عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2010, 10:12 PM   #2
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الطائفة الثانية: الأحاديث التي جاء فيها لفظ "التّحريف"

يتبين من مضامين الرّوايات والقرائن والشواهد التي فيها أنَّ لفظة "التّحريف" في نوع تلك الرّوايات بمعنيين: أحدهما حمل الآيات على غير معانيها وهو التّحريف المعنوي، والآخر بمعنى اختلاف القراءات، وواضح أن التّحريف بهذين المعنيين بعيد عن محلّ النزاع الذي هو التّحريف بمعنى وجود النقص أو الزيادة في القرآن.

فمن القسم الأوّل ما عن كامل الزيارات عن عبد الأعلى. قال:


____________

1 ـ كقول الإمام علي عليه السلام: "كانت لي منزلة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تكن لأحد من الخلائق..." خصائص أمير المؤمنين للحافظ أحمد بن شعيب النسائي: ص 162 وقد أخرج الحديث جمع كثير من الحفاظ والعلماء انظر: التعليق على كتاب الخصائص: ص 159 ـ 164 وسنذكر بعض أدلة أُخَرَ في المقام الثاني.

2 ـ مفاتيح الأسرار ومصابيح الأنوار: ج 1، ص 125.
الصفحة 73


"قال أبو عبد الله عليه السلام: أصحاب العربية يحرفون كلام الله عزّ وجلّ عن مواضعه"(1).

قال السيد الخوئي في شأن هذه الرواية:


"إنّ الظاهر من الرواية تفسير التّحريف باختلاف القرّاء، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات. ومرجع ذلك إلى الاختلاف في كيفية القراءة مع التحفظ على جوهر القرآن وأصله... فهذه الرواية لا مساس لها بمسألة التّحريف بالمعنى المتنازع فيه"(2).



ومن القسم الثاني على سبيل المثال:

ما عن الكليني والصدوق باسنادهما عن علىّ بن سويد. قال:


"كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً إلى أن ذكر جوابه عليه السلام بتمامه وفيه قوله عليه السلام: اؤتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه"(3).



وعن ابن شهر آشوب باسناده عن عبد الله في خطبة أبي عبدالله الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، وفيها:


"إنّما أنتم من طواغيت الأمّة، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب، ونفثة الكتاب، وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب"(4).



قال السيد الخوئي في شأن هذه الرّوايات أيضاً:


"فهي ظاهرة في الدلالة على أنَّ المراد بالتحريف حمل الآيات على



____________

1 ـ نقلاً عن البيان في تفسير القرآن: ص 228.

2 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 229.

3 ـ خصال الصدوق: باب الثلاثة، ص 174.

4 ـ مناقب آل أبي طالب: ج 4، ص 119.
الصفحة 74


غير معانيها الذي يلازم انكار فضل أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ونصب العداوة لهم وقتالهم. ويشهد لذلك صريحاً نسبة التّحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله ـ عليه السلام ـ في الخطبة المتقدمة ورواية الكافي عن الإمام الباقر عليه السلام حيث قال عليه السلام: "وكان من نبذهم الكتاب أنهم أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده"(1).



وقال الاستاذ الشيخ محمّد هادي معرفة:


"إنّ التّحريف في اللغة وفي مصطلح الشرع "في الكتاب والسنة" يراد به التّحريف المعنوي، أي تفسيره بغير الوجه المعبّر عنه بالتأويل الباطل وهو المراد في هذه الرّوايات... ويشهد لذلك ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام في تقسيم القارئين للقرآن: "ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيّع حدوده..." فجاء استعمال التضييع موضع التّحريف وتضييع حدود القرآن هو تركها وعدم العمل وفقها، كما كان المراد من تحريفها: عدم وضعها في مواضعها، لأنّه مأخوذ من الحرف بمعنى الجانب..."(2).



وقد استنبط هذا المعنى من تلك الرّوايات أيضاً العلاّمة الشيخ محمّد جواد

____________

1 ـ البيان في تفسير القرآن: ص 229، إنّ ما قاله السيد الخوئي:


"يشهد لذلك صريحاً نسبة التّحريف إلى مقاتلي أبي عبد الله..." يعنى أنّ أبا عبد الله عليه السلام استشهد في سنة 61 هـ. وفي ذلك الزمان انتشر القرآن في أرجاء العالم فكيف يمكن أن يكون مقاتلوه انقصوا من القرآن أو زادوا فيه؟ بل إنهم خالفوا قول القرآن بوجوب مودة ذوي القربى وغيره وقتلوه صبراً وهذا تحريف كتاب الله بعينه لكنه تحريف معنوي لا لفظيٌّ".



2 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 259.
الصفحة 75

البلاغي(1) والشيخ عبد الحسين الأميني(2) والسيد محمّد هادي الميلاني(3). ولمزيد من التفصيل حول مفاد تلك الرّوايات ورفع الشبهات الدائرة حولها راجع كتاب "صيانة القرآن عن التّحريف"(4).


الطائفة الثالثة: قراءات منسوبة إلى بعض الأئمة عليهم السلام:

فمن تلك الرّوايات التي دلّت على قراءات منسوبة هي:

1 ـ ما روى شيخ الطائفة في "التهذيب" عن الشيخ المفيد باسناده عن غالب بن الهذيل، قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى (وامسحوا بِرُؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)(5) على الخفض هي أم على النصب؟ قال: بل هي على الخفض(6).

2 ـ ما روى الكليني من طريق علي بن إبراهيم باسناده عن حريز، أن الإمام الصّادق عليه السلام قرأ: (فليس عليهنَّ جناح أن يضعن ـ من ـ ثيابهن)(7) بزيادة "من"(8).

3 ـ وروى باسناده عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قرأ قوله تعالى: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق)(9) قرأها: "يُنْطَق" (مبنياً للمفعول من باب

____________

1 ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن: ج 1، ص 26.

2 ـ الغدير: ج 3، ص 101.

3 ـ نقلاً عن التحقيق في نفي التّحريف: ص 32.

4 ـ صيانة القرآن عن التّحريف: ص 259 وما بعدها.

5 ـ سورة المائدة (5): الآية 6.

6 ـ تهذيب الأحكام: ج 1، ص 71.

7 - سورة النور (24): الآية 60.

8 ـ الكافي: ج 8، ص 200 الرقم 241.

9 ـ سورة الجاثية (45)/ 29.

الصفحة 76

الافعال. والقراءة المشهورة: "ينطق ثلاثياً مبنيّاً للفاعل") قال عليه السلام في توجيه هذه القراءة: "ان الكتاب لم ينطق ولن ينطق ولكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الناطق بالكتاب... قال: هكذا والله نزل به جبرائيل على محمّد صلّى الله عليه وآله ولكنّه ممّا حرّف من كتاب الله."(1) وروايات اختلاف القراءة التي جاءت في "الكافي" ربّما تنوف على الخمسين اقتصرنا على نماذج منها خوف الاطالة.


هذه القراءات المنسوبة إلى الأئمة عليهم السلام طريقها آحاد وهي قد تخالف الجمهور وقد تكون موافقة لبعض القراءات المعتبرة(2) أو الشاذة في مصطلحهم، وهي ليست بحجّة; أولاً: لأنّ القرآن انما يثبت بالتواتر لا بالآحاد، وثانياً: إنّ الاختلاف في القراءة ليس دليلاً على الاختلاف في نصّ الوحي، لأنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر فلا يصلح ذلك مستمسكاً للقول بالتحريف.

ويقول الشيخ المفيد في "المسائل السروية":


"فان قال قائل: كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ولا نقصان، وأنتم تروون عن الأئمة عليهم السلام انهم قرأوا "كنتم خير أئمة اخرجت للناس" "وكذلك جعلناكم أئمة وسطاً" وقرأوا "يسألونك الأنفال" وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس.



قيل له: قد مضى الجواب عن هذا، وهو أنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها، فلذلك وقفنا فيها ولم

____________

1 ـ الكافي: ج 8، ص 50 الرقم 11.

2 ـ كقراءة "ارجلكم" بالخفض، فقد قرأ بالخفض ثلاثة من القراء السبعة وهم: ابن كثير وأبو عمرووحمزة وعاصم أيضاً برواية شعبة فقد نصّ عليه شيخ الطائفة في التهذيب: ج 1، ص 72.
الصفحة 77


نعدل عما في المصحف الظاهر على ما اُمرنا به حسب ما بينّاه، مع انه لا ينكر ان تأتي القراءة على وجهين منزلين احدهما ما تضمّنه المصحف والآخر ما جاء به الخبر كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شتّى..."(1).



ولم يحمل أحد من علماء الإمامية تلك الرّوايات على التّحريف بمعنى التغيير في نصِّ الوحي سوى المحدِّث النوري الذي جاء بهذه الرّوايات دليلاً ـ حسب زعمه ـ على ورود التّحريف في القرآن(2). والحال أنَّ مفاد تلك الرّوايات لا علاقة له بمسألة التّحريف كما هو معلوم.


 

رد مع اقتباس