ونضيف الى ما ذكره صاحب الغدير رحمه الله وما تقدم:
أولاً:
أن من الأدلة القوية على صحة هذا الحديث أنه لايمكن أن ينشأ من فراغ، وأن احتمال وضعه من قبل رواة الخلافة القرشية غير معقول، لأنهم لا يقدمون على وضع حديث يثبت أن ولاية علي عليه السلام نزلت من السماء قبل بيعة أبي بكر في السقيفة وأن الله تعالى عاقب من اعترض عليها بحجر من السماء، كما عاقب أصحاب الفيل الكفار!
كما أن القول بتسرب الحديث من مصادر الشيعة الى مصادر السنة بابٌ خطيرٌ عليهم.. فلو قبلوا بفتحه لانهار بناء صحاحهم كلها، ثم انهارت الخلافة القرشية وسقيفتها! وذلك لأن رواة هذه الأحاديث (الشيعية) هم رواة أصول عقيدة الخلافة القرشية وبناة قواعدها.. فهم مجبورون على توثيقهم وقبول رواياتهم، ومنها هذه الروايات التي تضر أصول مبانيهم!
ثانياً:
أن المتفق عليه في مصادر الشيعة والسنة أقوى من المختلف فيه.. لأنك عندما ترى أن مذاهب المسلمين كلها تروي حديثاً، يقوى عندك احتمال أن يكون صدر عن النبي صلى الله عليه وآله، وعندما يرويه بعضها ويرده بعضها تنزل عندك درجة الإحتمال ومما يزيد في درجة احتمال الصحة: أن يكون الطرف الراوي للحديث متضرراً منه ضرراً مؤكداً، ومتحيراً في كيفية التخلص منه!
وحديثنا من هذا النوع، فهو حديثٌ يتضرر منه أتباع خلافة قريش من المسلمين ويبغضه عَبَدَةُ قبيلة قريش من النواصب.
أما أتباع أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله فيحتجون به، وتخبت له قلوبهم.
ثالثاً:
أن الإختلاف في اسم الشخص الذي نزل عليه حجر السجيل، لا يضر في صحة الحديث، إذا تمت بقية شروطه.. خاصةً أن اسمه صار سوأةً على أقاربه وعشيرته، ولا بد أنهم عملوا على إخفائه ونسيان أمره، حتى لا يعيرهم به المسلمون، كما قال الاميني.
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 319
--------------------------------------------------------------------------------
على أن للباحث أن يرجح أن اسم المعترض هو: جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري، وليس الحارث بن النعمان الفهري.. بدليل أن الحافظ أبي عبيد الهروي المتوفى سنة 223، ضبطه في تفسيره بهذا الإسم، وكل العلماء السنيين يحترمون علم أبي عبيد، وخبرته بالأحاديث، وقدم عصره.
وجابر بن النضر شخصيةٌ قرشية معروفة، لأنه ابن زعيم بني عبد الدار، حامل لواء قريش يوم بدر.. فلا يبقى لابن تيمية والنواصب حجةٌ في رد الحديث!
على أن الباقين الذين وردت أسماؤهم في روايات الحديث، كالحارث الفهري وغيره، ترجم لهم المترجمون للصحابة أيضاً، أو ترجموا لمن يصلحوا أن يكونوا أقارب لهم.
|