الدرس التاسع والعشرون : التوسل بقبر النبي صلى الله عليه وسلم
بإرشاد السيدة عائشة
قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه السنن ( باب ماأكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ) : حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال : قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة ، فقالت : انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوا إلى السماء حتى لايكون بينه وبين السماء سقف ، قال ففعلوا ، فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الأبل ( تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق ، ومعنى كوا أي نافذه ) اه سنن الدارمي ج1 ص43 .
فهذا توسل بقبره صلى الله عليه وسلم لا من حيث كونه قبرا ، بل من حيث ضم جسد أشرف المخلوقين وحبيب رب العالمين ، فتشرف بهذه المجاورة العظيمة واستحق بذلك المنقبة الكريمة .
تخريج الحديث : أما أبو النعمان فهو محمد بن الفضل الملقب بعارم شيخ البخاري ، وقال الحافظ في التقريب عنه : - ثقة ثبت - تغير في آخر عمره .
قلت : وهذا لايضره ولا يقدح في روايته لأن البخاري روى له في صحيحه أكثر من مائة حديث وبعد اختلاطه لم تحمل عنه رواية ، قاله الدارقطني ، ولا ينبئك مثل خبير .
وقد رد الذهبي على ابن حبان قوله : ( بأنه وقع له احاديث منكرة ) فقال : ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا فأين مازعم ؟
( كذا في ميزان الأعتدال ج4 ص8 ) .
وأما سعيد بن زيد فهو صدوق له أوهام ، وكذلك حال عمرو بن مالك النكري كما قال الحافظ ابن حجر عنهما في التقريب .
وقد قرر العلماء بأن هذه الصيغة وهي : - صدوق يهم - من صيغ التوثيق لا من صيغ التضعيف ( كذا في تدريب الراوي ) .
وأما أبو الجوزاء فهو أوس بن عبدالله الربعي وهو ثقة من رجال الصحيحين فهذا سند لا بأس به ، بل هو جيد عندي ، فقد قبل العلماء واستشهدوا بكثير من أمثاله وبمن هم أقل حالا من رجاله .
|