سادسا - هل الشرط هو طهارة المولد
أو عدم كونه ابن زنى ؟
هناك موضوع تعرض له بعض
الفقهاء في بحث إمامة الجماعة - يمكن
إسراؤه إلى جميع ما اعتبر فيه هذا
الشرط - وهو :
أن الشرط هل هو طهارة المولد أو
عدم كونه ولد زنى ؟ فإن كان الشرط هو
طهارة المولد فلا بد من إحرازه ، ولذلك لا
يصح الاعتماد على من شك في طهارة
مولده ، لأنه عنوان وجودي وعند الشك
في تحققه يجري أصل العدم ، فكل من شك
في طهارة مولده فالأصل يقتضي عدم
طهارته ، بخلاف ما لو كان " عدم كونه ابن
زنى " ، لأنه يجري فيه - عند الشك في
تحققه - أصالة العدم أيضا ، فكل من شك
في كونه ابن زنى فالأصل يقتضي عدم
كونه ابن زنى ، وعندئذ يكون الأثر
المترتب على كل منهما معاكسا للآخر .
والموجود في النصوص هو الثاني
بينما الذي يعبر عنه الأصحاب - غالبا - هو
الأول - أي طهارة المولد - ولكن يمكن
توجيه ذلك بأنهم يريدون من طهارة
المولد عدم كونه ابن زنى ، وإذا ثبت ذلك
فيرتفع الإشكال ، قال في المستمسك :
" والمعروف : التعبير عن هذا الشرط
بطهارة المولد ومقتضاه : عدم جواز الإئتمام
مع الشك ، لأصالة عدم الطهارة ، بخلاف
التعبير بما في النصوص فيجوز الإئتمام معه
لأصالة عدم كونه عن زنى ، بناء على
جريان الأصل في العدم الأزلي ، ولأجل
ذلك يكون اللازم هو التعبير بما في
النصوص ، إلا أن يكون بناؤهم على عدم
‹ صفحة 201 ›
الفرق ، لأصالة طهارة المولد وكونه عن
نكاح صحيح ، فإنها معول عليها عند
العقلاء والمتشرعة . . . " ( 1 ) .
وقد سبقه بهذه النكتة صاحب
الجواهر حيث إنه بعد أن استشهد
بروايات ثلاثة على عدم صلاحية إمامة
" ابن الزنى " ، قال : " . . . لكنها كما ترى لا
دلالة في شئ منها على ما عبر به
الأصحاب من " طهارة المولد " بل أقصاها
المنع عن ابن الزنى ، ولعله لأن كل من لم
يعلم أنه ابن زنى محكوم عندهم عليه
بطهارة مولده شرعا حتى من كان ولد
على غير الإسلام ثم استبصر ، أو التقط في
دار الحرب أو الإسلام ممن لا يعرف له
أب وإن كان هو لا يخلو من إشكال ،
فالأولى التعبير بأن لا يكون " ابن زنى "
بدله ، كما هو مضمون الأخبار ، فيكفي
حينئذ في صحة الائتمام عدم العلم بكونه
ابن زنى ، لإطلاق الأدلة أو
عمومها . . . " ( 2 ) .
تبقى نقطتان ينبغي الإشارة إليهما
وهما :
1 - قد صرح الفقهاء بأن ولد الشبهة
لا ريب في طهارته وإن تناولته الألسن ،
ومن ذلك ما صرح به صاحب الجواهر
قائلا : " وأما ولد الشبهة فلا ريب في
طهارة مولده شرعا كالمولود على الفراش
وإن تناولته الألسن ، إلا أنه لم يثبت
شرعا كما هو واضح " ( 1 ) .
هذا ولكن جاء في تحرير الوسيلة
- في بحث الشهادة - : " . . . وأما لو جهلت
حاله فإن كان ملحقا بفراش ، تقبل
شهادته وإن نالته الألسن ، وإن جهلت
مطلقا ولم يعلم له فراش ففي قبولها
إشكال " ( 2 ) .
2 - هل يكون من " ابن الزنى " من
ولد على غير نكاح والديه ثم استبصر
وأسلم ؟ فيكون ولد اليهوديين على غير
نكاحهما ابن زنى وإن أسلم ، أو لا ؟
يظهر من صاحب الجواهر أنه
يجري عليه أحكام " ابن الزنى " قال :
" نعم ، لا يبعد أن يكون من ابن
الزنى من ثبت أنه تكون على غير نكاح
‹ صفحة 202 ›
والديه ، فولد اليهوديين على غير نكاحهما
" ابن زنى " وإن استبصر إلا أن يدعى
شمول قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن الإسلام
يجب ما قبله " لمثله وإن كان فيه تأمل أو
منع . . . " ( 1 )
ولكن يظهر من بعض آخرين
خلافه .
........................................
‹ هامش ص 201 ›
( 1 ) المستمسك 7 : 320 .
( 2 ) الجواهر 13 : 324 .
( 1 ) الجواهر 13 : 325 .
( 2 ) تحرير الوسيلة 2 : 443 كتاب الشهادات ،
صفات الشهود ، الشرط 5 .
‹ هامش ص 202 ›
( 1 ) الجواهر 13 : 325 .