عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2010, 02:21 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تكملة




وهكذا جمع زياد أصحاب حجر في السجن حتى بلغوا اثني عشر رجلا ، ثم دعا رؤوس الأرباع ونظم شهادة عليهم كما مر ذكرها ثم سيرهم إلى الشام وأتبعهم باثنين آخرين فتموا أربعة عشر رجلا ، فلما بلغوا بهم جبانة عرزم ( غ ) نظر قبيصة بن ضبيعة العبسي إلى داره وهي في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات ، فاستأذن الحرس أن يوصي أهله ، فأذنوا له .

فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ثم قال : أسكتن ، فسكتن فقال : اتقين الله عز وجل واصبرن ، فإني أرجو من ربي في وجهي هذا إحدى الحسنيين :
إما الشهادة وهي السعادة ، وإما الانصراف إليكن في عافية ، وإن ‹ صفحة 289 › الذي كان يرزقكن ويكفيني مؤنتكن هو الله تعالى وهو حي لا يموت أرجو أن لا يضيعكن وأن يحفظني فيكن .
ثم انصرف فمر بقومه فجعل القوم يدعون الله له بالعافية . فقال : إن لمما يعدل عندي خطر ما أنا فيه ، هلاك قومي حيث لا ينصرونني . وكان رجا أن يخلصوه ! ومروا بهم على عبيد الله بن الحر الجعفي فقال : ألا عشرة رهط أستنقذ بهم هؤلاء ؟ ! ألا خمسة ! ؟ فجعل يتلهف فلم يجبه أحد من الناس ! فمضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء وبينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا ! فحبسوا هناك . فلما هم رسول زياد أن ينصرف منهم إلى معاوية قام إليه حجر يرسف في قيوده فقال : أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام ، وأخبره أنا قد أومنا وصالحناه فليتق الله ولينظر في أمرنا ، واستشفع فيهم جماعة عند معاوية ، فأمر بتخلية سبيل ستة منهم وأرسل إليهم بأمره فأتوهم عند المساء ورأي الخثعمي أحدهم أعور فقال : يقتل نصفنا وينجو نصفنا .

فقال سعد بن نمران : اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض .

فقال عبد الرحمان بن حسان العنزي : اللهم اجعلني ممن تكرم بهوانهم وأنت عني راض ، فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا ما أراد . فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة ويقتل ثمانية . فقال لهم رسول معاوية :

‹ صفحة 290 ›

أنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له ، فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم ، وأن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم ، غير أنه قد عفا عن ذلك فابرأوا من هذا الرجل نخل سبيلكم ! قالوا :
اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك ! فأمر بقبورهم فحفرت ، وأدنيت أكفانهم ، وقاموا الليل كله يصلون . فلما أصبحوا ، قال أصحاب معاوية : يا هؤلاء !
لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة ، وأحسنتم الدعاء ، فاخبرونا ما قولكم في عثمان ؟ !
قالوا : هو أول من جار في الحكم ، وعمل بغير الحق !
فقال أصحاب معاوية : أمير المؤمنين كان أعلم بكم ! ثم قاموا إليهم فقالوا : تبرأون من هذا الرجل ؟ ! قالوا : بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه .
فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله ، ووقع قبيصة في يدي أبي شريف البدي . فقال له قبيصة : إن الشر بين قومي وقومك آمن ، فليقتلني سواك ! فقال له : برتك رحم ! فأخذ الحضرمي فقتله ، وقتل القضاعي قبيصة ثم إن حجرا قال لهم : دعوني أتوضأ . قالوا له : توضأ : فلما أن توضأ ، قال لهم : دعوني أصل ركعتين .
فأيمن الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين . قالوا : ليصل ، فصلى ثم انصرف .

‹ صفحة 291 ›

فقال : والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ، ولولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها .
ثم قال : اللهم إنا نستعديك على أمتنا ، فإن أهل الكوفة شهدوا علينا ، وإن أهل الشام يقتلوننا !
أما والله لئن قتلتموني بها إني لأول فارس من المسلمين هلك في واديها ، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها ( آ ) . فمشى إليه الأعور هدبة بن فياض بالسيف فأرعدت خصائله . فقال : كلا !
زعمت أنك لا تجزع من الموت ، فأنا أدعك فابرأ من صاحبك !
فقال : ما لي لا أجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا ، وإني والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب .
فقتله ، وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة .

فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي :
ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته .

فبعثوا إلى معاوية يخبرونه بمقالتهما ، فبعث إليهم أن ائتوني بهما . فلما دخلا عليه قال الخثعمي : الله الله ! يا معاوية ! فإنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسؤول عما أردت بقتلنا ، وفيم سفكت دماءنا . ‹ صفحة 292 ›

فقال معاوية : ما تقول في علي ؟
قال : أقول فيه قولك ! قال : أتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به ، فسكت وكره معاوية أن يجيبه ، فقال ابن عم له فاستوهبه من معاوية .
فحبسه شهرا ثم خلى سبيله على أن لا يدخل الكوفة .
ثم أقبل على عبد الرحمن العنزي فقال : إيه يا أخا ربيعة ما قولك في علي ؟ !
قال : دعني ولا تسألني فإنه خير لك قال : والله لا أدعك حتى تخبرني عنه ! قال : أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا ، ومن الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس !
قال : فما قولك في عثمان ؟ ! قال : هو أول من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحق ! قال : قتلت نفسك .
قال : بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي ( با ) !
فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه :
أما بعد ، فإن هذا العنزي شر من بعثت ، فعاقبه عقوبته التي هو أهلها واقتله شر قتلة . ‹ صفحة 293 › فلما قدم به على زياد بعث زياد به إلى قيس الناطف فدفن به حيا ( جا ) .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 287 ›
( ض ) الأحمري والحمراء : العجم يقال لهم ذلك لبياض لونهم .

‹ هامش ص 288 ›
( ظ ) بنو خثعم بن أنمار من قبائل قحطان السبائية ونسب كريم في جمهرة أنساب ابن حزم ( ص 391 ) وقتل هذا مع حجر في مرج عذراء . ( غ ) في معجم البلدان : الجبان : الصحراء وأهل الكوفة يسمون المقابر جبانة ، وبالكوفة محال تسمى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل منها جبانة عرزم .

‹ هامش ص 291 ›
( آ ) يقصد تقتلون بسيفكم في هذه الأرض من فتحها لكم بسيفه وكان أول مسلم وطأتها قدماه ! ! ! وهلك في واديها : مشى فيها .

‹ هامش ص 292 ›
( با ) قال ذلك لما رأى الخثعمي كلم معاوية في شأن ابن عمه ولم يكن له أحد يكلم معاوية في شأنه .


تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

رد مع اقتباس