[ مناقشة العلامة الخواجوئي والاجوبة المشتركة على الروايات الموهمة ]
[ مناقشة العلامة الخواجوئي والاجوبة المشتركة على الروايات الموهمة ]
حوار مع فضل الله حول الزهراء (س)
- السيد هاشم الهاشمي - ص 109 - 111
مناقشة العلامة الخواجوئي :
واعتراض العلامة الخواجوئي وإن كان حول حديث زرارة المروي في الكافي ولكن
فيه وجوها مشتركة مع رواية علي بن مهزيار في الفقيه ، ولذا سنجيب عما بينهما من
الوجوه المشتركة وكذلك ما تختص به كل رواية من مناقشة .
الأجوبة المشتركة على روايتي الكافي والفقيه
أما أولا : فقد ذهب بعض العلماء إلى احتمال أن يكون المراد من فاطمة غير بنت
النبي صلى الله عليه وآله بأن تكون فاطمة بنت أبي حبيش التي كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة
والسؤال عن مسائلها ، فتوهم بعض الرواة أو النساخ أنها فاطمة الزهراء عليها السلام فأضاف
كلمة ( عليها السلام ) إلى متن الرواية .
يقول ابن الأثير في ترجمتها : ( فاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن
عبد العزى القرشية الأسدية ، وهي التي سألت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم
عن الاستحاضة ) ( 2 ) .
وقال المزي عنها : ( روت عن النبي ( د س ) حديث الاستحاضة . روى عنها عروة بن
الزبير ( د س ) ، وقيل عن عروة ( ع ) ، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت : يا
رسول الله إني أستحاض فلا أطهر ) ( 3 ) . وقد روى الطبراني في معجمه روايات كثيرة
تشهد على كثرة حيضها واستحاضتها . ( 4 )
وقد ذكر هذا الاحتمال أعاظم الطائفة وأجلائها ، من أمثال :
الفيض الكاشاني ( المتوفى سنة 1091 ه ) في ( الوافي ) ، وتبعه على ذلك الشيخ
يوسف البحراني في ( الحدائق الناضرة ) ، والشيخ مرتضى الأنصاري في ( الطهارة ) ،
‹ صفحة 110 ›
والسيد محسن الحكيم في ( مستمسك العروة الوثقى ) ، والامام الخميني في ( الطهارة ) ،
والسيد عبد الاعلى السبزواري في ( مهذب الاحكام ) ( 1 ) .
ولكن السيد الخوئي أجاب عن هذا الاحتمال بقوله :
( وأما دعوى أن فاطمة عليها السلام لعلها غير بنت النبي صلى الله عليه وآله كبنت جحيش أو غيره ففيها أن
اللفظة متى أطلقت تنصرف إلى الفرد المشهور والمعروف ، وعلى ذلك تجري في الرجال
فلا وجه لإرادة غير المشهور ) ( 2 ) .
أما ثانيا : فإن هناك اختلافا في نسخ روايتي زرارة وعلي بن مهزيار ، أما رواية
زرارة المروية في الكافي والتهذيب فقد جاء في بعض النسخ جملة : ( وكان يأمر
المؤمنات بذلك ) ، وفي البعض الاخر كانت هكذا : ( وكانت تأمر بذلك المؤمنات ) ، فما
ذكره العلامة البهائي من أن سقوط التاء مجرد احتمال غير تام لأنه أمر قد وقع بالفعل
كما أشار إليه العلامة المجلسي ( 3 ) . ومع ثبوت النسخة التي أضيفت لها التاء فإن معنى
العبارة سيختلف كما سنشير إليه .
أما رواية علي بن مهزيار فقد علق السيد الخوئي عليها بالقول :
( أما المناقشة الأولى فتندفع أولا : بأن فاطمة عليها السلام إنما ذكرت في بعض النسخ وبعضها
خال عن ذكرها عليها السلام ) ( 4 ) . وقد أشار إلى ذلك الشيخ مرتضى الأنصاري ( المتوفى سنة
1281 ه ) حيث قال : 0 مع أنه ليس ذكرها عليها السلام في رواية الصدوق في الفقيه
والعلل ) ( 5 ) . ومع اختلاف النقل فلا حجية للرواية ( 6 ) . وبناء على ذلك فإن العبارة في
رواية ابن مهزيار ستكون هكذا : ( لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات من نسائه
بذلك ) ، فيرتفع الاعتراض من أساسه .
وأما ثالثا : وهو العمدة في المقام ، وهو ما ذكره الحسن بن زين الدين ( المتوفى سنة
1011 ه ) بقوله : ( ووجه الجمع حمل أمره صلى الله عليه وآله لها على إرادة تعليم المؤمنات ، وهو
نوع من التجوز في الخطاب شائع ، ولعل المقتضي له في هذا الموضع رعاية خفاء هذه
الكرامة كغيرها مما ينافي ظهوره بلاء التكليف .
وربما كان قوله في آخر الحديث : ( وكان يأمر بذلك المؤمنات ) إشارة إلى ما ذكرناه
بأن يجعل المشار إليه بذلك في هذه العبارة قوله : ( كان يأمر فاطمة ) ، ولو اتحد المشار
إليه في العبارتين لاستغنى عن قوله ثانيا : ( وكان يأمر بذلك ) واكتفى في إفادة المعنى
‹ صفحة 111 ›
بعطف المؤمنات كما لا يخفى ) ( 1 ) . ولا يخفى أن جواب الحسن بن زين الدين إنما
يصح بناء على فرض سقوط التاء عن رواية زرارة .
وقال الامام الخميني : ( والاشكال فيها بالاضمار في غير محله ، بعد كون المكاتب
مثل ابن مهزيار ، كالاشكال باشتمالها على رؤية الصديقة الطاهرة ما تراه النساء ، مع
أنه مخالف للاخبار لعدم معلومية كونها الصديقة ولعلها فاطمة بنت أبي حبيش ، وعلى
فرض كونها الصديقة الطاهرة لعله كان يأمرها لتأمر النساء كما في بعض روايات
الحيض ، مع أن رواية الصدوق لا تشتمل على ذلك ) ( 2 ) .
وقال السيد الخوئي ( قدس سره ) : ( إن الرواية لا دلالة على أن النبي صلى الله عليه وآله أمرها
وسائر النساء بذلك لأنها عملهن ، ولعله أمرها بذلك تعليما لسائر النساء وبيانا
لاحكامهن لا أنه أمرها لكي تأتي به في عمل نفسها ، وهذا هو الصحيح في
الجواب ) ( 3 ) . وبهذا المضمون أجاب الشيخ يوسف البحراني والشيخ مرتضى الأنصاري
والعلامة المجلسي والسيد محسن الحكيم وآخرون ( 4 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 109 ›
( 1 ) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج 7 ، ص 140 ، كتاب الطهارة .
( 2 ) أسد الغابة : ج 5 ، ص 518 .
( 3 ) تهذيب الكمال : ج 35 ، ص 254 .
( 4 ) المعجم الكبير : ج 24 ، ص 357 ، ح 888 - 900 .
‹ هامش ص 110 ›
( 1 ) الوافي : ج 11 ، ص 327 . الطهارة : كتاب الغسل . ضمن مباحث المقصد الثالث . مستمسك العروة الوثقى : ج 3 ،
ص 410 . الطهارة : ج 1 ، ص 284 . مهذب الاحكام : ج 3 ، ص 297 .
( 2 ) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج 7 ، ص 141 ، كتاب الطهارة .
( 3 ) ملاذ الأخيار : ج 2 ، ص 34 .
( 4 ) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج 7 ، ص 140 ، كتاب الطهارة .
( 5 ) الطهارة : كتاب الغسل - ضمن مباحث المقصد الثالث .
( 6 ) وقد أشار الامام الخميني إلى هذا المعنى في كتابه الخلل في الصلاة : ص 151 .
‹ هامش ص 111 ›
( 1 ) منتقى الجمان : ج 1 ، ص 224 .
( 2 ) الطهارة ، ج 1 ، ص 284 .
( 3 ) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج 7 ، ص 140 ، كتاب الطهارة .
( 4 ) راجع الحدائق الناضرة : ج 3 ، ص 297 . مرآة العقول : ج 13 ، ص 248 . مستمسك العروة : ج 3 ، ص 410 .
( 5 ) راجع كلام الفيض الكاشاني في الوافي : ج 11 ، ص 327 .
( 6 ) التنقيح في شرح العروة الوثقى : ج 7 ، ص 140 ، كتاب الطهارة .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|