الموضوع: عبدالله بن سبا
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-03-2010, 12:14 AM   #9
الفاروق الاعظم
مشرف عام


الصورة الرمزية الفاروق الاعظم
الفاروق الاعظم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-05-2022 (12:41 PM)
 المشاركات : 1,422 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات 1



عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات

‹ صفحة 217 ›
قال أهل المقالات : إن ابن سبأ والسبئية قالوا للامام : أنت الله ، فألقاهم في النار ، فقالوا : الآن صح أنك أنت الله .

وإنه نفاه إلى المدائن لطعنه على الصحابة .

وإنه قال : لا يموت الامام ، والمقتول شيطان ، والامام في السحاب ، وأعانه ابن السوداء على قوله . وقالوا : إن السبئية قالت بالرجعة ، وغيبة الامام ، ونبوة الامام ، وإنه المهدي ، وقالت بالتناسخ ، وحلول الله في الأئمة ، و . . . إلخ .

وقالوا : إن من فرق السبئية : الحارثية ، والناووسية ، والممطورة ، والطيارة ، والمعلومية ، والمجهولية ، و . . . إلخ . مؤلفو الفرق يأخذون من أفواه الناس بلا سند ، تشابه أسطورة ابن سبأ وأسطورة النسناس ! مصادر .

‹ صفحة 219 ›

أوردنا في صدر الجزء الأول من هذا الكتاب موجز أسطورة ابن سبأ المختلق الذي زعم مختلقه سيف :
أنه كان يهوديا من اليمن ، وأنه أظهر الاسلام رياء لالقاء الفتنة بين المسلمين ، وجاء بعقيدة الوصاية والرجعة ، وأثار الفتن في البلاد الاسلامية ، وسبب مقتل عثمان ، وحرب الجمل !

وأرجأنا إيراد تفاصيل الأسطورة ومناقشتها إلى الانتهاء من بحوثنا عن سائر مختلقات سيف ، كما أرجأنا البحث عن ابن سبأ الوارد ذكره في كتب أهل المقالات وكتب الحديث - أيضا - إلى هناك ، غير أن الأسئلة الكثيرة التي وجهت إلينا عن رأينا في ابن سبأ المذكور في تلكم الكتب ألجأتنا إلى الخوض في هذا البحث قبل أوانه ، وبدأنا في هذا الفصل بإيراد خلاصات عما ورد في كتب أهل الملل والنحل عن

1 - عبد الله بن سبأ ،
2 - ابن السوداء ،
3 - السبئية ،

ثم مقارنة ورود تلك الأخبار في الكتب بورود أساطير فيها مشابهة لها خلال أربعة عشر قرنا ، ثم الختام بتحقيق عن تطور مدلولات الألفاظ الثلاثة على مدى القرون . ‹ صفحة 220 ›

عبد الله بن سبأ أو ابن السوداء في كتب أهل المقالات قال سعد بن عبد الله الأشعري القمي المتوفى ( 301 ه‍ ) في كتابه :
( المقالات والفرق ) عن عبد الله بن سبأ : " . . . كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم ، وادعى أن عليا ( ع ) أمره بذلك ، وأن التقية لا تجوز ولا تحل ، فأخذه علي فسأله عن ذلك فأقر به ، فأمر بقتله ، فصاح الناس إليه من كل ناحية : يا أمير المؤمنين ! أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك ؟ !
فسيره علي إلى المدائن .

وحكى جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بعد موسى .

( أ ) ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعي علي وهو بالمدائن قالوا للذي نعاه :
كذبت يا عدو الله !
لو جئتنا والله بدماغه في صرة فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك ، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل ، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ، ثم مضوا من ‹ صفحة 221 › يومهم حتى أناخوا بباب علي ، فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته الطامع في الوصول إليه ، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه : سبحان الله !
أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد !

قالوا : إنا نعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته ، وأنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار المغفل ، ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام ، وهذا مذهب السبئية ومذهب الحربية وهم أصحاب عبد الله ابن عمر بن الحرب الكندي في علي ( ع ) ، وقالوا بعد ذلك في علي :
إنه إله العالمين ، وإنه توارى عن خلقه سخطا منه عليهم وسيظهر . . . " ( 1 ) .

وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في شرح النهج ( 1 / 425 ) حيث قال : " قال أصحاب المقالات . . . " .

هكذا سرد الأشعري في كتابه عن السبائية دون أن يذكر سند ما أورده ولا مصدر ما نقله !
وقد قال النجاشي في ترجمته : " وقد سمع من حديث العامة شيئا كثيرا ، وسافر في طلب الحديث ولقي من وجوههم . . . " .

ولم يذكر الأشعري سند ما ذكره عن ابن سبأ في كتاب المقالات ، وكذلك دأب المؤلفين في أخبار أهل الملل والنحل ، يرسلون الكلام على عواهنه ، وليسوا مسؤولين بعد ذلك عن سند أقوالهم !

وزاد الأشعري على الفرقة السبئية : الحربية أو الحرثية نسبة إلى عبد الله بن الحرث الكندي الذي قال عنه ابن حزم : " وإليه ينسب الحارثية ( 2 ) من الروافض .

وكان غاليا كافرا ، أوجب على أصحابه سبع عشرة صلاة كل يوم وليلة ، في كل صلاة خمس عشره ‹ صفحة 222 › ركعة ، ثم تاب باختياره ورجع إلى قول الصفرية من الخوارج . . . "

( ب ) وأورد النوبختي المتوفى ( 310 ه‍ ) في كتابه : ( فرق الشيعة ) أقوال الأشعري السابقة ، غير أنه لم يذكر مسير السبئيين إلى دار الامام للتحقيق عن خبر وفاته ، كما لم يذكر من أين أخذ ما أورده ( 2 ) .

وقال علي بن إسماعيل المتوفى ( 330 ه‍ ) في كتابه ( مقالات الاسلاميين ) : " السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، وذكروا عنه أنه قال لعلي : أنت أنت ، والسبئية يقولون بالرجعة " .

ونقل عن السيد الحميري أنه في ذلك يقول :

إلى يوم يؤوب الناس فيه * إلى دنياهم قبل الحساب

ثم قال : " وهؤلاء يقولون عند سماع الرعد : السلام عليك يا أمير المؤمنين " ( 3 ) .

وقال أبو الحسين الملطي ( 377 ه‍ ) في باب ذكر الرافضة وأصناف اعتقادهم من كتابه : ( التنبيه والرد ) : فأولهم الفرقة الغالية من السبئية وغيرهم :
وهم أصحاب عبد الله بن سبأ ، قالوا لعلي ( ع ) : أنت . أنت .
قال : ومن ‹ صفحة 223 › أنا ؟ قالوا : الخالق البارئ .
فاستتابهم فلم يرجعوا ، فأوقد لهم نارا ضخما وأحرقهم ، وقال مرتجزا .
لما رأيت الامر أمرا منكرا * أججت ناري ودعوت قنبرا

في أبيات له ( ع ) .

وقد بقي منهم إلى اليوم طوائف يقول ولن ذلك ويتلون من القرآن : " إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " ( ج ) وهم يقولون : إن عليا ما مات ولا يجوز عليه الموت وهو حي لا يموت ، ويقال : لما جاءهم نعي علي إلى الكوفة رحمه الله قالوا : لو أتيتمونا بدماغه في سبعين قارورة لم نصدق بموته .

فبلغ ذلك الحسن بن علي ( رضي الله عنهما ) فقال : فلم ورثنا ماله وتزوج نساؤه ؟

والفرقة الثانية من السبئية :

يقولون : إن عليا لم يمت وإنه في السحاب .
وإذا نشأت سحابة بيضاء صافية منيرة ( د ) مبرقة مرعدة قاموا إليها يبتهلون ويتضرعون ويقولون : قد مر بنا في السحاب .

والفرقة الثالثة من السبئية :

هم الذين يقولون : إن عليا قد مات ، ولكن يبعث قبل يوم القيامة ‹ صفحة 224 › ويبعث معه أهل القبور حتى يقاتل الدجال ، ويقيم العدل والقسط في العباد والبلاد ، وهؤلاء يقولون : إن عليا هو الله ولكن يقولون بالرجعة .



والفرقة الرابعة من السبئية :
يقولون بإمامة محمد بن علي ، ويقولون هو في جبال رضوى حي لم يمت ، ويحرسه على باب الغار الذي هو فيه تنين وأسد ، وإنه صاحب الزمان يخرج ويقتل الدجال ويهدي الناس من الضلالة ويصلح الأرض بعد فسادها .
وهؤلاء الفرق كلهم يقولون بالبداء ، وبأن الله تبدو له البداوات ، وكلاما لا أستجيز شرحه في كتاب ، ولا أقدر على النطق به ، وهؤلاء كلهم أحزاب الكفر .
وعاد إلى القول عنهم في ( باب ذكر الروافض وأجناسهم ومذاهبهم ) ونقل عن أبي عاصم أنه قال : الرافضة خمسة عشر صنفا ، ثم تفترق على ما يمقتهم الله فروعا كثيرة ، فمنهم صنفا زعموا أن عليا إله من دون الله تعالى - إلى قوله - : فمنهم عبد الله بن سبأ من بلاد صنعاء نفاه إلى ساباط .
والصنف الذي يقال لهم السبائية يزعمون أن عليا شريك النبي ( ص ) في النبوة وأن النبي ( ص ) مقدم عليه إذا كان حيا فلما مات ورث النبوة فكان نبيا يوحى إليه ويأتيه جبريل ( ع ) بالرسالة ، كذب أعداء الله ، محمد ( ص ) خاتم النبيين . والصنف الذي يقال لهم المنصورية يزعمون : أن عليا في السحاب ‹ صفحة 225 › وأنه لم يمت . . . " ( 4 ) انتهى .

وقال عبد القاهر البغدادي المتوفى ( 429 ه‍ ) في كتابه ( الفرق بين الفرق ) : ( ه‍ ) .
" الفصل الأول في ذكر قول السبئية وبيان خروجها عن ملة الاسلام " السبائية أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي بن أبي طالب ، وزعم أنه كان نبيا ثم غلا فزعم أنه إله ، ودعى إلى ذلك قوما من غواة الكوفة ، ورفع خبرهم إلى علي ( رض ) وأمر علي بإحراق قوم منهم في حفرتين حتى قال بعض الشعراء في ذلك :

لترم بي الحوادث حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين

ثم إن عليا ( رض ) خاف من إحراق الباقين منهم اختلاف أصحابه عليه ، فنفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن ، فلما قتل علي زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليا بل كان شيطانا تصور للناس في صورة علي ، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام .

" وكما كذبت اليهود والنصارى في دعواهما قتل عيسى كذلك كذبت النواصب ( و ) والخوارج في دعواهما قتل علي ( ع ) وإنما رأت اليهود والنصارى شخصا مصلوبا شبهوه بعيسى ، وكذلك القائلون بقتل علي ( رض ) رأوا قتيلا ‹ صفحة 226 › يشبه عليا فظنوا أنه علي ، وعلي قد صعد إلى السماء وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه " .

قال : " وزعم بعض السبئية أن عليا في السحاب وأن الرعد صوته والبرق سوطه " ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال :
" عليك السلام يا أمير المؤمنين " .
قال : " وقد وري عن عامر بن الشراحيل الشعبي ( ز ) أن ابن سبأ قيل له : إن عليا قد قتل ، فقال :
إن جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته ، لا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها " .

قال : " وهذه الطائفة تزعم أن المهدي المنتظر هو علي دون غيره " .

قال : وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي ( ح ) :

برئت من الخوارج لست منهم * من الغزال منهم وابن باب

‹ صفحة 227 ›


ومن قوم إذا ذكروا عليا * يردون السلام على السحاب
ولكني أحب بكل قلبي * وأعلم أن ذاك من الصواب
رسول الله والصديق حقا * به أرجو غدا حسن الثواب

إلى هنا كان البغدادي يتحدث عن عبد الله بن سبأ والسبئيين ثم تحدث بعد ذلك عن عبد الله بن السوداء وقال :
" إن عبد الله بن السوداء كان يعين السبئية على قولها ، وكان أصله من يهود الحيرة فأظهر الاسلام "
وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة فذكر لهم : " إنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصيا وأن عليا وصي محمد . . . " ( ط ) ( 5 ) .

ثم قال البغدادي : " فلما سمع منه ذلك شيعة علي قالوا لعلي : " إنه من محبيك " فرفع قدره وأجلسه تحت درجة منبره ، ثم بلغه عنه غلوه فيه فهم بقتله ، فنهاه ابن عباس عن ذلك ، وقال : إن قتلته اختلف عليك أصحابك وأنت عازم على قتال أهل الشام وتحتاج إلى مداراة أصحابك ، فلما خشي من قتله وقتل عبد الله بن ‹ صفحة 228 › سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس نفاهما إلى المدائن . فافتتن بهما رعاع الناس بعد قتل علي ( رض ) وقال لهم ابن السوداء : والله لينبعن لعلي ( ع ) في مسجد الكوفة عينان تفيض إحداهما عسلا والأخرى سمنا يغترف منهما شيعته " .

وقال : " قال المحققون من أهل السنة :
إن ابن السوداء كان على هوى دين اليهود وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى ، فانتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر " .
وقال في المختار : " خدعته السبئية الغلاة من الرافضة ، فقالوا له : أنت حجة هذا الزمان وحملوه على ادعاء النبوة فادعاها عند خواصه . . . " . وقال في الناووسية : " وانظم إلى هذه الفرقة قوم من السبئية ، فزعموا جميعا أن جعفرا ( ي ) كان عالما بجميع معالم الدين في العقليات والشرعيات . . . " .

كانت هذه أقوال البغدادي في كتابه الفرق عن السبئية ( 6 ) وآرائها ‹ صفحة 229 ›

وانبرى بعد إيرادها لتفنيد الآراء التي نسبها إلى السبئية وأطنب القول في ردهم !
وكان مثله في ذلك مثل من تخيل شبحا في الظلام فجرد سيفه ليضربه به ويقطعه إربا إربا !

! ! ومن أهل الملل والنحل ابن حزم المتوفى ( 456 ه‍ ) قال في كتابه ( الفصل في الملل والأهواء والنحل ) : " من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل أولهم فرقة من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة : " أنت هو " فقال : " ومن هو ! " قالوا : " أنت الله " فاستعظم الامر ، وأمر بنار فأججت ، وأحرقهم بالنار ، فجعلهم يقولون وهم يرمون في النار : " الآن صح عندنا أنه الله تعالى ، لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار " وفي ذلك يقول :

لما رأيت الامر أمرا منكرا * أججت ناري ودعوت قنبرا " ( 7 )


وقال في بيان الفرقة الكيسانية : "

وقال بعض الروافض الامامية - وهي الفرقة التي تدعى ( الممطورة ) - أن موسى بن جعفر حي لم يمت ، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " .

قال : " وقال طائفة منهم - الناووسية أصحاب ناووس المصري - مثل ذلك في أبيه جعفر بن محمد " قال : " وقالت طائفة منهم مثل ذلك في أخيه إسماعيل بن جعفر " . ‹ صفحة 230 ›

قال : " وقالت السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي مثل ذلك في علي وزادوا أنه في السحاب - إلى قوله - : وقال عبد الله بن سبأ لما بلغه قتل علي : لو جئتمونا بدماغه . . . " .

وجاء بعد عبد القاهر البغدادي ، أبو المظفر الأسفرائيني المتوفى سنة ( 471 ه‍ ) وأورد في ( التبصير ) مختصر ما ذكره البغدادي في تعريف ( السبئية أتباع عبد الله بن سبأ ) .

وأوردها - أيضا - بإيجاز السيد الشريف الجرجاني المتوفى سنة ( 816 ه‍ ) في كتابه ( التعريفات ) .

وأوردها بنصها فريد وجدي المتوفى سنة ( 1373 ه‍ ) في لغة عبد الله ابن سبأ من دائرة معارفه .

وقال أبو سعيد نشوان الحميري المتوفى سنة ( 573 ه‍ ) في الحور العين ص 154 : " السبئية : عبد الله بن سبأ ، ومن قال بقوله . . . " ثم ذكر خبر إنكارهم موت الامام ، ثم قال : " فقال ابن عباس - وقد ذكر له قول ابن سبأ - : لو علمنا ذلك ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ميراثه ! " .

وقال الشهرستاني المتوفى سنة ( 548 ه‍ ) في الملل والنحل بعد إيراده ‹ صفحة 231 › موجز روايات المحدثين والمؤرخين في ابن سبأ والسبئية : " وهو - أي عبد الله بن سبأ - أول من فرض القول بإمامة علي ، ومنه انشعبت أصناف الغلاة ، زعموا أن عليا حي لم يقتل وفيه الجزء الآلهي ولا يجوز أن يستولي عليه ، وهو الذي يجئ في السحاب - إلى قوله - :
وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علي ( رض ) واجتمعت عليه جماعة وهم أول فرقة قالت بالتوقف ، والغيبة ، والرجعة ، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي ، وقالت هذا المعنى مما كان يعرفه الصحابة ، وإن كانوا على خلاف مراده ، هذا عمر كان يقول فيه حين فقأ عين واحد ألحد في الحرم ، فرفعت القصة إليه : " ماذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله تعالى " . فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك " ( ك ) .

كانت تلك أقوال أهل الملل والنحل ، ونسج على منوالهم في الهذر آخرون مثل صاحب البدء والتاريخ ( 8 ) فقد قال فيهم : " وأما السبئية فإنهم يقال لهم الطيارة يزعمون أنهم لا يموتون ، وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس ، وأن عليا لم يمت ، وأنه في السحاب وإذا ‹ صفحة 232 › سمعوا صوت الرعد ، قالوا غضب علي . . . " .

قال : " ومن الطيارة من يزعمون أن روح القدس كانت في النبي كما كانت في عيسى ، ثم انتقلت إلى علي ، ثم إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، ثم الأئمة من ولده ، وعامة هؤلاء يقولون بالتناسخ والرجعة ، ومنهم من يزعم أن الأئمة أنوار من نور الله ، وأبعاض من بعضه ، وهذا مذهب الحلاجية .

وأنشدني أبو طالب الصوفي لنفسه :

كادوا يكونون . . . * لولا ربوبية لم تكن فيالها
أعينا بالغيب ناظرة * ليست كأعين ذات المأق والجفن
أنوار قدس لها بالله متصل * كما شاء بلا وهم ولا فطن
هم الأظلة والأشباح إن بعثوا * لا ظل كالظل من فئ ولا سكن " ( ل )

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 220 ›
( أ ) يقصد قول المؤرخين الذين أخذوه من سيف بن عمر ( المتوفى 170 ه‍ ) والذي أوردناه في صدر الجزء الأول من كتابنا عبد الله بن سبأ . وهذه أسطورة ابن سبأ الأول .

‹ هامش ص 222 ›
( ب ) جمهرة أنساب ابن حزم ص ( 247 ) .
وقال عبد السلام في تعليقه عليه " في نسخة مكتبة الشنقيطية : " الحرثية " .

‹ هامش ص 223 ›
( ج ) سورة القيامة : 17 - 18 .
( د ) السحابة البيضاء الصافية المنيرة . لا تكون مبرقة مرعدة وإنما السحابة السوداء هي التي تبرق وترعد .


‹ هامش ص 225 ›
( ه‍ ) قد أوردنا أقواله بإيجاز . ( و ) من المفروض أن هذا الكلام قاله ابن سبأ زمان وفاة الامام في حين أن إطلاق ( النواصب ) على أعداء الامام متأخر عن عصره بدهر .

‹ هامش ص 226 ›
( ز ) أبو عمرو عامر بن الشراحيل الشعبي - من شعب همدان - الحميري الكوفي ولد في النصف الثاني من خلافة عمر وتوفي بعد المائة . روى عن جماعة من الصحابة مثل الإمام علي في حين أنهم صرحوا بأنه لم يسمعهم وإنما رآهم رؤية - راجع ترجمته في التهذيب ( 5 / 65 - 69 ) .

ومما يضعف الرواية أن الشعبي هذا كان قد توفي على أكثر تقدير في السنة التاسعة بعد المائة من الهجرة ، والبغدادي توفي سنة ( 429 ه‍ ) وبينهما ثلاثمائة سنة فكيف روى البغدادي عنه ؟ وإن كان البغدادي قد رواه عن الشعبي بوسائط فمن هم الوسائط ؟ ! . ( ح ) إسحاق بن سويد بن هبيرة العدوي التميمي البصري ، مات بالطاعون سنة ( 131 ه‍ ) كان يتحامل على علي تحاملا شديدا . وقال : لا أحب عليا - التهذيب ( 1 / 236 ) والعدوي نسبة إلى بني العدوية وهي أمهم وكانت من بني عدي الرباب وأبوهم تميمي - راجع لغة العدوي من أنساب السمعاني .

‹ هامش ص 227 ›
( ط ) هذا مفاد رواية سيف عن عبد الله بن سبأ أورده البغدادي محرفا مشوشا ، وزعم أن ابن سبأ غير ابن السوداء وأنهما اثنان وأن ابن السوداء كان من يهود الحيرة بينما ذكر سيف أن ابن سبأ كان من صنعاء اليمن ونعته بابن السوداء ! وقد علق فيليب حتى المسيحي - ناشر مختصر الفرق - على هذا الخبر هنا وقال : " وهذا يدل على تأثير اليهودية في نشوء الفرق الاسلامية " وقال : " وربما كان بحث البغدادي في السبئية أو في بحث وأدقه في الكتب العربية " !

‹ هامش ص 228 ›
( ي ) يقصد به سادس أئمة أهل البيت أبا عبد الله جعفر الصادق المتوفى ( 148 ه‍ ) .

‹ هامش ص 231 ›
( ك ) بناء على هذه الرواية كان الخليفة عمر أول من أسس عقيدة المغالاة في الإمام علي كما كان أول من أظهر القول بالرجعة عندما قال يوم وفاة الرسول : " والله ليرجعن رسول الله " - راجع فصل السقيفة في القسم الأول من هذا الكتاب .
والحق أن الشهرستاني - أيضا - شأنه في ما روى شأن غيره من أهل الملل يأخذ من أفواه الناس من معاصريه ما يتقولونه دونما بحث عن سند ما ينقل ! ! !

‹ هامش ص 232 ›
( ل ) الحلاجية : نسبة إلى أبي عبد الله الحسين بن منصور الحلاج تجول في البلاد وقيل إنه أظهر أنواعا من السحر والشعبذة وإذا علم أن أهل بلد يرون الاعتزال صار معتزليا أو يرون التشيع تشيع أو التسنن تسنن ودعا الناس إلى نفسه فأخذ وقتل ببغداد سنة تسع وثلاثمائة - ترجمته بالعبر ( 2 / 138 ) - والشطر الأول من الأبيات ورد كما سجلناه . ( م ) وأورد رواية أخرى عن سيف ينبغي ذكرها عندما نناقش الأسطورة السبئية إن شاء الله تعالى .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

رد مع اقتباس