عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2010, 10:38 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الصفحة 255


وقفة قصيرة مع الدكتور القفاري

قال الدكتور القفاري في مدخل مبحثه "هل الشيعة تقول بأنّ في كتاب الله نقصاً أو تغييراً":


"... ومن قال بأن في القرآن نقصاً وتحريفاً فليس من أهل القبلة وليس من الإسلام في شيء... فإن الباحث المسلم يعاني بلا شك من قراءة تلك السوداء ومن الاستماع لاُولئك الأقزام الذين يتطاولون على كلام الله سبحانه ويعاني من ذلك أبلغ المعاناة... ثم ما أسهل الادعاء الكاذب على حاقد موتور ومن ثم فليس علينا ان نتتبع كل دعوى كاذبة لنردها.
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لكان كل مثقال بدينار(1)


كما ان إهمال القول الكاذب قد يكون أحرى لأماتته وانصراف الانظار عنه ما لم يتفش هذا القول ويشتهر وتحمله طائفة وتسير به



____________

1 - كذا جاء في كتاب الدكتور القفاري ولعلّ صحيحه:
لو كل كلب عوى ألقمته حجَراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينار

الصفحة 256


كتب فحينئذ يجب كشف المبطل وباطله... ومن حاول المساس بكتاب الله والنيل من قدسيّته فإنّه بعيد عن الإسلام وإن تسمّى به، وإنّه يجب كشفه لتعرف الأمّة عداوته لأنّه يحارب الإسلام عن أصله العظيم وركنه المتين..."(1).




لابدّ أن نيّة الدكتور القفاري هي فقط الدفاع عن حريم القرآن وحفظ قداسته ولهذا تراه مضطرب البال مكسور الخاطر كثير المعاناة، وحكم بكفر أصحاب الكتب الذين أوردوا فيها روايات التّحريف!

ثمّ ذكر انّه ينبغي الاحتياط أشدّ الاحتياط في هذه المسألة قائلاً:


"ومن هنا فإن العدل يقتضي ان نحتاط في دراستنا لهذه المسألة أبلغ الاحتياط وان نعدل في القول، فلا نرمي طائفة بهذه المقالة اِلاّ بعد الدرّاسة والتثبت..."(2).



وأخيراً، وبعد الدرّاسة والبحث في أطراف هذه المسألة توصل إلى النتيجة الآتية:


"فرية التّحريف ابتدأ القول بها الروافض في القرن الثاني ونسبت إلى هشام بن الحكم وشيطان الطاق... وإنّ بعض أهل العلم ينسب هذه العقيدة إلى الباطنية في حين أنّ الباطنية لم تخص بهذه المقالة والذي تولى كبرها وأكثر الوضع فيها هم الاثنا عشرية، وقد سجلت هذه المقالة في... كتاب سليم بن قيس..."(3).




____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 200 ـ 201.

2 ـ نفس المصدر السابق.

3 ـ نفس المصدر: ص 1281، وقوله: "قد سجلت هذه المقالة...." لان سليم أورد في كتابه خبر مصحف علي عليه السلام وسيأتي الكلام فيها مفصلاً.
الصفحة 257

وقد بلغ احتياطه وعدالته في الحكم أوجَه!! حين حكم على كتب حديث الشيعة كالكافي وتفسيرهم بالمأثور كتفسير علي بن إبراهيم بقوله:


"أنّ أصحاب هذه المقالة والكتب التي حوت هذا الكفر ـ أي تحريف القرآن نعوذ بالله ـ هي محل تقدير عند هؤلاء [أي الإمامية] وصدق الموقف يقتضي البراءة من معتقديها كالكليني وكتابه الكافي والقمّي وتفسيره وغيرهما ممّن ذهب إلى هذا الكفر"(1).



وبالتالي فإنّ في كتابه مواضع من هذه الأحكام والقضايا ليست بالقليلة وكنموذج لذلك قوله:


"إنّه لا ثقة برواياتهم بعد هذا وإنّ كتبهم هي المحرفة المفتراة... وقد انكشف أمرها بهذه الفرية...

وكثرة الأخبار في هذا الباب تدل على أن دين الشيعة سداه ولحمته الكذب والكيد للإسلام بمحاربة ركنه العظيم وأصله الذي يقوم عليه وهو القرآن..."(2).



وقال أيضاً:


"... وهذا بلا شك دليل بطلان أخبارهم كلِّها... وكان من أعظم الأدلة والبراهين على سقوط أخبارهم وتهافت رواياتهم..."(3).



بعد كلّ هذا نسأل:

هل أنّ الدكتور القفاري عادل في احكامه تلك؟


____________

1 ـ اصول مذهب الشيعة: ص 1001 وقال أيضاً: "الصفار وإبراهيم القمي والكليني هم من الغلاة الذين يجب اعتبارهم خارج الصف الاسلامي لنقلهم اساطير نقص القرآن وتحريفه"، ص 671 ومثله ص 697 و751 و993.

2 ـ نفس المصدر: ص 1039 وقال بعده: "... وإذا لم تستح فاصنع ما شئت وليس بعد الكفر ذنب".

3 ـ نفس المصدر: ص 1050.
الصفحة 258

وهل أنّ الدكتور القفاري يراعي الموازين العلمية في هذا البحث الذي يعد من البحوث المهمة جداً عند المسلمين؟

وهل أنّ الدكتور القفاري تحلّى بالأمانة العلمية في نقل روايات وعبارات الشيعة من مصادرهم؟

وهل؟

وهل؟

وسيأتيك عن قريب الجواب الشافي عن كلّ تلكم الأسئلة، وأنت تحكم بنفسك عليه، وقبل أن نبحث في أجوبة تلك الأسئلة، علينا أن نقف وقفة قصيرة مع الدكتور القفاري ونسأل السؤال الذي يدور في الخاطر، وهو: ماذا يقول الدكتور القفاري في روايات أهل السنّة في هذا المقام؟ إذ أنـّه لابدّ أن يكون قد اطلع على الأنواع المختلفة لتلك الرّوايات في كتب أهل السنة، من حيث العدد (حيث يقول الآلوسي إنّها أكثر من أن تحصى(1)، ويقول السيوطي وأمثلة هذا الضرب كثير(2)) ومن حيث كيفية المصادر (فهي من كتب الصّحاح والكتب الأخرى المعتبرة عندهم) ومن حيث قوّة متونها وتنوع مدلولها (بأنها من خطأ الكتّاب، وإلقاء الشياطين في الوحي، وتغيير الحجّاج في كلمات القرآن، والرّوايات الدالة على الزيادة والنقيصة في القرآن، وإسقاط آيات بعد وفاة الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله) والدكتور القفاري يعلم علم اليقين أنـّهم رووا بمثل ما رواه الكليني وغيره وبعضه أكثر صراحة وأشدّ ظهوراً في التّحريف وأصح سنداً وأقوى حجة وأبعد عن التأويل الظاهر والمقبول وقد لاحظ هو بنفسه أجوبة علماء أهل السنة

____________

1 ـ روح المعاني: ج 1، ص 45.

2 ـ الاتقان: ج 1، ص 81 وقد عبّر ابن سلاّم بعد ذكر بعض تلك الرّوايات: "فهذه الحروف واشباهٌ له كثير" فضائل القرآن: ص 195.
الصفحة 259

المتناقضة عن تلك الرّوايات ومع ذلك فقد أصدر تلك الأحكام على الشيعة مع كونه محتاطاً أبلغ الاحتياط حسبما ادّعى!!

فإذا كان الدكتور القفاري عادلاً في حكمه وبقصد الدفاع عن الدين وقد توصل إلى تلك النتائج الموهومة على طبق الموازين العلمية، فيجب عليه أن يطبق النتائج التي توصل إليها في كتب الشيعة على كتب أهل السنة: كموطأ مالك، صحيحي البخاري ومسلم، سنن الترمذي والنسائي وأبي داود والبيهقي، ومسند أحمد والطيالسي، ومستدرك الحاكم ومعجم الطبراني ومصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة والمحلى لابن حزم الأندلسي وفضائل القرآن لابن سلام وتفسير الطبري والدرّ المنثور والقرطبي وغير ذلك من كتب الحديث وعلوم القرآن والتفسير من تأليف كبار العلماء والأئمة من أهل السنة.

فعلى الدكتور القفاري أن يتبرأ من هذه الكتب والمؤلفات ويحكم بأنّ كثرة الأخبار في هذا الباب يدل على الكيد والكذب على الإسلام والمحاربة لركنه العظيم ـ وهو القرآن ـ وفي نهاية المطاف ليقل: "لا ثقة بروايات أهل السنة بعد هذا..."!! حتّى يثبت عدالته ونثق بكلامه وإلاّ فالتعصب في المجال العلمي لا يؤدّي إلاّ إلى التفرقة وتضييع الحقائق وإضلال العباد كما لا يخفى.


 

رد مع اقتباس