أقول: قد تواتر عن جمع من أكابر الصحابة، أنَّ علامةَ النفاق في زمنهم كانت بُغضَ أميرِ المؤمنين عليٍّ (عليه السلام)، وأنهم ما كانوا يعرفون المنافِقَ إلا بذلك، وورد عن جمع منهم أنَّ لحنَ القول هو بُغضُ عليٍّ (عليه السلام).
وما ورد من أنَّ لحن القول هو بُغضُ علي (عليه السلام)، إما محمول على أنه من أبرز مصاديق لحن القول، أو أنه هو وحده لحن القول.
فقد أخرج ابن عقدة، وابن جرير الطبري في تفسيره، وأبو نعيم الحافظ، وابن المغازلي، وابن مردويه في مناقبه، والحميري في جزئه، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، وابن عساكر في تاريخ دمشق ـ وهؤلاء من أبناء السُّنة ـ ومحمد بن سليمان الكوفي، بإسنادهم عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} قال: بُغضُ عليِّ بن أبي طالب(عليه السلام).
وأخرج ابن عقدة، وابن جرير الطبري بالإسناد عن جابر الأنصاري في قوله تعالى {ولتعرفنهم في لحن القول} ببُغضِهم عليَّ بن ابي طالب(عليه السلام).
وعن محمد بن عبد الله الأسكافي قال: وفرقة تولَّت علياً (عليه السلام) في ظاهر قولها، ثم أظهرت له البُغضَ كما قال الله عزَّ وجل {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}.
وأخرج ابن مردويه، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، وابن عساكر بإسنادهم عن ابن مسعود قال: كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ببُغضِهم عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأخرج أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، والترمذي في سننه، والبلاذري في أنساب الاشراف، وابن عساكر في تاريخه، وابن الأثير في أسد الغابة، ورزين العبدري في الجمع بين الصحاح الستة ـ وهؤلاء من أبناء السُّنة ـ بإسنادهم عن أبي سعيد الخدري قال: إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الانصار ببُغضِهم عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأخرج الحاكم النيسابوري ـ وهو من أبناء السُّنة ـ في المستدرك بإسناده عن أبي ذر قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)، والتخلُّف عن الصلوات، والبُغضِ لعليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأخرج أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، والطبراني في معجمه، والبزار في كشف الأستار، وابن عساكر في تاريخه، والذهبي في تذكرة الحفاظ، والخوارزمي في المناقب ـ وجميع هؤلاء من أبناء السُّنة ـ ومحمد بن سليمان الكوفي، بإسنادهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببُغضِ عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج: وقال كثير من أعلام الصحابة كما رُوي في الخبر المشهور بين المحدِّثين، ما كنا نعرف المنافقين إلا ببُغضِ عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وقال في موضع آخر: فأظهر قومٌ منهم بعده ما كانوا يُضمرونه من ذلك، خصوصاً فيما يتعلق بأمير المؤمنين، الذي ورد في حقِّه ما كنَّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببُغضِ عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو خبر محقَّقٌ مذكورٌ في الصحاح.
وأما ما ورد في كتبنا فعلى سبيل المثال: أخرج البرقي في المحاسن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قيل له أكان حذيفة بن اليماني يعرف المنافقين؟ فقال: أجل كان يعرف إثني عشر رجلاً، وأنت تعرف إثني عشر ألف رجل، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول{ولتعرفنهم في لحن القول}، فهل تدري ما لحن القول؟قلتُ: لا والله، قال: بُغض عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) وربِّ الكعبة.
وأخرج محمد بن العباس في تفسيره ـ كما عن تأويل الآيات ـ بإسناده عن أبي سعيد الخدري في قوله عزَّ وجل {ولتعرفنهم في لحن القول} قال: بُغضهم لعليٍّ (عليه السلام).
أقول: وما ورد في هذا المعنى أكثر من أن يُشار إليه، أو أن يحصى في هذه العجالة، فلاحظ على سبيل المثال (2).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) من وحي القرآن ج 21 ص 75.
(2) بحار الأنوار ج23 ص 386 وج27 ص 237 ـ 238 وج 33 ص 140و ج36 ص 177 ـ 178 وج39 ص 260، المحاسن ج 1 ص 168، أمالي الشيخ الطوسي ص 605، شرح الأخبار ج 1 ص 152 ـ 153 وج 2 ص 226، مناقب أهل البيت للشيرواني ص 101، كشف اليقين ص 382، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)ج 1 ص 72، مناقب آل ابي طالب ج 3 ص 8 ـ 10، العمدة ص 215 ـ 218، الطرائف ص 69 و77 تفسير مجمع البيان ج 9 ص 176 ـ 177، خصائص الوحي المبين ص 143، تأويل الآيات ج 2 ص 590، تفسير غريب القرآن ص 555، التفسير الصافي ج 5 ص 30، التفسير الأصفى ج 2 ص 1177 وج 5 ص 45، تفسير الميزان ج 18 ص 245 ـ 246، مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الزيدى المذهب ج 1 ص 155وج 2 ص 470.
وأما مصادر أبناء السُّنة فنذكر منها: شواهد التنزيل ج 2 ص 247 ـ 250 و470 ـ 471، الدر المنثور ج 6 ص 66 ـ 67، جزء الحميرى 34، تفسير الثعالبي ج 5 ص 242، فتح القدير ج 5 ص 40، تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 360 و284 ـ 288 و374، سبل الهدي والرشاد ج 11 ص 289 ـ 290، ذخائر العقبى ص 91، سنن الترمذي ج 5 ص 298، المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 129، المعجم الأوسط للطبراني ج 2 ص 328 وج 4 ص 264، شرح نهج البلاغة ج 4 ص 83 وج 9 ص 135 وج 13 ص 251، كنز العمال ج 13 ص 106، تاريخ بغداد ج 13 ص 154ـ 155، أسد الغابة ج 4 ص30، تذكرة الحفاظ ج 2 ص 673، انساب الاشراف ص 96 و113، المناقب للخوارزمي ص 331 ـ 332، جواهر المطالب ج 1 ص 250 ـ 252، ينابيع المودة ج 1 ص150 ـ 151 وج 2 ص 180 و277 و392.