عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-03-2010, 04:09 PM
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5405 يوم
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الآية الرابعة قوله تعالى { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى }



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم

الآية الرابعة قوله تعالى { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى }

الآية الرابعة قوله تعالى

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إن هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى}

سورة النجم الآية 1 ـ 4

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} والمراد به ـ على الظاهر ـ الكوكبُ السماوي الذي يُضيء في السماء ثم يسقط نحو الغروب، وهناك أقوال أخر في معناه، ولكن من دون دليل على كونها مقصودة من الآية، في حين يُحدِّدُ المعنى المطلق للنجم ظاهرُ اللفظ الذي يتناسب مع الآيات التي أقسم الله فيها ببعض الأجرام السماوية كالشمس والقمر ونحوهما (1) .

أقول: قوله «على الظاهر» فلست أدري عن أيِّ ظاهر يتحدث، فإنَّ الآيةَ لم تُحدِّد المقصودَ من النجم أولاً، وليته كان دلَّ على القرينة التي حدَّدت النجمَ، وأنه خصوص الذي يضيء في السماء ثم يسقط نحو الغروب، فإنَّ النجومَ كثيرةٌ جداً، واستظهارُهُ بأنه خصوصُ ما ذكره من نجم يحتاجُ إلى دليل وهو مفقود.

ثانياً: دعوي ـ أنَّ المقصودَ من النجم هو خصوصُ الجُرم السماوي، بدليل أنه مما يتناسب مع تلك الآيات التي أقسم الله فيها ببعض الأجرام السماوية كالشمس والقمر ـ دعوي وكلامٌ يمكن أن نقبله ولكن بشروط:

الشرط الأول: فيما إذا كان القرآنُ قد جري على توضيح المعنى والمراد من آيةٍ معيَّنة، إعتماداً على وضوح المعنى المراد من آية معيَّنة ثانية.

الشرط الثاني: أن يكون هناك دليلٌ على أنَّ القرآن قد اعتمدَ على الآية الثانية في هذا المورد أو ذاك مثلاً، لتكون هي المبيِّنة للمعنى المراد من الآية الأولى، وذلك كما لو كانت الآيةُ الثانيةُ تُمثِّلُ قرينةً قطعيَّةً ونصَّاً واضحاً.

وإلا ـ مع عدم وجود دليل خاص على أنَّ المقصود من هذه الآية أو تلك ما تفيده تلك الآية الثانية ـ فإنَّ مجردَ جريانِ القرآن على توضيح المراد من آية على وضوح المراد من آية ثانية، لا يكفي لأن نعتمد على ذلك في كلِّ الآيات التي لا يكون المراد منها واضحاً.

الشرط الثالث: أن لا يثبت عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو عن أهل البيت (عليهم السلام) توضيحُ المقصودِ والمرادِ من الآية، فإنه إذا ثبت ذلك، فإنَّ المتعيِّنَ أن نرفع اليد عما ندَّعي أنه ظاهرٌ من هذه الآية أو من تلك، ويجبُ عندئذ الأخذُ بما ثبت عنهم (عليهم السلام).

ثم إنَّ هذا كلَّه كأمر عامٍّ مطلَقٍ، ولكنْ يبقى الكلامُ في استنطاق الآية التي نبحث فيها وما يُستفاد منها، فأن استفدنا من الآية معنى ما وجاءت الروايةُ ولو كانت ضعيفةً، تُؤيِّد إرادةَ المعنى الذي استفدناه، فقد يرقى الحالُ إلى تعيُّنِ إرادة المعنى، وإلى الاطمئنانِ بأنه هو المرادُ والمقصودُ، ولا مجال لضبط هذا الأمر تحت قاعدة خاصة، فإنَّ لكلِّ موردٍ من موارد الآيات الشريفة خصوصيتَه.

ثم إنَّ تعيين المعنى لا يتوقَّفُ على فهم المراد من حاقِّ اللفظ أي من اللفظ نفسه، بل وله سُبُلٌ كثيرةٌ، وقد يكون للتأمُّلِ في الآية وما يرتبط بها مما بعدها أو قبلها دخالةٌ جداً، بحيث يحصل لدي المتأمِّلِ أنَّ المعنى المراد، ليس هو خصوص ما يُستفاد من اللفظ الظاهر من الآية وحدها.

وفي الآية التي نبحثُ فيها، فإنَّ القرينةَ قائمةٌ على أنَّ ما التزم به السيد محمد حسين فضل الله غير صحيح.

إذ يكفي لك أن تتأمَّل بعضَ الشيء في الآيةِ نفسِها وفيما بعدها من آيات، لتعرفَ أنَّ الأمرَ ليس مرتبِطاً ببيان أنَّ نجم الغروب سقط.

فإنَّ نجمَ الغروب يسقط ويهوي كلَّ ليلةٍ، فلو كان هو المقصود لكان الأنسب هو التعبير بصيغة المضارع، فيقال والنجم إذ يهوي، فإنِّ مثلَّ هذهِ الصيغةِ ـ صيغة المضارع ـ تفيدُ تكرارَ حالةِ الهوي للنجم التي تتكرر كلَّ ليلة، بينما قوله تعالى {إِذَا هَوَى} يفيد أنَّ نجماً هوي ومضتْ تلك الحالة ولم تتكرر.

على أنَّ لفظَ النجم في الآية المباركة يمكن أن يكون المرادُ منه جنسَ النجم، لا نجمَ الغروب وحده، فلا يكونُ تفسيرُ السيد محمد حسين صحيحاً على كلِّ حال.

وثانياً: بالله عليك، أيَّةُ علاقةٍ تكوينيَّةٍ أو شرعيَّةٍ، بين كون الرسولِ الأكرم (صلى الله عليه وآله) غيرَ ضالٍّ وغيرَ غاوٍ وأنه لا ينطق عن الهوي ـ كما ذكرت الآيات التي بعد هذه الآية ـ وبين سقوط النجم؟!

والآياتُ صريحةٌ في دلالتها على صدور أمر ما عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وكان سقوطُ النجم آيةَ وعلامةَ صدقِه، وهو الصادق الأمين.

فإنَّ الذي تفيده الآيات الأربعة، أنه (صلى الله عليه وآله) فيما أخبر به ما ضلَّ وما غوي، بل إنه نطق عن الوحي، ويا أيها الناس إنَّ سقوطَ النجم هو آيةُ ذلك وعلامتُه.

ولا يمكن أن يكون المقصود، هو الحديث عن كونه (صلى الله عليه وآله) صادقاً، وأنه ناطقٌ عن الوحي الإلهيِّ، وأنَّ علامةَ ذلك سقوطُ نجم الغروب.

فهل هناك من عاقلٍ يرضى بأن يُقال له: إنَّ فلاناً من الناس صادقٌ، وإنَّ علامةَ صدقِه سقوطُ نجم الغروب، والمفروض أنَّ نجمَ الغروب يسقطُ كلَّ ليلة؟!

وفعلاً فإنَّ المشكِّكين والمكذِّبين والمُذبذَبين بُهتِوا لما أن حصل سقوطُ النجم، فأيُّ نجمٍ كان ذاك، وعن أيِّ شيء أخبرهم الصادقُ الأمين (صلى الله عليه وآله)؟

ــــــــــــــــــــ

(1) من وحي القرآن ج 21 ص 253.



 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء







رد مع اقتباس