عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 08-02-2010, 12:58 PM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5406 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الاسطورة الثانية بشارات الانبياء بعمر



العنوان:



[ بشارات الانبياء بعمر ]



عبد الله بن سبا - السيد مرتضى العسكري - ج 2 - ص 107 – 116


‹ صفحة 109 ›

2 - بشارات الأنبياء بعمر :

روى الطبري عن سيف - في حوادث سنة 15 ه‍ - خبر فتح بلاد فلسطين قال : كتب عمر إلى عمرو بن العاص يأمره بصدم الارطبون ، قائد الروم بفلسطين ، قال :
وكان الارطبون أدهى الروم ، وأبعدها غورا ، وأنكاها فعلا ، وقد كان وضع بالرملة ( 1 ) جندا عظيما ، وبإيلياء ( 2 ) جندا عظيما ، قال سيف :
وكتب عمرو إلى عمر بالخبر فلما جاءه كتاب عمرو ، قال : " قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانظروا عم تنفرج ؟
" قال سيف : فأقام عمرو على أجنادين ( 3 ) لا يقدر من الارطبون على سقطة ولا تشفيه الرسل ، فوليه بنفسه ، فدخل عليه كأنه رسول فأبلغه ما يريد وسمع كلامه وتأمل حصونه ، حتى عرف ما أراد ، وقال أرطبون في نفسه :
إن هذا لعمرو أو من يأخذ عمرو برأيه ، فأمر إنسانا يقعد على طريقه ليقتله إذا مر به ، وفطن له عمرو ، فقال له : قد سمعت مني وسمعت منك ، وقد وقع قولك مني موقعا ، ‹ صفحة 110 › وأنا واحد من عشرة بعثنا عمر إلى هذا الوالي لنكانفه ، فأرجع فأتيك بهم الآن !
فإن رأوا في الذي عرضت مثل الذي أرى ، فقد رآه أهل العسكر والأمير ، وإن لم يروه رددتهم إلى مأمنهم ، فقال : نعم ، ورد الرجل الذي أمره بقتل عمرو ، فخرج عمرو من عنده ، وعلم الرومي بأنه خدعه فقال : لله عمرو !
وناهده عمرو ، وقد عرف مأخذه ، والتقوا بأجنادين فاقتتلوا قتالا شديدا كقتال اليرموك ، حتى كثرت القتلى بينهم ، وانهزم أرطبون إلى إيليا - بيت المقدس - ونزل عمرو أجنادين ، وأفرج المسلمون الذين يحصرون بيت المقدس لارطبون فدخل إيلياء وأزاح المسلمين عنه إلى عمرو بأجنادين ، وكتب أرطبون إلى عمرو بإنك صديقي ونظيري . إنك في قومك مثلي في قومي ، والله لا تفتح من فلسطين شيئا بعد أجنادين فارجع ولا تغر فتلقى ما لقي الذين قبلك من الهزيمة . فدعا عمرو رجلا يتكلم بالرومية ، فأرسله إلى أرطبون وأمره أن يغرب ويتنكر ، وقال :
استمع ما يقول حتى تخبرني به إذا رجعت إن شاء الله ، وكتب إليه : " جاءني كتابك وأنت نظيري ومثلي في قومك لو أخطأتك خصلة تجاهلت فضيلتي ، وقد علمت أني صاحب فتح هذه البلاد ، وأستعدي عليك فلانا وفلانا وفلانا - لوزرائه - فأقرئهم كتابي ولينظروا في ما بيني وبينك " . فخرج الرسول على ما أمره به حتى أتى أرطبون فدفع إليه الكتاب بمشهد من النفر ، فاقترأه ، فضحكوا وتعجبوا وأقبلوا على أرطبون فقالوا : من أين علمت ليس بصاحبها ؟
قال : ‹ صفحة 111 › " صاحبها رجل اسمه عمر ثلاثة أحرف " ( 1 ) فرجع الرسول إلى عمرو فعرف عمرو أن الذي تفتح إيلياء على يده هو الخليفة عمر فكتب إلى عمر يستمده ، وقال :
" إني أعالج حربا كؤودا صدوما ، وبلادا ادخرت لك ، فرأيك ! " ولما كتب عمرو إلى عمر بذلك ، عرف عمر أن عمرا لم يقل ذلك إلا بعلم ، فنادى في الناس ثم خرج فيهم حتى نزل الجابية ( 2 ) .

وقال سيف : لما دخل عمر إلى الشام تلقاه رجل من يهود دمشق فقال : " السلام عليك يا فاروق !

أنت صاحب إيلياء ، لا والله لا ترجع حتى يفتح الله عليك " .

قال سيف :
وكانوا قد أشجوا عمرا وأشجاهم ولم يقدر عليها ولا على الرملة . فبينا عمر معسكرا بالجابية فزع الناس إلى السلاح ، فقال عمر : " ما شأنكم ؟ "
فقالوا : " ألا ترى الخيل والسيوف ؟ "

فنظر فإذا كردوس يلمعون بالسيوف فقال عمر : " مستأمنة ! ولا تراعوا وأمنوهم ! " فأمنوهم وإذا هم أهل إيلياء ، فأعطوه - أي أعطوا عمر - ما أراد ، واكتتبوا منها على إيلياء وحيزها ، والرملة وحيزها فصارت فلسطين نصفين ، نصف مع أهل إيلياء ونصف مع أهل الرملة ‹ صفحة 112 › وهم عشر كور ، قال سيف : وفلسطين تعدل الشام كله ، وشهد ذلك اليهودي الصلح فسأله عمر عن الدجال ، فقال :

" هو من بني بنيامين ، وأنتم والله يا معشر العرب تقتلونه على بضع عشرة ذراعا من باب لد " . وقال سيف : ولحق أرطبون بمصر مقدم عمر الجابية ولحق به من أحب ممن أبى الصلح ثم لحق بالروم عند صلح أهل مصر وغلبهم الروم في البحر وبقي بعد ذلك ، فكان يكون على صوائف الروم والتقى هو وصاحب صائفة المسلمين ( 1 ) .

فيختلف هو ورجل من قيس يقال له ، ضريس فقطع يد القيسي وقتله القيسي فقال :


فإن يكن أرطبون الروم أفسدها * فإن فيها بحمد الله منتفعا بنانتان وجرموز أقيم به * صدر القناة إذا ما آنسوا فزعا


وإن يكن أرطبون الروم قطعها * فقد تركت بها أوصاله قطعا



وقال زياد بن حنظلة :


تذكرت حرب الروم لما تطاولت * وإذ نحن في عام كثير نوازله


وإذ نحن في أرض الحجاز وبيننا * مسيرة شهر بينهن بلابله


وإذ أرطبون الروم يحمي بلاده * يحاوله قرم هناك يساجله


‹ صفحة 113 ›

وروى سيف بسنده ( عمن شهد ) قال : لما شخص عمر من الجابية إلى إيلياء دخل المسجد - بيت المقدس - وصلى فيه ثم قام من مصلاه إلى كناسة كانت الروم قد دفنت بها بيت المقدس في زمان بني إسرائيل فلما صار إليهم أبرزوا بعضها وتركوا سائرها ، وقال عمر : " يا أيها الناس اصنعوا كما أصنع " وجثا في أصلها وحثا في فرج من فروج قبائه وسمع التكبير من خلفه وكان يكره سوء الرعة في كل شئ فقال : " ما هذا ؟ "
فقالوا : كبر كعب وكبر الناس معه .

فقال : " علي به " فأتى به ، فقال : " يا أمير المؤمنين ! إنه قد تنبا على ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة " فقال : " وكيف ؟

" فقال : " إن الروم أغاروا على بني إسرائيل فأديلوا عليهم فدفنوه ، ثم أديلوا فلم يفرغوا له ، فبعث الله نبيا على الكناسة ، فقال : أبشري أوري شلم عليك الفاروق ينقيك مما فيك . . . " .

وزاد في رواية أخرى : " أتاك الفاروق في جندي المطيع ويدركون لأهلك بثارك في الروم . . . " الحديث .

في هذا الخبر هيأ سيف القارئ لتلقي نبأ بشارة الأنبياء بعمر حين ذكر أولا :
أن القائد الرومي أرطبون كان يعلم أن فاتح إيلياء وغيرها من بلاد فلسطين رجل اسمه عمر ثلاثة أحرف .
فإن القارئ لابد أن يفهم من ذلك أن أرطبون اطلع على هذا العلم ‹ صفحة 114 › من أهله .

ومن هم أهله غير الذين تلقوه من الأنبياء ؟ ! ثم أردفه بمبادرة اليهودي إلى عمر يبشره بأنه صاحب إيلياء ويحلف بالله إنه لا يرجع حتى يفتح الله عليه ، ويلقبه بالفاروق .

يشعر سيف في ذلك أن اليهودي كان قد وجد لقب عمر في الكتب : ( الفاروق ) فخاطبه به ، وأنه كان ذا علم بالكتب السابقة فقد سأله عمر عن الدجال ، فأخبره اليهودي عن نسبه ، وعمن يقتله وحدد مكان قتله بضبط عجيب .

ثم أتم سيف ما أراد حبكه في خبر حمل عمر الكناسة بقبائه ، وأمره الناس باتباعه ، ثم تكبير كعب المباغت ، وتكبير الناس معه ، ثم جلب عمر إياه ، وسؤاله منه ، عن سبب تكبيره .


تمهيد بعد تمهيد


ثم يأتي الخبر بعد كل تلك التمهيدات عن لسان كعب في جواب الخليفة :
" يا أمير المؤمنين ! إنه قد تنبأ على ما صنعت اليوم نبي منذ خمسمائة سنة " .

ثم يحكم أكذوبته بسؤال عمر عنه ثانية :
" وكيف ؟ " .

فيخبره أن الروم غلبوا بني إسرائيل فدفنوا بيت المقدس بالكناسة فبعث الله نبيا على الكناسة ، فقال :

" أبشري أوري شلم عليك الفاروق ينقيك مما فيك . . . " .

وعزز سيف فريته برواية أخرى زاد فيها وصف جنده ، قال : " أتاك الفاروق في جندي المطيع ، ويدركون لأهلك بثارك في الروم . . . " . ‹ صفحة 115 ›

أرطبون النصراني أخبر من ذي قبل أن اسم فاتح إيلياء عمر ! والرجل اليهودي بشر ، وكعب كشف في ما قال عن منشأ هذه الأخبار أنها بشارات الأنبياء ! !
ومزيدا للاتقان وزع سيف الخبر على روايات متعددة .

أبعد كل هذا يبقي شك لاحد أن الخليفة عمر بشرت الأنبياء به كما بشرت بنبي يأتي من بعدهم اسمه أحمد ؟ !

وخاصة بعد ما نقل إمام المؤرخين الطبري الخبر بتاريخه !
.................................................. .........
‹ هامش ص 109 ›
( 1 ) الرملة : من مدن فلسطين القديمة .
( 2 ) إيلياء : بيت المقدس .
( 3 ) أجنادين : كانت من نواحي فلسطين .

‹ هامش ص 111 ›
( 1 ) وفي تاريخ ابن الأثير : " فقال : صاحبها رجل صفته كذا وكذا وذكر صفة عمر " .
( 2 ) الجابية كانت من أعمال دمشق .

‹ هامش ص 112 ›
( 1 ) الصائفة :
الغزوة في الصيف وبها سميت غزوة الروم لأنهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد والثلج وصاحب الصائفة يكون أمير الغزوة ، ورواية سيف هذه تخالف رواية أخرى له بالسند نفسه أوردها الطبري في ذكر حوادث سنة 20 ه‍ من تاريخه ذكر سيف فيها أن أرطبون قتل في أول حملة على عمرو بن العاص أيام فتحه مصر .


.................................................. ......




رد مع اقتباس