عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-22-2010, 09:20 PM
ثار الله
موالي مميز
ثار الله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5453 يوم
 أخر زيارة : 06-13-2015 (06:11 PM)
 المشاركات : 186 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تساؤلات على عتبة شورى سقيفة بني ساعدة



تساؤلات على عتبة شورى سقيفة بني ساعدة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق اجمعين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى الهداة الميامين من آله الطاهرين
الحديث عن شورى السقيفة لا ينبغي أثناء الحديث العلمي الجاد والرصين أن يتلقى تلقي التسليم لاسيما في موضوعات تمثل جوهر الخلافات بين وجهتي نظر تشريعيتين.
1 ــ وإنما ينبغي أن ينظر إليه تارة بلحاظه التشريعي والدستوري فهل تصلح الشورى كمفردة دستورية لخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله).
وإذا كانت صالحة فمن الذي سيدخل ضمن دائرة الشورى؟ ومن ذا الذي يخرج؟
وعندئذ: وفق أي ميزان سيدخل من سيدخل وسيخرج من سيخرج؟
وإذا ما انعقدت الشورى بملاكاتها الدستورية فمن ذا الذي ستكون له قدرة الحسم في حال وصلت فيه الشورى إلى باب مغلق لم تفلح وسائل الترجيح وآلياته من فتحه؟
2
ــ وأخرى بلحاظ الشرعية القرآنية البحتة وصحيح السنة النبوية، فهل أن ما تم قد استند إلى نص قرآني أو نبوي؟
وإذا ما كان الذي تمّ قد وفر الغطاء الشرعي فهل أن من يخالف ذلك سيعتبر مخالفاً لهذا الغطاء أو لا؟
3 ــ وأخرى بلحاظ تطبيقي فني أي ينظر إلى أن اجتماع سقيفة بني ساعدة ومجرياته تحديداً قد انعقد أساساً وفق مبدأ الشورى المزعومة أو لا؟.
فلو نظرنا إلى (الشورى) كمبدأ لخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) بمعزل عمن سيكون هو الخليفة وبمعزل عن إسقاطات الواقع السياسي والتاريخي والطائفي لما ترتب بالفعل على احتكام السقيفة، وبالإغماض عن الفقه السياسي الذي أوجدته مجريات السقيفة.. فإننا سنواجه قبل البحث بتلك المسائل السؤال التالي: ما هي حدود خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) التي يطلب من مبدأ الشورى أن يعين من سيتولاها؟
ووفق أي مقياس ستحدد هذه الحدود؟
ومن هي المرجعية التي تحكم بصلاحية هذا المقياس وملاءمة المحدد للحدود من غيره؟.
فلقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) وفق تحديدات القرآن الكريم أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي له الولاية المطلقة على أنفسهم وهذه الولاية حينما أطلقت هذا الاطلاق فإنها لن تتحدد بالجانب القضائي كما يحلو لبعض الكتاب أن يحددها، بل هي تشمل كل شيء حتى المسألة التشريعية، ووفق هذا المبدأ فإن الولاية لها طرفان طرف يتعلق بقبول المؤمنين لها وتسليمهم بها }فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكمونك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما{ وأخرى تتعلق بمسؤولية الرسول (صلى الله عليه وآله) تجاه من ولاّه وتجاه من وليّ عليه، وهذا الأمر له دلالة خطيرة فيما يتعلق بمسؤوليته (صلى الله عليه وآله) تجاه مستقبل المسلمين بعد وفاته.
ومن شأن الغور فيه أن يضفي ضلالاً كاشفة على حقيقة ما جرى من بعده. ولذا سأفترض أن الأخ السائل سيتابع بدأب لحقيقة المشكل الذي يترتب على هذه الدلالة، فعلى ضوئها كان الرسول (صلى الله عليه وآله) في مفترق بين طريقين فهو إما أن ينوء بعبء مسؤوليته تجاه من ولي عليه ويشخص لهم مسار خلافته، وإما أن يترك لهم ذلك دون أن يتحمل مسؤوليته تجاه من ولاّه وتجاه من ولي عليه، ولا جامع موضوعي للمسارين.. فلا تغفل!.
ولو عدنا لأسئلتنا التي تبحث بشغب عن أجوبة مشاغبة أيضاً! فسنجد أننا ملزمين بتأطير صورة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي يراد خلافته وفق تحديدات القرآن الكريم، ولو فعلنا لوجدنا أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان شاهداً على الناس كافة، وشاهداً لرسالته، وشاهداً لربه، فإن كان مبدأ الشهادة له كل هذه الحيوية فمن سيخلف الرسول (صلى الله عليه وآله) في شهادته هذه الشمولية هذه ولا يمكن تصور هذه الشهادة إلا بمعاييرها الشاملة فالشهادة تستدعي العيان والعيان يستدعي الحياة الأمر الذي سيجعل المستخلف ذو خصوصية غير طبيعية وهذه الخصوصية من المستحيل أن يشخصها البشر العاديين بل تحتاج إلى تأكيد من السماء أو ممثلها.
ولئن كان بعض الناس يستخف بالشهادة وتماشينا معه جدلاً على طريقة فرض المحال ليس بمحال حينما يجعل الشهادة على الناس ممكنة لبعض الناس من ذوي الإمكانات العادية فما بالك بالشهادة على الرسالة وقد اكتفى الرسول (صلى الله عليه وآله) مع شهادة الله بشهادة من وصف بأن عنده علم الكتاب كما في محاججته مع الذين كفروا في آخر سورة الرعد: }ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب{ وهي محاججة لم تنزل لمورد خاص بل قدّم لها القرآن فعل المضارعة (ويقول) ليجعلها تمتد لكل الأزمان المستقبلة، ولا يهم هنا استعراض أقوال المفسرين التي انساقت تجري وراء مرويات لا تقوى متناً على مواجهة واقع الآية الصارخ الذي ينقض أن تكون خاصة بعلماء اليهود كعبد الله بن سلام وغيره فكيف يمكن ان يستشهد الرسول الكريم على رسالته في محاججته مع الكفار بمن لا يطمئنوا به ولا هو جدير باطمئنان الرسول الكلي والذي يعادل العصمة، أو خاصة بالله كما حاول بعض المفسرين تعنتاً أن يذهب بها لوضوح وجود واو العطف فيها ولعدم وجود قيمة لدى كافر بالله أن يكون من لا يؤمن بوجوده شاهداً على صحة رسالة خصمه، أو أن يكون جبرئيل(ع) وأمره بيّن أيضاً كما أوضحناه في كتابنا: "من عنده علم الكاب؟". فالشهادة للرسالة تحتاج إلى علم تفصيلي بكل دقائقها فهل كان بإمكان أحد أن يقول بأنه كان راسخاً في العلم وفق قوله تعالى: }ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم؟{.
وهي ــ أي الشهادة ــ علاوة على احتياجها للعلم تحتاج إلى نزاهة كاملة كي تؤدي الأمانة كاملة ولا تضع الرسالة في إحراج شاهد لا يعلم إن سيشهد أو لا، وهي في هذا الحال تعادل العصمة.
ولئن كان للبعض أن يتنطع ليدعي علماً كهذا ونزاهة كهذه فمن أين سيمكن الشهادة لمبدأ التسخير الإلهي لما في أقطار السموات والأرض الذي طرحه الله في قرآنه الكريم حيث تحتاج الشهادة إلى قدرة شاملة للشهادة على تحقق هذا التسخير وما كان الله ليطرح نفسه بصاحب الحجة البالغة ويترك اموراً كهذه ممكنة لاحتجاج الكفرة والمشركين بل وحتى المؤمنين الذين قد يروا في ذلك نمطاً من أنماط المبالغة لا الحقيقة وهم كثر يعلمون من خلال بعض التفاسير والكتابات.
والرسول (صلى الله عليه وآله) كان منذراً ومبشرا وطبيعة الإنذار والتبشير تحتاج على أقل الفروض إلى دراية كاملة بما يبشر به وينذر منه وهي وظيفة الهادي ولا يمكن الاكتفاء هنا بإنذار وتبشير إجمالي وإلا لما قال الله تعالى: (إنما انت منذر ولكل قوم هاد).
والرسول (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك كله كان ولي لأمر المسلمين بكل أبعاد هذا الأمر وبكل ما لهذه الولاية من معنى.
و
في كل الأحوال فإن مقام الرسول (صلى الله عليه وآله) كان منظومة من المراتب والصلاحيات ــ إن صحّ التعبير ــ التي وضعها الله تعالى، وقد لوحظ أن جميع هذه المراتب ذكر القرآن فيها الرسول (صلى الله عليه وآله) مع جهة أخرى، جهة أريد لها أن تمتد بها المهمة الرسالية، فالعلم الرسولي خصه الله له ولجهة سماها "الراسخون في العلم" والشهادة الرسولية خصها الله له مع جهة سماها "من عنده علم الكتاب" والولاية الرسولية خصّها الله له ولجهة من بعده هي جهة "الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" وأوضحها في الجانب القانوني بجهة "أولي الأمر منكم" والإنذار الرسولي كان معه جهة تمتد بعده تمثلت بجهة " ولكل قوم هاد" وواضح أن الهداية تشمل الانذار والتبشير، وهكذا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل أن الخلافة الرسولية التي تريد الشورى أن تحددها تشمل هذه الأمور أم تقتصر على الجانب السياسي منها فإن قالوا بالشمولية فمن الواضح أن إمكانات السقيفة مهما قيل فيها دون القليل من ذلك، فهي مهمات إلهية صرفة نعلمها من السياقات القرآنية كقوله تعالى: }يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم{ وقوله: }إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون{ وقوله: }وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم{ وقوله: }قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب{ وقوله: }إنما أنت منذر ولكل قوم هاد{.
وإن قالوا باقتصارها على الجانب السياسي، فمن الواضح أن لا نص يخص الجانب السياسي دون سواه.
ولئن سلمنا بوجوده فماذا سيكون حال بقية المقامات التي تبقى بحاجة أكيدة إلى من تمتد به بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله). إذ ليس يعقل ضمن منطق الحجة الإلهية البالغة أن يحدد الله للناس سبل الهداية متمثلة برسوله لقوم ويترك غيرهم حيارى بحجة ختم النبوة، وقد وضعت الامتدادات المشار إليها في الآيات السالفة المسار الذي حدد لفترة ما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله).
ولنعود ولنفترض اقتصار الخلافة على الجانب السياسي هذا بالرغم من أن بعض علماء كلام أهل السنة لا يقبلون بذلك ولو قبلوا لهان الأمر عليهم، فإن المشكلة التي ستواجهنا بشكل فني واضح هي من الذي سيحدد طبيعة الناس المعنيين بهذه الشورى دون غيرهم؟ فالحديث عن خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) إنما هو حديث عن خلافة مواصفات، وليس خلافة رجل سياسة غاب عن الميدان ليحل محله آخر. وبالتالي فإن الحاجة إلى تحديد أناس يمتلكون القدرة العقلية والسياسية والأخلاقية لمعرفة من يملأ شاغر هذه المواصفات تكون واحدة من المقدمات الضرورية للشورى، ومن المستحيل أن يتجرأ أحد من الناس ليقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد عيّن هيئة خاصة لذلك، كما أن الأمر الخطير هذا لا يمكن تركه للصدف لا سيما وأن ممارسة حقيقية للشورى في موضوعات سياسية لها مثل هذه الخطورة لم تتح للقوم! مما يبقي الأمر عند نقطة الصفر التشريعية والدستورية.




رد مع اقتباس