وكان النضر رسول قريش الى اليهود
ـ جاء في سيرة ابن هشام: 1|195
قام النضر بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي... فقال:
يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمرٌ ما أتيتم له بحيلة بعد، قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم ساحر، لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم. وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم. وقلتم شاعر، لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجزه. وقلتم مجنون، لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقة، ولا وسوسته، ولا تخليطه.
يا معشر قريش فانظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم....
فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه، وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط الى أحبار يهود بالمدينة، وقالوا لهما: سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته، وأخبراهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علمٌ ليس عندنا من علم الأنبياء.
فخرجا حتى قدما المدينة، فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره، وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا؟.
فقالت لهما أحبار يهود: سلوه عن ثلاثٍ نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وان لم يفعل فالرجل متقول، فَرَوْا فيه رأيكم.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 350
--------------------------------------------------------------------------------
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول: ما كان أمرهم، فإنه قد كان لهم حديث عجيب؟ وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبأه؟ وسلوه عن الروح ما هي؟
فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي، وإن لم يفعل فهو رجلٌ متقول، فاصنعوا في أمره
ما بدا لكم... الى آخر القصة. ورواها في عيون الأثر: 1|142
|