نتيجة المقارنة :
العنوان:
نتيجة المقارنة :
لقد أوردنا في مبدأ البحث سبعة من أحاديث سيف الموضوعة حول السقيفة وبيعة أبي بكر . وإن روايات سيف عن السقيفة تشمل أمورا قد تفرد سيف بروايتها . منها ما روي في امتناع خالد عن البيعة أنه كان لتمزيق جبته الديباج بأمر عمر ، لأنه كان قد لبسها في السلم وليس لرجل أن يلبس الحرير إلا في الحرب .
وأنه لذلك قال لعلي : أغلبتم يا بني عبد مناف ؟
وأن عليا قال في جواب خالد بن سعيد : أمغالبة ترى أم خلافة ، ومنها المحاورة التي نسبها إلى عمر ، إلى غيرها مما لم يرد ذكر شئ منها في غير رواية ( سيف ) وإنما هم ذكروا ما نقلناه في ص 157 - 158 وأن موقفه ذلك وتربصه عن البيعة كان انتصارا لعلي بن أبي طالب لا غيظا منه وحنقا على تمزيقهم جبته الديباج كما زعمه ( سيف ) .
وقال في رواية عن سعد بن عبادة : أنه قد بايع مكرها ( 1 ) وكي يؤيد ذلك وضع محاورة عن لسان سعد ، وزعم أنها قد جرت بين سعد وبينهم .
ويسند ( الفلتة ) إلى الأنصار في معارضتهم لبيعة أبي بكر ليعالج بذلك قول عمر في بيعة أبي بكر : ( إنها كانت فلتة ) ( 2 ) وفي روايته عن بيعة علي بن أبي طالب يقول : ‹ صفحة 161 › إن عليا كان في بيته لما أنبى أن أبا بكر جلس للبيعة فخرج في قميص ما عليه رداء ولا إزار كراهية أن يبطئ عنها حتى بايعه ثم جلس إليه وبعث إلى ثوبه فأتي به فتجلله ( 1 ) .
ولدى مقارنة هذه الرواية بالروايات الصحيحة المتواترة ، والتي أوردنا طرفا منها في ما سبق يتضح مبلغ ولع سيف في وضع الاخبار خلافا للواقع وذلك تغطية منه للحقيقة ومحوا لآثارها ، فإنه قد اختار عليا مرشح المهاجرين وسعدا مرشح الأنصار دون غيرهما من الصحابة ليصرح بأنهما قد بايعا .
وإنك قد رأيت في ما أوردناه ( 2 ) أن سعدا لم يبايع حتى قتله الجن بسهمين طريدا بعيدا عن أهله وذلك لأنه لم يبايع ! !
وأن عليا هو الذي طالب بها ، وأن جميع بني هاشم وجمعا من المهاجرين تخلفوا عن بيعة أبي بكر وهم يطالبون له بالبيعة ، وسيف يزعم أن عليا بادر إلى بيعة أبي بكر في اليوم الأول من بيعة أبي بكر ، وأن أبا بكر قد بويع له في اليوم الأول من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لأنهم كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة ) على حد تعبير سيف .
وكان علي عند ذاك مشغولا بتجهيز النبي لم يفارقه هو ولا بقية بني هاشم الأقربون إليه ، ولم يتركوه كما فعل غيرهم .
ويزعم سيف أنه خرج مسرعا بلا رداء ولا إزار ثم بايع أبا بكر وجلس إلى جنبه . أما جنازة النبي فقد نسيها سيف . ‹ صفحة 162 ›
وقد وضع سيف سبع روايات في بيعة أبي بكر إتقانا للصنعة ، وليؤيد بعضها بعضا فيظن القارئ ورود عدة روايات بطرق مختلفة تصرح بأنه لم يتخلف أحد عن بيعة أبي بكر ، وقد خص روايتين منها ببيعة سعد ، فيروي في أولاهما مخالفة سعد ثم بيعته ، وفي الثانية عتابه لهم على أخذهم البيعة منه كرها ، ويقول في الرابعة : " إنه ما خالف أحد إلا مرتد أو من قد كاد أن يرتد " ويسأل الراوي هل قعد أحد من المهاجرين ؟
فيقول : " تتابع المهاجرون على بيعة من غير أن يدعوهم " فإذا قارنت هذه بما مر من الاخبار المروية في كتب الصحاح والمسانيد والسير والتواريخ مما روي عن أبي بكر وندمه على إدخاله الرجال في دار فاطمة ، وعن عمر في ذكره تخلف علي والزبير ، ومن معهما عن البيعة ، وقوله في بيعة أبي بكر إنها كانت فلتة ، وغير ذلك مما وقع من كسر سيف الزبير ، ووطئ سعد بن عبادة .
إذا راجعت ما مر عرفت مدى تحري سيف الوقائع التاريخية ليضع أخبارا خلافا للواقع التاريخي .
وقد ذكر سيف أنه لم يتخلف أحد عن بيعة أبي بكر إلا من ارتد أو قد كاد يرتد ، احتياطا للامر ولتظن الارتداد عن الاسلام في من يبلغك أنه خالف البيعة من الصحابة . أما الذين تشملهم تهمة الارتداد فقد صرح المؤرخون بأن ممن خالف بيعة أبي بكر مطالبا ببيعة علي هم :
( 1 ) الزبير بن العوام .
( 2 ) العباس بن عبد المطلب .
( 3 ) المقداد بن الأسود .
( 4 ) طلحة بن عبيد الله .
( 5 ) سعد بن أبي وقاص - وهؤلاء هم الذين صرحوا عنهم أنهم اجتمعوا في دار فاطمة ليبايعوا عليا –
( 6 ) أبو ذر الغفاري .
( 7 ) سلمان الفارسي .
( 8 ) الفضل بن العباس .
( 9 ) خالد بن سعيد الأموي .
( 10 ) البراء بن عازب .
( 11 ) عمار بن ياسر .
( 12 ) أبان ابن سعيد .
( 13 ) أبي بن كعب .
( 14 ) أبو سفيان بن حرب ، وسعد بن
‹ صفحة 163 ›
عبادة الذي كان يطلب البيعة لنفسه . وأن هؤلاء جميعا تشملهم تهمة سيف بالردة عن الدين ( 1 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 160 ›
( 1 ) ( 2 ) راجع قبله ص 93 - 94 .
‹ هامش ص 161 ›
( 1 ) راجع قبله صفحة - 94 .
( 2 ) راجع قبله ص 159 - 163 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|