان الشائك بعد أن استلهم العلوم من مصادرها الأمينة الموثوقة وصار الدور إليه في قيادة الأمة ودلالتها إلى الحق والخير . فكان معلما للحق ، يبث الفضيلة ، ويدعو إلى الإسلام المحمدي الأصيل ، الذي توارثه عن آبائه ، والموصول بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأوثق السبل ، وأقرب الطرق . وأصبح -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 72 › ( 1 ) نقله الثعالبي في آخر كتاب ( ثمار القلوب ) بواسطة : علي جلال في ( الحسين ) ( 2 : 195 ) . ( 2 ) اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) ( ص 123 ) رقم ( 194 ) . ‹ هامش ص 73 › ( 1 ) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ( 15 : 273 ) . ( 2 ) اختيار معرفة الرجال ( الكشي ) ( ص 123 ) رقم ( 194 ) . ‹ هامش ص 75 › ( 1 ) الجامع لأخلاق الراوي والسامع للخطيب البغدادي ( 2 / 288 ) رقم ( 1649 ) . ‹ هامش ص 79 › ( 1 ) معتزلة اليمن ( ص 17 - 18 ) . ( 2 ) الإمام السجاد عليه السلام لحسين باقر ( ص 13 - 14 ) . ‹ هامش ص 80 › ( 1 ) لاحظ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ( 11 : 44 - 46 ) والاحتجاج للطبرسي ( ص 295 ) ولاحظ كتابنا ( تدوين السنة الشريفة ) ( ص 475 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جهاد الإمام السجاد (ع) - السيد محمد رضا الجلالي - ص 81 - 87
لكونه حاملا أمينا للتعاليم الإسلامية الرصينة ، وقائما مخلصا بالشؤون الدينية الحقة - سدا منيعا في مواجهة كل انحراف وتزوير كان يبديه علماء السوء من وعاظ السلاطين . ولا ريب في أن مواجهة الإمام السجاد عليه السلام للدولة في هذا النضال ، لا بد أن تعد في قمة أعماله السياسية ، ومن أخطر أوجه النضال السياسي في حياته الكريمة . وقد اخترنا مجالات ثلاثة عمل فيها الإمام عليه السلام ، لنقف على أوجه نشاطه فيها ، وهي : ‹ صفحة 82 › أولا : مجال القرآن والحديث . عاش الإمام السجاد عليه السلام ، فترة نشاطه إماما للشيعة ، من سنة ( 61 - 95 ) مدة الثلث الأخير من القرن الأول . والقرن الأول بالذات هو فترة المنع الحكومي من رواية الحديث ونقله وكتابته وتدوينه ، قبل أن يرفع هذا المنع بقرار من قبل الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز . وكانت عملية منع الحديث - تدوينا ورواية - بدأت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة ، واستمر عليها الحكام الذين تسنموا أرائك الخلافة بدءا بأبي بكر ، ثم عمر الذي كان أكثر تشديدا ونكيرا على من كتب شيئا من الحديث أو نقله ورواه ، بحيث استعمل كل أساليب القمع من أجل الوقوف دون تسرب شي منه ، فحبس جمعا من الصحابة من أجل روايتهم الحديث ، وهدد آخرين بالضرب والنفي ، وأحرق مجموعة من الكتب التي جمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . والتزم الحكام من بعد عمر ، سنة عمر وسياسته في منع تدوين الحديث وروايته ، وقد أعلن عثمان ومعاوية عن اتباعهما لعمر في منع الحديث النبوي ( إلا حديثا كان على عهد عمر ) ( 1 ) . وقد ظلت سياسة عمر بمنع الحديث سارية المفعول ، حتى بلغ الأمر إلى أن الحجاج الثقفي - سفاك العراق - قام بالاعتداء على كبار صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فختم على أيديهم وأعناقهم ، حذرا من أن يحدثوا الناس ، أو يسمع الناس حديثهم ( 2 ) . فلم يكن القيام بأمر رواية الحديث في مثل هذه الفترة بالذات ، وفي مثل هذه الأجواء أمرا سهلا ، ولا هينا . ولقد قاوم أئمة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم هذه السياسة المخربة ضد أهم مصادر الفكر الإسلامي ، فكانوا إلى جانب كتابتهم للحديث ، وإيداعه المؤلفات يبادرون ‹ صفحة 83 › بحزم إلى رواية الحديث ونشره وبثه ، على طول تلك الفترة ! وقد عرفنا أن الإمام السجاد - كما قال ابن سعد - : كان ( ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا ورعا ) ( 1 ) وقد أكثر من نقل الحديث وروايته حتى أفاد علما جما ، كما قال النسابة العمري ( 2 ) ولا ريب في أن تصدي الإمام السجاد عليه السلام للوقوف في وجه المنع السلطوي ، وقيامه بأمر رواية الحديث ونقله ، ليس إلا تحديا صارخا لأوامر الدولة وسياستها ! . ثم إنه عليه السلام كان يطبق السنة ويدعو إلى تطبيقها والعمل بها فقد روي عنه أنه قال : إن أفضل الأعمال ما عمل بالسنة وإن قل ( 3 ) . وكان يندد بمن يستهزئ بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويدعو عليه ويقول : ما ندري ، كيف نصنع بالناس ؟ ! إن حدثناهم بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضحكوا ، وإن سكتنا لم يسعنا . ثم ندد بمن هزأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( 4 ) . وقد رويت عن الإمام السجاد عليه السلام مجموعة كبيرة من الأحاديث المسندة المرفوعة ، وأخرى موقوفة على آبائه عليهم السلام . وأما ما صدر منه من الحديث الذي يعتبر من عيون الحديث الذي يعتز به التراث الشيعي فكثير جدا ، ولذلك عد الحافظ الذهبي ، الإمام السجاد عليه السلام من الحفاظ الكبار وترجم له في طبقات الحفاظ الكبار ( 5 ) . ومع كل هذا ، فأين موقع كلمة قالها بعض النواصب أن الإمام عليه السلام كان ( قليل الحديث ) ! ؟ ( 6 ) ‹ صفحة 84 › ثم إن محتوى الأحاديث المروية عن طريق الإمام السجاد عليه السلام ، وتلك المنقولة عنه تشكل مجموعة من النصوص الموثوقة ، التي يطمئن بها المسلم ، فقد تم نقلها من مصدر أمين ، متصل بينابيع الوحي والرسالة ، وفيها ما يسترشد به المسلم ، ويعرف من خلاله مصالحه ، ويحدد واجباته ، ويدفع عنه اليأس ( 1 ) ، مثل روايته المرفوعة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( انتظار الفرج عبادة ) ( 2 ) . فقد يكون الإنسان في مثل تلك الظروف الحرجة المأساوية معرضا للقنوط ولكن بانتظار الفرج وتوقع كشف الغم ، المستتبع للعمل من أجل ذلك والكون على استعداد له ، والإعداد لحصوله ، هو أفضل وسيلة للنجاة من مأزق الياس ، وموت الخمول . ومع القرآن : إن القرآن الكريم ، باعتباره الوحي الإلهي المباشر ، والمصدر الأساسي المقدس بنصه وفصه ، والذي اتفقت كلمة المسلمين على حجيته وتعظيمه وتقديسه ، فهو الحجة عند الجميع ، والفيصل الذي لا يرد حكمه أحد ممن يلتزم بالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا . ولذلك كانت دعوة أهل البيت عليهم السلام إلى الالتزام به ، والاسترشاد به وقراءته والحفاظ عليه ، دعوة صريحة مؤكدة . وفي الظروف التي عاشها الإمام زين العابدين عليه السلام ، كان الحكام بصدد اجتثاث الحق من جذوره وأصوله ومنها القرآن ، بقتل أعمدته وحفظته ومفسريه ( 3 ) . ‹ صفحة 85 › فكانت الدعوة إلى القرآن من أوجب الواجبات على الأئمة عليهم السلام مضافا إلى ما ذكرنا من قدسية القرآن عند الجميع ، فلم يتمكن الحكام من منع تعظيمه وقرائته والدعوة إليه . فقام الإمام زين العابدين عليه السلام بجهد وافر في هذا المجال : ففي الحديث أنه قال : عليك بالقرآن ، فإن الله خلق الجنة بيده ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك ، وترابها الزعفران ، وحصاها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ منها قال له : ( إقرأ وارق ) ومن دخل الجنة لم يكن في الجنة أعلى درجة منه ، ما خلا النبيين والصديقين ( 1 ) . وأسند عن الزهري قال : سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول : آيات القرآن خزائن العلم ، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها ( 2 ) . وقال عليه السلام : من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويرى منزله في الجنة ( 3 ) . وكان يعبر عن كفاية القرآن ، بتعاليمه الروحانية القيمة ، بكونه مؤنسا للإنسان المسلم ، يعني : أن الوحشة إنما هي بالابتعاد عن هذه التعاليم حتى لو عاش الإنسان بين الناس ، فكان يقول : لو مات من ما بين المشرق والمغرب ما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي ( 4 ) . وهكذا يجد الإمام عليه السلام في تعظيم القرآن ، وتخليده في أعماق نفوس الأمة ، كما يسعى في التمجيد له عمليا وبأشكال من التصرفات : فمما يؤثر عنه عليه السلام : أنه كان أحسن الناس صوتا بالقرآن ، حتى : أن السقائين كانوا يمرون ببابه ، فيقفون لاستماع صوته ، يقرأ . . . ( 5 ) . وقال سعيد بن المسيب : إن قراء القرآن لم يذهبوا إلى الحج إذا ذهب علي بن ‹ صفحة 86 › الحسين عليه السلام ، ولم يخرج الناس من مكة حتى يخرج علي بن الحسين عليه السلام ( 1 ) . وفي بعض الأسفار بلغ عدد القراء حسب بعض المصادر : ألف راكب ( 2 ) . وقد كان الإمام السجاد عليه السلام مرجعا في علوم القرآن ومعارفه ، يسأله كبار العلماء عن القرآن : قال الزهري : سألت علي بن الحسين : عن القرآن ؟ فقال : كتاب الله ، وكلامه ( 3 ) . وقد كان الإمام زين العابدين عليه السلام يستفيد من تفسير القرآن في إرشاد الأمة إلى ما يحييهم ، ويطبق مفاهيمه على حياتهم ، ويحاول تنبيههم إلى ما يدور حولهم من قضايا ، وإليك بعض النصوص : روي أنه عليه السلام قال في تفسير قوله تعالى : * ( ولكم في القصاص حياة ) * : [ سورة البقرة ( 2 ) الآية ( 179 ) ] ( ولكم ) يا أمة محمد ( في القصاص حياة ) لأن من هم بالقتل ، فعرف أنه يقتص منه ، فكف لذلك من القتل ، كان حياة للذي هم بقتله ، وحياة لهذا الجافي الذي أراد أن يقتل ، وحياة لغيرهما من الناس : إذا علموا أن القصاص واجب ، ولا يجسرون على القتل مخافة القصاص ( يا أولي الألباب ) أولي العقول ( لعلكم تتقون ) . ثم قال عليه السلام : عباد الله ، هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا ، وتفنون روحه ! أفلا أنبئكم بأعظم من هذا القتل ؟ وما يوجبه الله على قاتله مما هو أعظم من هذا القصاص ؟ قالوا : بلى ، يا بن رسول الله . قال : أعظم من هذا القتل أن يقتله قتلا لا يجبر ، ولا يحيى بعده أبدا ! قالوا : ما هو ؟ قال : أن يضله عن نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ، ويسلك به غير سبيل الله ، ويغير به باتباع طريق أعداء علي والقول بإمامتهم ، ودفع علي عن حقه ، وجحد ‹ صفحة 87 › فضله : ، وأن لا يبالي بإعطائه واجب تعظيمه ، فهذا هو القتل الذي هو تخليد المقتول في نار جهنم ، مخلدا أبدا ، فجزاء هذا القتل مثل ذلك : الخلود في نار جهنم ( 1 ) . وكان الإمام زين العابدين عليه السلام كثيرا ما يستشهد بآيات من القرآن ويستدل بها ، وعندما يجد مناسبة يعرج على تطبيق ذلك على الحالة الاجتماعية المتردية التي كان يعيشها المسلمون . ففي الخبر : إنه عليه السلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ، ويحكي قصتهم ( المذكورة في القرآن ) فلما بلغ آخرها ، قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم ، لاصطيادهم السمك ! فكيف ترى - عند الله عز وجل - يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهتك حريمه ؟ إن الله تعالى ، وإن لم يمسخهم في الدنيا ، فإن المعد لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ ( 2 ) . إن تصدي الإمام زين العابدين عليه السلام لهذه القضايا ، لا شك أنه أكثر من مجرد تعليم وتفسير للقرآن ، بل هو تطبيق له على الحياة المعاصرة ، وتحريك للأفكار ضد الوضع الفاسد الذي تعيشه الأمة ، ولا ريب أن ذلك يعتبره الحكام تحديا سياسيا يحاسبون عليه . ومن فلتات التاريخ أنه خلد لنا من التراث صفحة من القرآن الكريم ، منسوبة كتابتها إلى خ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 82 › ( 1 ) لقد تحدثنا عن منع الخلفاء من كتابة الحديث وتدوينه ، ومن نقله وروايته ، بتفصيل في كتابنا ( تدوين السنة الشريفة ) المطبوع في قم سنة 1413 ه . ( 2 ) أسد الغاية ، لابن الأثير ( 2 : 472 ) ترجمة سهل الساعدي . ‹ هامش ص 83 › ( 1 ) تهذيب التهذيب ( 7 : 305 ) . ( 2 ) المجدي في الأنساب ( ص 92 ) وتدوين السنة الشريفة ( ص 149 - 152 ) . ( 3 ) المحاسن ، للبرقي ( ص 221 ) ح ( 133 ) . ( 4 ) الكافي ( 3 / 234 ) الحديث 4 ، وبحار الأنوار ( 46 / 142 ) وعوالم العلوم ( ص 85 وص 290 ) . ( 5 ) تذكرة الحفاظ ( 1 / 74 - 75 ) . ( 6 ) قال ذلك الزهري ، كما في تهذيب التهذيب ( 7 / 305 ) وقد كذب الزهري قومه ، كما أنه متهم في ما يقوله في أهل البيت ، لما سيأتي من عمالته للأمويين ، لكن أمثال هذا المخذول قد حرموا أنفسهم من الاستمتاع بعلم أهل البيت عليهم السلام حيث تركوهم وصاروا إلى أصحاب الرأي والاجتهاد في مقابل النص ، فخسروا خسرانا مبينا . ‹ هامش ص 84 › ( 1 ) إن كتابنا هذا يحتوي على مجموعة كبيرة من الأحاديث التي رويت عن الإمام السجاد عليهم السلام ، والتي استشهدنا بها ، تجدها مجموعة في فهرس الأحاديث في آخر الكتاب . ( 2 ) كشف الغمة ( 2 : 101 ) ولاحظ الجامع الصغير ( 1 : 108 ) . ( 3 ) مثل سعيد بن جبير ، ويحيى بن أم الطويل ، وميثم التمار ، وغيرهم من شهداء الفضيلة ، فلاحظ كتب التاريخ لتلك الفترة . ‹ هامش ص 85 › ( 1 ) تفسير البرهان ( 3 : 156 ) . ( 2 ) أصول الكافي ( 2 : 609 ) المحجة البيضاء ( 2 : 215 ) . ( 3 ) المحجة البيضاء ( 2 : 215 ) . ( 4 ) الكافي - الأصول - ( 2 : 602 ) وانظر المحجة البيضاء ( 2 : 215 ) وبحار الأنوار ( 46 : 107 ) . ( 5 ) الكافي ( 2 / 616 ) بحار الأنوار ( 46 : 70 ) ب 5 ح 45 . ولاحظ عوالم العلوم ( ص 135 ) . ‹ هامش ص 86 › ( 1 ) رجال الكشي ( ص 117 ) رقم 187 . ( 2 ) عوالم العلوم ( ص 303 ) . ( 3 ) تاريخ دمشق ، ومختصره لابن منظور ( 17 : 240 ) وسير أعلام النبلاء ( 4 : 396 ) . ‹ هامش ص 87 › ( 1 ) الاحتجاج ( ص 319 ) . ( 2 ) الاحتجاج ( ص 312 ) . ( 3 ) دائرة المعارف الشيعية ( ج 2 ص 66 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جهاد الإمام السجاد (ع) - السيد محمد رضا الجلالي - ص 87 - 93
ط الإمام زين العابدين عليه السلام . والعجيب أن هذه الصفحة تبدأ بقوله تعالى : * ( القربى ، واليتامى ، والمساكين وابن السبيل ) * ، وتنتهي بآيات الجهاد : قوله تعالى * ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) * ( 3 ) . [ سورة الأنفال ( 8 ) الآيات 41 - 45 ] . ‹ صفحة 88 ›
|