الدرس السابع : تصحيح ابن تيمية لمعنى هذه الخصوصية
الشيخ ابن تيمية عن هذه المسأله كلاما جيدا نفيسا يدل على عقل وبصيرة واتزان كبير ، فهو وإن كان نفى وجود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى ( وهذا حسب علمه في ذلك الوقت ) إلا أنه رجع فأيد المعنى وفسره تفسيرا معقولا وأثبت فيه صحة القول وهو بهذا يرد ردا واضحا على من زعم أن ذلك شرك أو كفر وعلى من زعم أن المعنى فاسد وباطل وعلى من زعم أن فيه قدحا في مقام التوحيد والتنزيه ، وماهو إلا الهوى والعمى وسوء الفهم وضيق العقل فالله ينور بصائرنا ويرشدنا إلى الحق والصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل .
قال الشيخ الامام ابن تيمية في الفتاوي ( ج 11 ص 96 )
ومحمد سيد ولد آدم وأفضل الخلق وأكرمهم عليه ، ومن هنا قال من قال : إن الله خلق من أجله العالم أو أنه لولاه لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا ، لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا ، ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولايعرف عن الصحابة بل هو كلام لا يدري قائله ، ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله تعالى ( سخر لكم مافي السموات ومافي الارض ) الايه ، وقوله تعالى ( وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ماسألتموه وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها ) الايه ، وأمثال ذلك من الايات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم ، ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ، ولكن يبين لبني آدم مافيها من المنفعة وما أسبغ عليهم من النعمة .
فإذا قيل : فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى ، وكذلك قول القائل : لو لا كذا ماخلق كذا لايقتضي أن يكون فيه حكم أخرى عظيمة ، بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بني آدم محمد ، وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة ( أعظم ) من غيرها صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله عليه وسلم . اه من الفتاوى
|