عرض مشاركة واحدة
قديم 08-21-2010, 04:27 AM   #13
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي 9 ـ في القرن الماضي مع السيد الإمام الخراساني ( ت 1368 ه‍ )



9 ـ في القرن الماضي
مع السيد الإمام الخراساني ( ت 1368 ه‍ )

هو المجتهد الكبير ، والعلامة النحرير ، فريد دهره ، ووحيد عصره ، قدوة العلماء المتبحرين ، سيد الفقهاء والمجتهدين ، عمدة العلماء العاملين ، ونخبة الأفاضل والمجتهدين ، ملاذ الأنام ، وثقة الإسلام ، سيدنا الأعظم ، سماحة آية الله العظمى السيد ميرزا محمد الهادي الحسيني الخراساني الحائري ،

(88)

قدس الله سره (49).
وقال الشيخ محمد حسن كبة في إجازته له : السيد السند ، والمولى الجليل المعتمد ، فخر المحققين ، وافتخار المدققين ، صفوة العلماء الكرام ، وعماد الفقهاء الأجلة الفخام ، التقي النقي ، الطاهر الزكي ، نتيجة الشرف الأقدم ، وسلالة سيد الأمم صلى الله عليه وآله وسلم .
وقال شيخ الشريعة الأصفهاني ( ت 1339 ه‍ ) في إجازته له : العالم العامل ، الفاضل الكامل ، أبا الفضائل والفواضل ، صاحب القريحة القويمة ، والسليقة المستقيمة ، والحدس الصائب ، والنظر الثاقب ، المستعد لإفاضة نتائج المطالب من الكريم الفياض الواهب ، عمدة العلماء المحققين ، وزبدة الفضلاء المدققين ، العالم العلم العيلم ، الثقة الورع ، التقي النقي ، العدل الصفي .
وقال السيد مهدي الأصفهاني الكاظمي ( من تلامذته ) : كان ـ رحمه الله ـ من أعاظم علماء الفقه والأصول ، وأكابر فضلاء المعقول والمنقول ، وكان عارفا بالرجال ، والتاريخ ، والحديث ، والتفسير ، والعربية ، ماهرا في الفنون العقلية والنقلية .
وقال الكاظمي في ( أحسن الأثر ) ص 36 : وأما مناظراته : فإنه إذا صادف خارج ملة أو مذهب ، فهو يفحمهم ويلقمهم الحجر ـ لا محالة ـ لما عليه من عظيم المقدرة في علم المناظرة ، وزيادة إلمام بكل العلوم معقولها ومنقولها .
أما في المعقول : فإن له اليد الطولى في علم المنطق والحكمة والهيئة والرياضيات والكلام والفلسفة .
وأما في المنقول : فلقد برع فيه ، واجتهد ، وحاز السبق بها على
____________
(49) هكذا ذكره المترجمون له ، لاحظ مصادر هذه الكلمات في ( سيرة آية الله الخراساني ) الطبعة الأولى 1415 ه‍ قم .
(89)

معاصريه (50).
وفي عصر السيد الخراساني في القرن الهجري الماضي ( القرن الرابع عشر الهجري ) خيم شيح الاستعمار الغربي الملحد على البلاد الإسلامية ودنس الغربيون أرض الشرق الطاهرة بأرجلهم الدنسة ، وبدأوا بنفث سموم الفسق والإلحاد ، وبذر الشقاق والفساد ، في كل قطر وبين كل العباد ، وحالوا التفرقة بين أجزاء الوطن الإسلامي ، وقطع أوصال الأمة الإسلامية ، على أساس من الطائفية البشعة والعنصرية القذرة ، والنزاعات المفتعلة ، ونصبوا بينهم العداء ليأكل بعضهم بعضا ، فلا تكون لهم وحدة متشكلة ، ولئلا تكون أمة قوية متراصة .
وحالوا تأجيج شرر التفرقة بين المذاهب الإسلامية الفقهية ، وتوسيع رقعة الخلاف بينها مهما أمكن ، وتوسيع الخلافات الصغيرة ، وتأجيج النزاعات الحقيرة والقديمة ، كما حاولوا تأسيس مذاهب فقهية جديدة ، وإبراز فقهاء جدد ومجددين !
وسعوا في إثارة النزاعات والخلافات بين أهل المذهب الواحد ، لتتسع رقعة الخلاف على راقعها ، ولقد جنوا على البشرية عامة ، وعلى المسلمين خاصة ، بهذه الأعمال جناية كبرى ، لكنهم جنوا من أفعالهم تلك أنهم استولوا على العباد والبلاد وخيراتها وتراثها وجمالها وحتى عقولها ، وذهبوا بكل ذلك إلى بلادهم في شمال العالم الأرضي لتعيش بها شعوبهم ـ قرنا من الزمان ـ في رفاه من العيش ورغد ، وأمن واستقرار ، وهدوء وقانون ، على حساب عذاب ملايين من أفراد البشر في سائر أقطار العالم الجنوبية .
وقد وجدوا في المذهب الشيعي الاثني عشري طائفة متماسكة مؤمنة بمبادئ الإسلام الحقة ، لأنها تعتمد على القرآن وأهل البيت ، الثقلين ، اللذين
____________
(50) نقلنا هذه النصوص من كتاب ( سيرة الإمام الخراساني ) .


خلفهما الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لبني أمته ، ووعد أنها لا تضل ما تمسكت بهما ، وأنهما لا يفترقان ـ أبدا ـ إلى يوم القيامة .
فكان الشيعة أقوى مذاهب الأمة يدا ، وأكثرها صبرا وجلدا ، وأوفاها للإسلام ، وأشدها دفاعا عن القرآن ، وأعلاها نداءا بالوحدة الإسلامية ، وأكثرها سعيا للتقرب بين المسلمين .
فلم يجد الاستعمار الغربي البغيض وأيديه العميلة إلا السعي في تشويه سمعة هذه الطائفة بين المسلمين من جهة ، والسعي في تشتيت وحدة الشيعة من جهة أخرى .
وقد أثاروا الشبه بين عوام الشيعة ، والتشكيكات في المذهب أصولا وفروعا ، ونبشوا التاريخ ليجدوا مثل هذه المشكلة ( الاعتراض على علم الأئمة بالغيب ) فأثاروها ، رغبة في أن توجد شقاقا في الطائفة الشيعية ، بالرغم من كونها شبهة بائدة قديمة ، وقد أجاب عنها علماء الشيعة منذ عصور الأئمة وإلى اليوم بأجوبة سديدة قويمة .
إلا أن الغربيين الحمقى ، لا يهمهم ذلك ، وليس همهم إلا التشبث بكل ذريعة ووسيلة ـ ولو وهمية ـ لإيقاع الفرقة .
فانبرى السيد الخراساني ( ت 1948 م ) للتصدي لهذه الشبهة في رسالة ( عروض البلاء على الأولياء ) .
وقد ذكر فيها ( عشرين وجها ) من بنات أفكاره ، ومبدعات تحقيقاته ، من دون مراجعة أو إرجاع إلى مصدر أو كتاب .
ونجد بعض الوجوه منها قد وردت في الأجوبة المذكورة في ما سبق من العصور ، وخاصة في الأحاديث الشريفة .
ومن المطمأن به أن ذلك كان في مخزون فكر السيد على أثر مراجعته الواسعة للمصادر ، وخاصة كتب الحديث الشريف .
وقد يكون بعضها من توارد الأفكار ، لأن تلك الوجوه كلها ، وخصوصا

(91)

ما ورد في الأثر منها ، وجوه توافق الفطرة السليمة ويقف عليها صاحب السليقة المستقيمة ، كما أنه يوافق كثيرا من الحقائق الراهنة في حياة الأئمة الأطهار عليهم السلام وسيرتهم الكريمة .
والسيد الخراساني هو من عرفناه ابن هذه السلالة ، وسائر على نهجهم ، ومتعمق بالغور في علومهم ، وممتلئ مشبع بأفكارهم ومالك لأزمة تراثهم .
فلا غرو أن يكون ما توصل إليه موافقا لما ذكروه في النتيجة !
والوجوه التي ذكرها هي :
الأول : الفناء المحض في ذات الله ، وإثبات كمال العبودية له .
الثاني : الرضا والتسليم لمشيئة الله ، والسير بمقتضى تقديره .
وهذا وارد في الحديث الشريف عن الإمام الرضا عليه السلام ، والإمام الباقر عليه السلام .
الثالث : العلم بعموم قدرة الله تعالى وكمال حكمته .
الرابع : إظهار عظمة الله تعالى ، وأنه مستحق لكل تعظيم وتسليم من العبد .
الخامس : ظهور مقام العبد وسمو مرتبة هذه العبادة .
السادس : حتى يهون الخطب على سائر العباد .
السابع : حتى لا يعترض الخلق ، ويسلموا لأمر الله تعالى ، وترضى خواطرهم .
الثامن : حتى يستحق الأئمة المثوبات والأجور العظيمة فيكونون الأولين بمقام الخلافة والإمامة .
وهذا الوجه ورد في جواب للإمام الباقر عليه السلام ، وقد ذكره البحراني .
وقد استطرد السيد الخراساني ـ في هذا المورد ـ إلى ذكر :
( الإشكال في فائدة الصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله

(92)

وسلم ) .
و ( أن الفائدة تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو إلى المصلي عليه ؟ ) .
التاسع : أن التوجه إلى الله تعالى ـ مع البلاء ـ يكون أكمل .
العاشر : أن الفرج بعد الشدة ، فيه لذة عظيمة .
الحادي عشر : أن الضغط العارض على النفس مثل الزناد القادح ، فالتنورات القلبية والأشعة الروحية ، لا تعقل فعليتها إلا بتلك الآلام والمصائب .
الثاني عشر : أن تمييز الخبيث من الطيب ، متوقف على الابتلاء .
وفي ضمنه أجاب عن : ( فائدة فعلية معرفة الخبيث ) .
الثالث عشر : أن العبد إذا علم أن البلاء إنما جاءه من جهة القرب من الله وحبه له ، سيستبشر بالبلاء ، ويشكر الله عليه .
الرابع عشر : أن مصائب الأئمة عليهم السلام ـ والحسين عليه السلام خاصة ـ لها منافع عظيمة لجميع الخلق .
وفيه حديث عن الشعائر والمجالس الحسينية وأهميتها ، ومدى اهتمام الأعداء بإزالتها ومحاربتها .
الخامس عشر : أن بقاء الشريعة الإسلامية إنما تم بمظلومية الأئمة عليهم السلام وصبرهم .
السادس عشر : أن ما جرى على الأئمة يثبت صحة النبوة والرسالة ، ببيان انفرد بذكره المصنف .
السابع عشر : أن في وقوع البلاء على أهل بيت الرسول ، تصديقا لأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بها ، وذلك من أعظم ( دلائل النبوة ) وهي من المعاجز التي تحققت بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم .
الثامن عشر : رضا الأئمة عليهم السلام وتسليمهم لهذه المصائب دليل

(93)

على كمال إيمانهم ، وصحة أعمالهم ، وقوة نياتهم ، وذلك دليل على استحقاقهم للإمامة .
التاسع عشر : أن مظلومية الأئمة عليهم السلام دليل على لزوم وجود ( المعاد ) ببيان فريد ذكره المصنف .
متم العشرين : أن تحمل الأئمة عليهم السلام للبلايا والمصائب لطف من جهة دلالته على دناءة الدنيا وحقارتها .
وقد ذكر السيد في نهاية هذا الوجه نكتة عرفانية مهمة ، حاصلها : ( أن من فدى روحه في ( الحج ) بدل الأضحية ، شوقا إلى لقاء الله ، فهو في أعلى مراتب القرب والقبول ) .
أقول : ولذلك جعل الله لمن مات مهاجرا إلى الله ورسوله ـ في الحج ـ أجرا وقع على الله تعالى .
هذا إذا مات بغير اختياره ، فيكف إذا مات باختياره للموت ؟ !
ويلاحظ أن الوجوه التي ذكرها السيد الخراساني قد وضعت بشكل فني من حيث تفاعل المؤمن بالإسلام معها ، لأنها تعتمد على ربط الجوابات بالعقيدة :
ففيها ما يرتبط بعقيدة التوحيد وصفات الله تعالى .
وأنه في منتهى العظمة واستحقاقها ، وأنه قادر ، حكيم ، وأنه قدر الأمور بحكمته ، ومولويته البالغة :
وفيها ما يرتبط بالنبوة وصدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
وأن دعوة الإسلام صحيحة ، لأن فداءها والواقفين في مقدم صفوف المدافعين عنها هم أهل بيت النبي ، ولو كان دينا مزيفا لوقف هؤلاء في المواقع الخلفية حتى يستلذوا من دنياهم ومما زيفوا ، ولكنهم أثبتوا بتضحياتهم ، أن الدين حق ، وأنهم لم يجيئوا به ، ولم يحملوا رايته إلا أداء لواجب الرسالة والإمامة وحقها .

(94)

وهذا مما انفرد بذكره السيد الخراساني .
وكذلك تصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخبر متواترا بما يجري فيما بعده على أهل بيته ، فكان كما قال .
وفيها ما يرتبط بالإمامة :
وأن الأئمة أثبتوا إخلاصهم لله وللنبي ولهذا الدين وحقانيته ، وأنهم لم يطلبوا بالإمامة دنيا فانية ، وإنما هو الحق الذي أرادوا تحقيقه ، ولذلك ضحوا بأنفسهم في سبيله .
وفيها ما يرتبط بالعدل والمعاد :
إذ إن المظالم التي جرت على أهل البيت الطاهر لا بد أن يكون لهم بها مقابل وأجر ، والذين قاموا بهذه المظالم ووطدوا بها حكمهم في الخلافة ، والتذوا بالحكم في دنياهم ، لا بد أن يحاسبوا ويجازوا على ظلمهم ، وقد ماتوا وهم مالكو أرائكها ، أين يجدون جزاء ما جنوا بعد هذه الدنيا ؟ !
إن العدل والوجدان ، يقتضيان أن تقام محكمة تأخذ الحق وتحاكم العدوان وتنزل القصاص ، وتوصل المجرمين إلى الهوان ، وتعطي المظلومين حقوقهم .
وقد ملئت رسالة السيد الخراساني بالمعاني الدقيقة والفوائد الجليلة ، والإفادات الروحية والعرفانية الرفيعة ، مما يزيد من روعتها وعظمتها العلمية والروحية .
وقد رأيت خلال سعيي للكتابة عن هذا البحث أن أحقق هذه الرسالة ، وأقدمها لمحبي العلم والمعرفة ، بعون الله .


 

رد مع اقتباس