باقي الروايات التي ذكر فيها ابن سبأ
6 - عن أبي عبد الله ( ع ) عن آبائه ( ع ) أن أمير المؤمنين ( ع ) قال : " إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء " . فقال ابن سبأ : " يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان " فقال : " بلى " قال : " فلم يرفع يديه إلى السماء ؟ "
قال : ‹ صفحة 182 › أما تقرأ في القرآن " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه ، وموضع الرزق وما وعد الله السماء ( و ) .
7 - والرواية الثانية في أمالي ابن الشيخ الطوسي : أن المسيب بن نجبة ( ز ) جاء إلى أمير المؤمنين متلببا ( ح ) بعبد الله بن سبأ ، فقال : " ما شأنك ؟ "
فقال : " يكذب على الله وعلى رسوله " فقال : " ما يقول ؟ "
قال الراوي : فلم أسمع مقالة المسيب ، وسمعت أمير المؤمنين يقول : " هيهات ! هيهات ! العصب ، ولكن يأتيكم راكب الذعلبة يشد حقوها بوضينها لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلوه " . يريد بذلك الحسين بن علي ( 12 ) ( ط ) .
‹ صفحة 183 › انتهى .
ووردت الرواية في غيبة النعماني هكذا :
عن المسيب بن نجبة قال : قد جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( ع ) ومعه رجل ، يقال له : ( ابن السوداء ) فقال : " إن هذا يكذب على الله وعلى رسوله ويستشهدك ! " .
فقال ( ع ) : " لقد أعرض وأطول ، يقول ماذا ؟ "
فقال : " يذكر جيش الغضب " فقال : " خل سبيل الرجل ، أولئك قوم يأتون في آخر الزمان . . . " الحديث ( 13 ) .
تناقض هاتان الروايتان الروايات الخمس السابقة والتي كانت تدل على تأليه ابن سبأ لبشر له جسد يمشي أمامه ويغيب عنه ، بينما تدل الرواية السادسة على أن ابن سبأ كان ينزه الله عن أن يكون في مكان دون مكان كسائر الأجسام .
وتدل الرواية السابعة على أن ابن سبأ أو ابن السوداء قد تكهن بالغيب فاستعظم المسيب - أو رجل آخر - ذلك منه وعده كذبا على الله وعلى رسوله وجلبه إلى الامام ، فصحح الامام تكهنه ، وأمر بإخلاء سبيله ، وليس ‹ صفحة 184 › إنسان كهذا من قبيل من يؤله بشرا ويكابر عليه حتى يحرق عليه ! !
تناقض روايات الاحراق :
8 - وفي كتب الحديث والرجال روايات أخرى تحكي عن غلاة ألهوا الامام فأحرقهم الامام ، أو أحرق أجسامهم - وليس فيها اسم ابن سبأ - مثل الروايات الآتية : روى الكشي أنه : بينا علي ( ع ) عند امرأة له من عنزة ، وهي أم عمرو ، إذ أتاه قنبر ، فقال : إن عشرة بالباب يزعمون أنك ربهم ، فقال : " أدخلهم " قال : فدخلوا عليه ، فقال : " ما تقولون ؟ "
فقالوا : " إنك ربنا ! وأنت الذي خلقتنا ، وأنت الذي ترزقنا " فقال لهم : " ويلكم ! لا تفعلوا ، إنما أنا مخلوق مثلكم " فأبوا أن يقلعوا ، فقال لهم : " ويلكم !
ربي وربكم الله ! ويلكم ! توبوا وارجعوا " فقالوا : " لا نرجع عن مقالتنا ، وأنت ربنا ! وترزقنا ، وأنت خلقتنا " فقال : " يا قنبر ! آتني بالفعلة " فخرج قنبر فأتاه بعشرة رجال مع الزبل والمرور ، فأمرهم أن يحفروا لهم في الأرض ، فلما حفروا خدا ، أمر بالحطب والنار فطرح فيه حتى صارا نارا تتوقد ، قال لهم : " ويلكم ! توبوا وارجعوا ! " فأبوا وقالوا : " لا نرجع " .
فقذف علي ( ع ) بعضهم ، ثم قذف بقيتهم في النار ثم قال علي : ‹ صفحة 185 › " إني إذا أبصرت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا " ( ي ) أخرج الكشي هذه الرواية مفصلة بترجمة المقلاص وبترجمة قنبر باختصار ، ونقلها عنه المجلسي في البحار ( 14 ) .
9 - وأخرج الكشي - أيضا - والكليني والصدوق والفيض والشيخ الحر العاملي والمجلسي الرواية الآتية :
عن رجل عن أبي جعفر وأبي عبد الله : أن أمير المؤمنين لما فرغ من [ قتال ] أهل البصرة أتاه سبعون من الزط فسلموا عليه ، وكلموه بلسانهم ، فرد عليهم بلسانهم ، ثم قال لهم : " إني لست كما قلتم ! أنا عبد الله ، مخلوق " فأبوا عليه ، وقالوا : " أنت هو " فقال لهم : " لئن لم تنتهوا وترجعوا عما قلتم في ، وتتوبوا إلى الله عز وجل لأقتلنكم " فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا ! فأمر أن تحفر لهم آبار فحفرت ، ثم خرق بعضها إلى بعض ! ، ثم قذفهم فيها . ثم خمر رؤوسها ، ثم ألهبت النار في بئر ليس فيها أحد منهم فدخل الدخان عليهم فماتوا ! ! ! ( 15 ) . روى هؤلاء الأجلة من العلماء هذه الرواية عن ( رجل ) ولا ندري من هو الرجل الذي رواها عن الامامين ورووها عنه ؟ ! ! وأوردها ابن شهرآشوب في المناقب كما يلي : " روي أن سبعين رجلا من الزط أتوه بعد قتال أهل البصرة يدعونه ‹ صفحة 186 › إلها بلسانهم وسجدوا له قال لهم : ويلكم لا تفعلوا إنما أنا مخلوق مثلكم . فأبوا عليه فقال : فإن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله لأقتلنكم ، قال : فأبوا فخد لهم أخاديد وأوقد نارا فكان قنبر يحمل الرجل بعد الرجل على منكبه فيقذفه في النار ثم قال : إني إذا أبصرت أمرا منكرا * أوقدت نارا ودعوت قنبرا ثم احتفرت حفرا فحفرا * وقنبر يحطم حطما منكرا " ورواها عن المناقب كل من المجلسي في البحار والنوري في المستدرك ( 16 ) .
10 - وأخرج الكليني والطوسي الرواية الآتية عن أبي عبد الله قال : أتى قوم أمير المؤمنين ( ع ) فقالوا : " السلام عليك يا ربنا " فاستتابهم فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نارا وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الأخرى نارا حتى ماتوا ( 17 ) .
11 - وروى الصدوق والطوسي : عن أبي عبد الله ( ع ) : أن رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين ( ع ) فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال له : " ويحك لعله بعض من تشبه عليك " فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فأتى بهما فقال لهما : " ارجعا " فأبيا ، فخد لهما في الأرض خدا فأجج نارا فطرحهما فيه ( 18 ) .
‹ صفحة 187 ›
12 - وروى الذهبي ، قال : جاء أناس إلى علي ، فقالوا : " أنت هو ! " . قال : " ويلكم ! من أنا " . قالوا : " أنت ربنا ! " . قال : " ارجعوا " فأبوا ، فضرب أعناقهم ، ثم خد لهم في الأرض ثم قال : " يا قنبر ! ائتني بحزم الحطب " فحرقهم بالنار وقال : لما رأيت الامر أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا ( 19 )
13 - وروى أحمد بن حنبل عن عكرمة : أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الاسلام فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : ( لم أكن لأحرقهم بالنار ، وإن رسول الله ( ص ) قال : " لا تعذبوا بعذاب الله " وكنت قاتلهم لقول رسول الله ( ص ) : " من بدل دينه فاقتلوه " فبلغ ذلك عليا كرم الله وجهه فقال : " ويح ابن أم ابن عباس ( 20 ) إنه لغواص على الهنات " ( 21 ) .
وفي رواية : " فبلغ ذلك عليا ، فقال : صدق ابن عباس " ( 22 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 182 ›
( و ) لابد للجسد في توجه النفس إلى الله من الاتجاه إلى جهة خاصة بكيفية خاصة يعينهما الله بواسطة أوليائه ، وإلا فما معنى استقبالنا الكعبة في الصلاة بالكيفية الخاصة مع قوله : " فأينما تولوا فثم وجه الله " ، البقرة : 115 .
( ز ) المسيب بن نجبة الفزاري كان من أصحاب علي واحد أمراء التوابين يوم عين الوردة ( جمهرة ابن حزم 258 ) وقتل بها سنة 65 ه سفينة البحار ( 1 / 677 ) روى عنه الترمذي - التقريب ( 2 / 250 ) .
( ح ) لببه : جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره .
و ( المتلبب ) : المتحزم بالسلاح وغيره ، وكل مجمع بثيابه .
( ط ) ( العصب ) لعلها ( العضب ) : الرجل الحديد الكلام ، والغلام الخفيف الرأس ، والسيف القاطع .
و ( الذعلبة ) : الناقة السريعة ، و ( الحقو ) الخصر و ( الوضين ) : بطان عريض من جلد يشد به الهودج .
و ( لم يقض تفثا ) لم يزل وسخه بعد الحج والعمرة من قوله تعالى : * ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا . . . ثم ليقضوا تفثهم ) * .
‹ هامش ص 185 ›
( ي ) ( الخد ) الحفرة المستطيلة في الأرض و ( الزبل ) ككتب جمع الزبيل كأمير وعاء كالقفة والجراب .
و ( المرور ) جمع المر المسحاة .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|