تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله الطاهرين.
وبعد ، فإنه ندر ما يرى كتابٌ جديدٌ النورَ إلا ويتبع ذلك أنْ يرى النور كتابٌ آخر يُمثِّل شرحاً لما سبقه تارةً أو تعليقاً عليه تارةً أخرى وهكذا .
هذه عادة الدهر وقد اعتاد الناس هذا وألفوه ، وهو أمرٌ راجحٌ جداً بلْ قد يكون في بعض الحالات من أهم الواجبات .
ثُمَّ إنني وقبل سنتين أو يزيد قليلاً ، إبتعت كتاب الندوة والذي جمع فيه مُعدُّه الأخ عادل القاضي مجموعة من ندوات الحوار الأسبوعية بدمشق مع السيِّد محمد حسين فضل الله ، وكنت أتصفحه من حين إلى آخر ، فوجدت فيه أموراً لا تخلو من فائدة ، وكلمات قد استوقفتني جداً .
هذا وقد قال السيِّد فضل الله في الندوة : وعلى أيةِ حال ، فإنَّ علينا أنْ نثير هذه الموضوعات بروح النقد الموضوعي لا بروح العصبية الغرائزية ، لأنَّ ذلك هو الذي يُحقِّق النتائج الإيجابية للبحث في النفي أو الإثبات[1].
وقال : أما قداسة العلماء ، فنحن ليس لدينا دليل بأنَّ العلماء مقدسون ، فليس علينا أنْ نخضع لآرائهم[2].
وقال أيضاً : لذلك فنحن سعداء أنْ ينتقدنا الناس ، ونحن نسمع ردود الفعل ونقرأها ونفكر فيها ، فإنْ كان فيها خير أخذنا بها[3].
وقال أيضاً : فالشخص الذي لا نحترم فكره لا نناقشه[4].
فالسيِّد فضل الله يرى رجوع المناقشة إلى الاحترام ، وهو يُصرِّح بأنه ممن يُرحِّب بالنقد الموضوعي ، وليس هذا بدعاً من القول ، فإنَّ مبادئنا المُحقَّة تفرض علينا مزيداً من التثبت والتحقيق بغيةَ الظفر بالحقيقة ، وأخلاقنا الإسلامية تُحتِّم علينا أنْ نكون من السعداء إذا ما ناقشنا الناس وأثاروا التساؤلات بروح النقد الموضوعي .
وحيثُ إنه قد طرح في الندوة كثيراً من آرائه وأبدى وجهة نظره في عشرات المسائل ، فرأيتُ أنْ أستعرِضَ بعض تلك النقاط وأناقشها بنحو الاختصار غير المخل ، وليس من العدل أنْ يكون طرح المسألة - أية مسألة - مقبولاً ولا يكون الردُّ عليها مع التقيُّد بما يقتضيه أسلوب النقد الموضوعي مقبولاً .
هذا ومهما يكن الغرض الذي أبتغيه من وراء كتابة ونشر هذه التعليقة وأيَّاً يكن الداعي والدافع ، فإنه ليس مما يتصل بشأن مَنْ يبحث عن الحقيقة ، لأنَّ نظره ينبغي أنْ يكون إلى ما قيل كائناً مَنْ كان القائل ومهما كانت نيَّتُه .
وظني بالقارئ الكريم بغضِّ النظر عنْ هويَّته ومذهبه أنه طالبٌ للحقيقة المُدَل عليها بالدليل ، لذا فلا أراه يتَّخذ ذلك الكتاب أو تلك الرسالة أو هذه التعليقة ظِهريَّاً قبل أن يقرأ ويتدبر ، "وبشّر عبادي الذين يستمعون القول فيتَّبِعون أحسنه" . وإننا على يقين بأنَّ كلَّ صاحب فكرٍ أو رأيٍ يبغي هداية الناس من وراء طرحه ، هو نفسه وكذا كلُّ ذي فضل يُرحِّب ويشجِّع على أنْ تُثار المناقشة الهادفة هنا وهناك ، والله من وراء القصد هو حسبي عليه توكلتُ وإليه أُنيب .
علي بن حسين أبو الحسن
الموسوي العاملي
محرم الحرام 1421
---------------------
[1] الندوة الكتاب الأول ص 300 ط الثانية 1417 7 – 199م
[2] الندوة الكتاب الأول ص 302 ط الثانية 1417 - 1997م
[3] الندوة الكتاب الثاني ص 424 ط الثانية 1418 – 1997م
[4] الندوة الكتاب الأول ص 230
يــــا لـثارات الـــزهــــــراء
|