عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-2010, 09:47 PM   #2
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي النقطة الثانية من بحث المهدوية الاحاديث الواردة في ذلك



النقطة الثانية :
صفحة 11
إنه لا بد في كل زمان من إمام يعتقد به الناس أي المسلمون ، ويقتدون به ، ويجعلونه حجة بينهم وبين ربهم ، وذلك ( لئلا يكون للناس على الله حجة ) ( 1 ) و ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي ‹ صفحة 12 › عن بينة ) ( 1 ) و ( قل فلله الحجة البالغة )
( 2 ) .
ويقول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في نهج البلاغة : " اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا وإما خائفا مغمورا ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته " ( 3 ) .
والروايات الواردة في هذا الباب أيضا كثيرة ، ولا أظن أن أحدا يجرأ على المناقشة في أسانيد هذه الروايات ومداليلها ، إنها روايات واردة في الصحيحين ، وفي المسانيد ، وفي السنن ، وفي المعاجم ، وفي جميع كتب الحديث والروايات ، وهذه مقبولة عند الفريقين .

فقد اتفق المسلمون على رواية : " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " .
هذا الحديث بهذا اللفظ موجود في بعض المصادر ، وقد أرسله سعد الدين التفتازاني إرسال المسلم ، وبنى عليه بحوثه في كتابه شرح المقاصد ( 4 ) .
ولهذا الحديث ألفاظ أخرى قد تختلف بنحو الاجمال مع معنى هذا الحديث ، إلا أني أعتقد بأن جميع هذه الألفاظ لا بد وأن ترجع إلى معنى واحد ، ولا بد أن تنتهي إلى مقصد واحد يقصده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . فمثلا في مسند أحمد : " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية " ( 5 ) ، وكذا ‹ صفحة 13 › في عدة من المصادر : كمسند أبي داود الطيالسي ( 1 ) ، وصحيح ابن حبان ( 2 ) ، والمعجم الكبير للطبراني ( 3 ) ، وغيرها .

وعن بعض الكتب إضافة بلفظ : " من مات ولم يعرف إمام زمانه فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا " ، وقد نقله بهذا اللفظ بعض العلماء عن كتاب المسائل الخمسون للفخر الرازي . وله أيضا ألفاظ أخرى موجودة في السنن ، وفي الصحاح ، وفي المسانيد أيضا

، نكتفي بهذا القدر ، ونشير إلى بعض الخصوصيات الموجودة في لفظ الحديث : " من مات ولم يعرف " ، لا بد وأن تكون المعرفة هذه مقدمة للاعتقاد ، " من مات ولم يعرف " أي : من مات ولم يعتقد بإمام زمانه ، لا مطلق إمام الزمان ، بإمام زمانه الحق ، بإمام زمانه الشرعي ، بإمام زمانه المنصوب من قبل الله سبحانه وتعالى . " من مات ولم يعرف إمام زمانه " بهذه القيود " مات ميتة جاهلية " ، وإلا لو كان المراد من إمام الزمان أي حاكم سيطر على شؤون المسلمين وتغلب على أمور المؤمنين ، لا يكون معرفة هكذا شخص واجبة ، ولا يكون عدم معرفته موجبا للدخول في النار ، ولا يكون موته موت جاهلية ، هذا واضح .

‹ صفحة 14 › إذن ، لا بد من أن يكون الإمام الذي تجب معرفته إمام حق ، وإماما شرعيا ، فحينئذ ، على الإنسان أن يعتقد بإمامة هذا الشخص ، ويجعله حجة بينه وبين ربه ، وهذا واجب ، بحيث لو أنه لم يعتقد بإمامته ومات ، يكون موته موت جاهلية ، وبعبارة أخرى : " فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا " .

وذكر المؤرخون : أن عبد الله بن عمر ، الذي امتنع من بيعة أمير المؤمنين سلام الله عليه ، طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايعه لعبد الملك ، كي لا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، وكان قصده من ذلك هو العمل بهذا الحديث كما قال ، فقد طرق باب الحجاج ودخل عليه في تلك الليلة وطلب منه أن يبايعه قائلا : سمعت رسول الله يقول : " من مات ولا إمام له مات ميتة جاهلية " ، لكن الحجاج احتقر عبد الله بن عمر ، ومد رجله وقال : بايع رجلي ، فبايع عبد الله بن عمر الحجاج بهذه الطريقة .
وطبيعي أن من يأبى عن البيعة لمثل أمير المؤمنين ( عليه السلام) يبتلي في يوم من الأيام بالبيعة لمثل الحجاج وبهذا الشكل . وكتبوا بترجمة عبد الله بن عمر ، وفي قضاياه الحرة ، بالذات ، تلك الواقعة التي أباح فيها يزيد بن معاوية المدينة المنورة ثلاثة أيام ، أباحها لجيوشه يفعلون ما يشاؤون ، وأنتم تعلون ما كان وما حدث في تلك الواقعة ، حيث قتل عشرات الآلاف من الناس ، والمئات من الصحابة والتابعين ، وافتضت الأبكار ، وولدت النساء بالمئات من غير زوج . في هذه الواقعة أتى عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع ، فقال عبد الله ابن مطيع : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ، فقال : إني لم آتك لكي ‹ صفحة 15 › أجلس ، أتيتك لأحدثك حديثا ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " ، أخرجه مسلم ( 1 ) .

فقضية وجوب معرفة الإمام في كل زمان والاعتقاد بإمامته والالتزام ببيعته أمر مفروغ منه ومسلم ، وتدل عليه الأحاديث ، وسيرة الصحابة ، وسائر الناس ، ومنها ما ذكرت لكم من أحوال عبد الله بن عمر الذي يجعلونه قدوة لهم ، إلا أن عبد الله بن عمر ذكروا أنه كان يتأسف على عدم بيعته لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعدم مشاركته معه في القتال مع الفئة الباغية ، وهذا موجود في المصادر ،

فراجعوا الطبقات لابن سعد ( 2 ) والمستدرك للحاكم ( 3 ) وغيرهما من الكتب .

وعلى كل حال لسنا بصدد الكلام عن عبد الله بن عمر أو غيره ، وإنما أردت أن أذكر لكم نماذج من الكتاب والسنة وسيرة الصحابة على أن هذه المسألة - مسألة أن في كل زمان ولكل زمان إمام لا بد وأن يعتقد المسلمون بإمامته ويجعلونه حجة بينهم وبين ربهم - من ضروريات عقائد الإسلام . النقطة الثالثة : إن المهدي من الأئمة الاثني عشر في حديث الأئمة بعدي ‹ صفحة 16 › اثنا عشر ، لا ريب ولا خلاف في هذه الناحية ، فإن القيود التي ذكرت في رواية الأئمة اثنا عشر ، تلك القيود كلها منطبقة على المهدي سلام الله عليه ، لأن هذا الإمام عندما يظهر يجتمع الناس على القول بإمامته ، وأن الله سبحانه وتعالى سيعز الإسلام بدولته ، وأنه سيظهر دينه على الدين كله ، وجميع تلك القيود والمواصفات التي وردت في أحاديث الأئمة اثنا عشر كلها منطبقة على المهدي سلام الله عليه .

وببالي أني رأيت في بعض الكتب التي حاولوا فيها ذكر الخلفاء بعد رسول الله من بني أمية وغيرهم ، يعدون المهدي أيضا من أولئك الخلفاء الاثني عشر ، الذين أخبر عنهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذه الأحاديث التي درسناها في الليلة الماضية . وإلى الآن عرفنا الاتفاق على ثلاثة نقاط : النقطة الأولى : أن في هذه الأمة مهديا . النقطة الثانية : أن لكل زمان إماما يجب على كل مسلم معرفته والإيمان به .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 11 ›
( 1 ) سورة النساء 4 / 165 .

‹ هامش ص 12 ›
( 1 ) سورة الأنفال 8 / 42 .
( 2 ) سورة الأنعام 6 / 149 .
( 3 ) نهج البلاغة 3 / 188 رقم 147 .
( 4 ) شرح المقاصد 5 / 239 وما بعدها .
( 5 ) مسند أحمد 5 / 61 رقم 16434 .

‹ هامش ص 13 ›
( 1 ) مسند أبي داود الطيالسي : 259 - دار المعرفة - بيروت .
( 2 ) صحيح ابن حبان 10 / 434 رقم 4573 - مؤسسة الرسالة - بيروت - 1418 ه‍ ، وفيه : " من مات وليس له إمام " .
( 3 ) المعجم الكبير للطبراني 19 / 388 رقم 910 .

‹ هامش ص 15 ›
( 1 ) صحيح مسلم 3 / 1478 رقم 1851 .
( 2 ) طبقات ابن سعد 4 / 185 و 187 ، وفيه : " ما أجدني آسى على شئ من أمر الدنيا إلا أني لم أقاتل الفئة الباغية ، ما آسى عن الدنيا إلا على ثلاث ظمأ الهواجر ومكابدة الليل وألا أكون قاتلت الفئة هذه الفئة الباغية التي حلت بنا " .
( 3 ) مستدرك الحاكم 3 / 558 سطر 8 ، وفيه : " ما آسى على شئ " وتكملتها في الهامش ( 1 ) : بياض في الأصل ، لعل هذه العبارة سقطت ( إلا أني لم أقاتل مع علي ( رضي الله عنه ) الفئة الباغية )


 

رد مع اقتباس