عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2010, 03:19 PM   #3
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وعن بعض العلماء أنَّ كل ما هو مذكور في الكتب المنزَلَة فهو مذكور في القرآن ، وكل ما هو مذكور في القرآن فهو مذكور في الفاتحة ، وكل ما هو مذكور في الفاتحة فهو مذكور في بسم الله الرحمن الرحيم ، وكل ما هو مذكور في ذلك فهو مذكور في بسم الله . ولا تعجب من ذلك ، ومن قولهم إنَّ الأحكام الشرعية كلها مذكورة في كلمة " لا إله إلا الله " وأنت تعرف أنَّ أعضاء الإنسان كلها مخفيةٌ في نطفته ، وأنَّ أجزاء الشجرة كلها مستبطنة في نواتها ، وإنما تبصرها عينُ البالغين من الرجال ، انتهى كلام الشهرستاني 0[323]

وفي تفسير الصراط المستقيم المشار إليه آنفاً : ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير باء البسملة : " لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً من باء بسم الله الرحمن الرحيم " . وفي هامش الكتاب ما لفظه : روى هذا الحديث جماعة من القوم مع تفاوت واختلاف 0 وعدَّ منهم القندوزي في ينابيع المودة ، والهروي في شرح العين وزين الحلم ، والكاكوردي في الروض الأزهر، وبهجت أفندي في تاريخ آل محمد صلَّى الله عليه وآله ، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول ، والشعراني في لطائف المنن ، مع ذكر تمام المصدر من الكتاب والصفحة فراجع .[324]

وبما أنَّ هذه الفضيلة قد رواها أبناء العامة وأثبتوها في كتبهم ، فإننا نقطع بصحة مضمونها ، وبالتأمل في ما رُويَ عن أئمة العترة الطاهرة من أنَّ بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها ، فإنه يتحقق اليقين لنا بصحة القول بأنَّ كل ما في القرآن موجود مذكور في بسم الله الرحمن الرحيم 0

وإذا كان السيِّد فضل الله يقول : كيف تكون العلوم كلها في الفاتحة .

فنقول : ماذا يقول فيما رواه أبناء العامة العمياء في أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول لو شِئْتُ لفسَّرتُ باء البسملة بما لا تسعه آلاف المجلدات ، فإنَّ كل بعير يحمل أكثر من مائة مجلد . وقول أمير المؤمنين عليه السلام لا يعني أنَّ باء البسملة يمكن له أنَّ يُفسِّرها بذلك فقط ، بل هو عليه السلام ساكت عن طرف الزيادة . ولا أظنُّ أنَّ أعداء أمير المؤمنين عليه السلام كانوا ليذكروا هذه الفضيلة لو أنهم استطاعوا أنْ يحرِّفوها أو يخفوها ، ولكن الحكيم سبحانه أبى إلا أنْ يُتمَّ نوره، ولكنهم قاتلهم الله كمثل الحمار يحمل أسفاراً ، وإنْ هم أضل من الأنعام سبيلاً.

وأقسم بأنَّ كلَّ غيرَ متَّهمٍ إذا تأمل شيئاً قليلاً - بمفاد ما نقلناه من أحاديث لا سيما مع ملاحظة أنَّ بعضها مما رواه أبناء العامة العمياء -- فإنه يقطع بصحة ما سُئل عنه السيِّد فضل الله .

ثم إنه قد صحَّ عند الفريقين قولُ الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وهو حديث مشهور معروف ثابت 0

فعليٌّ عليه السلام هو مَنْ يمتاز به العالِم من الجاهل ، فمن أراد العلم الصحيح - ولا يكون غيرُ الصحيح علماً - ، فلا بُدَّ وأنْ يكون بتوسط تعليم الأمير عليه السلام ، وإلا فلا يهتدي السبيل ، ولا يظفر بحقٍّ وصواب . وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى في أكثر من مورد بعبارات مختلفة متحدة المفاد والمضمون .

وصحَّ أيضاً قوله صلَّى الله عليه وآله : عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ 0 وعليه فيمتاز الحقُّ من الباطل بأمير المؤمنين عليه السلام ، فمن كان معه فهو مع الحقِّ وإلا فعلى الباطل ومعه .

وكذا فإنه كما أنَّ ما يُميِّز المسلم عن الكافر تشهدُ الأول بالشهادتين ، فإنَّ حبَّ أمير المؤمنين عليه السلام هو الميزان في الآخرة ، فمن أحبه دخل الجنة وإلا فهو من أهل النار .

وأيضاً فإنَّ ولاية أمير المؤمنين عليه السلام يدور مدارها قبول الأعمال ، فمن تولاه زكى عمله وقُبِل ، ومَنْ لم يتولَّه جعل الله سبحانه عمله هباءً منثوراً .

وحبُّ أمير المؤمنين عليه السلام يُميِّز المؤمن من المنافق ، وقد ثبت عن جمع من أكابر الصحابة قولهم : كنا نعرف المنافقين ببغض عليٍّ عليه السلام ، وأنه : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وآله إلا ببغض عليٍّ .

وصحَّ عن النبي صلَّى الله عليه وآله قوله : " امتحنوا أولادكم بحبِّ أمير المؤمنين عليه السلام ، فمن أحبه فهو منكم ، ومَنْ أبغضه فليس منكم ، وعليه فيكون أمير المؤمنين بلحاظ حبه مميِّزاً بين الولد الشرعي وولد الزنا .

وأيضاً فإنَّ القرآن الكريم والذي جعله المولى سبحانه تبياناً لكل شيء كان مخصوصاً بأهل البيت عليهم السلام ، فيثبُت أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام هو السبيل إلى المعرفة والطريق إلى الهدى والهداية 0 وحيث إنَّ الطريق المستقيم طريق واحد ، فإنه لا يمكن سلوكه من غير معرفة صاحبه والهادي إليه ، فيكون أمير المؤمنين عليه السلام هو المميِّز .

هذا وحيث إنه إنما تتميَّز الحروف بتميُّزِ النقطة ، فحرف العين لا يتميَّز عن حرف الغين ، والحاء عن الخاء والجيم ، والباء عن التاء والثاء والنون والياء ، والألف المقصورة عن الياء التي مثلها ، والراء عن الزين ، والدال عن الذال ، والسين عن الشين ، والصاد عن الضاد ، وهكذا 0 فإنه لولا النقطة لا تتميَّز كلمة سعير عن شعير ، وحزن عن خزن ، وثبت عن تبت ، وعير عن غير ، وسمع عن شمع ، ومرح عن فرح ، وهكذا إلى ما لا يحصى ، فيكون ببركة النقطة تحصل الفائدة والإفادة ويتميَّز المقصود عن غير المقصود .

وأيضاً فإنه مع عدم وجود النقطة كيف السبيل للوصول إلى المقاصد والمعارف والعلوم المدوَّنة ؟

فالحاجة إلى النقطة من جهة تمييزها ومن جهة توقف الحصول على ما عرفت على وجودها مما لا يكاد يخفى .

ثم ليس الخط إلا مجموعة من النقاط ، وعليه فيؤول الأمر إلى التوقُّف على النقطة ، لذا يكاد أنْ تتعطَّل الأحكام وتختلَّ أمور الناس لولا بركة النقطة ، بل مع عدمها يحصل للإنسان في هذا العالَم ما لا يُقدَّر من الخسائر والخسران . وأنت إذا لاحظت توقف ما لا يُحصى من الأمور على وجود النقطة ، تعرف أنَّ لها ما لها من المكانة والمحل .

وهل كان ليقوم لهذا الإنسان هذه القائمة لولا بركة النقطة ؟ فكم تتوقف عليها ما لا يحصى من المعاملات والتجارات ؟ وأنّى لأحد أنْ يستفيد لولا النقطة !

وأمير المؤمنين عليه السلام مثله كمثل النقطة تحت الباء ، فإنهم لو اتبعوه لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولو أنَّ كل الناس تولَّوه لحصلت لجماعتهم سعادة الدارين ، ولو أنهم رجعوا إليه في ما جهلوه لأغناهم علماً ومعرفة 0

وبأمير المؤمنين عليه السلام يتمكن الإنسان من التعرُّف على الحقائق ، وبه يُعرَف الحقُّ ويمتاز ، وبالرجوع إليه يُعرَف الله ويُعبد ، والقرآن ظاهره وباطنه لا سبيلَ لأحد للتعرُّف على شيء منه إلا من جهة أمير المؤمنين عليه السلام .

وكما أنَّ بالنقطة يُتوصَّل إلى ما لا يحصى مما لا يتأتى التوصل إليه إلا بها ، فكذا بأمير المؤمنين عليه السلام يُتوصل إلى معرفة علوم القرآن ، وبتعليمه يتحقَّق الوقوف على ما في البسملة من أسرار ودقائق 0 وكما أنَّ الإنسان يَضلُّ عن الحقِّ ولا يهتدي لصواب لولا التمسك بأمير المؤمنين عليه السلام والإهتداء بهديه ، فإنَّ الناس أيضاً لا يحصل لهم إدراك ما في البسملة إلا بالرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فبه عليه السلام يحصل التميُّز ويتحقق التمييز .

وحيث إنَّ المعنى المزبور منطبِقٌ على الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله ، فهما نفسٌ واحدة ونورٌ واحد ، وأصلٌ فارد وجوهرٌ واحد ، فلا معنى لأنْ يقال – كما قال صاحب الندوة - : فبالأحرى أنْ يكون النبي صلَّى الله عليه وآله هو النقطة .

وكون أمير المؤمنين هو النقطة لا يعني أنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله ليس كذلك ، ضرورة أنَّ ما هو ثابت للأمير سلام الله عليه ثابتٌ للرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله .

فهل لو قال أمير المؤمنين عليه السلام أنا مع الحقِّ والحقُّ معي ، يَرِدُ عليه ويُجاب – والعياذ بالله تعالى – بأنَّ الأحرى بأنْ يكون سيِّدنا محمد صلَّى الله عليه وآله كذلك ، فإنهما كذلك سواء ثبت للرسول الكرم صلَّى الله عليه وآله أم ثبت لأمير المؤمنين عليه السلام ، وليس قول أمير المؤمنين عليه السلام يعني أنه مميَّزٌ عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله .

هذا ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ ما ذكرناه من التفسير هو ما نظنه أنه كذلك ، وإنْ لم نمنع عن أنْ يكون لقول الأمير عليه السلام تفسيرٌ ثانٍ أو ثالث أو 000000

نعم هو عليه السلام كما ذكرنا في نفس الأمر والواقع بل وفوق ما نذكر ويذكر الذاكرون ، سواء ثبت أنه عليه السلام تكلم بذلك أم لم يثبت ، غايته حيث كان المعنى الذي فسَّرنا به قوله عليه السلام " وأنا النقطة تحت الباء" قريباً للذي نستفيده واستفدناه ، فإنه بلحاظ قربه بحسب إدراكنا القاصر نظن أنَّ معناه ما أشرنا إليه ، وإنْ كانت الحقيقة مجهولة لدينا .
--------
[302] الندوة 1 ص 354 ط الثانية 1417 - 1997

[303] بصائر الدرجات باب 11 من القسم الاول ح1 ص 20- 21 ط مكتبة السيد المرعشي قم المقدسة

[304] المصدر السابق من ص 20 إلى ص 28

[305] المصدر السابق ح 10 – 11 – 15 ص 22 - 23

[306] الكافي 1 كتاب الحجة باب 102 ح5 ص402

[307] 3بصائر الدرجات باب 22 ح 1 ص 537

[308] المصدر السابق ح 3 ص 537 - 538

[309] المصدر السابق ح 5 ص 538

[310] الخصال ح 23 ص 642 ط جامعة المدرسين الطبعة الرابعة

[311] المصدر السابق ح 21 ص 642 ، الاختصاص ص 285 ط الرابعة جامعة المدرسين

[312] المصدر السابق ح 44 ص 649

[313] المصدر السابق ح 45 ص 649

[314] المصدر السابق ح 46 ص 650

[315] المصدر السابق ح 41 ص 648

[316] المصدر السابق ح 42 ص 649

[317] المصدر السابق ح 25 ص 644

[318] المصدر السابق ح 26 ص 644

[319] تاريخ دمشق 2 ح 1012 ص 483 ط مؤسسة المحمودي بيروت. وراجع أيضا حاشية المحمودي هناك.

[320] تفسير الشهرستاني ج 1 ص 213

[321] نظام الحكومة النبوية ج 2 ص 370 ط دار الثقافة بيروت

[322] مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 43 ط مؤسسة انتشارات علامة قم المقدسة

[323] تفسير الشهرستاني ج1 ص 253-254

[324] تفسير الصراط المستقيم ج1 ص 177


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس