عرض مشاركة واحدة
قديم 11-22-2010, 10:08 PM   #19
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الدرس العشرون : مشروعية التوسل على طريقة ابن تيمية

يقول الشيخ ابن تيمية في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) عند الكلام على قوله تعالى ( ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) الاية ، فابتغاء الوسيلة إلى الله سبحانه وتعالى إنما يكون لمن توسل إلى الله بالايمان بمحمد واتباعه ، وهذا التوسل بالايمان به وبطاعته فرض على كل أحد في كل حال باطنا وظاهرا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد موته في مشهده ومغيبه لا يسقط التوسل بالايمان به وبطاعته عن أحد من الخلق في حال من الاحوال بعد قيام الحجة عليه ولا بعذر من الاعذار ولا طريق إلى كرامة الله ورحمته والنجاة من هوانه وعذابه إلا بالتوسل به وبطاعته وهو صلى الله عليه وسلم شفيع الخلائق صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والآخرون فهوأعظم الشفعاء قدرا وأعلاهم جاها عند الله سبحانه وتعالى ،وقال تعالى عن موسى ( وكان عند الله وجيها ) ، وقال عن المسيح ( وجيها في الدنيا والاخرة ) وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أعظم جاها من الانبياء والمرسلين ، ولكن شفاعته ودعاؤه إنما ينتفع به من شفع له الرسول ودعا له فمن دعا له الرسول وشفع له توسل إلى الله بشفاعته ودعائه كما كان أصحابه يتوسلون إلى الله بدعائه وشفاعته وكما يتوسل الناس يوم القيامة إلى الله تعالى بدعائه وشفاعته صلى الله عليه وسلم وآله وسلم تسليما .

وفي الفتاوي الكبرى : سئل شيخ الاسلام رحمه الله هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا ! فأجاب : الحمد لله ، أما التوسل بالايمان به وبمحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه فهو مشروع باتفاق المسلمين . ( الفتاوى الكبرى ج1 ص 140 ) .
قلت : فيستفاد من كلام الشيخ ابن تيمية أمران :
الاول : أن المسلم المطيع المحب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتبع له المصدق بشفاعته يشرع له أن يتوسل بطاعته ومحبته وتصديقه ذلك .
وإننا إذا توسلنا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فالله يشهد أننا إنما نتوسل بالايمان به وبمحبته وبفضله وشرفه فهذا هو المقصود الاصلي من التوسل ولا يتصور أن يتوسل أحد بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لغير هذا المعنى ، ولا يمكن أن يكون سوى ذلك من جميع المسلمين المتوسلين ، غير أن المتوسل قد يصرح به وقد لا يصرح اعتمادا على المقصود الاصلي من التوسل الذي هو الايمان بالنبي ومحبته صلى الله عليه وآله وسلم لاغير .
الثاني : مما يستفاد من كلام الشيخ ابن تيمية أن من دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم صح له أن يتوسل إلى الله بدعائه صلى الله عليه وسلم له ، وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قد دعا لامته كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة .
منها : عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب النفس ، قلت : يارسول الله ! أدع الله لي ، فقال : ( اللهم اغفر لعائشة ماتقدم من ذنبها وماتأخر وماأسرت وماأعلنت فضحكت حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيسرك دعائي ، فقالت : ومالي لا يسرني دعاؤك ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : أنها لدعائي لامتي في كل صلاة ).
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة ، ( كذا في مجمع الزوائد ) ، لذا فإنه يصح لكل مسلم أن يتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بذلك فيقول : اللهم إن نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم قد دعا لأمته وأنا من أفراد هذه الامه فأتوسل إليك بهذا الدعاء أن تغفر لي وأن ترحمني إلى آخر مايريد ، فإذا قال ذلك لم يخرج عن الامر المتفق عليه بين كافة علماء المسلمين ، فإن قال : اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم فقد فاته التصريح بما ينويه وبيان ماينعقد عليه قلبه وهو مقصود كل مسلم ومراده لا يخرج عن هذا الحد لأن المتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقصد بذلك إلا تلك المعاني المتعلقة بذاته صلى الله عليه وسلم من محبة وقربة وجاه ورتبة وفضل ودعاء وشفاعة ، خصوصا وأنه صلى الله عليه وسلم في برزخه يسمع الصلاة والسلام ويرد على ذلك بما يليق ويناسب من سلام واستغفار لما قد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، تعرض أعمالكم علي فإن وجدت خيرا حمدت الله وإن وجدت شرا أستغفرت لكم ) رواه الحافظ إسماعيل القاضي في جزء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وصححه بقوله : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما سيأتي .
وهذا صريح بأنه صلى الله عليه وسلم يستغفر للأمة في برزخه والاستغفار دعاء والأمة تنتفع بذلك .
وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مامن أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد السلام ) . رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال النووي : إسناده صحيح .
فهذا صريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم يرد السلام على المسلم ، والسلام هو الأمان فهو دعاء بالأمان للمسلم وهو ينتفع بذلك .


 

رد مع اقتباس