عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2010, 02:54 PM   #2
السيد عباس ابو الحسن
المشرف العام


الصورة الرمزية السيد عباس ابو الحسن
السيد عباس ابو الحسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 11
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 11-30-2012 (04:20 PM)
 المشاركات : 735 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



ثم كيف يقول السيِّد فضل الله : يجب علينا أن نأوِّل القرآن ( أي أنْ نستوحي القرآن ) فإنَّ الامام الباقر عليه السلام قال تأويلها الأعظم - وقد أطلق في الندوة على التأويل المعنى الذي عرفت - ومع ذلك يقول : إنَّ الواو في " والراسخون في العلم " ربما كانت استئنافية ، ليكون الله وحده هو العالم بالتأويل .

ثم إذا كان السيِّد فضل الله يدَّعي في الندوة قائلاً : أنا قلت بأنَّ علينا أن لا نتكفَّل فهم القرآن ، وإنما علينا أن نعيش ظاهر القرآن .[67]

فإلى أيِّ معنى يرجع قوله إلى أنه يجب أن نستوحي القرآن…الخ .[68] وكان قد قال : " نعم إنَّ القرآن يستبطن إستيحاءات كثيرة ويستبطن لوازم كثيرة ، وعلى الإنسان أن لا يفهم القرآن فهماً حرفيَّاً.[69]

فهل الاستيحاءات واللوازم الكثيرة التي يستبطنها القرآن هي من الظواهر القرآنية ؟! وهل أنَّ ما يستبطنه الظاهر يكون من الظاهر ؟!

ولو تنزلنا ، فإذا كان الإمام الباقر عليه السلام بحسب تعبيره قد استوحى ما استوحى ، فهل لغير المعصوم أنْ يستوحي والله تعالى يقول :

" ولا تقف ما ليس لك به علم".

وهل لغير مَنْ علَّمه الله تعالى أنْ يدَّعي العلم بأنَّ كلمة الطعام في آية " فلينظر الإنسان إلى طعامه" تستبطن معناها عدة لوازم وايحاءات ، وأنَّ من تلك اللوازم والإيحاءات المعنى أو اللازم الكذائي ؟!

فنحن نقطع بأنَّ وراء الظاهر باطنٌ ، ولكن هل غير المعصوم يتأتَّى له العلم به لولا تبيين المعصوم له ؟

ولو كان يتأتَّى لغير المعصوم ذلك فما هي الحاجة في الرجوع إلى المعصوم في مقام تفسير الكتاب ، وتبيين مجمَلِه ، وتوضيح مقاصده ؟! وأيُّ معنى لأنْ يكون علم الكتاب عند خصوص المعصوم ، وقد نطقت بذلك أخبار العترة الطاهرة ؟!

وأيُّ معنى لأنْ يكون القرآن الكريم آيات بيِّنات في صدور خصوص مَنْ آتاهم الله علمه ؟!

وأيُّ معنى لأنْ يكون القرآن الكريم غيرَ بيَّنٍ إلا بتبيين الله تعالى بنصِّ القرآن " وأنزلنا إليك الذكر لتبيِّن للناس" ؟!

ثم ليس النزاع في فهم قوله تعالى" الحمد لله رب العالمين" أو " أحل الله البيع " فإنَّ كلَّ عربي يفهم المعنى الظاهر وإنْ كان يتفاوت الفهم في ذلك بحسب تفاوت المدارك والقابليات ، وإنما النزاع في المعنى المستبطَن تارةً ، وفيما أريد من مثل قوله تعالى " فأوجس في نفسه خيفةً موسى " وفيما أريد مما لا يحصى ، بنحو يكون المدَّعي للعلم بذلك من غير سُماع من معصوم ( ولا يخفى المقصود من السُماع) مكابراً قطعاً ، مفترياً على الله يقيناً ، سالكاً مسلك الضالين المضلِّين بغير علم أكيداً .

والقرآنُ الكريم الذي حذَّرت آياته عن اتباع غير العلم وعن التعبُّد بغير العلم ، هو مع ذلك يشير تارةً إلى أنَّ القرآن لا يفهمه ولا يعرفه إلا المطهَّرون ، وأنه مبيَّنٌ في صدور خصوص الذين آتاهم الله علمه أخرى ، وأنَّ تبيينه لا يجوز إلا بتوسط مَنْ علَّمه المولى سبحانه ثالثةً ، وأنَّ مَنْ عندهم علم الكتاب هم خصوص من اصطفاهم رابعةً ، وأنَّ كل مَنْ لا يعلم لا يتأتى له العلم إلا بالسؤال من أهل الذكر أهل القرآن أئمة العترة الطاهرة ، وأنَّ مَنْ يعرف القرآن هم خصوص من آتاهم الله إياه ، إلى ما لا يُحصَى من إشاراتٍ واضحة ، وظواهرٍ جلية ، ونصوصٍ صريحة ، قد تأيَّدت بما لا يُحصى من الأخبار الواردة عن أهل بيت العصمة مِنْ أنَّ القرآن لا يعرفه إلا من خُوطِب به ، وأنهم هم عليهم السلام ولا أحد سواهم يفهم القرآن ويعلمه ، وأنهم وحدهم العالِمون بتأويل القرآن وباطن ظاهره ، وغير ذلك .

فهل بعد التأمل فيما أشرنا إليه يصح أنْ يُقال : ولذلك لن يفهم القرآن الحرفيُّون ، ولكن يفهمه الحركيِّون ، ولا اقصد بالحركيين الحزبييِّن ، ولكن اقصد بالحركييِّن الذين يعيشون الإسلام حركةً في الإنسان وفي الواقع ، وهم الذين يعيشون الحياة والإنسان ، هؤلاء هم الذين يمكن أن يفهموا القرآن جيداً .[70]

أترى هذا الكلام ينسجم مع ما تلوناه وأشرنا إليه من آياتٍ وأخبار؟

لا يقال : إنَّ القرآن قد جعله الله نوراً وهدى للناس وللمتقين . فإنه يقال : نحن لا نُنكِر أنه هدى وأنه تبيانٌ لكل شيء ، ولكن القرآن صرَّح بأنه نورٌ في قلوب مَنْ علَّمهم سبحانه كتابه ، وأنه مبيَّنٌ بتبيين مَنْ فضلَّهم تعالى وآتاهم حكمته .

أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ! فالقرآن الذي نطقت آياته بأنه نور ، قد نطق أيضاً بأنه لا يستطيع الاهتداء إلى مقاصده إلا مَنْ طهَّره الله وعصمه وفضَّله واصطفاه وقرَّبه وارتضاه ، ونطق بأنَّ تأويله لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم .

فاستنطق القرآن ، فهل تراه ينطق لولا أن ينطق أئمة العترة الطاهرة؟

ونحن لا نُنكِر أنه نورٌ ، ولكنه نور لمن يعلمه ويعرفه ويعيه ، وليس إلا أئمة أهل البيت عليهم السلام وحدهم مَنْ يعرف ومَنْ يعي .

وتعالوا إلى القرآن ، فهل يكون نوراً بغير إمام يُبيِّنه ؟! وهل يكون هادياً بغير معصوم يستنبط منه ؟ وهل يكون دليلاً بغير حُجَّة يعرف ظاهره وما أُريد منه ، وباطنه وما يستبطنه ؟!

وهل إذا كان القرآن نوراً بتوسط النور الناطق ، وهدى بتوضيح الإمام الهادي ، ينتفي أنْ يكون نوراً وهدى في نفسه ولكن لخصوص المعصوم ، ومن خلاله يصبح نوراً وهدى للناس ؟

والقرآن الذي نطق بأنه هدى للناس ، نطق أيضاً بأنَّ تبيينه لا يكون إلا بتوسط الرسول الأكرم صلَّى الله عليه وآله .

والقرآن الذي نطق بأنه نور ورحمة ، نطق أيضاً بأنَّ فيه آيات متشابَهات ومحكَمَات ، لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم .

ولو أنَّ القرآن نورٌ في نفسه للناس من دون حاجة إلى المعصوم ، فهلَّا يُبيِّن لنا أيُّ شخص تفصيلَ بل إجمالَ ما لم يُفرِّط الله فيه ، وقد قال سبحانه ما فرَّطنا في الكتاب من شيء ؟

وهلَّا يُبيِّن لنا مَنْ شاء ما في الذكر الحكيم ، وقد نطق بأنه تبيانٌ لكل شيء ؟

فالقرآن نورٌ ، ولكن أنَّى لغير مَنْ علَّمه الله تعالى أن يتعرَّف على ذلك النور ، وأنْ يعلم بكل ما لم يُفرَّط فيه في الكتاب !

بل كلُ غيرِ متَّهمٍ إذا لاحظ الآيات التي أشرنا إليها يتبيَّن له ويهتدي إلى اليقين ، بأنَّ القرآن الكريم هو نور ولكن من خلال بيان ونطق وتبيين وتفسير وتوضيح العالِمين الصادقين المطهَّرين المصطفين .

ويتضح لكلِّ غيرِ متهَّم إذا تأمل شيئاً قليلاً صحةُ ما رواه الشيعة والسنة " إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي "، ويحصل له التصديق به0

وإلا فلو أنَّ القرآن الذي لم يُفرِّط فيه المولى سبحانه من شيء ، والذي أنزله تبياناً لكل شيء ، كان مع ذلك نوراً في نفسه لجميع الناس ، وهدى في نفسه لجميع الناس ، فأيُّ حاجة إلى العترة الصادقين وإلى أهل الذكر المطهَّرين ؟!

ولو كان القرآن نوراً كذلك ، فهل يخفى النور إلا على الأعمى؟ نعم حيث إنَّ غيرَ المعصوم ظالمٌ ، والظلمُ عمىً في القلب والبصيرة ، بل عمى للبصيرة والعقل والقلب والروح ، فكان لا محالة لا قصورَ في نور الله تعالى ، وإنما المانع ما يعرض البصيرة من حاجب بسبب الذنب ارتكاباً فعليَّاً أو شأنيَّاً ، وكان مِنْ الواضح جداً أنْ يكون البصير وحده مَنْ يرى النور ، وبالتالي هو وحده مَنْ يعرف النور ويدركه ، وليس إلا المطهَّر المعصوم بصيراً ، وليس إلا مَنْ يعلم وهو خصوص المنتجَب المصطفى الصادق بصيراً ، فكان لا غروَ أنْ يحتاج غيرُ المعصوم وهو الأعمى إلى المعصوم وهو البصير ، كما أنَّ غير العالِم يحتاج إلى العالِم .

وأيم الله لو كان يفسح المجال لفصَّلنا لك القول ، ولأوقفناك على ما لا يُحصى من الشواهد القرآنية والبراهين العقلية على أنَّ الحقَّ مع عليٍّ ، وعند أمير المؤمنين عليٍّ ، وأنه النور والهدى ، وغيره الظلمة والضَّلالة والردى .

وأقول ومَنْ شاء فليؤمن ومَنْ شاء فليكفر ، إنَّ ما ذكرته كان محض ارتجال ، ولو أردنا استنطاق كلام أئمة العترة الطاهرة - وكل يستنطق ويغرف على ما تقتضيه قابليته واستعداده - لطال الكلام واتسع المقال ولدللناك على أمور يحذر على العاقل تبيينها ، ولكن تأمل فيما إليه أشرنا وفيما سننقله لك من أخبار ، ولست أرى إلا أنَّ الحقَّ في المقام قد وضح لكل ذي عين ، وأما ذووا العينيين فإنَّ الحقَّ واضح لهم من ذي قبل0

هذا ولا أظنُّ بعاقل ذي مسكة أنْ يوسوس له عدوه إلى ملاحظة إسناد بعض الأخبار التي سنوردها ، فإنَّ بعضها معتبرٌ عند كل المحققين قطعاً ، والبعض الآخر حيث تأيَّد بموافقة الكتاب وببعض الأخبار المعتبرة في نفسها فيصير بحكم المعتبر ، واللبيب طالب الحقيقة تكفيه الإشارة ، والمتعسِّف ذو النفس الأمارة المجادلة لا يجديه ألف دليل وعبارة ، وبشِّر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وليس القول الحسن إلا ما نطق به القرآن وصدر عن أهل الذكر وقاله المعصومون المطهرون ، وغيره ليس إلا القول الباطل ظاهراً وباطناً ، وهل بعد الحقِّ إلا القبيح الباطل ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[67] الندوة 1 ص 165 ط الثانية 1417 - 1997

[68] الندوة 1ص 158 ط الثانية 1417- 1997

[69] الندوة 1ص 157 ط الثانية 1417 - 1997

[70] الندوة 1ص157 ط الثانية 1417 – 1997

[71] الوسائل 27باب 13 من ابواب صفات القاضي ومايجوزان يقضي به ح 38


 
 توقيع : السيد عباس ابو الحسن

يــــا لـثارات الـــزهــــــراء








رد مع اقتباس