مقام الزهراء عليها السلام في كلمات الامام الخميني
[ 50 الزهراء في كلمات الخميني ]
حوار مع فضل الله حول الزهراء (س)
- السيد هاشم الهاشمي - ص 94 - 97
‹ صفحة 95 ›
مقام الزهراء عليها السلام في كلمات الامام الخميني
وختاما نورد بعض كلمات الفقيه الحكيم ، العارف الكامل ، الامام المجاهد روح الله
الموسوي الخميني ( قدس سره ) في حق مولاتنا سيدة الكونين الزهراء المرضية صلوات
الله وسلامه عليها ، لما تحويه من معان دقيقة ومعارف سامية ، ترشدنا إلى رفيع مكانتها
وجليل منزلتها وعظيم مقامها . . .
قال ( رضوان الله عليه ) :
( إن مختلف الابعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللانسان تجسدت في شخصية
فاطمة الزهراء عليها السلام . لم تكن الزهراء امرأة عادية ، كانت امرأة روحانية . . . امرأة
ملكوتية . . . كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة . . . نسخة إنسانية متكاملة . . . امرأة حقيقية
كاملة . . . حقيقة الانسان الكامل . لم تكن امرأة عادية بل هي كائن ملكوتي تجلى في
الوجود بصورة إنسان . . . بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة . إذن يوم غ د هو
يوم المرأة ، فقد اجتمعت في هذه المرأة - التي يصادف غدا ذكرى ميلادها - جميع
الخصال الكمالية المتصورة للانسان وللمرأة . إنها المرأة التي تتحلى بجميع خصال
الأنبياء . . . المرأة التي لو كانت رجلا لكان نبيا . . .
ولو كانت رجلا لكانت بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله . غدا يوم المرأة ، حيث ولدت جميع
أبعاد منزلتها وشخصيتها . غدا ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات والمظاهر
الملكوتية والإلهية والجبروتية والملكية والإنسية . غدا ميلاد الانسان بجميع ما للانسانية
من معنى . غدا ميلاد امرأة بكل ما تحمله كلمة المرأة من معنى إيجابي .
إن المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل ، وإن هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثل
أدنى مراتب الانسان ، أدنى مراتب المرأة وأدنى مراتب الرجل . بيد أن الانسان يسمو
في مدارج الكمال انطلاقا من هذه المرتبة المتدنية ، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة
الطبيعة إلى مرتبة الغيب ، إلى الفناء في الألوهية . وإن هذا المعنى متحقق في الصديقة
الزهراء عليها السلام التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة ، وطوت مسيرتها التكاملية
بالقدرة الإلهية بالمدد الغيبي وبتربية رسول الله ، لتصل إلى مرتبة دونها الجميع ) ( 1 ) .
( امرأة هي مفخرة بيت النبوة وتسطع كالشمس على جبين الاسلام العزيز . . . امرأة
تماثل فضائلها فضائل الرسول الأكرم والعترة الطاهرة غير المتناهية . . . امرأة لا يفي حقها
من الثناء كل من يعرفها مهما كانت نظرته ومهما ذكر ، لان الأحاديث التي وصلتنا عن
بيت النبوة هي على قدر أفهام المخاطبين واستيعابهم . فمن غير الممكن صب البحر في
جرة . ومهما تحدث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولا يضاهي منزلتها . إذن فمن
الأولى أن نمر سريعا من هذا الوادي العجيب ) ( 2 ) .
‹ صفحة 96 ›
( وفي الأساس فإن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام - وبحسب رواياتنا - كانوا
أنوارا في ظل العرش قبل هذا العالم ، وهم يتميزون عن سائر الناس في انعقاد النطفة
والطينة ، ولهم من المقامات إلى ما شاء الله وذلك كقول جبرائيل عليه السلام في روايات
المعراج : ( لو دنوت أنملة لاحترقت ) ، أو كقولهم عليهم السلام : ( إن لنا مع الله حالات لا
يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل ) ، فوجود مقامات كهذه للأئمة من أصول مذهبنا
وذلك بغض النظر عن موضوع الحكومة . كما أن هذه المقامات المعنوية ثابتة للزهراء عليها السلام
مع أنها ليست بحاكم ولا خليفة ولا قاض ، فهذه المقامات شئ آخر غير وظيفة
الحكومة ، ولذا عندما نقول أن الزهراء عليها السلام ليست بقاض ولا خليفة فهذا لا يعني أنها
مثلي ومثلكم أو أنها لا تمتاز عنا معنويا ) ( 1 ) .
( إنه يوم عظيم . . . يوم أطلت على الدنيا امرأة تضاهي كل الرجال . . . امرأة هي
مثال الانسان ، امرأة جسدت الهوية الانسانية كاملة ، فهو إذن يوم عظيم يومكن
أيتها السيدات ) ( 2 ) .
( أبارك للشعب الإيراني العظيم لا سيما النساء المحترمات يوم المرأة المبارك ، إنه يوم
شريف للعنصر المتألق الذي هو أساس الفضائل الانسانية والقيم السامية لخليفة
الله في الأرض ، وما هو أكبر بركة وأعظم قيمة هذا الاختيار الموفق للعشرين
من جمادى الآخرة ذكرى ميلاد المرأة المفخرة ، مفخرة الوجود ومعجزة التاريخ ،
يوما للمرأة . . . ) ( 3 ) .
( كان لدينا في صدر الاسلام كوخ ضم بين أطرافه أربعة أو خمسة أشخاص ، إنه
كوخ فاطمة عليها السلام ، وكان أشد بساطة حتى من هذه الأكواخ . ولكن ما هي بركاته ؟ لقد
بلغت بركات هذا الكوخ ذي الافراد المعدودين درجة من العظمة غطت نورانية العالم .
وليس من السهل على الانسان أن يحيط بتلك البركات . إن سكنة هذا الكوخ البسيط
اتسموا من الناحية المعنوية بمنزلة سامية لم تبلغها حتى يد الملكوتيين ) ( 4 ) .
( إن بيت فاطمة المتواضع هذا ، ومن تربوا في رحاب هذا البيت ، الذين بلغ عددهم
بلغة الأرقام خمسة ، وبلغة الواقع ما يجسد قدرة الحق المتعال كلها ، أدوا خدمات جليلة
أثارت إعجاب البشرية جمعاء ) ( 5 ) .
وقد أسهبت في نقل كلمات الامام الخميني والاستدلال بها دون غيره من علماء
الطائفة ( رحم الله الماضين وحفظ الباقين ) ، لأنه قدس سره أبلغ وأتم حجة على منكري
‹ صفحة 97 ›
فضائل الزهراء عليها السلام ومقاماتها ، الذين قد يتسترون خلف ذرائع وأعذار واهية يوارون بها
انحرافاتهم ، من قبيل : مستلزمات الواقع الحركي ومقتضيات الحالة السياسية
والثورية ، وهكذا ما قد يطعنون به بقية علماء الطائفة من ( التحجر ) و ( الرجعية ) التي
يعزون إليها الأفكار الولائية والعقائد الحقة ( التي يسمونها - سخرية واستهزاءا - :
خرافات وأساطير ! ) .
فهذا الخميني رجل الواقع وإمام الدين والحياة ، قمة الثورية ، ومضرب المثل في
دخول المعترك السياسي ومواكبة العصر والإحاطة بمتطلباته . . . ولكنه مع كل ذلك أبي
التخلي عن عقائده ، التي هي دينه . والحق أن نقول أن علمه وفقاهته أبت له إلا
الإذعان للحجة والخضوع للبرهان والانقياد للدليل ، وأولئك لا علم لهم ولا فقاهة ،
وإن ألموا بالنزر اليسير تراه مشوبا بل مشحونا بركاب من الأفكار الغربية ومخلفات المادية
ليكون هجينا مستوردا لا صلة له بالاسلام ولا قرابة ! . . .
( وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) ؟ !
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 94 ›
( 1 ) كشف الغمة : ج 2 ، ص 80 - 83 .
( 2 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج 2 ، ص 62 ، ح 252 .
( 3 ) أمالي الشيخ الطوسي : ص 668 ، ح 1399 ، المجلس 36 ، ط دار الثقافة ، عنه البحار : ج 43 ، ص 105 .
( 4 ) دلائل الإمامة : ص 106 ، ح 34 .
( 5 ) أمالي الطوسي : ص 40 ، ح 44 ، المجلس 2 ، ط دار الثقافة .
( 6 ) أمالي الطوسي : ص 43 ، ح 45 ، المجلس 2 ، ط دار الثقافة .
‹ هامش ص 95 ›
( 1 ) مكانة المرأة في فكر الامام الخميني : ص 23 ، عن خطاب له بتاريخ 16 / 5 / 1979 م .
( 2 ) المصدر السابق : ص 24 ، من كلمة بتاريخ 5 / 5 / 1980 م .
‹ هامش ص 96 ›
( 1 ) الحكومة الاسلامية : ص 84 .
( 2 ) مكانة المرأة في فكر الامام الخميني : ص 20 ، عن حديث بتاريخ 17 / 5 / 1980 .
( 3 ) المصدر السابق : من بيان بتاريخ 14 / 4 / 1982 .
( 4 ) المصدر السابق : من حديث بتاريخ 21 / 3 / 1983 .
( 5 ) المصدر السابق : من حديث بتاريخ 9 / 3 / 1982 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|