عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2010, 11:29 PM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تكملة التفسير




ثم إن الظاهر من السياق وبقرينة الالتفات الذي في قوله :
( إياك نعبد لآية )
إنالسورة من كلام العبد ، وانه سبحانه في هذه السورة يلقن عبده حمد نفسه وما ينبغيان يتأدب به العبد عند نصب نفسه في مقام العبودية ، وهو الذي يؤيده قوله : ( الحمد لله ) وذلك إن الحمد توصيف ، وقد نزه سبحانه نفسه عن وصف الواصفين من عبادهحيث قال :
( سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين ) الصافات - 160 .
والكلام مطلق غير مقيد ولم يرد في كلامه تعالى ما يؤذن بحكاية الحمد عن غيره إلا ما حكاه عن عدة من أنبيائه المخلصين ، قال تعالى في خطابه لنوح عليه السلام فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ) المؤمنون - 28 . وقال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام :
( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ) إبراهيم - 39 . وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في بضعة مواضع من كلامه : ( وقل الحمد لله ) النمل - 93 . وقال تعالىحكاية عن داود وسليمان عليه السلام ( وقالا الحمد لله ) النمل - 15 .
وإلا ما حكاهعن أهل الجنة وهم المطهرون من غل الصدور ولغو القول والتأثيم كقوله :
( وآخردعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) يونس - 10 .
وأما غير هذه الموارد فهو تعالى وان حكى الحمد عن كثير من خلقه بل عن جميعهم ، كقوله تعالى : ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ) الشورى - 5 .
وقوله ( ويسبحالرعد بحمده ) الرعد - 13 .
وقوله ( وإن من شئ إلا يسبح بحمده ) الاسراء - 44 .
إلا أنه سبحانه شفع الحمد في جميعها بالتسبيح بل جعل التسبيح هو الأصل في الحكاية
وجعل الحمد معه ، وذلك أن غيره تعالى لا يحيط بجمال أفعاله وكمالها كما لا يحيطون بجمال صفاته وأسمائه التي منها جمال الافعال ، قال تعالى : ( ولا يحيطون به علما ) طه - 110
فما وصفوه به فقد أحاطوا به وصار محدودا بحدودهم مقدرا بقدر نيلهم منه ، فلا يستقيمما أثنوا به من ثناء إلا من بعد أن ينزهوه ويسبحوه عن ما حدوه وقدروه بافهامهم ، قال تعالى : ( ان الله يعلم وأنتم لا تعلمون ) النحل - 74 ،
وأما المخلصون من عباده تعالىفقد جعل حمدهم حمده ووصفهم وصفه حيث جعلهم مخلصين له ، فقد بان ان الذييقتضيه أدب العبودية ان يحمد العبد ربه بما حمد به نفسه ولا يتعدى عنه ، كما في الحديثالذي رواه الفريقان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسكالحديث )
فقوله في أول هذه السورة : الحمد لله ، تأديب بأدب عبودي ، ما كان للعبد ان يقوله لولا أن الله تعالى قاله نيابة وتعليما لما ينبغي الثناء به .
وقوله تعالى : رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اه ( وقرا الأكثر ملك يوم الدين ) فالرب هو المالك الذي يدبر أمر مملوكه ، ففيه معنى الملك ، ومعنى الملك( الذي عندنا في ظرف الاجتماع ) هو نوع خاص من الاختصاص وهو نوع قيام شئ بشئ يوجب صحة التصرفات فيه ، فقولنا العين الفلانية ملكنا معناه : ان لها نوعا من القيام والاختصاص بنا يصح معه تصرفاتنا فيها ولولا ذلك لم تصح تلك التصرفات وهذا في الاجتماع معنى وضعي اعتباري غير حقيقي وهو مأخوذ من معنى آخر حقيقي نسميه أيضا ملكا ، وهو نحو قيام اجزاء وجودنا وقوانا بنا فان لنا بصرا وسمعا ويدا ورجلا ، ومعنى هذا الملك انها في وجودها قائمة بوجودنا غير مستقلة دوننا بل مستقلة باستقلالنا ولنا ان نتصرف فيها كيف شئنا وهذا هو الملك الحقيقي . والذي يمكن انتسابه إليه تعالى بحسب الحقيقة هو حقيقة الملك دون الملك الاعتباري الذي يبطل ببطلان الاعتبار والوضع ، ومن المعلوم ان الملك الحقيقي لا ينفك عن التدبير فان الشئ إذا افتقر في وجوده إلى شئ فلم يستقل عنه في وجوده لم يستقل عنه في آثار وجوده ، فهو تعالى رب لما سواه لان الرب هو المالك المدبر وهو تعالى كذلك .
واما العالمين :
فهو جمع العالم بفتح اللام بمعنى ما يعلم به كالقالب والخاتم والطابعبمعنى ما يقلب به وما يختم به ، وما يطبع به يطلق على جميع الموجودات وعلى كل نوع مؤلفالافراد والاجزاء منها كعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الانسان وعلى كلصنف مجتمع الافراد أيضا كعالم العرب وعالم العجم وهذا المعنى هو الأنسب لما يؤلإليه عد هذه الأسماء الحسنى حتى ينتهي إلى قوله مالك يوم الدين على أن يكون الدينوهو الجزاء يوم القيمة مختصا بالانسان أو الإنس والجن فيكون المراد بالعالمين عوالمالإنس والجن وجماعاتهم ويؤيده ورود هذا اللفظ بهذه العناية في القرآن كقوله تعالى
( واصطفاك على نساء العالمين ) آل عمران - 42 .
وقوله تعالى : ( ليكون للعالميننذيرا ) فرقان - 1 ،
وقوله تعالى : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد منالعالمين ) الأعراف - 80 .
واما مالك يوم الدين :
فقد عرفت معنى المالك وهو المأخوذ من الملك بكسر الميم ،واما الملك وهو مأخوذ من الملك بضم الميم ، فهو الذي يملك النظام القومي وتدبيرهمدون العين ، وبعبارة أخرى يملك الامر والحكم فيهم .
وقد ذكر لكل من القرائتين ، ملك ومالك ، وجوه من التأييد غير أن المعنيين من السلطنة ثابتان في حقه تعالى ، والذي تعرفه اللغة والعرف ان الملك بضم الميم هو المنسوب إلى الزمان يقال : ملك العصر الفلاني ، ولا يقال مالك العصر الفلاني الابعناية بعيدة ، وقد قال تعالى : ملك يوم الدين فنسبه إلى اليوم ، وقال أيضا :
( لمن الملكاليوم لله الواحد القهار ) غافر - 16 .


 

رد مع اقتباس