مدة عمره الشريف
[ عمره الشريف ]
الأئمة الإثني عشر - الشيخ جعفر السبحاني - ص 223 - 230
الإمام المهدي وطول عمره :
إن من الأسئلة المطروحة حول الإمام المهدي ، طول عمره في فترة غيبته ، فإنه ولدعام 255 هجري ، فيكون عمره إلى الأعصار الحاضرة أكثر من ألف ومائة وخمسين عاما ، فهليمكن في منطق العلم أن يعيش إنسانا هذا العمر الطويل ؟
والجواب :
من وجهين ، نقضا وحلا .
أما النقض : فقد دل الذكر الحكيم على أن شيخ الأنبياء عاش قرابة ألف سنة ، قالتعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } ( 1 ) .
‹ صفحة 224 ›
وقد تضمنت التوراة أسماء جماعة كثيرة من المعمرين ، وذكرت أحوالهم في سفر
التكوين ( 2 ) .
‹ صفحة 225 ›
وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمرين ، ككتاب المعمرين لأبي حاتم
السجستاني ، كما ذكر الصدوق أسماء عدة منهم في كتاب كمال الدين ( 3 ) ،
‹ صفحة 226 ›
والعلامة الكراجكي في رسالته الخاصة ، باسم { البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحبالزمان ( 1 ) ، والعلامة المجلسي في البحار ( 2 ) ، وغيرهم .
‹ صفحة 227 ›
( 2 ) بحار الأنوار ج 51 ، الباب 14 ، ص 225 - 293 .
وأما الحل : فأن السؤال عن إمكان طول العمر ، يعرب عن عدم التعرف على سعة قدرةالله سبحانه : { وما قدروا الله حق قدره } ( 3 ) ، فإنه إذا كانت حياته وغيبتهوسائر شؤونه ، برعاية الله سبحانه ، فأي مشكلة في أن يمد الله سبحانه في عمره ماشاء ، ويدفع عنه عوادي المرض ويرزقه عيش الهناء .
‹ صفحة 228 ›
وبعبارة أخرى : إن الحياة الطويلة إما ممكنة في حد ذاتها أو ممتنعة ، والثاني لميقل به أحد ، فتعين الأول ، فلا مانع من أن يقوم سبحانه بمد عمر وليه ، لتحقيق غرضمن أغراض التشريع .
أضف إلى ذلك ما ثبت في علم الحياة ، من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعيالقواعد حفظ الصحة ، وأن موت الإنسان في فترة متدنية ، ليس لقصور الاقتضاء ، بل لعوارضتمنع عن استمرار الحياة ، ولو أمكن تحصين الإنسان منها بالأدوية والمعالجات الخاصة
لطال عمره ما شاء .
وهناك كلمات ضافية من مهرة علم الطب في إمكان إطالة العمر ، وتمديد حياة البشر ،نشرت في الكتب والمجلات العلمية المختلفة ( 1 ) .
‹ صفحة 229 ›
وبالجملة ، اتفقت كلمة الأطباء على أن رعاية أصول حفظ الصحة ، توجب طول العمر ،فكلما كثرت العناية برعاية تلك الأصول ، طال العمر ، ولأجل ذلك نرى أن الوفيات فيهذا الزمان ، في بعض الممالك ، أقل من السابق ، والمعمرين فيها أكثر من ذي قبل ، وماهو إلا لرعاية أصول الصحة ، ومن هنا أسست شركات تضمن حياة الإنسان إلى أمدمعلوم تحت مقررات خاصة وحدود معينة ، جارية على قوانين حفظ الصحة ، فلو فرض فيحياة شخص اجتماع موجبات الصحة من كل وجه ، طال عمره إلى ما شاء الله .
وإذا قرأت ما تدونه أقلام الأطباء في هذا المجال ، يتضح لك معنى قوله سبحانه :
{ فلو لا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم
يبعثون } ( 2 ) .
‹ صفحة 230 ›
فإذا كان عيش الإنسان في بطون الحيتان ، في أعماق المحيطات ، ممكنا إلى يوم البعث ،فكيف لا يعيش إنسان ، على اليابسة ، في أجواء طبيعية ، تحت رعاية الله وعنايته ، إلى ماشاء الله ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 223 ›
( 1 ) العنكبوت / 14 .
‹ هامش ص 224 ›
( 2 ) التوراة ، سفر التكوين ، الإصحاح الخامس ، الجملة 5 ، وذكر هناك أعمار آدم ، وشيثونوح ، وغيرهم .
‹ هامش ص 225 ›
( 3 ) كمال الدين ، ص 555 .
‹ هامش ص 226 ›
( 1 ) الكراجكي : البرهان على طول عمر صاحب الزمان ، ملحق ب كنز الفوائد ، له أيضا ،الجزء الثاني . لاحظ في ذكر المعمرين ص 114 - 155 ، ط دار الأضواء ، بيروت 1405 هجري .
‹ هامش ص 227 ›
( 3 ) الأنعام / 91 .
‹ هامش ص 228 ›
( 1 ) لاحظ مجلة المقتطف ، الجزء الثالث من السنة التاسعة والخمسين .
‹ هامش ص 229 ›
( 2 ) الصافات / 143 و 144 .
آخر تعديل الفاروق الاعظم يوم
08-21-2010 في 02:58 AM.
|