الدرس الخامس عشر : توسل اليهود به صلى الله عليه وسلم
قال تعالى ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )
قال القرطبي : قوله تعالى : ولما جاءهم - يعني اليهود - كتاب - يعني القرآن - من عند الله مصدق - نعت لكتاب ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال وكذلك هو في مصحف أبي بالنصب فيما روى - لما معهم - يعني التوراة والانجيل يخبرهم بما فيها - وكانوا من قبل يستفتحون - أي يستنصرون ، والاستفتاح : الاستنصار استفتحت استنصرت ، وفي الحديث كان النبي يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بدعائهم وصلاتهم ، ومنه ( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ) ، والنصر فتح شئ مغلق فهو يرجع إلى قولهم : فتحت الباب .
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما نصر الله هذه الامة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم ) .
وروى النسائي أيضا عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أبغوني الضعيف فإنكم إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ) .
قال ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود فدعت يهود بهذا الدعاء وقالوا : إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان أن تنصرنا عليهم ، قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا ، فأنزل الله تعالى : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) أي بك يامحمد إلى قوله : ( فلعنة الله على الكافرين ) تفسير القرطبي ج2 /26-27 (1)
-------------------------------------------------
(1)قول ابن عباس هذا هو المشهور في كتب التفاسير المعتمدة ، ونقله أئمة التفسير من المحدثين المعتبرين كابن أبي حاتم والطبري والبغوي والألوسي والشوكاني ونقلها ابن كثير في البداية دون أعتراض .
|