بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم
صلاة الصبح والتأكيد عليها
وسئل في الندوة : لماذا التأكيد على صلاة الصبح في قوله تعالى " وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا " ولماذا هي مشهودة ؟
فكان مما أجاب : ولذلك كان قرآن الفجر مشهوداً باعتبار أنها ( والله العالم ) تُمثِّل حضور حياتك في خط الله سبحانه وتعالى .[253]
أقول : لكن أئمة العترة الطاهرة سلام الله عليهم فسَّروا الآية بشهود ملائكة الليل والنهار .
فقد روى الصدوق في العلل بسند صحيح إلى أبي حمزة الثمالي عن ابن المسيب في حديث عن الامام زين العابدين عليه السلام : وأقرَّ الفجر على ما فُرضِت بمكة لتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض ، فكان ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله صلاة الفجر فلذلك قال الله تعالى : " وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً " ليشهده ملائكة النهار وملائكة الليل .[254]
وأيضاً بسند صحيح إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر – المجمع على تصحيح ما يصح عنه والمعروف في الطائفة بأنه لا يروي إلا عن ثقة – عن عبد الرحمن بن سالم عن إسحاق بن عمار في حديث عن الصادق عليه السلام : إنَّ الله تبارك وتعالى يقول : " إن قرآن الفجر كان مشهوداً " يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.[255]
وروى الشيخ في أماليه بإسناده عن زريق قال : كان أبو عبد الله عليه السلام يصلي الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما يبدو وقبل أنْ يستعرض وكان يقول " وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهوداً " إنَّ ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر ، فأنا أحبُّ أنْ تشهد ملائكة الليل والنهار صلاتي .[256]
وفي تفسير البرهان نقلاً من تفسير العياشي عن زرارة عن الصادق عليه السلام في حديث " إن قرآن الفجر كان مشهوداً " قال : يجتمع في صلاة الغداة حرس الليل والنهار من الملائكة .[257]
وأيضاً عن محمد الحلبي عن أحدهما عليهما السلام في حديث وقال : وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً فركعتا الفجر يحضرهما ملائكة الليل وملائكة النهار.[258]
وأيضاً عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في حديث ، وأما قوله " كان مشهوداً " قال : تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار.[259]
وبعد هذا فإلى أيِّ معنى يرجع إليه تفسير السيِّد فضل الله للآية برأيه ومن عند نفسه مع وجود الآثار عن أئمة العترة الطاهرة ؟!
وأقول : قلْ أيضاً إنَّ السيِّد فضل الله لم يكن مطَّلِعا أو نسي .
ولكن لا يكاد يخفى على ذوي الألباب أنَّ عدم الاطلاع لا ينسجم مع مَنْ يدَّعي أو يُدَّعى له الفقاهة 0
وقد يقال بأنه غفل أو نسي ، فنقول إنَّ الغفلةُ وإنْ كانت من الأمور التي يمكن وقوعها بل وتقع ، ولكن في مثل هذا المقدار -- لا سيما وأنَّ بعض ما تقدم يُعتبر من القضايا الواضحة بل والبديهية مما يبعد أنْ يغفل عنها أحد -- بعيد جداً ، لذا فدعوى أنَّ السيِّد فضل الله نسيَ أو غفل دعوى بعيدة جداً 0
ودعوى أنه غير مطَّلِع وإنْ نرضى بها في بعض الموارد - بغضِّ النظر عن منافاتها لِما يدَّعيه لنفسه من شدة التثبُّت - لكننا لا نستطيع أنْ نهزأ بأنفسنا لنقبل بها في البعض الآخر ، لبداهة وضوح الحقِّ فيها لعوام أبناء الفرقة الناجية فضلاً عمن يُدَّعى له أنه من الفضلاء 0
-----------------
[253] الندوة 4 ص 405 ط الثالثة 1419 - 1998
[254] علل الشرائع 2 باب 16 ص 324 ، الكافي 8 ح 536 ص 338
[255] علل الشرائع 2 باب 34 ص 336 ، الكافي 3 باب 7 من كتاب الصلاة ح2 ص 282
[256] امالي الطوسي ص 704 ط مؤسسة الوفاء بيروت
[257] البرهان في تفسير القرآن 4 ح 8 ص 601 ط الاولى الاعلمي بيروت
[258] المصدر السابق ح 10 ص 601 - 602
[259] المصدر السابق ح 12 ص 602