الدرس الخامس والعشرون : التوسل بآثاره صلى الله عليه وسلم
ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بآثاره صلى الله عليه وسلم وهذا التبرك ليس له إلا معنى واحد وهو التوسل بآثاره إلى الله تعالى لأن التوسل يقع على وجوه كثيرة لا على وجه واحد .
أفتراهم يتوسلون بآثاره ولا يتوسلون به صلى الله عليه وسلم؟
هل يصح أن يتوسل بالفرع ولا يصح بالأصل ؟
هل يصح أن يتوسل بالأثر الذي ماشرف ولاعظم ولاكرم إلا بسب صاحبه محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقول قائل : أنه لا يصح أن يتوسل به ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
والنصوص الواردة في هذا الباب كثيرة جدا نقتصر على أشهرها ، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحرص كل الحرص على أن يدفن بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة فيبعث ولده عبد الله ليستأذن السيدة عائشة رضي الله عنها في ذلك وإذا بالسيدة عائشة رضي الله عنها تعلن أنها كانت تريد هذا المكان لنفسها ، فتقول : كنت أريده لنفسي ولأوثرنه على نفسي فيذهب عبد الله ويبشر أباه بهذه البشارة العظيمة وإذا بعمر يقول : الحمد لله ماكان شئ أهم إلي من ذلك . وأنظر تفصيل القصة في البخاري فما معنى هذا الحرص من عمر وعائشة رضي الله عنهما ؟
ولماذا كان الدفن بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهم شئ وأحب شئ إلى عمر ؟ ليس لذلك تفسير إلا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بالتبرك بالقرب منه .
وهذه أم سليم تقطع فم القربة التي شرب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنس فهو عندنا .
وهؤلاء الصحابة يتسابقون لأخذ شعرة واحدة من شعر رأسه صلى الله عليه وسلم لما حلقه .
وهذه أسماء بنت أبي بكر تحتفظ بجبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها .
وهذا خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفظ به بعده أبو بكر وعمر وعثمان ثم يسقط منه في البئر .
وكل هذه الاحاديث ثابتة وصحيحة كما سنذكره في مبحث التبرك والذي نريد أن نقوله هو أننا نتساءل لماذا هذه المحافظة منهم رضي الله تعالى عنهم على آثار النبي صلى الله عليه وسلم .
( فم القربة ، الشعر ، العرق ، الجبة ، الخاتم ، المصلى ) فما مقصودهم من ذلك ؟
أهي ألذكرى مجرد الذكرى أم هي المحافظة على ألآثار التاريخية لوضعها في المتحف ؟ فإن كانت الأولى فلماذا يعتنون بها عند الدعاء والتوجه إلى الله إذا أصابهم البلاء أو المرض ؟
وإذا كانت الثانية فأين هذا المتحف ومن أين جاءتهم هذه الفكرة المبتدعة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
لم يبق إلا التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم للتوسل بها إلى الله تعالى في الدعاء لأن الله هو المعطي وهو المسؤول والكل عبيده وتحت أمره لا يملكون شيئا لأنفسهم فضلا عن غيرهم إلا بإذن الله سبحانه وتعالى .
|