وقد سُئل : هناك مجموعة علماء يُروِّجون لفكرة أنَّ انتظار الحُجَّة عليه السلام يعني الاكتفاء بالدروس والعبادة وأداء الشعائر ، أما الأمر بالمعروف والعبادات الصعبة فتُترك للحُجَّة هو الذي يُديرها ويُنظِّمها ويجريها ؟ فكان مما أجاب : لذلك فإنَّ بعض الناس ممن يحبون الراحة يأخذون بالأخبار التي تقول لهم إخلدوا إلى الأرض حتى يظهر قائمنا ، إلى أنْ قال : ولذلك فأنا أقول بأنَّ مشكلة كثير من الناس أنهم يستغرقون في الأحاديث من دون دراسة لها ولا يستغرقون في القرآن ، فعلينا أنْ نتعرَّف على روح الإسلام من القرآن .[331]
وتراه يقول : إنَّ مشكلة عليٍّ عليه السلام عند شيعته قبل غيرهم أنه مظلوم من قِبلهم أشدَّ الظلم… ونحن لا نعرف من عليٍّ إلا أنه قتل عمر بن ودِّ العامري ولا نعرف منه إلا أنه قتل مرحب ، ولكن هل نعرف إضافةً إلى ذلك كلماته وقيمه وخطَّه الفكري وخطَّه الروحي… فنحن لا نقرأ ولا نسمع ولا نتحاور ، إنما نعرف كيف نشتم ، ونعرف اللعنات وكيف نسبُّ وكيف نتراشق بالاتِّهامات [332]0
ويقول : فمشكلتنا - هي- أننا نُجسِّد الأشخاص العظماء فنرتبط بهم إرتباط الذات ، لكننا لا نحاول أنْ ننطلق إلى مواطن عظمتهم .[333]
نعم وقد كان بعض ما سُئل عنه : ما هي المصادر المهمة في العقيدة الإسلامية ؟
فكان مما أجاب : إننا لا ننكر أنَّ للفلسفة دوراً في حركة الاستدلال ، ولكن علينا أنْ نأخذ عقائدنا من القرآن بالوسائل القرآنية وبالأساليب القرآنية ، ففي القرآن إذا فهمناه جيداً غنى وثراء .[334]
وقد سُئل : هل قصَّر الشيعة في إيصال صوت فاطمة إلى العالم الإسلامي ؟
فكان مما أجاب : -- ولم يُجيب عن الفقرة الأولى من السؤال ، ووقع منه مثل هذا عشرات المرات -- إني أحب للشيعة أنْ يفكروا كمسلمين ، فنحن لسنا شيئاً آخر ، لذلك علينا أنْ لا نفصل أنفسنا عن الإسلام .[335]
وسئل : كيف يمكن لمدارسنا اليوم أنْ تستقبل السني كما تستقبل الشيعي ؟
فأجاب : عندما تنطلق مدارسنا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ، … فمشكلتنا أنَّ السنِّي كسني وينسى كونه مسلماً، والشيعي يستغرق في شيعيَّته وينسى كونه مسلماً .[336]
وسئل : هل يمكن تسوية الخلاف بين السنة والشيعة وكيف ؟
فكان مما أجاب : يمكن ذلك لو وضع السنة والشيعة عقولهم في رؤوسهم لا في آذانهم ، ولا في دائرة المخابرات المركزية ، ولو أنَّ الشيعة كانوا يشعرون أنهم مسلمون في خط التشيُّع ، والسنة أنهم مسلمون في خط التسنُّن ، لكنَّ السُّنة نسوا أنهم مسلمون ، والشيعة نسوا أنهم مسلمون ، فهذا يقول أنا شيعي وذلك يقول أنا سني ، أما كلمة أنا مسلم في خطِّ أهل البيت وذاك مسلم في خط الخلافة فغائبة عنَّا .[337]
وسئل : في بحثكم حول سيرة النبي في القرآن المطروح في " مؤتمر السيرة النبوية " فتحتم قراءة قرآنية تنفي الولاية التكوينية للنبي ، ألا ترون بأنَّ هذا الجدل العقائدي الصرف لا إثبات فيه إلى آخر السؤال ؟
فأجاب : أنا مع السائل فيما يطرح ، لأنَّ هذه الأبحاث هي أبحاث جدلية ، وقد لا تكون فيها فائدة ، فسواء كانت لدى النبي ولاية تكوينية أو لم تكن ، فلقد ذهب إلى ربِّه وهو لا يعيش بيننا الآن ،… إنَّ القرآن يقول هذا ويمكن لأيِّ إنسان أنْ يناقش أطروحاتي في هذا المجال ، فالأحاديث قد وردت بخلاف ذلك ، وإذا ثبت أن القرآن يقول ذلك والأحاديث تخالفه ، فإنَّ ما خالف كتاب الله فهو زخرف .[338]
إلى غير ذلك مما يشبه هذا ويقرب منه كثيرٌ جداً ، مما ليس يخفى على أهل الفضل فساده 0
ولإنْ قيل : إنَّ السيِّد فضل الله لا يقصد المعنى الظاهر0
فنقول : لا بُدَّ مِن نَصْبِ قرينةٍ جليَّةٍ واضحة يلتفت إليها أبناء العرف العام .
ولإنْ قيل : هو لا يقصد من حيث إنَّ الكلمات صدرت عن غير قصد 0
فنقول : إنَّ صدور كمٍّ هائلٍ عن غير قصد وشعور أمرٌ غير مبرَّر ، مع أنَّ عليه أنْ يعتذر بما يناسب كل مقام ، ويرفع غائلة الإشكال .
ثم لا أدري ما هو الداعي لأنْ نتكفَّل مزيدَ مؤونة لتوجيه كلام السيِّد فضل الله مع خلوِّ قرينة ! ولماذا هو وحده مَنْ يصدر عنه مثل ما صدر عنه ويصدر ، وفي الكثير من كتبه إنْ لم يكن في جميعها !!!
ولإنْ قيل : إنَّ الناس أو بعض الناس يحاولون الإساءة إليه بتحريف كلماته ، أو تحميلها من المعنى ما لا تحمله ، أو أنَّ كثيراً منهم لا يفهمون ما يقصد .
فنقول : حسب طالب الحقيقة أنْ يرجع بنفسه إلى كتبه ، وكل ظني أنه يتكلم بلغة الناس ، إذ أنه لا يبغي إلا أنْ يعيَ الناس ما يقوله ويتكلم به ، وليس من العدل أن يُتَّهم الناس بعدم الفهم من شخص يدَّعي أنه لا يُكلِّم الناس إلا بلغتهم .
هذا وأما ما نقلناه أخيراً عنه فلا يحسُن أنْ لا نجيب عليه ولو بنحو مختصر ، فإنه وإنْ لم يكن لدينا فعلاً وقت للتعليق بما ينبغي ، ولكن نجيب باختصار تِباعا لما ذكره السيِّد فضل الله ، فنقول : إنَّ أبناء الفرقة الناجية لا يُقدِّسون شيئاً من أمراض التاريخ ، وليس عندنا ما نُقدِّسه من التاريخ إلا ما وصل إلينا عن طريق محققي المذهب الحقِّ 0 اللهم إلا أنْ يكون هناك بعض الناس مُبتلين بعُقَدٍ نفسيَّة ، أو أنهم قاصرون عن فهم وإدراك بعض الأمور ، فينتج عنه إنكارهم للكثير من المُسلَّمات !! أو أنهم يسعون للبروز من جهة ، ولكسب رضى البسطاء والجاهلين ولو من خلال التشكيك والقدح في ما يُشْبِه الأمور البديهيَّة ، أو غير ذلك من وجوه والتي أقلها ما يُقال " خالف تُعرف " ، ولكن ما أقبح بالرجل بل بمن يشبه الرجال أنْ يعمد إلى مثل الأسباب التي أشرنا إلى بعضها في سبيل الوصول إلى هدف رخيص ، فكيف لو كان مصير المشكِّك أو المُنكِر إلى ما لا يجهله أيُّ متأمل يطلب الحقيقة ؟!!
|