وقد روى يحي بن الحسن البطريق في خصائص الوحي المبين في مناقب أمير المؤمنين من طريق العامة عن الحافظ أبي نعيم في كتابه حلية الأولياء ولِما صنفه من المنتزع من القرآن العزيز فيما ورد في مناقب مولانا أمير المؤمنين مسنداً عن إبن الحنفية في قوله عزَّ وجلَّ " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ". قال : هو علي بن أبي طالب عليه السلام .[33]
وروى عن تفسير الثعلبي مسنِداً عن عبد الله بن عطاء قال : كنت جالساً مع أبي جعفر في المسجد ، فرأيت إبن عبد الله بن سلام ، فقلت هذا (ابن) الذي عنده علم الكتاب ؟ فقال : إنما ذلك عليُّ بن أبي طالب [34].
وبإسناده عن أبي عمر زاذان عن إبن الحنفيَّة ومن عنده علم الكتاب؟ قال : هو علي بن أبي طالب [35].
ومن طريق أبي الحسن علي بن المغازلي الشافعي مسنداً عن علي بن عابس وذكر حديث عبد الله بن عطا [36]0
ومن طريق الخاصة ما رواه الكليني في الكافي مسنداً عن بريد بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" ؟ قال : إيانا عنى ، وعلي أولنا [37]0
وبإسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال :" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" قال : ففرَّج أبو عبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها في صدره، ثم قال : وعندنا واللهِ علم الكتاب كله [38]0
وروى الصفار في بصائر الدرجات مسنداً عن عبد الله بن بكيرعن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث) : وصاحبكم الذي قال الله " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" كان والله عند علي عليه السلام علم الكتاب[39].
وبإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ" قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" قال : هو علي بن أبي طالب عليه السلام .
ومثله بإسناده عن عاصم بن حميد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ، وأيضاً بإسناده عن القاسم بن سليمان عن جابر.[40]
وبإسناده عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" قلت : هو علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قال : فمن عساه أن يكون غيره .[41]
وبإسناده عن أبي مريم قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام هذا إبن عبد بن سلام يزعم أنَّ أباه الذي يقول الله فيه " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" قال : كذب ذاك عليُّ بن أبي طالب.[42]
وبإسناده عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب" قال نزلت في علي عليه السلام ، عالِم هذه الأمة بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله .[43]
وبإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال : الذي عنده علم الكتاب هو علي بن أبي طالب .[44]
وبإسناده عن سلمان الفارسي عن أمير المؤمنين عليه السلام ( في حديث) فقال : أنا هو الذي عنده علم الكتاب .[45]
وبإسناده عن نجم عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال : صاحب علم الكتاب عليٌّ عليه السلام .[46]
وبإسناده عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى " قل كفى…" قال : عليٌّ عليه السلام .[47]
وبإسناده عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ " قل كفى…" قال : عليٌّ عليه السلام .[48]
وبإسناده عن مثنى قال : سألته عن قول الله عزَّ وجلَّ " ومن عنده علم الكتاب" قال : نزلت في علي عليه السلام بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وفي الأئمة من بعده[49] ، وغير ذلك من أخبار.
تنبيه : نُلفت النظر إلى أننا لم نتعرض لبيان حال سند ما تقدم من الأخبار وكذلك في ما يأتي أيضاً ، وذلك لأنَّ أكثر ما نذكره في كل مقام هو من الأحاديث المعتبرة بلا خلاف ، مضافاً إلى أنَّ مضمونها مما أجمعت الطائفة المُحقَّة على صحته ، لذا لا نتعرض لبيان حال السند إلا إذا دعت الحاجة 0
ويضاف إلى ما نقلناه من الأخبار ما ورد في بعض الزيارات مما رُويَ في الكتب المعدَّة لذلك .
ففي المزارالكبير لإبن المشهدي - وجميع ما رواه هو مما اتصلت به روايته من ثقات الروات إلى السادات – أي الأئمة عليهم السلام وقد ذكر ذلك في مقدمة كتابه .
ففيه مما ورد في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام : السلام على صاحب المعجز الباهر والناطق بالصواب ، السلام على مَنْ عنده علم الكتاب .[50]
وفيه فيما ورد من الزيارة الجامعة لسائر الأئمة عليهم السلام : ووُرِّثتَ علم الكتاب .[51]
وفيه أيضاً في زيارة أمير المؤمنين : السلام عليك يا معدن الحكمة وفصل الخطاب ، السلام عليك يا مَنْ عنده علم الكتاب .[52]
وفي المصباح لإبن طاووس في زيارة الإمام الحسن العسكري: والمطهَّر من الرجس الذي ورَّثته علم الكتاب .[53]
ثم إنَّه لم ترد في أخبارنا روايةٌ واحدةٌ ولو ضعيفة تدلُّ على أنَّ الذي عنده علم الكتاب هو غير أهل البيت عليهم السلام ، ولست أدري هل أنَّ السيِّد فضل الله لا يرى لما رُويَ من طرقنا من الأخبار أيَّ وزنٍ واعتبار ، مع صحة كثيرٍ منها بحسب الموازين المقرَّرة في علميَّ الدراية والرجال ، وبعد اتفاق كل علماء الفرقة الناجية على صحة هذا المضمون؟!!!
وهل أنه يرى ما تلوناه عليك من الأخبار وغيرها مما لم ننقله لك هو رواية واحدة ، لذا قال : هناك رواية واحدة ، مع أنها أخبار كثيرة ونُقلت ورُويت بطرق مختلفة ؟!!!
أو أنَّ السيِّد فضل الله لم يكن قد اطَّلَع إلا على خبر واحد ، ولم يظفر إلا برواية واحدة ؟!
وأما قوله : حتى يعرِّفوا المسلمين[54] فلا أدري هل كان يحتاج المسلمون لشهادة علماء اليهود والنصارى ؟!
هذا وبعد تظافر الأخبار على أنَّ مَنْ عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام وكذا مِنْ بعده بنوه الأطهار عليهم السلام ، وبعد أنْ كان كثيراً مما رُوي قد رُوي بسند معتبر وقد رواه الثقات ، مضافاً لرواية العامة لذلك ، فكيف يجوز أن يُجتهَد في مقابل هذه الأخبار ، وكيف يجوز أن تُرد مهما كان العذر في ذلك ؟!
وهل أنه لمجرد توهُّم عدم مساعدة السياق في الآية على ذلك ، يجوز أن يُردَّ حديث عن أهل بيت العصمة ، فكيف إذا كانت الأخبارُ كثيرةً جداً ، ومحلَ إجماعِ الطائفة المُحقَّة ؟!
وأخيراً فإنَّ كلَّ مَنْ يفسِّر القرآن برأيه وعلى خلاف ما ورد عن أئمة العترة الطاهرة – إلا إذا كان غير مطَّلِعٍ - لهو رادٌّ عليهم وبالتالي على الله سبحانه ، وهو على حدِّ الشرك بالله تعالى على ما ورد في الأخبار 0
-----------
[34] المصدر السابق
[35] المصدر السابق
[36] المصدر السابق
[37] الكافي 1ص229
[38] الكافي 1ص229
[39] بصائر الدرجات ص 212 ح 1 مكتبة السيد المرعشي النجفي، 1404 0
[40] المصدر السابق ح 14 ص 215
[41] المصدر السابق ح 15 ص 215
[42] المصدر السابق ح 16 ص 215
[43] المصدر السابق ح17 ص 215
[44] المصدر السابق ح 19 ص 216
[45] المصدر السابق ح 21 ص 216
[46] المصدر السابق ح 6 ص 214
[47] المصدر السابق ح 8 ص 214
[48] المصدر السابق ح ص 9 ص 214
[49] المصدر السابق ح 10 ص 214
[50] المزار الكبير ص257 ط نشر قيوم،قم المقدسة ، مصباح الزائر لابن طاوس ص 147 ط ،مؤسسة اّل البيت عليهم السلام لاحياء التراث ،قم المقدسة 0
[51] المصدر السابق ص 295 / المصباح ص 462
[52] المزار الكبير ص 207
[53] المصباح ص 410
[54] الندوة الكتاب الثاني ص 304 ط الثانية 1418- 1997
|