سلسلة مقالات بمناسبة عاشوراء الحسين عام 1422هـ
الإمام الحسين ونهضته يكشفان: سر الخلود
ثمة سؤال يبحث عن جواب؛ ما معنى أن نطلق صفة الخلود على إنسان من الناس، او حدث تاريخي من أحداث الناس، أو رائعة من روائع العقل والقلب أبدعها أحد من الناس؟
جواب ذلك؛ أن نستشعر الحاجة إليها بإستمرار، أو بين الحين والآخر. نعود إلى الإنسان الخالد فنقرأ أو نسمع أو نرى تاريخه، ونستعيد حياته. ونعود إلى الحدث الخالد فنسترده في عقولنا وقلوبنا، ونثري به حياتنا، ونغني به وجودنا، ونضيء به دروبنا. ونعود إلى روائع القريحة الإنسانية فنروي بها قلوبنا الظمأى إلى الحق والجمال..
وثمة سؤال آخر؛ كيف، ولماذا كتب الخلود لبعض الناس أو الأحداث أو الروائع؟
الجواب؛ لأنها تشتمل على الحقيقة الحية الدائمة.
فثمة من الأشخاص والأحداث والآثار ما يشتمل على الباطل وعلى الزيف وعلى الافتعال، وهذا لا يدوم في حياة الناس، لأنه سرعان ما ينكشف ما فيه من باطل وزيف، وحينذاك يرفضه الناس من حياتهم التي تصحح نفسها بإستمرار.
ومنها ما يشتمل على حقيقة محدودة، وعمر محدود بعمر محتواه في حياة الناس.
ومنها ما يشتمل على الحقيقة الحية الدائمة التي تتصل بالتكوين الدائم للعقل والقلب. وهذا يكون خالدا بإستمرار، لأنه يلبي حاجة دائمة في عقل الإنسان وقلبه، في طموحاته وآماله الكبار..
وهذا هو ما يصدق بدقة عجيبة على الإمام الحسين عليه السلام وعلى نهضته. ومن هنا تأتي عودتنا إلى الإمام الحسين عليه السلام والى نهضته بإستمرار، وعودتنا إليه في جميع مراحل حياته، وعودتنا إليه في الذروة من هذه الحياة وهي ثورته؛ نستعيدها ونتفهمها، ونعايشه في جميع مراحلها من بدايتها إلى نهايتها وهو الشاهد الشهيد، ونتفاعل معها، لأننا بعد أن إكتشفنا، أنفسنا فيها، إكتشفنا فيها إجزاء من قلوبنا، ومن طموحاتنا، ومن إنسانيتنا.. وسمعنا منها أكثر من نداء يهتف بأنبل ما يشتمل عليه تكويننا الإنساني.
وهذا هو السر في خلود الإمام الحسين عليه السلام، ونهضته الرسالية
|