ثار الله في نهج البلاغة
[ الله هو الثائر بدمائهم ع ]
نهج البلاغة
- خطب الإمام علي (ع) –
ج 1 - ص 200 – 202
105 - ومن خطبة له عليه السلام
حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله شهيدا وبشيرا ونذيرا :
خير البرية طفلا ، وأنجبها كهلا .
أطهر المطهرين شيمة ، وأجود المستمطرين ديمة ( 2 ) .
فما احلولت لكم الدنيا ، في لذتها ولا تمكنتم من رضاع أخلافها
( 3 ) ، إلا من بعد ما صادفتموها جائلا خطامها ( 4 ) ، قلقا وضينها . قد صار حرامها عند أقوام بمنزلة السدر المخضود ( 5 ) ،
‹ صفحة 201 ›
وحلالها بعيدا غير موجود .
وصادفتموها والله ظلا ممدودا إلى أجل معدود .
فالأرض لكم شاغرة ( 1 ) ، وأيديكم فيها مبسوطة ، وأيدي القادة عنكم مكفوفة ، و سيوفكم عليهم مسلطة ، وسيوفهم عنكم مقبوضة .
ألا إن لكل دم ثائرا ( 2 ) ، ولكل حق طالبا .
وإن الثائر في دمائنا كالحاكم في حق نفسه ( 3 ) .
وهو الله الذي لا يعجزه من طلب ، ولا يفوته من هرب .
فأقسم بالله يا بني أمية عما قليل لتعرفنها في أيدي غيركم وفي دار عدوكم .
ألا وإن أبصر الأبصار ما نفذ في الخير طرفه .
ألا إن أسمع الأسماع ما وعى التذكير وقبله أيها الناس استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متعظ .
وامتاحوا من صفو عين قد روقت من الكدر ( 4 ) عباد الله لا تركنوا إلى جهالتكم ، ولا تنقادوا لأهوائكم ، فإن النازل بهذا المنزل ( 5 ) نازل بشفا جرف هار ، ينقل الردى على ‹ صفحة 202 › ظهره من موضع إلى موضع ( 1 ) لرأي يحدثه بعد رأي ، يريد أن يلصق ما لا يلتصق ويقرب ما لا يتقارب .
فالله الله أن تشكوا إلى من لا يشكي شجوكم ( 2 ) ، ولا ينقض برأيه ما قد أبرم لكم . إنه ليس على الإمام إلا ما حمل من أمر ربه . الابلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنة ، وإقامة الحدود على مستحقيها ، وإصدار السهمان على أهلها ( 3 ) . فبادروا العلم من قبل تصويح نبته ( 4 ) ، ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستثار العلم من عند أهله ( 5 ) . وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه ، فإنما أمرتم بالنهي بعد التناهي
|