المناقشة الثالثة:
قال الدكتور القفاري:
"على أي الأحوال فإنّ قصارى ما في هذه الدعوى أن يكون لعليّ [عليه السلام] مصحف مثل بعض الصحابة كابن مسعود وغيره... وهذا لا يتضمن الطعن في كتاب الله سبحانه..."(2).
سبحان الله!! هل أنّ في روايات الشيعة أو في آراء كبار علماء الشيعة رأي كهذا؟ فمن من عظماء الشيعة يذهب إلى وجود مصحف للإمام علىّ عليه السلام ويطعن في كتاب الله؟! ثمّ إنّ الدكتور القفاري ليدّعي ويقول:
"قد أكثر القوم في الحديث عن مصحف [الإمام] علي [عليه السلام ]المزعوم والذي يحتوي كما يزعمون على زيادات في كتاب الله"(3).
____________
1 ـ تقييد العلم: ص 80 ـ 81 والمستدرك على الصحيحين: ج 1، ص 105 و106 ومسند أحمد: ج 2، ص 162، 192 وسنن الدارمي: ج 1، ص 125 وسنن أبي داود: ج 2، ص 126 وبمضمونه في تقييد العلم: ص 68 وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر: ج 1، ص 85.
2 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 237.
3 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 261.
الصفحة 441
وقد ذكرنا لك عزيزي القارئ روايات كتاب سليم فهل وجدت فيها موارد للطعن في كتاب الله أم العكس هو الصحيح؟ فإنّ الرّوايات توكّد حجّية هذا القرآن الموجود، وأنَّ الأخذ به موجب للنجاة من النار ودخول الجنة، ففيها يقول الإمام علي عليه السلام لطلحة حينما سأله عليه السلام: "ما أراك يا أبا الحسن أجبتني عمّا سألتك عنه من أمر القرآن; ألا تظهره للناس؟! قال عليه السلام: ياطلحة! عمداً كففت عن جوابك.
قال: فاخبرني عما كتب عمر وعثمان، أقرآن كلُّه أم فيه ما ليس بقرآن؟
قال عليه السلام: بل هو قرآن كلّه إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنّة فإنّ فيه حجّتنا وبيان [أمرنا و] حقّنا وفرض طاعتنا، فقال طلحة، حسبي، أما إذا كان قرآناً فحسبي"(1).
ونحن قد ذكرنا أنه لا يوجد مصحف كمصحف الإمام علي عليه السلام من حيث احتوائه على كافة علوم الوحي كما دلّت على ذلك روايات الفريقين.
على هذا فإن ما قاله الدكتور القفاري: "والذي يحتوي كما يزعمون على زيادات في كتاب الله..." إذا كان المقصود من الزيادات ما ورد بعنوان التأويل والتفسير و... كما هو عليه اتفاق علماء الإمامية فهذا مالا يوجب الطعن في القرآن، وإن كان المراد من الزيادات هو الزيادة في نصوص آيات الوحي والقرآن المُنزل، فما هو دليل الدكتور القفاري على ذلك؟ لا دليل لديه سوى عدّة روايات من خبر الواحد، ولو غضضنا النظر عن سندها ومتنها وفرضنا صحّة سندها وقوّة متنها، وغمضنا أيضاً عن أن ما يرتبط بنفس آيات الوحي والقرآن المنزل، يحتاج إلى روايات متواترة لفظياً لا معنوياً ولا اجمالياً ـ لو أغمضنا النظر عن كل ذلك ـ لما وجدنا فيها دلالة على وجود زيادات في نصوص الآيات القرآنية كما هو واضح لدى كل منصف.
____________
1 ـ كتاب سليم بن قيس، ص 581 ـ 582.
الصفحة 442
|