عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2010, 08:43 PM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي خلاصة البحث



خلاصة البحث :

إن لفظة السبئية كانت تدل منذ الجاهلية على المنسوبين إلى سبأ بن يشجب ، كان أحدهم عبد الله بن وهب السبائي أول رئيس للخوارج ، وبعد وقوع الفتن بين فرعي قبيلتي عدنان وقحطان في المدينة والكوفة ، أخذت العدنانية تنبزهم بالسبئية ابتداء من عصر بني أمية بالكوفة ، وكان النبز بالسبئية غامضا غير محدد المعنى حتى ظهور تأليف سيف بن عمر في أوائل القرن الثاني الهجري بالكوفة حيث اختلق - بدافع من زندقته وتعصبه للعدنانية - الأسطورة السبئية ، وحرف فيها لفظة السبئية من الدلالة على الانتساب إلى قبائل قحطان إلى الانتساب إلى الفرقة المذهبية التي أسسها عبد الله بن سبأ على حد زعمه .

أما اسم ( عبد الله بن سبأ ) المؤسس المزعوم للفرقة المذهبية ، فإما أن يكون سيف قد صحف لفظة ( عبد الله السبائي ) إلى ( عبد الله بن سبأ ) كما يظهر ذلك من قول الأشعري ، والسمعاني ، والمقريزي ، أوأنه اختلق أسطورته وارتجل اسمه ، أي أنه اختلقهما معا . وعلى أي حال فإنه لم يكن لعبد الله بن سبأ غير عبد الله بن وهب السبائي وجود في عصري عثمان وعلي بتاتا كما بيناه في محله . ‹ صفحة 372 ›

انتشرت أسطورة سيف خلال القرن الثاني وأوائل الثالث في بلاد العراق ( أ ) الكوفة والبصرة وبغداد وما والاها ، ونسي فيها ، مدلول السبئي الأول ( الانتساب إلى قبائل قحطان ) وأصبحت السبئية لا تدل فيها على غير الفرقة المذهبية التي اختلقها سيف .

بينما بقيت في الزمن نفسه محتفظة - في بلاد اليمن ومصر والأندلس - بدلالتها على الانتساب إلى قبائل قحطان . إذا كانت لفظة السبئية خلال القرن الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث تدل على معنيين متغايرين ، فهي في بلاد الشرق المسلم تدل على الفرقة المذهبية ، وفي غيرها على الانتساب إلى قبائل قحطان .

ثم نمت الأسطورة المذهبية وتطورت على أفواه الناس حتى دلت في القرن الثالث على من يعتقد الألوهية للإمام علي بن أبي طالب ( ع ) . وأخيرا نسي المدلول النسبي للسبئية في كل مكان ، ولم يتبادر إلى ذهن السامع من لفظة السبئية غير المدلول المذهبي ، أي المعتقد بوصاية علي أو إلوهيته .

وكذلك الامر في ابن سبأ ، فقد نسي ( عبد الله السبائي ) رئيس الخوارج واشتهر عبد الله بن سبأ الذي اخترع المذهب المزعوم الأول أو الثاني على حد زعمهم والتبس الامر على العلماء - أحيانا - وأخطأوا في فهم بعض الأخبار التي تخص الأول وظنوا انها تخص الثاني واستمر هذا اللبس ‹ صفحة 373 › طوال القرون الماضية .

على أن اللبس لم ينحصر بهما ، بل مثلهما في ذلك مثل التحريف والتصحيف اللذين وقعا في آلاف الكلمات مما أحصاها العلماء في مؤلفاتهم ، وما فاتهم التنبيه عليها حتى اليوم أكثر .

وكذلك الامر بالنسبة إلى سيف ، فإنه لم ينحصر تحريفه وتصحيفه بهذين اللفظين فحسب ، بل مثلهما عنده مثل فعله في غيرهما مما ذكرنا بعضها في مؤلفاتنا .

ويختلف تحريف سيف وتصحيفه عن غيره في أنه من الجائز أن يكون التحريف من غيره وقع خطأ وعلى غير عمد ، بينما هو عامد في فعله ، ويقصد الدس والتشويش بدافع الزندقة ، بالإضافة إلى تعصبه لقبيلته .

ويختلف - أيضا - تحريفه واختلاقه عن غيره في أنه دس واختلق وحرف وصحف وفقا لهوى السلطات ورغبة مختلف طبقات الناس ، وبذلك ضمن لما اختلق ودس وحرف الرواج والانتشار المدهش على مدى العصور .

وخفي على العلماء أمرها كما خفي عليهم اختلاق سيف عشرات الصحابة والرواة والشعراء ، وكذلك اختلاق أخبارهم .

إذا فليس أمر التحريف والاختلاق في ابن سبأ والسبئية بمستغرب من سيف ، وليس بمستغرب خفاء أمرهما على العلماء على مدى العصور ، بل هما موافقان للقواعد المألوفة في نظائرهما .

أما الروايات التي رويت في الكتب عن أئمة أهل البيت وفيها ذكر ابن سبأ فنقول فيها :

‹ صفحة 374 ›

إن الرواية لا تصير غير الموجود موجودا ، وقد مر علينا في البحث عن كلمة عبد الله بن سبأ أنه لم يوجد شخص باسم عبد الله بن سبأ في عصري عثمان وعلي بتاتا ، اللهم إلا عبد الله السبائي ابن وهب ، فما أمكن صدقها من تلكم الروايات على عبد الله السبائي جاز صدقها وصحة صدورها منهم مثل رواية : اعتراضه على الامام في رفع اليدين للدعاء . أو رواية جلب المسيب إياه إلى الامام لتكهنه بالغيب . أو رواية ابتلاء الامام به .

وما لم يمكن صدقها على عبد الله السبائي ابن وهب فموضوع على الأئمة ، ومدسوس على علماء الحديث ( ب ) ، فإنه لا يصح أي خبر أو أية رواية عن شخص مختلق مثل عبد الله بن سبأ أو القعقاع بن عمرو ، حين لم يوجد أحدهما بتاتا . وكذلك الامر بالنسبة إلى السبئية ، فإن كل خبر أو رواية جاز صدقها على المنسوبين إلى قحطان ، جاز صدقها وصحتها ، وكل خبر لم يجز صدقه عليهم ، مفترى ومختلق .
‹ صفحة 375 › بعد كل ما سبق من شرح وبيان ، إن كان هناك من لم يقبل بما ذكرناه ، فليؤمن بكل تلك الأساطير إيمان العجائز بخرافاتها التقليدية .

‹ صفحة 376 ›

مصادر خلاصة وخاتمة :

1 - البحث التمهيدي الثالث كمن ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) ط . بغداد .
2 - فصل السقيفة من الجزء الأول من هذا الكتاب .
3 - فصل حكومة الامام من باب " على عهد الصهرين " من كتاب ( أحاديث أم المؤمنين عائشة ) .
4 - تاريخ ابن الأثير ( 3 / 153 - 353 ) في ذكر حوادث سنوات حكم الامام .
5 - صفين ، لنصر بن مزاحم ( ص 12 ) .
6 - نهج البلاغة ( 1 / 103 ) الخطبة المرقمة ( 167 ) .
7 - الخطبة المرقمة ( 33 ) .
8 - الكتاب المرقم ( 36 ) في ( 2 / 68 ) من نهج البلاغة .

.................................................. ..........

‹ هامش ص 372 ›
( أ ) وجدنا عند أبي مخنف العالم الكوفي المتوفى 157 ه‍ رواية من روايات سيف عن الأسطورة السبئية .
راجع البحث التمهيدي الأول من كتاب ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) ص 10 .

‹ هامش ص 374 ›
( ب ) نقل ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ( 1 / 37 - 38 ) : ( ان ابن أبي العوجاء كان ربيب حماد بن سلمة ، وكان يدس الأحاديث في كتب حماد فلما اخذه محمد بن سليمان - والي الكوفة - وامر بضرب عنقه وأيقن بالقتل ، قال : والله لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث . . . ) . وقال : " وقد كان في هؤلاء الزنادقة من يغفل الشيخ فيدس في كتابه ما ليس من حديثه فيرويه ذلك الشيخ ظنا منه أن ذلك من حديثه " الموضوعات ( 1 / 38 ) .

.................................................. ...


 

رد مع اقتباس