عرض مشاركة واحدة
قديم 06-10-2010, 12:51 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي العامل الثالث لاثبات اليقين بقضية المهدي ع



العامل الثالث

رؤية بعض الشيعة للإمام المهدي ( عليه السلام ) ، كما حدثت به مجموعة من الروايات الأخرى ، وهذه الروايات التي سأذكرها هي غير الروايات التي ذكرها الشيخ الصدوق في كمال الدين . فرغم التعتيم الإعلامي بالنسبة إلى اسم الإمام وولادته ( عليه السلام ) الذي قام به الأئمة ( عليهم السلام ) ، السلطة اطلعت من خلال إخبار النبي وأهل البيت أنه سوف يولد شخص من ذرية الإمام العسكري يملأ الأرض قسطا وعدلا وتزول على يده المباركة السلطات الظالمة ، إنهم كانوا مطلعين ويراقبون الأوضاع ، كما اطلع فرعون على مثل هذه القضية وكان يراقب الأوضاع ويراقب النساء ويراقب القوابل ، ونفس القضية اتبعها بنو العباس في زمان المعتمد العباسي ، فكانوا يراقبون الأوضاع ، ولذلك كانت القضية تعيش كتمانا شديدا من هذه الناحية .

حتى أن الإمام الهادي سلام الله عليه يروي عنه الثقة الجليل أبو القاسم الجعفري داود بن القاسم الرجل العظيم الثقة الجليل ويقول : سمعت أبا الحسن - يعني الإمام الهادي ( عليه السلام ) - يقول : " الخلف من بعدي الحسن ابني ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ " فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال : " إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه " ، فقلت : فكيف نذكره ؟ قال : " قولوا الحجة من آل محمد " ( 1 ) .

على أي حال ، رغم هذا التعتيم الإعلامي الذي حاول الأئمة ( عليهم السلام ) أن يقوموا به رأى الإمام المهدي ( عليه السلام ) جماعة من الشيعة . ينقل الشيخ الكليني عن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري . وهذا السند في غاية الصحة والوثاقة ، فالشيخ الكليني معروف إذا حدث هو مباشرة بكلام يحصل من نقله اليقين ، ومحمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري من الثقات الأجلة الأعاظم ، ومحمد بن يحيى العطار هو أستاذ الشيخ الكليني من الأعاظم الأجلة ، فاثنان من أعاظم مشايخ الكليني الكبار ينقل عنهم ، وعبد الله بن جعفر الحميري معروف بالوثاقة والجلالة .

يقول عبد الله بن جعفر الحميري : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو ( 2 ) ( رحمه الله ) عند أحمد بن إسحاق ( 3 ) ، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف ، فقلت له : يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة ، . . . . ولكن أحببت أن أزداد يقينا ، فإن إبراهيم ( عليه السلام ) سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى فقال : أولم تؤمن ؟
قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي ، وقد أخبرني أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن - يعني عن الإمام الهادي ( عليه السلام ) - قال : سألته وقلت : من أعامل ؟ وعمن آخذ وقول من أقبل ؟ فقال : " العمري ثقتي ، فما أدى إليك عني فعني يؤدي ، وما قال لك عني فعني يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنه الثقة المأمون " ، وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد ( عليه السلام ) - يعني الإمام العسكري ( عليه السلام ) - عن مثل ذلك ؟ فقال : " العمري وابنه ثقتان ، فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان " ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك ، قال : فخر أبو عمرو ساجدا وبكى ثم قال : سل حاجتك ، فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد ؟ - يعني من بعد العسكري - فقال : إي والله . . . . فقلت له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، قلت : الاسم ؟ قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي ، وليس لي أن أحلل ولا أحرم ، ولكن عنه ( عليه السلام ) ، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه . . . فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك " ( 4 ) .

فهل هذه الرواية قابلة للاجتهاد من حيث الدلالة ؟ إنها من حيث الدلالة صريحة ، ويتمسك بها الأصوليون في مسألة حجية خبر الثقة ، وقد ذكر السيد الشهيد الصدر في أبحاثه أن هذه الرواية لوحدها تفيدنا اليقين - وقد ذكر ذلك لا بمناسبة الإمام المهدي ، بل بمناسبة حجية خبر الثقة - إذ هناك إشكال يقول إن هذه الرواية هي خبر واحد فكيف نستدل بها على حجية خبر الواحد ؟ ما هذا إلا دور في هذا المجال ، وكان السيد الشهيد يريد أن يثبت أن هذه الرواية تفيد اليقين ، لأن الشيخ الكليني كلما ينقل ويقول : أخبرني ، فلا نشك في إخباره ، والذي أخبره هو محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى العطار ، وهما من أعاظم الشيعة لا نحتمل في حقهم أنهم كذبوا أو أخطأوا ويحصل القطع من نقلهما ، وهما ينقلان عن عبد الله بن جعفر الحميري الذي هو من الأعاظم ، وهو ينقل مباشرة عن السفير الأول للإمام سلام الله عليه ، والسفير يقول : أنا رأيت الخلف بعيني . فهذه الرواية لوحدها يمكن أن يحصل منها اليقين ، وهي واضحة في الدلالة على أنه قد رئي الإمام صلوات الله وسلامه عليه . وهناك رواية أخرى تنقل قصة حكيمة بنت الإمام الجواد سلام الله عليه ، وهذه القصة مشهورة ، ولكن لا بأس أن أشير إلى بعض مقاطعها ، وهي مذكورة في كتاب كمال الدين وغيره .

تنقل حكيمة : بعث إلي أبو محمد سلام الله عليه سنة خمس وخمسين ومائتين في النصف من شعبان وقال : يا عمة اجعلي الليلة إفطارك عندي فإن الله عز وجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه خليفتي من بعدي ، قالت حكيمة : فتداخلني لذلك سرور شديد وأخذت ثيابي علي وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد ( عليه السلام ) وهو جالس في صحن داره وجواريه حوله ، فقلت : جعلت فداك يا سيدي الخلف ممن هو ؟ قال : من سوسن - في بعض الروايات سوسن ، وفي بعضها نرجس ، وفي بعضها شئ آخر - وقلت أن هذه الاختلافات لا يمكن أن يتشبث بها شخص ويقول هذه الروايات مردودة لأنها مختلفة ، فإن هذا ليس له أثر - فأدرت طرفي فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن ، قالت حكيمة : فلما صليت المغرب والعشاء أتيت بالمائدة فأفطرت أنا وسوسن وبايتها في بيت واحد ، فغفوت غفوة ثم استيقظت ، فلم أزل مفكرة فيما وعدني أبو محمد من أمر ولي الله ، فقمت قبل الوقت الذي كنت أقوم في كل ليلة للصلاة ، فصليت صلاة الليل حتى بلغت إلى الوتر ، فوثبت سوسن فزعة وخرجت فزعة وأسبغت الوضوء ، ثم عادت - يعني أم الإمام المهدي ( عليه السلام ) - فصلت صلاة الليل وبلغت الوتر ، فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب ، فقمت لأنظر فإذا بالفجر الأول قد طلع ، فتداخل قلبي الشك من وعد أبي محمد ( عليه السلام ) فناداني من حجرته : " لا تشكي وكأنك بالأمر الساعة " ، قالت حكيمة : فاستحييت من أبي محمد ومما وقع في قلبي ورجعت إلى البيت خجلة ، فإذا هي قد قطعت الصلاة وخرجت فزعة ، فلقيتها على باب البيت فقلت : بأبي أنت وأمي هل تحسين شيئا ؟ قالت : نعم يا عمة إني لأجد أمرا شديدا ، قلت : لا خوف عليك إن شاء الله ، وأخذت وسادة فألقيتها في وسط البيت وأجلستها عليها وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة ، فقبضت على كفي وغمزت غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلوات الله عليه متلقيا الأرض بمساجده ( 5 ) .

ونقل الشيخ الطوسي أيضا في الغيبة حديثا ظريفا فقال : جاء أربعون رجلا من وجهاء الشيعة اجتمعوا في دار الإمام العسكري ليسألوه عن الحجة من بعده ، وقام عثمان بن سعيد العمري ‹ صفحة 38 › فقال : يا بن رسول الله أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني ، فقال له : إجلس يا عثمان ، فقام مغضبا ليخرج ، فقال : لا يخرجن أحد ، فلم يخرج منا أحد ، إلى أن كان بعد ساعة فصاح ( عليه السلام ) بعثمان فقام على قدميه فقال : أخبركم بما جئتم ؟ قالوا : نعم يا بن رسول الله ، قال : جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي ؟ قالوا : نعم ، فإذا غلام كأنه قطعة قمر أشبه الناس بأبي محمد ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم ، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله ، وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله ، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه " ( 6 ) .
هذه أربع روايات نقلتها لكم ، والروايات في هذا الصدد كثيرة جدا ، وحسبنا ما روي في رؤية الإمام الذي هو في الحقيقة يمكن أن يشكل مقدار التواتر .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ›
1 - الكافي 1 : 328 ، كمال الدين : 381 ح 5 .
2 - عمرو بن عثمان بن سعيد العمري السمان .
3 - أحمد بن إسحاق القمي الأشعري المعروف بالوثاقة .


4 - الكافي 1 : 329 ح 1 ، الغيبة للطوسي : 243 ح 209 .

( 5 ) الغيبة للطوسي : 234 ح 204 .

( 6 )- الغيبة للطوسي : 357 ح 319 .


 

رد مع اقتباس