[ مصطلحات 27 ]
الموسوعة الفقهية الميسرة
- الشيخ محمد علي الأنصاري –
ج 1 - ص 259 – 265
أحكام الإجازة :
للإجازة أحكام نشير إلى أهمها فيما
‹ صفحة 260 ›
يلي :
أولا - فورية الإجازة وعدمها :
بحث الفقهاء عن فورية الإجازة
وعدمها ، والمعروف - ظاهرا - عدم فوريتها
أما قبل علم المالك بالبيع فضولة فواضح
فلو لم يعلم المالك بالتصرف الفضولي في
ماله إلا بعد انقضاء مدة لم ترتفع أهلية
ذلك العقد عن الإجازة .
وأما لو علم المالك بالبيع فضولة فلا
دليل على فورية الإجازة سوى توهم
قياس ما نحن فيه على فورية القبول بعد
الإيجاب وهو قياس مع الفارق .
أما إذا استلزم الضرر - من جهة
عدم إجازة المالك - على الأصيل فيمكن
تداركه بالخيار أو إجبار المالك على أحد
الأمرين : الرد أو القبول ( 1 ) .
ثانيا - اشتراط عدم سبق الإجازة
بالرد وعدمه :
اشترط بعض الفقهاء عدم مسبوقية
الإجازة بالرد ، فلو رد المالك أولا ثم
أجاز فلا أثر لهذه الإجازة حينئذ ، منهم
الشيخ في المكاسب حيث استدل لذلك
بالإجماع ، وبقياسه على الإيجاب والقبول
حيث يكون الرد بينهما مبطلا للعقد ،
وبقاعدة السلطنة لأن للمالك السلطنة على
إبطال العقد بالرد فإذا رد بطل العقد وانتفى
موضوع الإجازة .
ولكن ناقشه بعض آخرون - منهم
المحقق النائيني ( 1 ) والإمام الخميني ( 2 )
والسيد الخوئي ( 3 ) - بعدم تحقق الإجماع ،
وبكون قياس الرد قبل الإجازة على الرد
قبل القبول قياسا مع الفارق ، وبأن غاية
ما تفيده قاعدة السلطنة هو سلطنة
الإنسان على أمواله وما ينتسب إليه ، وأما
سلطنته على غير ذلك فلا ، وعقد الفضولي
هو فعل الفضولي ومنتسب إليه فلا سلطنة
للمالك على هدمه ، فالعقد باق على
عقديته ، نعم له أن يجيز أو لا يجيز ذلك
العقد ، فعلى هذا يكون أثر العقد باقيا وإن
رده المالك .
وتظهر الثمرة فيما لو أجاز بعد الرد ،
فعلى قول الشيخ لا ثمرة لإجازته ثانيا
وعلى القول الآخر تكون مثمرة .
‹ صفحة 261 ›
ثالثا - لزوم مطابقة الإجازة مع
العقد وعدمه :
ومن المواضيع التي تطرق لها الفقهاء
هو لزوم مطابقة الإجازة مع العقد عموما
وخصوصا بمعنى أنه لو باع أرضا فضولة
ثم أجاز المالك نصفها فهل يصح البيع في
النصف المجاز أو لا ؟
يظهر من الشيخ الأعظم التفصيل
بين الجزء والشرط ، فقال بعدم لزوم
المطابقة في الجزء كالمثال المتقدم ، وعليه
فيصح البيع فيما يجيزه المالك نصفا كان أو
غيره ، وأما بالنسبة إلى الشرط فقد التزم
بلزوم المطابقة كما إذا باع الفضولي الدار
بشرط أن يعمره المالك فأجاز المالك بيع
الدار ولم يجز اشتراط تعميره ، فهنا لا ثمرة
لهذه الإجازة ، لعدم مطابقتها لتمام العقد ،
والشرط غير قابل للتجزئة بحيث يجعل
جزء من الثمن بإزائه بخلاف الجزء ( 1 ) .
وأما السيد اليزدي فقد اختار عدم
جواز التبعيض بالنسبة إلى الشرط مطلقا
كما اختاره الشيخ وجوازه بالنسبة إلى
الجزء فيما إذا التزم العرف بالتبعيض فيه ،
ثم ذكر معيارا لرضى العرف وهو :
إما تعدد المالكين كأن يبيع كتاب
زيد وكتاب عمرو معا بصفقة واحدة
فضولة ، فيصح أن يجيز البيع أحدهما ولا
يجيزه الآخر .
وإما تعدد الثمن كما إذا باع أرضا
واحدة نصفها بثمن معين والنصف الآخر
بثمن معين آخر ( 1 ) .
واختار المحقق النائيني جواز
المخالفة سواء كانت بالجزء والكل ، أو
بالشرط وعدمه ، وسواء كان الشرط
ضمن العقد أو خارجه ، وسواء كان
الشرط بنفع الأصيل أو المالك ( 2 ) فقال
بصحة العقد في كل منهما غاية الأمر يثبت
الخيار للأصيل إذا كان الشرط له على
المالك فأجاز من دون شرط .
وأما الإمام الخميني فقد أحال
جواز التبعيض وعدمه إلى العرف مطلقا
سواء في الجزء أو الشرط ، فإذا جعل
العرف الثمن مقسطا على الأجزاء كما إذا
باع فرسين بعشرة دنانير ، فيجوز التبعيض
وإلا فلا ، كما إذا باع كتابا بدينارين ،
‹ صفحة 262 ›
وكذلك بالنسبة إلى الشرط ، فلو باع الدار
التي قيمتها ألف ومئة بألف ، وشرط عليه
عملا يساوي مئة ، كان في اللب قد باعها
بألف ومئة ، فيكون بإزاء الشرط قسط من
الثمن ، ففي مثله يجوز التبعيض ( 1 ) .
ويظهر من السيد الخوئي عدم لزوم
المطابقة في الجزء والكل فتصح إجازة البيع
في جزء المبيع خاصة ، وأما بالنسبة إلى
الشرط فتصح - مع عدم المطابقة - فيما إذا
كان الشرط بنفع المالك ، وأما إذا كان بنفع
الأصيل ولم يجزه المالك فالإجازة تكون
باطلة ( 2 ) .
رابعا - هل الإجازة قابلة للإرث :
يظهر من أغلب الفقهاء من زمن
الشيخ الأنصاري وما دون - حيث
تطورت في عهدهم هذه الأبحاث - أن
الإجازة حكم من أحكام العقد ، وليست
حقا من حقوق المالك ، وبناء على ذلك فلا
تكون قابلة للإرث - كالخيار القابل له
لكونه حقا - نعم إن الوارث يرث المال
المعقود عليه فضولة ، وبعد ذلك يكون هو
بالخيار بين رد ذلك العقد أو إجازته بناء
على عدم لزوم اتحاد المالك والمجيز حال
العقد كمن باع مال أبيه ثم تبين كونه
ميتا ( 1 ) .
وأما الفرق بين إرث الإجازة ،
وإرث المال المعقود عليه فظاهر ، لأنه
على الأول يرث الإجازة كل وارث حتى
من لا يرث المال كالزوجة - في بعض
الصور على بعض المباني - وعلى الثاني إنما
تكون الإجازة حقا لمن انتقل إليه المال
وليس لمن لم ينتقل إليه المال حق التنفيذ
أو الرد ( 2 ) .
وربما يظهر الفرق في كيفية الإجازة ،
فإنه بناء على إرث المال يكون لكل من
الوارث حق الإجازة والرد بمقدار سهمه
من الإرث من المال المعقود عليه ، وأما
بناء على إرث الإجازة فيأتي فيه البحث
عن كيفية إرث الخيار وإعماله ، لاشتراكهما
في ذلك ( 3 ) .
‹ صفحة 263 ›
أحكام المجيز :
بحث الفقهاء عن أحكام المجيز على
النحو التالي :
أولا - هل يشترط في المجيز أن
يكون جايز التصرف حال الإجازة أو
لا ؟
المعروف بين الفقهاء هو لزوم كون
المجيز جايز التصرف ، وبعبارة أخرى
ينبغي أن تتوفر فيه شروط الأهلية العامة
حال الإجازة ، وهذا الأمر من القضايا
التي قياساتها معها ( 1 ) ، وعليه فلو كان
المجيز محجورا عليه أو غير مالك حال
الإجازة أو . . . فلا تصح إجازته ( 2 ) .
ثانيا - هل يشترط وجود مجيز جايز
الإجازة حال العقد أو لا ؟
ومثال ذلك ما لو باع الفضولي مال
اليتيم لغير مصلحة فأجاز اليتيم ذلك بعد
البلوغ ، فهنا وإن كان ذات المجيز وهو
اليتيم موجودا حال العقد ، لكنه لم يكن
جائز الإجازة ، لكونه محجورا عليه ليتمه
وصغره ، فهل تصح إجازته بعد البلوغ ، أو
لا ؟
استقرب العلامة في القواعد اشتراط
كونه جايز التصرف حيث قال :
" والأقرب اشتراط كون العقد له مجيز في
الحال ، فلو باع مال الطفل فبلغ وأجاز لم
ينعقد على إشكال ، وكذا لو باع مال غيره
ثم ملكه وأجاز . . . " .
وعلق المحقق الثاني على القسم
الأول من كلامه قائلا : " . . . والظاهر
عدم الاشتراط ، لعموم الدليل الدال على
صحة الفضولي من غير فرق ، فإن عموم
" أوفوا بالعقود " يتناوله " ( 1 ) .
واختار الشيخ الأعظم عدم
الاشتراط ونسبه إلى الشهيد أيضا ، وقال :
" بل لم يرجح القول باللزوم غير
العلامة " ( 2 ) وكذلك من تأخر عن الشيخ ،
فإن العديد منهم لم يشترطوا ذلك كالمحقق
النائيني ( 3 ) والإمام الخميني ( 4 ) والسيد
الخوئي ( 5 ) .
‹ صفحة 264 ›
مظان البحث :
البيع : شرائط المتعاقدين ، البيع
الفضولي ، وبالمناسبة في سائر العقود حينما يبحث
عن شرائط المتعاقدين .
إجازة الرواية
من مصطلحات علم الدراية ، نشير
إليه بصورة إجمالية :
تعارف عند العلماء المتقدمين أن
يجيزوا لغيرهم ممن يرون فيهم الأهلية أن
يرووا عنهم ما كتبوه وما صنفوه وما
رووه . وكانت فائدة ذلك صيانة ما كتبوه
من الدس والتزوير فيه ، قال العلامة
" الطهراني " في الذريعة حول الإجازة :
" هو الكلام الصادر عن المجيز
المشتمل على إنشائه الإذن في رواية
الحديث عنه بعد إخباره إجمالا بمروياته ،
ويطلق شائعا على كتابة هذا الإذن
المشتمل على ذكر الكتب والمصنفات التي
صدر الإذن في روايتها عن المجيز إجمالا
أو تفصيلا ، وعلى ذكر المشايخ الذين صدر
للمجيز الإذن في الرواية عنهم ، وكذلك
ذكر مشايخ كل واحد من هؤلاء المشايخ
طبقة بعد طبقة إلى أن تنتهي الأسانيد إلى
المعصومين عليهم السلام وهذه الكتابة التي
تطلق عليها الإجازة تتفاوت في البسط
والاختصار والتوسط ، فالكبيرة المبسوطة
منها تعد كتابا مستقلا . . . والمتوسطة منها
المقتصرة على ذكر بعض الطرق والمشايخ
تعد رسالة مختصرة أو متوسطة ، ويعبر
عنها ب " رسالة الإجازة " ( 1 ) .
وأول من ألف في الإجازة بمعنى
أنه جمع إجازات عديدة في كتاب واحد
- على ما قيل - هو السيد رضي الدين علي بن طاوس ( م 664 ) قال العلامة المذكور :
" اعلم أن كثيرا من العلماء الأعلام
أولهم على ما أعلم ، السيد الأجل رضي
الدين علي بن طاوس المتوفى ( سنة 786 ) ثم الشهيد
الثاني ثم جمع من العلماء المتأخرين قد
أفرد كل واحد منهم في الإجازات تأليفا
مستقلا جمعوا فيه ما اطلعوا عليه
منها . . . " ( 2 ) .
‹ صفحة 265 ›
ثم ذكر كتب ورسائل عديدة
مشتملة على الإجازات .
.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 259 ›
( 1 ) راجع كل ما تقدم : الجواهر 22 : 289 ،
المكاسب : 133 ، منية الطالب 1 : 241 والبيع
2 : 186 - 191 .
‹ هامش ص 260 ›
( 1 ) راجع : المكاسب : 136 ، منية الطالب 1 :
258 ، البيع 2 : 226 .
( 1 ) منية الطالب : 254 .
( 2 ) البيع 2 : 213 .
( 3 ) مصباح الفقاهة 4 : 213 .
‹ هامش ص 261 ›
( 1 ) المكاسب : 136 .
( 1 ) الحاشية على المكاسب : 160 .
( 2 ) منية الطالب 1 : 259 - 260 .
‹ هامش ص 262 ›
( 1 ) البيع 2 : 229 - 234 .
( 2 ) مصباح الفقاهة 4 : 229 - 242 .
( 1 ) راجع كل ذلك : المكاسب : 136 ، حاشية
السيد على المكاسب : 160 ، منية الطالب 1 :
256 ، البيع 2 : 219 ومصباح الفقاهة 4 : 220 .
( 2 ) المصادر السابقة .
( 3 ) مصباح الفقاهة 4 : 221 .
‹ هامش ص 263 ›
( 1 ) منية الطالب 1 : 260 .
( 2 ) المكاسب : 137 .
( 1 ) جامع المقاصد 4 : 73 .
( 2 ) المكاسب : 137 .
( 3 ) منية الطالب 1 : 261 .
( 4 ) البيع 2 : 238 .
( 5 ) مصباح الفقاهة 4 : 245 .
‹ هامش ص 264 ›
( 1 ) الذريعة 1 : 131 .
( 2 ) الذريعة 1 : 123 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|