عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2010, 10:48 PM   #8
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 307


ما تقوله مصادر الشيعة في هذه الفرية

ثم يُتبع ذلك بقوله:


"وقبل أن نأخذ بيد القارئ في رحلة تبدأ من نقطة الصفر من أول كتاب وضعه الشيعة وألّفوه، نعرض لصوتين مختلفين ومتعارضين، هذان الصوتان المتعارضان كان لهما ـ في الغالب ـ وجود وصدى في كل الكتب الشيعية التي تعرضت لهذه القضية فلنستمع إليهما ليتسنى إدراك وتصور هذه المسألة عند هؤلاء حتّى لا يحصل غبش في تصورها...

يقول شيخ الشيعة في زمنه ابن بابويه القمِّي [الشيخ الصدوق] (ت 381 هـ.): اعتقادنا ان القرآن الذي انزله الله تعالى على نبيه محمّد وهو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنا نقول اكثر من ذلك فهو كاذب.

هذا... ويقول المفيد [محمّد بن محمّد بن النعمان] (ت 413 هـ.): "إن أخباراً قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الطاعنين فيه من الحذف والنقصان" ويقول: "واتفقوا ـ أي الإمامية ـ على أنّ أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنّة النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم".

هذا قولان مختلفان ومتعارضان صدرا من شيخين من شيوخهم يجمعهما وحدة الزمان والمكان! فمن نصدِّق منهما؟ وأيّ القولين يعبّر عن مذهب الشيعة؟... والتعرف على الحقيقة وسط هذا الركام من الاقوال المتعارضة والمتناقضة ليس بسهل المنال... وإذا لاحظنا أن

الصفحة 308


من أركان الدين عند هؤلاء التقية ولا دين لمن لا تقية له أدركنا أنّ الحقيقة محجوبة بغيوم من الكذب والتزوير وركام من التناقضات والتعارضات..."(1)



الدكتور القفاري وتحريفه لكلام الشيخ المفيد:

أوردنا كلام الدكتور القفاري برغم طوله ليتبين للقارئ، تحريف الدكتور القفاري فهل هذا القول الذي نسبه الدكتور القفاري إلى الشيخ المفيد رحمه الله حقّ، أم أنّ الدكتور القفاري ـ مع الأسف ـ خان الأمانة وحذف ما قبل وما بعد كلام الشيخ المفيد؟ ثم حمله على ما أراد وعقّبه بما قال مع بشاعة قوله وما يليق بسوء أدبه، كما سبق منه.

قال الشيخ المفيد رحمه الله ما نصُّهُ:


"إنّ الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمَّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان، فأمّا القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدّم ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكّي والمدني لم يرتب بما ذكرناه.

وأمّا النقصان فإنّ العقول لا تحيله ولا تمنع وقوعه وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنّه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز...

وعندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس



____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 219 ـ 220.
الصفحة 309


القرآن على الحقيقة دون التأويل وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب."(1)


هذا نصّ كلام الشيخ رحمه الله في كتابه "أوائل المقالات" وقال في موضع آخر من الكتاب نفسه:


"اتّفقوا ـ الإمامية ـ على أنّ أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية"(2).



هل أراد الشيخ المفيد رحمه الله من قوله "... خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل..."، تحريف القرآن ونقصانه؟ فهذا ما أراد الدكتور القفاري لكن خاب في صفقته، فكلام الشيخ في قوله السابق يفسّر كلامه هنا حيث قال:


"فأمّا القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكّي والمدني لم يرتب بما ذكرناه".



وهذا لا مساس له بمسألة التّحريف اطلاقاً والشيخ المفيد نفسه اعترف بصيانة القرآن عن التّحريف مطلقاً وقال: "عندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل وإليه أميل" كما رأيتم في عبارته السابقة.

ولمزيد من التوضيح نقول:


____________

1 ـ اوائل المقالات ومذاهب المختارات: ص 80 ـ 81.

2 ـ اوائل المقالات: ص 46.
الصفحة 310

أ ـ ما معنى كلمة "التأليف" هل هو بمعنى التّحريف والنقصان في القرآن؟ هذا ما لا يقول به أحد من أهل اللغة وغيرهم، قال "ابن حجر":


"تأليف القرآن أي جمع آيات السورة الواحدة أو جمع السور مرتبة في المصحف"(1).



فمراد الشيخ المفيد رحمه الله من مخالفتهم في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل أي في ترتيب آيات القرآن من جهة التقديم والتأخير والناسخ والمنسوخ وغير ذلك على حسب نزول الوحي، فانهم لا يرتّبون الآيات على حسب نزولها والقرآن الموجود شاهد عليه(2).

وتأليف القرآن على غير تأليف المصحف الموجود لا تستغرب فإنّ مصاحف بعض الصحابة مغايرة للمصحف الموجود من حيث التأليف، قال شمس الدين الذهبي في ترجمة عُقبة بن عمر:


"قال أبو سعيد بن يونس: مصحف عقبة بن عامر الآن موجود بخطه، رأيته عند علىّ بن الحسين بن قُديد على غير التأليف الذي في مصحف عثمان... ولم أزل أسمع شيوخنا يقولون: إنّه مصحف عقبة..."(3).



ب ـ في مصنّفات الشيخ المفيد رحمه الله رسالة مشهورة باسم "تصحيح الاعتقادات" وهذه الرسالة مشتملة على تعليقات قيّمة على رسالة "الاعتقادات"

____________

1 ـ فتح الباري: ج 9، ص 8.

2 ـ فعلى سبيل المثال، آية اعتداد الحول قد نُسخت بآية تربص أربعة أشهر وعشراً، والآية المنسوخة هي الآية 240 من سورة البقرة والآية الناسخة هي الآية 234 من سورة البقرة وهما متقدمة ومتأخرة لان الناسخة لابد وان تكون بعد المنسوخة لا قبلها. وهل ذاك الترتيب توقيفي أو اجتهادي. فالشواهد تدل على أنه اجتهادي من الصحابة، لمزيد التفصيل انظر تفسير الميزان: ج 12، ص 127 وما بعدها.

3 ـ تاريخ الإسلام، حوادث ووفيات (41 ـ 60 هـ.): ص 272 ـ 273.
الصفحة 311

لاستاذه ابن بابويه الصدوق ـ رحمه الله ـ فالشيخ المفيد رحمه الله في كل أمر يخالف استاذه يعلّق على كلامه. ومع هذا فهو عند رأي استاذه فيما قال: "اعتقادنا ان القرآن الذي انزله الله تعالى على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس باكثر من ذلك ومن نسب إلينا أنّا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب..." لم يعلق عليه وقَبِله من غير أىّ تعليق أو تصحيح ولا ننسى أنّ رسالة "تصحيح الاعتقادات" وضعت لبيان عقائد الإمامية في اصول المذهب وغيره.


ج ـ المحدّث النوري الذي ذكر عبارة الشيخ المفيد(1) لم يوردها بعنوان تحريف القرآن، وفي الواقع فان الدكتور القفاري إنّما نقل تلك العبارة من "فصل الخطاب" لكنه حذف ما قبل العبارة وما بعدها لكي يصل إلى مقصوده، ويُضلّ الآخرين.

والآن حيث وصلنا إلى هذه النقطة اسمحوا لي أن أبحث أيضاً مع الدكتور القفاري في هذا المجال، فالدكتور في عدّة مواضع من كتابه أورد عبارة الشيخ المفيد معلقاً عليها بألفاظ يأباها البحث العلمي، وإليك هذه المواضع مرتبة وفق ما جاء في كتابه، ففي الصفحة "230" يقول:


"نرى شيخهم المفيد (ت 413 هـ) سجّل في كتابه "اوائل المقالات" إجماع طائفته على هذا المنكر ونقل بعض أخباره في بعض كتبه كالارشاد وهو من كتبهم المعتبرة"


لاحظت بيان الشيخ المفيد الذي يؤكد إجماع الإمامية على مخالفة "تأليف القرآن" لا "تحريف القرآن"، ورأيت توضيح الشيخ المفيد نفسه، اما إخبار الدكتور القفاري عن كتاب الارشاد، فالذي جاء فيه:


"روى جابر، عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: إذا قام قائم آل محمّد



____________

1 ـ فصل الخطاب: ص 42.
الصفحة 312


عليه السلام ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما انزل الله جلّ جلاله فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنـّه يخالف فيه التأليف"(1).



فمتن هذه الرواية واضح لا يحتاج إلى تبيان فهي تقول: "فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف" أي قد اَلِفَ الجمهور هذا النسج الحاضر، واعتادوا عليه خلفاً عن سلف طيلة عشرات القرون، فيصعب عليهم التعوّد على خلافه كما أشار إليه الحديث. فتأليف القرآن غير تحريفه وهذا لا يخفى على ذي مسكة من عقل وقد سبق لنا في المقام الأوّل أن ذكرنا، روايات الفساطيط وبسطنا الكلام فيها فراجع إن شئت.

وكتب الدكتور القفاري أيضاً في الصفحة 269:


"كانت دوائرُ الغلاة في القرن الثالث تعمل على الإكثار من صنع الرّوايات في هذا حتّى أنّ شيخهم المفيد الذي يلقبونه بركن الإسلام... يشهد باستفاضتها عند طائفته فيقول: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان".

وهذه الاستفاضة هي ثمرة الكذب... على يد شرذمة من شيوخهم.

فكيف يعقل أنّ المفيد يقول باستفاضة هذا الكفر بين طائفته رغم أنّ شيخه ابن بابويه يقول: إن من نسب إلى الشيعة مثل هذا القول فهو كاذب..."


هذا بعض كلام الدكتور القفاري المحرّف والمبعثر أورده تحت عنوان "حجم

____________

1 ـ الارشاد: ص 386.
الصفحة 313

أخبار هذه الاُسطورة في كتب الشيعة ووزنها عندهم" وسنبحث ذلك إن شاء الله مفصلاً ونبيّن دعاوي الدكتور القفاري فيها، ولكن ينبغي لنا التذكير بهذه النكتة وهي أن الشيخ المفيد هل أراد من كلامه، استفاضة الرِّوايات في باب التّحريف، أو استفاضة القائلين بالتحريف؟ فهذه عبارة الشيخ: "إن الأخبار قد جاءت مستفيضة" ورأيتم تتمّة هذه العبارة، بأنّ في رأي الشيخ المفيد ما حذف ونقص من القرآن لا يرتبط بمتن القرآن ولكن بتأويله وتفسير معانيه التي توجد في مصحف الإمام علي عليه السلام.

وقال في كتاب "المسائل السروية" ما نصّه:


"فإن قال قائل كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولا نقصان وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام أنـّهم قرأوا: "كنتم خير أئمة اُخرجت للناس" و"كذلك جعلناكم أئمة وسطاً".

وقرأوا: "يسألونك الأنفال" وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس؟

قيل له: قد مضى الجواب عن هذا، وهو أنّ الأخبار التي جاءت بذلك; أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحّتها، فلذلك وقفنا فيها ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما أُمرنا به حسب ما بيّناه مع أنه لا ينكر أن تأتي القراءة [يأتي بالقرآن] على وجهين منزلين:

أحدهما: ما تضمنه المصحف.

الثاني: ما جاء به الخبر، كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على أوجه شتّى..."(1).




____________

1 ـ المسائل السروية: ص 83 ـ 84.
الصفحة 314

وعلى هذا فهناك تفاوت كبير بين "استفاضة الأخبار" و"استفاضة القائلين بالتحريف" والشيخ المفيد نفسه عالج تلك الأخبار المستفيضة والشيخ الصدوق يقول أيضاً: هذه الرّوايات كثيرة، ولكن في مقام علاجها يقال: إنها وحي غير قرآني.

قال الصدوق ما نصّ كلامه:


"... بل نقول إنه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلى القرآن كان مبلغه مقدار سبعة عشر الف آية ـ ثم ذكر نماذج منه وقال ـ ومثل هذا كثير، كلّه وحي ليس بقرآن"(1).



وتلك العبارة ادامة لنفس عبارة الصدوق في كتاب الاعتقادات والتي أوردها الدكتور القفاري دون أن يذكر تتمتها. وهي تقول بأنّ أخبار الوحي الذي ليس بقرآن لو جمع مع آي القرآن صارت سبعة عشر ألف وهذه الأخبار هي التي توحي بعضها بتحريف القرآن.

اذن نستنتج أنه لا تفاوت بين آراء هذين العلمين اللّذين يعتبران من أركان التشيع وهما المفيد والصدوق رحمة الله عليهما في مسألة صيانة القرآن عن التّحريف، فكلاهما يقول باستفاضة أخبار الباب وكلاهما يقول بصيانة القرآن عن التّحريف لكنّ الدكتور القفاري الذي رأى تلكما العبارتين ـ على ما ادّعاه ـ حذف بعضهما كي يتمكن من اثبات مدّعاه، فحرّف استفاضة الأخبار الواردة في قول الشيخ المفيد إلى استفاضة القائلين بالتحريف فكتب قائلاً:


"هذا والمفيد يقول باستفاضة هذا الكفر بين طائفته رغم أن شيخه ابن بابويه [الشيخ الصدوق رحمه الله] يقول إن من نسب إلى الشيعة مثل



____________

1 ـ الاعتقادات: ص 81.
الصفحة 315


هذا القول فهو كاذب..."(1).



وإذا ذهبنا إلى نفس مبنى الدكتور القفاري في تلك المسألة وقبلنا استبدال استفاضة الأخبار بالتحريف باستفاضة القائلين بالتحريف، فهذا سيكون حجّة عليه دامغة، حيث أنّ أهل السنّة رووا كثيراً من روايات التّحريف في كتبهم، بل إنّ الآلوسي يقول: "وأخبار تلك الباب أكثر من أن تحصى" وعلى هذا نستطيع ابدال العبارة بالشكل الآتي "عدد القائلين بالتحريف من علماء أهل السنّة أكثر من أن يحصى" ترى هل يقبل الدكتور القفاري بهذا؟ أم له مع الشيعة حسابات اُخرى خارجة عن المنطق والاستدلال؟

وأخيراً قال الدكتور القفاري في الصفحة 275 بعد أن أورد كلام الشيخ المفيد رحمة الله تعالى عليه باتفاق الإمامية على ان أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن... ـ وقد سبق نصّ كلامه ـ إذ قال:


"وهذه شهادة مهمة واعتراف صريح من مفيد الشيعة بأن سائر الفرق الإسلامية لم تقع في هذا الكفر الذي وقعت فيه طائفته وهي شهادة تلجم اُولئك الروافض الذين يحاولون من منطق جبان أن يصموا أهل السنة بشيء من هذه الفرية. وعصمة أهل السنة من هذا الضلال لا تحتاج إلى هذا الاعتراف ولكن ذكرناه هنا لأنه صادر من المخالف وانصاف المخالف أشد وقعاً من انصاف الموافق، ولأنّ في هذا وأمثاله مايسكت اولئك المفترين الذين يفترون الكذب ولا يؤمنون.

كما أنّ مفيدهم يعترف أيضاً بأن اجماع طائفته قائم على هذا الكفر البين ولم يذكر مفيدهم وجود خلاف بين علمائهم في هذا!! مع إن شيخه ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق (ت 381 هـ) قد



____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 269.
الصفحة 316


أنكر هذا في رسالته "الاعتقادات"... هل تجاهُلُ المفيد لذلك من قبيل اقتناعه بأن مخالفته بسبب التقية أم ماذا...".



يظن الدكتور القفاري بأنّ استعماله للألفاظ البذيئة ـ التي لا تليق بأيّ باحث ـ يسدل الستار على الحقائق فإنّ الله تعالى يقول: (ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد) فإنّه يكتب من غير خوف من الله، وليت الدكتور القفاري عمل بهذه النكتة التي سقطت من لسانه: "انصاف المخالف أشد وقعاً من انصاف الموافق".

ونريد أن نحكّمك أنت أيها القارئ فيما إذا قال شخص بأنّ ترتيب القرآن الآن ليس على طبق النزول، ولكن يوجد فيه تقديم وتأخير كما هو نص كلام الشيخ المفيد:


"فأمّا القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني، لم يرتب بما ذكرناه"(1).



فهل هذا الشخص "كافر" أو "مفتر كاذب" أو "متجاهل" أو...

وجدير بالذكر أن نغمة الدكتور القفاري بعنوان "التقية" التي تكرّر سماعها في

____________

1 ـ قد اختلف العلماء في ترتيب السور والآيات هل هو اجتهادي أو توقيفي، فادعى "الآلوسي" ان الجمهور على ان ترتيب السور توقيفي، روح المعاني: ج 1، ص 26 ـ 27، وفي ادعائه نظر يعرف من قول "القاضي أبي بكر بن طيّب" راجع: المحرر الوجيز: ج 1، ص 66 و"ابن جزي" في التسهيل لعلوم التنزيل: ج 1، ص 4 ونقل "ابن عطيه" عن "الباقلاني" راجع: التحرير والتنوير: ج 1، ص 86 ـ 90 وغيرهم. بل ادّعى "عياض" بان جمهور العلماء اتفقوا على ان ترتيب السور وقع باجتهاد الصحابة راجع; التحرير والتنوير: ج 1، ص 87.

وأمّا في مجال ترتيب الآيات، فقد اصرّ أهل السنّة على أن ترتيبها توقيفي، فآيات المصحف المتداول اليوم وهو المصحف العثماني مرتبة على ما رتبها عليه النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم باشارة من جبريل، لكن رواياتهم في كيفية نزول البسملة وروايات الجمع الأوّل تدفع هذه الدعوى دفعاً صريحاً، ولمزيد من التوضيح انظر: الميزان في تفسير القرآن: ج 12، ص 126 ـ 132.
الصفحة 317

كلّ موضع من طنبوره والتي من جملتها ما أورده الدكتور في طليعة هذا الفصل بعد تقطيعه عبارتي الشيخ الصدوق والشيخ المفيد رحمهما الله وقال:


"... والتعرف على الحقيقة وسط هذا الرُّكام من الأقوال المتعارضة... ليس بسهل المنال... وإذا لاحظنا أنّ من أركان الدين عند هؤلاء ـ أي الشيعة ـ التقيّة... أدركنا أنّ الحقيقة محجوبة بغيوم من الكذب والتزوير..."(1).



وهذا ليس بشيء لأنّك سترى قريباً إنّ مَن له معرفة بأركان التقيّة ومفهومها، يتجلّى له أنّ الأقوال المتقدِّمة لا يمكن حملها على التقية بأيّ وجه من الوجوه، فإذا كانت مصادر لا تخلو من الروايات التي تدل بظاهرها التّحريف بل إنّه يوجد حتى القائل بالتحريف من بينهم، فاين هو موضع التقية؟ وسيأتي تفصيل أكثر لهذه المسألة فيما بعد إن شاء الله.


____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 219.


 

رد مع اقتباس