سلسلة مقالات بمناسبة عاشوراء الحسين عام 1422هـ
إمتداد الصراع بين الحق والباطل
ترى كيف وقعت تلك النهاية المأساوية لذلك البطل العظيم؟ لكي نعرف ما جرى لابد أن نفهم الاسباب والجذور. ذلك أن أي حدث ليس منفصلا عن تاريخه. فالمجابهة التي وقعت بين الحسين ويزيد لم تكن منفصلة عن الحوادث التي سبقتها، فيزيد أساسا إنما وصل إلى الخلافة نتيجة ظروف معينة، ساهمت إرادات جاهلية في تهيئتها، وكانت خلافته نتيجة منطقية لها.
أما الحسين عليه السلام فكان من جهته يمثل جبهة ممتدة منذ بداية الخليقة إلى نهايتها. فكربلاء كانت ساحة المواجهة بين الحق والباطل. تمثلت في جبهتين، توغلتا في التاريخ القديم لتصل إلى كل ساحات الإمتحان الإلهي السابقة، التي حدثت قبلها..
فإذا بجبهة يزيد تمتد لتصل إلى قابيل، ونمرود، وفرعون، وبني إسرائيل، وأبي سفيان، ومعاوية، وبني أمية جميعا.. وإذا بجبهة الحسين عليه السلام تمتد لتتصل بهابيل، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين، وأهل البيت جميعا -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-.
وهما الجبهتان المتصارعتان أبدا، من اللحظة الأولى لوجود أول إنسان على هذه الأرض، إلى آخر من يعيش عليها.
وبمقدار ما كانت الجبهة الأولى تمثل كل نوازع الشر، متمثلة في رجال من لحم ودم..
فإن الجبهة الثانية كانت تمثل كل نوازع الخير، متمثلة في رجال من لحم ودم، كذلك..
وبمقدار ما كان الحق الإلهي والطبيعي لجبهة الخير في ان تقود المجتمع.. بمقدار كما كان من واجبها ان تقارع الجبهة الأخرى التي إغتصبت القيادة، وظلمت العباد، وأفسدت البلاد، وعصت الرب، وشردت بأهل الحق..
وجاء مقتل الحسين -وهو إمام جبهة الحق-، على يد يزيد- وهو إمام جبهة الباطل -كنتيجة منطقية لخلع الإمام علي عليه السلام، عن سدة الخلافة مرتين أيضا.
|