وفي الوسائل نقلاً من كتاب الكافي بإسناد الكليني عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً .[189]
وعن جهم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أبي عليه السلام يقول : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء إلا ما حرَّكت الريح منه .[190]
ونقلاً عن كتاب العلل للصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عله السلام : إني رأيت علي بن الحسين عله السلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخر ، فقال لي : والله إنَّ علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه .[191]
فما ظنك بلقاء الله تعالى ولهذا بحث طويل ، رزقنا الله الخوف والرجاء بحق محمد وآله صلَّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين .
وحيث إنَّ خليل الرحمن عليه السلام خليفةُ الله سبحانه في الأرض ومظهَر رحمته ورأفته ، فكان من الطبيعي أنْ يُوجِس في نفسه خيفةً على الخلق من عذاب الجبار المنتقم ، لذا جادل في قوم لوط .
وكأنَّ مجيء الرسل لإبراهيم بالبشرى إشارةٌ إلى أنَّ الخوف الذي خافه يناسب ما ادَّعيناه أولاً ، وكذا الختام بـ" يجادلنا في قوم لوط " يناسب للذي احتملناه ثانياً .
ثم إنَّ إبراهيم عليه السلام وهو مظهَر أسمائه تعالى المخلِص المخلَص ، ليس في قلبه إلا مراقبة الله ، فهو لا يحب إلا الله وفي الله ، ولا يخاف إلا الله وفي الله ، وليس للغريزة البشرية في أعماق نفسه أثرٌ إلا ما كان ربانيَّاً ، وخوفه الأول مِن الله والثاني في الله ، وحديثُ الغرائز يُناسِب مَنْ للشيطان فيه حظٌّ ، وليس للشيطان في إبراهيم بأيِّ نحوٍ من الأنحاء مطمعٌ .
وصلَّى الله على مولى المتقين وإمام الموحِّدين أميرِ المؤمنين حيثُ أشار إلى القاعدة والأساس في ما ورد في القرآن الكريم من ذكر خوف الأنبياء ، فتكلَّم عن خوفِ موسى على نبينا وآله وعليه السلام تنبيهاً وإرشاداً إلى لزوم حَمْلِ الخوف الواقع منهم على خلاف ما يُحمَل عليه من المعنى فيما لو وقع من غيرهم ، فقال : لم يُوجس موسى عليه السلام خيفةً على نفسه ، أشفق من غلبة الجهَّال ودول الضَّلال .[192] فلم يكن خوفه ناشئاً مِن موقع الغريزة البشرية كما ادَّعاه السيِّد فضل الله ، بل كان خوفاً في الله ، وكذا جميع خوف أولياء الله سبحانه لا يكون إلا منه وفيه تعالى شأنه ، وتقدست أسماؤه .
------------------
[188] الندوة 1ص 254 ط الثانية 1417 – 1997
[189] الوسائل 5 باب 2 من ابواب افعال الصلاة ح 2 ص474
[190] المصدر السابق ح 3 ص 474
[191] المصدر السابق ح 4 ص 474
[192] نهج البلاغة الخطبة 4 من القسم الاول 0
|