عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2010, 10:52 PM   #11
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 364


مضامين روايات التّحريف في كتب الشيعة

لم يكتب الدكتور القفاري تحت هذا العنوان شيئاً يستحق الذكر سوى الألفاظ الفاحشة البذيئة التي تدلّ على عدم العفّة والنزاهة، وسوى بعض الأمور المكررة، ومن جملتها خبر مصحف الإمام علىّ عليه السلام في كتاب سليم بن قيس، وسنعقد ان شاء الله فصلاً مستقلاً للكلام حول هذا المصحف ونذكر الرّوايات الواردة فيها من كتب أهل السنّة، لنبين أنّ ادعاءات الدكتور القفاري هنا مبنية على أساس هش، وستسقط بمجرد هبوب نسمة خفيفة.

المسألة الاُخرى هنا هي ذكر مضامين روايات التّحريف في كتب الإمامية، وجواب هذه الرّوايات أيضاً مرّ عليك في السابق ولا حاجة لاعادته وهو بحمد الله واضح لكلّ منصف، وأكتفي هنا بذكر بعض النكات:

1 ـ ان طريقة الدكتور القفاري هي ذكر المصادر المختلفة لرواية واحدة ليبيّن كثرتها، مثلاً: في هذه الرواية "لو قرئ القرآن كما اُنزل لألفينا فيه مسمّين" ذكر أربعة مصادر هي: "تفسير العياشي"(1)، "بحار الأنوار"(2)، "تفسير الصافي"(3)، "اللوامع النورانية"(4)، والحال انّ هذه الرواية هنا في مصدر واحد هو "تفسير العياشي" وجاءت مرسلة، وأمّا الكتب الاُخرى التي ذكرها الدكتور القفاري فقد صرحت بأنـّها نقلت الرواية من "تفسير العياشي"، وعدم إشارة الدكتور إلى أنـّه نقل الرّوايات من مصدر واحد ـ وهو "تفسير العياشي" ـ يعدّ مخالفاً للطريقة العلمية الصحيحة في البحث، ولم تكن طريقته هذه مع هذا الفصل فقط بل سبق له

____________

1 ـ تفسير العياشي: ج 1، ص 13.

2 ـ بحار الأنوار: ج 92، ص 55.

3 ـ تفسير الصافي: ج 1، ص 41.

4 ـ اللوامع النورانية: ص 547.
الصفحة 365

أن فعلها مراراً وتكراراً(1).

2 ـ إنّ الرّوايات التي ذكرها وجمعها الدكتور القفاري عن مضامين التّحريف في كتب الشيعة أكثرها ترجع في الأصل إلى التفسير المنسوب للقمّي، ليسوغ له الحكم بتكفير الآخرين ونفاقهم مستعملاً في ذلك أقبح الألفاظ وأشنعها، وهلمّ معي إلى بعض ما قاله في هذا المقام:


"إن الكلمات المفتراة التي يقدمها اُولئك المفترون أمثلة للآيات الساقطة بزعمهم قد كشفت القناع عن كفرهم كما إنها فضحت كذبهم وكشفت افتراءهم..."(2).



في حين أنّ أكثر الرّوايات التي ذكرها الدكتور بعنوان المثال موجودة في كتب أهل السنة أيضاً، ولذلك أوّلها الدكتور القفاري بأنـّها من باب "القراءة الواردة" أو "تفسير الآيات" أو "نسخ التلاوة"، وهي كلّها ـ بزعم الدكتور القفاري ـ من الله، ولهذا بقي الدكتور القفاري يناقض نفسه بنفسه من دون أن يجد حلاً.

وإليك ما جاء من تلك الرّوايات في بعض كتب أهل السنة أيضاً. ففي الآية الشريفة: (يا أيُّها الرسول بلغ ما اُنزل إليك من ربّك وإنْ لم تفعل فما بلَّغت رسالته...)(3) أخرج السيوطي في "الدرّ المنثور" عن ابن مردويه بسنده عن ابن مسعود قال: كنا نقرأ الآية على عهد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم هكذا: (يا أيُّها الرسول بلغ ما اُنزل إليك من ربّك ـ أن علياً مولى المؤمنين ـ وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته...)(4).


____________

1 ـ كما في فصل "حجية القرآن عند الشيعة" وغيره.

2 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 243.

3 ـ سورة المائدة (5): الآية 67.

4 ـ الدرّ المنثور: ج 5، ص 117، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ج 2، ص 249 وابن عساكر في تاريخ دمشق: ج 2، ص 85 الرقم 588 ط. بيروت.
الصفحة 366

وقد تقدم منّا في دراسة كلمة "الإقراء" بأنّ تعبير "أنّ علياً مولى المؤمنين" من قبيل تعليم الآية وتفسيرها، لا من باب التّحريف كما زعمه بعض، ولا من باب الكفر والكذب و... على ما افتراه الدكتور القفاري.

ومثله: الآية (كفى الله المؤمنين القتال) أخرج السيوطي عن ابن مردويه وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن مسعود أنـّه كان يقرأ (كفى الله المؤمنين القتال ـ بعلي بن أبي طالب). والحاكم الحسكاني بأسانيد متعددة عن ابن مسعود(1)، وأيضاً عن ابن عبّاس وقال، قال ابن عبّاس: (وكفى الله المؤمنين القتال ـ يوم الخندق بعلي ابن أبي طالب ـ)(2).

ومثله ما ورد في قراءة الآية الاُولى من سورة الأنفال; قال الدكتور القفاري:


"الأحاديث الصريحة الدلالة في أنّ كل واحد من القرّاء قد أخذ قراءته من الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهي مخالفة لقراءة صاحبه وأنّ النبىّ أقرّ كلاًّ منهم وأخبر بأنها هكذا نزلت فبان أنّ الجميع نازل من عند الله"(3).



فعلى هذا إنّ كل قراءة في زعم الدكتور القفاري من عند الله، إلاّ أنّ الدكتور القفاري نفسه تغافل عن هذا حينما عثر بروايات من مصادر الشيعة حيث جاءت في بعضها على سبيل المثال قراءة الآية بدون كلمه "عن" في الآية الشريفة (يسألونك عن الأنفال...)(4).


____________

1 ـ شواهد التنزيل: ج 2، ص 7.

2 ـ المصدر السابق: ج 2، ص 10.

3 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 1035.

4 ـ وردت هذه القراءة عن أئمة الهدى عليهم السلام: الإمام علي بن الحسين والصادقين عليهم السلام. ومن ابن مسعود، سعد بن أبي وقاص، زيد بن علي، طلحة بن مصرف، عكرمة مولى ابن عباس، عطاء وضحاك، راجع: الإعراب للنحاس: ج 1، ص 664، البحر المحيط: ج 4، ص 456، التبيان لشيخ الطائفة الطوسي: ج 5، ص 86 ـ 87، جامع البيان للطبري عن ابن مسعود: ج 6، ص 174، وعنه في الكشاف للزمخشري: ج 2، ص 112 والتفسير الكبير للرازي: ج 4، ص 343.
الصفحة 367

فقال الدكتور القفاري:


"وغرض الرافضة من هذا الزعم أن الأنفال كانت خاصة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم هي للأئمة الاثني عشر المعصومين من بعده، والصحابة إنّما كانوا يسألون الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم أن يعطيهم منها على سبيل الصَّدقة ولم يكن سؤالهم عن حكمها وهذا لا يتأتى للرافضة إلاّ بحذف كلمة "عن"."(1).



لكن هذه القراءة توجد في مصادر أهل السنة عن كثير من الصحابة والتابعين، بل نقل "ابن جرير" عن بعض أنـّهم قالوا:


"نزلت الآية لأنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سألوا قسمة الغنيمة بينهم يوم بدر فأعلمهم الله أنّ ذلك لله ولرسوله دونهم"(2).



فهل يريد الدكتور القفاري أصرح من هذا، فلماذا افترى على الشيعة وقال: "وهذا لا يتأتى للرافضة إلاّ بحذف كلمة "عن"".

ومثل هذا كثير سيأتي بعضه(3) والمتتبع في كتب التفسير بالمأثور يجد كثيراً منه.

ومثله ما أورده الدكتور القفاري عن "بحار الأنوار" مع تقطيع لكلام المجلسي فقال:


____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 1011.

2 ـ جامع البيان في تأويل آي القرآن: ج 6، ص 174.

3 ـ انظر فصل: "هل انكار المنكرين لهذا الكفر من قبيل التقية".
الصفحة 368


"إنّ هذه المحاولات الغبية! لاقحام كلام البشر في كلام الله سبحانه، عملت شرذمة من هذه الطائفة قروناً متواصلة... وهناك أمثلة عديدة لهذه المحاولات، ذكر المجلسي جزءاً منها في باب عقده بعنوان (باب التّحريف في الآيات التي هي خلاف ما انزل الله عز وجلّ ممّا رواه مشايخنا...)"(1).



لكن نصّ كلام المجلسي رحمه الله هكذا:


"وجدت في رسالة قديمة سنده هكذا:

جعفر بن محمّد بن قولويه عن سعد الأشعري القمّي أبي القاسم رحمه الله وهو مصنفه، روى مشايخنا عن أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: وساق الحديث إلى أن قال: باب التّحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله عزّ وجلّ ممّا رواه مشايخنا رحمة الله عليهم عن العلماء من آل محمّد صلوات الله عليه وعليهم..."(2).



فقوله "مما رواه مشايخنا" كلام "سعد الأشعري القمّي" لا "المجلسي" ـ كما زعم الدكتور القفاري ـ ولا اعتبار للرسالة لإرسال سندها، والمجلسي رحمه الله أورد الرّسالة بتمامها ـ وهي تستوعب ستّ صفحات من بحار الأنوار ـ لتحقيق هدفه في "بحار الأنوار" لجمع الأخبار وعدم ضياعها.

وأمّا متن الرسالة ـ وهو المهم في المقام ـ فأكثر رواياته من باب اختلاف القراءات، وهذا يدلّنا على انّ كلمة التّحريف في عنوان "باب التّحريف في الآيات..." تعمّ كل التغيير والتبديل ولو من باب القراءة لا إسقاط الكلمات

____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 244.

2 ـ بحار الأنوار: ج 92، ص 60.
الصفحة 369

والآيات فقط، وكثير من هذه القراءات التي في تلك الرسالة توجد في مصادر أهل السنة أيضاً كقراءة (يسألونك الأنفال...)(1)، (ما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي ـ ولا محدث ـ)(2)، (فليس عليهنّ جناح أن يضعن ـ من ـ ثيابهن غير متبرجات)(3)، (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ـ صلاة العصر ـ)(4) و(وكان وراءَهم ملك يأخذ كلّ سفينة ـ صالحة ـ غصباً)(5) ومثلها كثير... وإن شئت فراجع "فضائل القرآن" لأبي عبيد القاسم بن سلاّم، باب "الزوائد من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن"(6) وقارن مع روايات تلك الرّسالة.


3 ـ إنّ عمدة هذا البحث من الدكتور القفاري تختصُّ برواية: "إنّ القرآن الذي جاء به جبرئيل إلى محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم سبعة عشر ألف آية" وقد بحثناها سنداً ومدلولاً فيما تقدم فلا نعيد. وبعد ذكره هذه الرّواية قال الدكتور:


"فهذا يقتضي سقوط ما يقارب ثلثي القرآن فما أعظم هذا الافتراء!"(7).



ثمّ بين رأي الإمامية في سند تلك الرواية وخلط تلك الاقوال بالتقية!! وبتقطيعه لعبارة المجلسي عاد مرة أخرى إلى مقولة علماء العصر الصفوي، ثمّ استمر بمزاعمه بالمقايسة بين رأى ابن بابويه ورواية الكليني حتى وصل إلى بيت القصيد قائلاً:


____________

1 ـ جامع البيان في تأويل آي القرآن: ج 6، ص 174، والآية 1 من سورة الأنفال (8).

2 ـ صحيح البخاري مع فتح الباري: ج 7، ص 51. وقال ابن حجر: "اسناده صحيح" والموطأ، كتاب الصلاة، باب صلوة الوسطى: ج 1، ص 157 و158، سنن النسائي، كتاب الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر: ج 1، ص 82 ـ 83، الدرّ المنثور: ج 6، ص 65، والآية 52 من سورة الحج (22).

3 ـ الدرّ المنثور: ج 5، ص 57 والآية 60 من سورة النور (24).

4 ـ فضائل القرآن: ص 165 والآية 238 من سورة البقرة (2).

5 ـ المصدر السابق: ص 169 والآية 79 من سورة الكهف (18) والدرّ المنثور: ج 4، ص 247.

6 ـ المصدر الاسبق: ص 162 وما بعدها.

7 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 244.
الصفحة 370


"وأقول هل لرواية الكليني وجه يمكن قبوله خلافاً لما يراه ويفتريه المجلسي والمازندراني وأضرابهما؟ لعله من الممكن لو كان لهؤلاء أرادة خير لمذهبهم وأتباعهم أن يحملوا ما زاد على عدد آيات القرآن على منسوخ التلاوة إذا لم يكن لديهم الشجاعة على ردّ هذه الرواية وأمثالها...

ولكن شيخ الشيعة اليوم "الخوئي" ومرجعها الأكبر ـ وهو يتظاهر بالدفاع عن القرآن يرى أنّ القول بنسخ التلاوة هو قول بالتحريف وكأنه أراد أن يوصد هذا الباب ويردّ هذه القاعدة الثابتة ليثبت بطريق ملتو عقيدة في نفسه يكاد يخفيها... والفرق واضح... فالتحريف من صنع البشر وقد ذمّ فاعله الله والنسخ من الله قال تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)(1) وهو لا يستلزم مسّ كتاب الله سبحانه بأي حال"(2).



وقد ناقشنا فيما تقدم هذه الرواية سنداً ومتناً، وبينّا آراء علماء العهد الصفوي في مسألة التّحريف وبحثنا أيضاً في الموازنة بين كلام ابن بابويه ورواية الكليني وهنا نقول:

عجباً! كيف يقول الدكتور القفاري: "لم يكن لدى الشيعة الشجاعة على ردّ هذه الرواية وأمثالها" والحال إنّ أول من ردّ تلك الرواية بشجاعة هو الشيخ أبو جعفر الكليني رحمه الله الذي جاء بالرواية فهو ـ كما لاحظت ـ ذكر في مقدمة كتابه معيار قبول وردّ الرّوايات المتعارضة; وهو عرضها على كتاب الله، وطرح ما يخالفه(3)،

____________

1 - البقرة (2): الآية 106.

2 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 247 ـ 248.

3 ـ انظر مقدمة الكافي: ص 8 وقد ذكرنا نص كلامه فيما تقدم.
الصفحة 371

وعلى هذا فالرواية مردودة ـ إنْ كانت على نسخة سبعة عشر ألف آية(1) ـ حسب رأي الكليني، وكذا غيره من علماء الشيعة الذين يصحّحون الرّوايات المتواترة في عرضها على القرآن، ومن علماء الشيعة في هذا القول السيد الخوئي قدس الله سره فهو بعد أن ذكر عدّة محامل في مقام علاج مثل هذا النوع من الرّوايات قال:


"إذا لم تتم هذه المحامل في تلكم الرّوايات فلابدّ من طرحها لأنـّها مخالفة للكتاب والسنة"(2).



وكلام السيد الخوئي ـ كماترى ـ ينطوي على شجاعة فائقة.

والآن تعال معي لنناقش الدكتور القفاري ونرى شجاعته العلمية، فهو لم يذكر مناقشات أهل السنة أنفسهم لنظرية نسخ التلاوة ـ التي أراد لنا أن نتقبلها ـ بل إنه لم تكن لديه الشجاعة ليورد أدلّة السيد الخوئي لردّ تلك النظرية أوّلاً ومن ثم يقوم بردّها، بل ادّعى أنّ نسخ التلاوة ثابت بين الفريقين، وأقصى ما فعله هو ايهام القارئ بأنّ السيد الخوئي رحمه الله يقول بأنّ نسخ التلاوة هو عين القول بالتحريف وإنّه ـ أي الخوئي ـ لم يأت بدليل لاثبات مدّعاه. ولكننا ننقل لك الآن نصّ دليل السيد الخوئي ومناقشته لنظرية نسخ التلاوة لتحكم أنت بنفسك فيما إذا كانت عين القول بالتحريف أم لا، قال السيد الخوئي:


"إن نسخ التلاوة إما أن يكون قد وقع من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإما أن يكون ممّن تصدّى للزعامة من بعده، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فهو



____________

1 ـ لأنا قلنا مسبقاً: جاءت الرواية في بعض نسخ الكافي سبعة آلاف وتكون الرواية حينئذ في مقام بيان الكثرة والتقريب لا تحقيق العدد. انظر: المقام الأول، "دراسة روايات التحريف في كتب الشيعة"، الطائفة السادسة.

2 ـ البيان: ص 231 ـ 233.
الصفحة 372


أمر يحتاج إلى الاثبات وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد وقد صرّح بذلك جماعة فى كتب الاصول وغيرها(1) بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه بل إن جماعة ممّن قال بامكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة منع وقوعه(2) وعلى ذلك كيف تصح نسبة النسخ إلى النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بأخبار هؤلاء الرواة [وأخبارهم آحاد]؟ مع إن نسبة النسخ إلى النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم تنافي جملة من الرّوايات التي تضمنت أن الإسقاط قد وقع بعده.

وإن أرادوا إن النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فهو عين القول بالتحريف... نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة(3)"(4).



فالدكتور القفاري والآخرون من أمثاله(5) بعد أن رأوا عجزهم عن الاستدلال لم يوردوا أدلّة السيد الخوئي في ردّ نظريتهم بل إنّه بدل ذلك قام باتّهام السيد الخوئي بالنفاق وقال:


"كأنه أراد أن يوصد هذا الباب ويردّ هذه القاعدة الثابتة ليثبت بطريق ملتو عقيدة في نفسه يكاد يخفيها..."(6).




____________

1 ـ الموافقات لابي اسحاق الشاطبي: ج 3، ص 106، ط. مصر (منه رحمه الله).

2 ـ الإحكام في اصول الأحكام للآمدي: ج 3، ص 217. (منه رحمه الله) 3 ـ المصدر السابق: ج 3، ص 201 ـ 203 (منه رحمه الله).

4 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 206.

5 ـ كمحمد عبد الرحمن السيف! في كتابه "الشيعة الاثنا عشرية وتحريف القرآن": ص 95.

6 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 247.
الصفحة 373

وعلى أية حال فما ذكره الدكتور القفاري في القسم الآخر من هذا الفصل، وأشبع فيه القول في هذه المسألة بأقبح الألفاظ وأشنعها إنّما هو تشبث ببعض عبارات كتاب الاحتجاج وقد فصّلنا القول فيه بما لا حاجة معه إلى الإعادة.


 

رد مع اقتباس