عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2010, 09:28 PM   #4
الشيخ حسن العبد الله
مشرف


الصورة الرمزية الشيخ حسن العبد الله
الشيخ حسن العبد الله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 232
 تاريخ التسجيل :  Nov 2010
 أخر زيارة : 03-18-2014 (09:42 PM)
 المشاركات : 352 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي






ومع وقعة الحرة :
ورجع الإمام السجاد عليه السلام إلى المدينة : ليستقبله أهلها ، بالبكاء والتعزية ، ويستفيد الإمام من هذه العواطف لينشر أنباء حوادث كربلاء ، ويركزها في الأذهان من طريق القلوب ، كي لا يطالها التشويش والإنكار ، بمرور الأعصار ، كما طال كثيرا من الوقائع والحوادث ، فأصبحت مغمورة أو مبتورة ! فأرسل بشر بن حذيم ( 4 ) إلى المدينة وأهلها ناعيا الحسين عليه السلام ومعرفا إياهم بمكان الإمام السجاد عليه السلام . قال بشر : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن ، . . . ، فلم ‹ صفحة 66 › أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوما أمر على المسلمين منه . قال : فخرج علي بن الحسين ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، وخلفه خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه ، وهو لا يتمالك عن العبرة ، وارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، وحنين النسوان والجواري ، والناس يعزونه من كل ناحية ، فضجت تلك البقعة ضجة واحدة ، فأومأ بيده : أن اسكنوا ، فسكنت فورتهم ، فقال : ( الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السماوات العلا ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة ، الكاظة ، الفادحة الجائحة . أيها القوم ! إن الله تعالى ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد الله ، الحسين ، وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية . أيها الناس ! فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله ؟ أم أي فؤاد لا يحزن من أجله ؟ أم أية عين منكم تحبس دمعها ، وتضن عن انهمالها ؟ فلقد بكت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 61 › ( 1 ) يلاحظ أن كلمة ( الناس ) في حديث أهل البيت : عليهم السلام - خاصة - يطلق على غير المعتقدين بالإمامة ، في أغلب الأحيان . ( 2 ) فرحة الغري ، لابن طاوس ( ص 43 ) الإمام زين العابدين ، للمقرم ( ص 42 ) ولاحظ الكافي للكليني ، قسم الروضة ( ص 255 ) حيث جاء فيها حديث زيارة الإمام السجاد لقبر أمير المؤمنين عليه السلام ولقاء أبي حمزة الثمالي له ، فليلاحظ . ‹ هامش ص 62 › ( 1 ) الاحتجاج للطبرسي ( ص 306 ) وانظر اللهوف لابن طاوس ( ص 6 - 67 ) ويبدو أن هذا الاجتماع كان بعد عودة الإمام عليه السلام من الشام إلى الكوفة أو في بعض أسفاره السرية إلى العراق ! . وانظر فضل الكوفة من مزار ابن المشهدي ( ص 78 ) . ‹ هامش ص 63 › ( 1 ) كان علي بن الحسين أحب الناس إلى مروان وابنه عبد الملك . طبقات ابن سعد ( 5 : 159 ) تاريخ دمشق ( الأحاديث 38 - 40 ) وابن كثير في البداية والنهاية ( 9 : 106 ) وتذكرة الحفاظ ( 1 : 75 ) . ( 2 ) الإمامة والتبصرة من الحيرة ، لابن بابويه ( ص 167 ) الحديث ( 20 ) ، وانظر مصادر تخريجه . ولاحظ أمالي الطوسي ( 1 / 297 ) ‹ هامش ص 64 › ( 1 ) نقله الصدوق في إكمال الدين ( ص 91 ) عن كتاب ( التنبيه ) للنوبختي . ( 2 ) لاحظ تدوين السنة الشريفة ( ص 150 - 152 ) وراجع معجم ما كتب . . . للرفاعي بالأرقام : 20397 باسم ( التذكرة ) و 20415 باسم التعقيبات ، و 20482 باسم الديوان و 20688 باسم المخمسات ، و 20733 - 20736 باسم ( الندبة ) و 20737 و 20738 باسم نسخة . ‹ هامش ص 65 › ( 1 ) لاحظ معجم ما كتب بالأرقام : 20483 باسم ذكر من روى عن الإمام عليه السلام للصدوق ، و 20714 كتاب من روى عنه عليه السلام لابن عقدة . ( 2 ) رجال الطوسي ( ص 107 - 120 ) الأرقام ( 1058 - 1228 ) وهم مائة وسبعون راويا ، لعلم الإمام عليه السلام . ( 3 ) المجدي في أنساب الطالبيين ( ص 92 ) . ( 4 ) كذا في بعض نسخ المصدر ، ويظهر من هذه الرواية أن أباه كان شاعرا وقد ترحم عليه الإمام عليه السلام ، وفي أصحابه : حذيم بن شريك الأسدي ، وجاء في نسخ أخرى : بشير بن حذلم .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جهاد الإمام السجاد (ع) - السيد محمد رضا الجلالي - ص 66 - 72
السبع الشداد لقتله ! وبكت البحار بأمواجها ! والسماوات بأركانها ! والأرض بأرجائها ! والأشجار بأغصانها ! والحيتان في لجج البحار ! والملائكة المقربون ! وأهل السماوات أجمعون ! أيها الناس ! أصبحنا مشردين ، مطرودين ، مذودين ، شاسعين عن الأمصار ، كأننا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق . والله ! لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا ، كما تقدم إليهم في الوصية بنا ، لما زادوا على ما فعلوا بنا . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها ، وأفجعها ، وأكظها ، وأفظعها ، وأمرها ، وأفدحها ! ‹ صفحة 67 › فعنده نحتسب ما أصابنا ، فإنه عزيز ذو انتقام ( 1 ) . ولم تذكر المصادر شيئا عن رجالات المدينة المعروفين ، إلا أن صوحان بن صعصعة بن صوحان قام فاعتذر إليه ، فترحم الإمام على أبيه ! والظاهر أن رجال المدينة اكتفوا في مواجهة الإمام السجاد عليه السلام بالعواطف الحارة فقط ، وأنهم لم يتجاوزوا ذلك ، إذ لم يجدوا مبررا في التورط مع الحكومة ، ولو بعد قتل الحسين عليه السلام بهذه الصورة التي شرحها لهم الإمام السجاد عليه السلام . ويظهر من البيان الذي أصدره أهل المدينة عند تحركهم ضد يزيد وحكومته أنهم قبل ذلك لم يعرفوا من يزيد ما ينكر من فعل أو ترك ، حتى وفدوا عليه ، وحضروا بلاطه ، ورأوا بأم أعينهم ما رأوا ، فرجعوا ، وثاروا عليه . وقد جاء في إعلانهم الأول ما نصه : ( إنا قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، ويعزف بالطنابير ، وتضرب عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسامر الخراب ، والفتيان ، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه ) . وأتوا عبد الله بن الغسيل ، فبايعوه وولوه عليهم ( 2 ) . فليس في بيانهم ذكر الحسين عليه السلام ، ولا الظلم الذي جرى على أهل البيت عليهم السلام وأما الذي ذكروه من يزيد وإلحاده وفسقه وفجوره ، فقد أعلنه الإمام الحسين عليه السلام قبل سنين في كتابه إلى معاوية ( 3 ) . فأين كان أهل المدينة يومذاك ؟ ! ولماذا لم يتحركوا من أجله حينذاك ؟ ثم إن من يحركه شرب الخمر ، والفسق ، والفجور ، لماذا لا يتحرك من أجل قتل الحسين عليه السلام والفجائع التي صبت على أهل البيت عليهم السلام ، والتي أدى علي بن الحسين عليهم السلام حق بلاغها في خطبته تلك ؟ ‹ صفحة 68 › بل ، إن المسعودي يذكر : أن حركة أهل المدينة وإخراجهم بني أمية وعامل يزيد ، من المدينة ، كان عن إذن ابن الزبير ( 1 ) . فلم يكن لأهل البيت ، ولا للإمام السجاد عليه السلام ، دور ولا موقع في أهداف أهل المدينة ، وأصحاب الحرة ، لما تحركوا ضد حكم يزيد ! بينما كان دخول الإمام عليه السلام معهم - في التحرك - توقيعا على شرعية حركتهم . والحق أن أهل المدينة جفوا الإمام السجاد عليه السلام بعد كربلاء ، وهذه الحقيقة كانت واضحة ، حتى أعلنها الإمام في قوله : ( ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا ) ( 2 ) ولعل علم الإمام عليه السلام بما كان عليه أهل المدينة من ضعف وقلة ، في مواجهة ما كان عليه أهل الشام من كثرة وبطش وقسوة ، من دواعي حياده عليه السلام . مضافا إلى أن اتخاذه القرار السابق ، بالابتعاد عن المدينة ، للأسباب والمبررات التي ذكرناها سابقا ، كان كافيا لعدم تورطه في هذه الحركة . ويظهر أن الدولة التي واجهت هذه المرة حركة أهل المدينة ، كانت على علم بجفاء أهل المدينة لأهل البيت عليه السلام ، وبما أنها قد أسرفت من قبل في إراقة دماء أهل البيت عليهم السلام ، أرادت أن تستفيد من الوضع ، بالتزلف إلى علي بن الحسين والتودد إليه ، لامتصاص النقمة ، فلم تتحرش به ، بل حاولت أن يتمثل الناس به ، حسب نظر رجال الدولة ! ثم إن اختيار أهل الحرة للمدينة بالذات مركزا للتحرك ، كان من أخطر الأخطاء التي ارتكبوها ، كما أخطأ ابن الزبير في اتخاذه مكة ، والمسجد الحرام بالخصوص ، مركزا لتحركه ، حتى عرضوا هذين المكانين الحرمين المقدسين لهجمات أهل الشام اللئام وانتهاك الأمويين الحاقدين على الإسلام ومقدساته . بينما أهل البيت عامة ، بدءا بالإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام ، ومرورا بالإمام ‹ صفحة 69 › الحسين عليه السلام ، وكذلك كل العلويين الذين ثاروا على الحكام ، إنما خرجوا في حركاتهم عن الحرمين ، حفاظا على كرامتهما من أن يهدر فيهما دم ، وتهتك لهما حرمة ، وإبعادا لأهالي الحرمين من ويلات الحروب ومآسيها ، ونقمة الجيوش وبطشها ( 1 ) . وهذه مأثرة لأهل البيت عليهم السلام لا بد أن يذكرها لهم التاريخ ! لكن أهل الحرة ، لم يصلوا إلى المستوى اللائق كي يدركوا هذه الحقائق ، لبعدهم عن الإمام السجاد عليه السلام الذي كان في عمر ( 26 ) سنة . ولقد هيأ هذا البعد بين أهل المدينة والإمام السجاد عليه السلام أمرين كانا في صالح الإمام عليه السلام ، ولهما الأثر في مجاري عمله وتخطيطه للمستقبل : أحدهما : النجاة من اتهام السلطات له بالتورط في الحركة ، ولذلك لم تضعه في القائمة السوداء ، فإن الحكومة - وحسب بعض المصادر - كانت تعرف ابتعاده عنها . الثاني : تمكن الإمام عليه السلام من تخليص كثير من الرؤوس أن تقطع ، وكثير من الحرمات أن تهتك . ومن يدري ؟ فلعل اشتراك الإمام السجاد عليه السلام في تلك الحركة كان يؤدي إلى إبادة أهل البيت النبوي والعلوي ، إبادة شاملة ، تلك التي كانت من أماني آل أمية ؟ ! فتمكن الإمام السجاد عليه السلام بحياده ذلك من الوقوف في وجه هذا العمل . ولقد كان الإمام عليه السلام ملجأ للكثير من العوائل الأخرى ، حتى من عوائل بني أمية نفسها . ففي الخبر أنه عليه السلام ضم إلى نفسه أربعماءة منافية يعولهن إلى أن تفرق الجيش ( 2 ) . وكان في من آواهن عائلة مروان بن الحكم ، وزوجته هي عائشة بنت عثمان بن عفان الأموي ، فكان مروان شاكرا لعلي بن الحسين ذلك ( 3 ) . ‹ صفحة 70 › ويحاول بعض الكتاب أن يجعل من حياد الإمام عليه السلام ، وتصرفاته مع مروان ، وعدم تعرضه من قبل الجيش بسوء ، دليلا على عدم تحركه عليه السلام ضد الحكم الأموي ؟ ! لكنها محاولة مخالفة للحقيقة : فإن الإمام عليه السلام إنما ينطلق في تصرفاته ، من منطلق الحكمة والتدبير ، وما ذكرناه من الشواهد كاف لأن نبرر موقفه الحيادي من حركة الحرة ، فكل من يدرك تلك الحقائق ويقف عليها يتبين له أن التحرز من عمل تكون عواقبه مرئية وواضحة ومكشوفة ، هو الواجب والمتعين ، فلو دخل في الحركة ، فإما أن ينسحق تحت وطأة الجيش الظالم ، أو تنجح الحركة التي لم تبتن على الحق في دعواها ، وإنما تبناها من لا يعرف لأهل البيت حرمة ولا كرامة ولا حقا في الإمامة ! مع أن من النصوص ما يدل على أن الإمام كان مستهدفا : قال الشيخ المفيد : قدم مسرف ( 1 ) بن عقبة المدينة ، وكان يقال : ( إنه لا يريد غير علي بن الحسين عليه السلام ) ( 2 ) . ولا ريب أن الحكم الأموي الذي استأصل أهل البيت عليهم السلام في كربلاء ، لم يكن يخاف الإمام السجاد عليه السلام ، لما هو معلوم من وحدته وغربته ، ومع ذلك فقد كانت الدولة تراقبه ، لأنه الوارث الوحيد لأهل البيت بمالهم من ثارات ودماء ، وبما لهم من مكانة مرموقة في أعين محبيهم ، الذين يترقبون فيهم من الإمامة ! فلا ريب أن الإمام السجاد عليه السلام كان مستهدفا ! وهذا النص قبل كل شي يدل على أن الإمام السجاد عليه السلام كان في نظر الناس عنصرا معارضا للحكم والدولة ، ولم يكن مستسلما قط ، حتى كان الناس يرون أن ‹ صفحة 71 › الجيش الجرار إنما توجه بقصده إلى ( علي بن الحسين ) لا ليحترمه طبعا ! فعلي بن الحسين ، في نظر الناس ، لا يزال عدوا للدولة ، رغم انعزاله ، وابتعاده ، وعدم تورطه في الحركة ! كما يدل قول البلاذري أن علي بن الحسين عليه السلام استجار بمروان وابنه عبد الملك ، فأتيا به ليطلبا له الأمان ( 1 ) على أن الإمام عليه السلام كان يخشى من فتك مسرف بن عقبة . لكن الدولة ، التي لم تغفل عن الإمام السجاد عليه السلام كانت على علم بتصرفاته ، ولم يقع لها ما يبرر اتهامه وصب جام الغضب عليه والفتك به . ومن أجل امتصاص النقمة ، وخاصة بعد تحرك أهل المدينة ، صار رجال الدولة إلى النفاق ، لتغطية جرائمهم تجاه أهل البيت وتجاه المدينة وأهلها ، فأخذوا يعلنون التزلف إلى الإمام عليه السلام بإظهار التودد إليه ، ويكرمونه ، ويقربونه ، ويعبرون عنه ب‍ ( الخير الذي لا شر فيه ، مع موضعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومكانه منه ) ( 2 ) . وقال المسعودي : ونظر الناس إلى علي بن الحسين السجاد ، وقد لاذ بالقبر وهو يدعو ، فأتي به إلى مسرف ، وهو مغتاظ عليه ، فتبرأ منه ومن آبائه ، فلما رآه وقد أشرف عليه ارتعد ، وقام له ، وأقعده إلى جانبه ، وقال له : سلني حوائجك ، فلم يسأله في أحد ممن قدم إلى السيف إلا شفعه فيه ، ثم انصرف عنه . فقيل لعلي : رأيناك تحرك شفتيك ، فما الذي قلت ؟ قال : قلت : اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، والأرضين وما أقللن ، رب العرش العظيم ، رب محمد وآله الطاهرين ، أعوذ بك من شره ، وأدرأ بك في نحره ، أسألك أن تؤتيني خيره ، وتكفيني شره . وقيل لمسلم : رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه ، فلما أتي به إليك رفعت منزلته ! ؟ فقال : ما كان ذلك لرأي مني ، لقد ملئ قلبي منه رعبا ( 3 ) .















 

رد مع اقتباس