اسباب الموقف الحازم
[ 2 اسباب الموقف الحازم ]
حوار مع فضل الله حول الزهراء (س)
- السيد هاشم الهاشمي - ص 8 – 10
إننا نرى أن أهم أسباب هذا الموقف الحازم تعود إلى ما يلي :
1 - استغلال موقع المرجعية في الترويج للانحراف :
فلم يكن منشأ الحساسية لدى مراجعنا العظام هو مجرد تصدي من ليس أهلا
للمرجعية لها ، فقد شهد تاريخنا القديم والمعاصر برزو مثل هذه الحالة ، وكانت أدنى
درجات الوعي العام كفيلة في علاج المسألة ، ولكن الامر كان مختلفا مع فضل الله ،
‹ صفحة 9 ›
إذ لم يكتف بالخوض في شؤون المرجعية والافتاء بل سعى إلى إضفاء جو من القدسية
على آرائه التي تهدم البنية التحتية للمذهب الامامي ، فهو يبرر آراءه المنحرفة والشاذة
بالقول : ( إن من أصاب الحق فله أجران ومن أخطأه فله أجر واحد وهو أجر
الاجتهاد ) ! فكان لابد من موقف حازم تجاه ضرب أسس المذهب باسم المذهب ، وكان
رأي المراجع والعلماء صريحا لا مساومة فيه ولا مهادنة ، جزاهم الله عن الاسلام
ومذهب أهل البيت عليهم السلام خير الجزاء .
2 - المستوى الكمي والكيفي للمسائل المشكك فيها :
فقد طال التشكيك مسائل كثيرة جدا سواء في مجال العقيدة أو التاريخ أو الفقه ، مما
شكل في مجموعه منهجا قائما بذاته ولم يدع مجالا للتغاضي والتوجيه بأنها كلمة
عابرة وهفوة غير مقصودة . كما أنه شمل أهم المرتكزات ونقاط الخلاف بين الشيعة
الامامية وغيرهم ، مما كان السكوت عنه يعني السكوت على تضييع الهوية الشيعية
وتمييع الفوارق بين الامامية وغيرهم من المذاهب الأخرى ، وقد جاء في الحديث عن
النبي صلى الله عليه وآله : ( إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل سلب نور
الايمان ) .
3 - عدم نفع النصح والتحذير :
فقد شهدت فتنة فضل الله العديد من المحاولات لثنيه عن مقولاته ، ومن تلك
المحاولات المتكررة للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي لاقناعه بتغيير موقفه ، وكذلك
الرسالة التي بعثها السيد محمد جواد نجل المرجع آية الله العظمى السيد الكبايكاني
رحمه الله يدعوه فيها إلى معالجة الموضوع وانهائه بحكمة ، هذا بالإضافة إلى العديد
من الشخصيات الذين كانوا ينبهونه شفهيا وتحريريا على ما في كلامه من الأخطاء
العلمية الواضحة وأن يعرف قدره ويبصر عجزه ويحفظ لسانه . وكان البعض يكتفي منه
بمجرد السكوت عن آرائه المنحرفة إلا أن كل تلك الجهود فشلت ، فقد كابر وعاند
واستمر يخوض في باطله لا تؤثر فيه نصيحة مشفق ولا تحذير غيور ، فلم يكن سبيل
أمام مراجعنا - مقابل خطورة الانحرافات وتأثر البعض بها والاهم من ذلك كله نسبتها
إلى المذهب الامامي - إلا الحكم على فضل الله بأنه من أصحاب الضلال وأنه يحمل
أفكارا تخالف الضرورة المذهبية . فلولا مكابرة فضل الله وتشبثه بباطله لم تصدر
الفتاوى ضده ولا صدر مثل كتاب ( مأساة الزهراء ) وغيره ، ولكن ( قد يدفع الشر بمثله
إذا أعياك غيره ) .
وبدلا من أن يرضخ للحق ويقر بالخطأ ويعلن عن توبته ويتراجع عن مقولاته ، نراه
قد ( عجعج لما عضه الظعان ) وأخذ يتهم المراجع بعدم التقوى وعدم التثبت وعدم فهم
مراده ! وطعن في مخالفيه بخدمة المخابرات الأمريكية وممارسة الكذب والتحريف
والسب والشتم !
‹ صفحة 10 ›
نعم كانت بعض الفترات اليسيرة تشهد تراجعا طفيفا من فضل الله ، وذلك عندما
كان الغضب الجماهيري يزداد ضده ، وكان فضل الله يضطر لشيء من التكتيك واللف
والدوران والتلاعب بالكلمات للإيحاء بحصول تغير في موقفه ، ولكن ما إن تضعف
الحملة حتى يعود إلى مقولاته الأولى ، وفي هذا يقول : ( وذلك المحكي بأنا اعتذرنا ،
في الواقع لم يكن هذا اعتذارا ولكنه كان مواجهة للحملة الظالمة ! التي كادت أن
تتحول إلى فتنة ( 1 ) في قم ، وطلب مني الكثيرون من الفضلاء أن أتحدث بطريقة ( ! )
تمنع الآخرين من إثارة الفتنة الغوغائية التي حدثت من أكثر من جانب ) .
ولم يقتصر أسلوب فضل الله وتكتيكه بتصوير التصدي لانحرافاته بأنه حملة ظالمة
وفتنة غوغائية موجهة ضده ، فإن ذلك لم يكن كافيا لسيل الأسئلة والاستفسارات التي
كانت تخطر في أذهان بعض من تبقى شئ يسير من الاحترام لفضل الله عندهم ، ولذا
عمد إلى تحريك بعض اتباعه ممن اغتر به وبما يملكه من أموال في طباعة بعض
الكتيبات التي تسعى إلى حفظ ما تبقى من ماء الوجه ، ولكنه أخطأ الطريق ثانية ، فقد
( أفرط للهيم حبينا أقعس ) ، ولم يكن بإمكان هؤلاء ممن لم يكونوا أفضل حالا من
فضل الله نفسه إصلاح الفساد الضارب في الجذور ، فكانوا ( كدابغة وقد حلم الأديم ) .
ويبقى السؤال الأهم وهو : كيف بلغ الوضع إلى ما هو عليه ؟ وما هو السبب في
طرح فضل الله لهذه الآراء التي أثارت في وجهه موجة عارمة من السخط في جميع
الأوساط العلمية والشعبية ؟ فهل كان تحولا مفاجئا وتغير سريعا في أفكاره ؟
* * *
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|