احكام انية الذهب والفضة
أولا - آنية الذهب والفضة :
والأحكام المترتبة عليها كما يلي :
1 - الأكل والشرب منها :
ذهب فقهاء الإمامية إلى حرمة
الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة ،
ويظهر من عديد منهم أن ذلك إجماعي
عندهم ، منهم العلامة الحلي في التذكرة ( 1 ) ،
والشهيد الأول في الذكرى ( 2 ) .
نعم ، قال الشيخ الطوسي في
الخلاف : " يكره استعمال أواني الذهب
والفضة . . . " ( 3 ) ، ولكنه قال في بحث الزكاة :
" أواني الذهب والفضة محرم اتخاذها
واستعمالها . . . " ( 4 ) ، وقال في المبسوط :
" أواني الذهب والفضة لا يجوز استعمالها في
الأكل والشرب وغير ذلك . . . " ( 5 ) ، ولذلك
حمل بعض الفقهاء الكراهة في كلامه على
التحريم ( 6 ) .
هذا ، ولكن المحقق الأردبيلي شكك
في التحريم ومال إلى الكراهة - وإن
لم يصرح بها - ومع ذلك يظهر منه أن
القول بالتحريم إجماعي ، لأنه نسبه إلى
‹ صفحة 117 ›
فتوى الأصحاب ( 1 ) .
2 - حكم سائر استعمالاتها :
وأما بالنسبة إلى سائر استعمالاتها ،
فالظاهر من المشهور هو حرمتها أيضا ،
وقد صرح بالتحريم الشيخ في المبسوط ( 2 ) ،
والمحقق في المعتبر ( 3 ) ، والعلامة في
التذكرة ( 4 ) والقواعد ( 5 ) ، كما يظهر من
الشهيد الأول في الذكرى ( 6 ) ، والمحقق
الثاني ( 7 ) ، وصاحب المدارك ( 8 ) ، وصاحب
الحدائق ( 9 ) ، وصاحب الجواهر ( 10 ) ، والسيد
اليزدي ( 11 ) ، والسيد الحكيم ( 12 ) ، والإمام
الخميني ( 13 ) ، والسيد الخوئي ( 14 ) على نحو
الاحتياط .
3 - حكم اقتنائها :
المعروف بين فقهاء الإمامية هو
حرمة اقتنائها من دون استعمال أيضا ، نعم
يظهر من العلامة في المختلف ( 1 ) التشكيك
في ذلك ، والميل إلى الجواز ، ووافقه المحقق
الأردبيلي في مجمع الفائدة ( 2 ) ، وبعض
المعاصرين كالسيد الحكيم ( 3 ) والإمام
الخميني ( 4 ) ، والسيد الخوئي ( 5 ) .
4 - حكم التطهر منها :
اختلف الفقهاء في صحة التطهر من
آنية الذهب والفضة على أقوال :
الأول - صحة الطهارة ( الوضوء
والغسل ) :
ذهب إليه الشيخ في المبسوط ( 6 ) ،
والمحقق في المعتبر ( 7 ) والعلامة في القواعد ( 8 ) ،
‹ صفحة 118 ›
والشهيد في البيان ( 1 ) ، والفاضل الهندي في
كشف اللثام ( 2 ) .
الثاني - بطلان الطهارة :
اختاره العلامة في المنتهى ( 3 ) ،
واستجوده صاحب المدارك ( 4 ) ، وحكم به
العلامتان : بحر العلوم وكاشف الغطاء ،
حسبما نقله عنهما صاحب الجواهر ومال
هو إلى ذلك ( 5 ) .
الثالث - التفصيل بين أنحاء كيفية
الاستعمال بحيث تصح الطهارة في بعضها
دون بعض وهذه التفصيلات على أنحاء :
أولا - إذا انحصر الماء في إناء الذهب
أو الفضة وأمكن تفريغه في إناء آخر
ليتوضأ منه وجب ، وصح الوضوء ، وإلا
سقطت الطهارة المائية ، فلو تطهر الإنسان
والحال هذه بطلت طهارته .
وإن كان له ماء آخر ، أو أمكن
التفريغ ومع ذلك تطهر منها فالأقوى
البطلان أيضا .
ذهب إلى هذا التفصيل السيد
اليزدي في العروة ( 1 ) .
ثانيا - إن الطهارة لو كانت بنحو
الرمس في الآنية مطلقا - سواء كان الإناء
منحصرا أو لا - أو كانت بنحو الاغتراف
مع الانحصار فتكون الطهارة باطلة وإلا
فلا .
اختار ذلك الإمام الخميني في
التحرير ( 2 ) .
ثالثا - الصحة في صورتي الاغتراف
والصب ، والإشكال في صورة الارتماس .
وهو مختار السيد الخوئي في المنهاج ( 3 ) .
5 - حكم زكاتها :
المعروف بين فقهاء الإمامية هو :
عدم وجوب الزكاة في أواني الذهب
والفضة ، قال الشيخ الطوسي : " أواني
الذهب والفضة محرم اتخاذها واستعمالها
غير أنه لا تجب فيها الزكاة " ( 4 ) .
وقال المحقق : " أواني الذهب
‹ صفحة 119 ›
والفضة محرمة ولا زكاة فيها " ( 1 ) .
وقال في الشرائع : " لا تجب الزكاة
في الحلي محللا كان . . . أو محرما . . .
كالأواني المتخذة من الذهب والفضة . . . " ،
وعلق عليه صاحب الجواهر قائلا :
" بلا خلاف أجده في شئ من ذلك بيننا
إذا لم يكن بقصد الفرار ، بل الإجماع
بقسميه عليه . . . " ( 2 ) .
وقال السيد في العروة : " لا تجب
الزكاة في الحلي ولا في أواني الذهب
والفضة وإن بلغت ما بلغت " ( 3 ) .
نعم ، نقل المحقق النراقي في المستند ( 4 )
عن جماعة القول بوجوب الزكاة إذا قصد
الفرار منه ، بينما اختار المحقق الأردبيلي
الاستحباب في هذه الصورة ( 5 ) .
وذهب الشيخ الطوسي في رسالة
" الجمل والعقود " إلى الاستحباب حتى مع
عدم قصد الفرار وأما معه فاختار
الوجوب حيث قال : " وخامسها [ أي
ما يستحب فيه الزكاة ] الحلي المحرم لبسه
مثل حلي النساء للرجال ، وحلي الرجال
للنساء ما لم يفر به من الزكاة ، فإن قصد
الفرار به من الزكاة ، وجبت فيه
الزكاة " ( 1 ) .
وذهب إلى الوجوب في فرض
الفرار السيد المرتضى ( 2 ) والقاضي ابن
البراج ( 3 ) أيضا ، ولعل هؤلاء هم المراد من
الجماعة التي ذكر المحقق النراقي عنهم
القول بالوجوب .
6 - حكم التكسب بها :
يمكن فرض عدة حالات بالنسبة
إلى التكسب بآنية الذهب والفضة وهي :
أولا - إذا فرضنا حرمة جميع
التصرفات حتى الاقتناء والتزيين بها ،
فالظاهر حرمة المعاملة في هذه الصورة ،
كما يظهر من المسالك ( 4 ) ، والحدائق ( 5 ) ،
‹ صفحة 120 ›
والجواهر ( 1 ) ، والمكاسب ( 2 ) وغيرها .
ثانيا - وإذا فرضنا حلية بعض
التصرفات فيها كالاقتناء والتزيين ،
فالظاهر صحة المعاملة فيهما ، كما يظهر ممن
تقدم .
ثالثا - إذا باع رضاضهما - بحيث لا
يمكن عودهما - فالظاهر صحة البيع
والمعاملة ، لعدم ما يمنع عنه ، كما يظهر من
العلامة ( 3 ) وبعض من تأخر عنه في مسألة
بيع آلات اللهو .
رابعا - إذا باعها بشرط كسرها ممن
يوثق بدينه فيبدو من الشهيد - في
المسالك ( 4 ) - وبعض آخرين في مسألة بيع
آلات اللهو صحة المعاملة .
7 - حكم إتلافها :
إذا قلنا : إن جميع التصرفات فيها
محرمة ، فلا حرمة لصورتها ، بل يجب
إتلافها - كما قيل ( 5 ) - ولا ضمان على
المتلف .
وإذا تعدى فأتلف المادة أيضا
فيضمن الزائد ، نعم إذا استلزم إتلاف
الصورة إتلاف المادة ففي الجواهر ( 1 ) وغيره
عدم الضمان أيضا .
وأما إذا قلنا : إن بعض التصرفات
فيها محللة كاقتنائها ، والتزيين بها فلا يجوز
إتلافها ، ويضمن المتلف لها .
راجع : آلات القمار / صور عدم
ضمان إتلافها .
....................................
( 1 ) التذكرة 1 : 67 .
( 2 ) الذكرى : 18 .
( 3 ) الخلاف 1 : 69 .
( 4 ) الخلاف 2 : 90 .
( 5 ) المبسوط 1 : 13 .
( 6 ) المعتبر 1 : 454 ، وكذا المختلف 1 : 63 .
‹ هامش ص 117 ›
( 1 ) مجمع الفائدة 1 : 362 .
( 2 ) المبسوط 1 : 13 .
( 3 ) المعتبر 1 : 454 .
( 4 ) التذكرة 1 : 67 .
( 5 ) القواعد 1 : 9 .
( 6 ) الذكرى : 18 .
( 7 ) جامع المقاصد 1 : 187 .
( 8 ) مدارك الأحكام 2 : 379 .
( 9 ) الحدائق 5 : 504 .
( 10 ) الجواهر 6 : 330 .
( 11 ) العروة ، المطهرات فصل ( حكم الأواني ) .
( 12 ) المستمسك 2 : 166 .
( 13 ) تحرير الوسيلة 1 : 114 .
( 14 ) منهاج الصالحين 1 : 128 .
( 1 ) المختلف 1 : 63 .
( 2 ) مجمع الفائدة 1 : 363 .
( 3 ) المستمسك 2 : 167 .
( 4 ) تحرير الوسيلة 1 : 114 .
( 5 ) منهاج الصالحين 1 : 128 .
( 6 ) المبسوط 1 : 13 .
( 7 ) المعتبر 1 : 456 .
( 8 ) القواعد 1 : 9 .
‹ هامش ص 118 ›
( 1 ) البيان : 43 .
( 2 ) كشف اللثام 1 : 62 .
( 3 ) المنتهى 1 : 186 .
( 4 ) مدارك الأحكام 2 : 381 .
( 5 ) الجواهر 6 : 332 .
( 1 ) العروة ، المطهرات فصل ( أحكام الأواني ) ،
المسألة 13 .
( 2 ) تحرير الوسيلة 1 : 115 .
( 3 ) منهاج الصالحين 1 : 35 .
( 4 ) الخلاف 2 : 90 .
‹ هامش ص 119 ›
( 1 ) المعتبر 2 : 530 .
( 2 ) الجواهر 15 : 183 .
( 3 ) العروة ، زكاة النقدين ، المسألة 1 .
( 4 ) المستند 2 : 27 .
( 5 ) مجمع الفائدة 4 : 97 .
( 1 ) الجمل والعقود ، " الرسائل العشر " : 205 .
( 2 ) جمل العلم والعمل ، " رسائل الشريف
المرتضى " 3 : 75 .
( 3 ) المهذب 1 : 159 .
( 4 ) المسالك 1 : 165 .
( 5 ) الحدائق 18 : 201 .
‹ هامش ص 120 ›
( 1 ) الجواهر 22 : 27 .
( 2 ) المكاسب : 15 .
( 3 ) التذكرة 1 : 464 .
( 4 ) المسالك 1 : 165 .
( 5 ) الجواهر 22 : 26 .
( 1 ) الجواهر 37 : 110 .
|