الأحكام :
إن البول تارة يكون ل " ما يؤكل
لحمه " وتارة ل " ما لا يؤكل لحمه "
ويختلف حكم كل منهما .
أولا - أبوال ما يؤكل لحمه :
والبحث حول ذلك يقع في الموارد
التالية :
1 - طهارتها ونجاستها :
نقل دعوى الإجماع ( 1 ) من العديد
‹ صفحة 188 ›
من الفقهاء - كالشيخ والسيد المرتضى وابن
زهرة والعلامة والشهيد وغيرهم - على
طهارة فضلة مأكول اللحم ، وقد ورد :
" كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج
منه " ( 1 ) .
نعم هناك موردان للاختلاف :
ألف - ذرق الدجاج ، وقد حكي عن
الصدوق والمفيد والشيخ القول بالاجتناب
عنه ، مع أنه نقل عن الشيخ نفسه الحكم
بطهارته في الاستبصار كما نقل عنه دعوى
الإجماع على القاعدة الكلية : " كل ما أكل
لحمه فإن روثه وبوله طاهر " ( 2 ) .
ب - أبوال وأرواث الحمار والبغل
والخيل ، فقد نقل في المستمسك عن ابن
الجنيد والشيخ في بعض كتبه والمحقق
الأردبيلي وبعض تلامذته وصاحب
الحدائق ، القول بنجاستها ( 3 ) .
بينما ذهب المشهور في الموردين إلى
الطهارة ، خاصة الأول ( 4 ) ومع ذلك قال
الشهيد في الذكرى : " وفي بول الدابة
والحمار والبغل قولان ، الأقرب
الكراهية " ( 1 ) .
2 - جواز شربها :
اختلفوا في جواز شرب أبوال ما
يؤكل لحمه وعدمه على قولين :
الأول - القول بالحلية تبعا لحلية
لحمها وطهارتها . ذهب إليه جماعة كالسيد
المرتضى وابني الجنيد وإدريس على ما نقل
عنهم ( 2 ) ، ومال إليه الشهيد في الروضة ( 3 )
مقيدا لذلك بما إذا كان له نفع ، واختاره
صاحب الجواهر ( 4 ) ، وقواه في
تحرير الوسيلة ( 5 ) .
الثاني - القول بالحرمة ، ويختلف
مستند هؤلاء ، فقد ذهب بعضهم إلى القول
بالحرمة من باب أنها نجسة مثل سائر
الأبوال مما لا يؤكل ، كالشيخ في النهاية ( 6 )
‹ صفحة 189 ›
وظاهر ابن حمزة ( 1 ) .
وذهب آخرون إلى الحرمة من باب
أنها من الخبائث وإن كانت طاهرة في حد
ذاتها ، كما يظهر ذلك من المحقق ( 2 )
والعلامة في بعض كتبه ( 3 ) وصاحب
الرياض ( 4 ) والسيد الخوئي في المنهاج ( 5 ) .
هذا كله في غير الإبل ، أما فيها فقد
تقدم الكلام فيه مشبعا في عنوان " إبل "
وأنه جائز شربه وجميع التصرفات فيه .
3 - جواز بيعها :
في جواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه
- عدا بول الإبل - قولان :
ألف - تحريم بيع الأبوال مطلقا مما
يؤكل وما لا يؤكل إلا بول الإبل خاصة ،
وهو مختار المفيد ( 6 ) وسلار ( 7 ) ، ويظهر من
الشيخ في النهاية ( 8 ) والعلامة في التذكرة ( 9 )
والقواعد ( 1 ) .
ب - جواز بيع أبوال ما يؤكل لحمه
مطلقا ، قال صاحب الجواهر : " . . . لكن
يقوى في النظر جواز التكسب بها أيضا
وفاقا للحلي والفاضل في المختلف
والتحرير والآبي والشهيدين والكركي
وغيرهم . . . " ( 2 ) .
وقال الشيخ الأنصاري في
المكاسب : " ما عدا بول الإبل من أبوال ما
يؤكل لحمه المحكوم بطهارتها عند المشهور
إن قلنا بجواز شربها اختيارا كما عليه
جماعة من القدماء والمتأخرين ، بل عن
المرتضى دعوى الإجماع عليه ، فالظاهر
جواز بيعها ، وإن قلنا بحرمة شربها كما هو
مذهب جماعة أخرى لاستخباثها ففي
جواز بيعها قولان . . . " ( 3 ) .
أي بناء على القول بحرمة شربها
للاستخباث ففي الجواز وعدمه قولان .
فالقول بعدم الجواز مبني على عدم
وجود منفعة محللة مقصودة ، والنادرة لا
تبرر الجواز وإلا لجاز بيع كل شئ .
‹ صفحة 190 ›
والقول بالجواز مبني على أن المنفعة
الظاهرة - ولو عند الضرورة - للشرب
كافية في الجواز .
ويبدو أن القول بالجواز وعدمه
يدور مدار وجود منفعة محللة مقصودة
وعدمه ، فعلى القول بوجودها يلتزم بجواز
البيع وإلا فلا .
ويظهر من تحرير الوسيلة ( 1 )
والمنهاج ( 2 ) وجود مثل هذه المنفعة في
الأبوال .
........................
هامش ص 187
( 1 ) المستمسك 1 : 281 .
‹ هامش ص 188 ›
( 1 ) الوسائل 2 : 1011 ، الباب 9 من أبواب
النجاسات ، الحديث 12 .
( 2 ) الجواهر 5 : 287 .
( 3 ) المستمسك 1 : 283 .
( 4 ) التنقيح 1 : 455 .
( 1 ) الذكرى : 13 .
( 2 ) المسالك 2 : 247 .
( 3 ) الروضة 7 : 324 .
( 4 ) الجواهر 36 : 391 .
( 5 ) تحرير الوسيلة 2 : المسألة 32 ، كتاب
الأطعمة .
( 6 ) النهاية : 364 .
‹ هامش ص 189 ›
( 1 ) الوسيلة : 364 .
( 2 ) الشرائع 3 : 227 .
( 3 ) القواعد 1 : 158 .
( 4 ) الرياض 2 : 289 .
( 5 ) منهاج الصالحين 2 : 379 ، المسألة 1698 .
( 6 ) المقنعة : 587 .
( 7 ) المراسم : 170 .
( 8 ) النهاية : 364 .
( 9 ) التذكرة 1 : 583 .
( 1 ) القواعد 1 : 121 .
( 2 ) الجواهر 22 : 21 .
( 3 ) المكاسب : 3 .
‹ هامش ص 190 ›
( 1 ) تحرير الوسيلة 1 : 494 ، كتاب المكاسب ،
المسألة 4 .
( 2 ) منهاج الصالحين 2 : 4 ، المسألة 6
................................