مناقشات حول مسالة الكفاءة واقوال بعض السنة فيها
فصل
ومن العجائب إن الكفائة وجوبها بلغ مبلغا عظيما في الإسلام بحيث إن عمر بن الخطاب شدد في أمرها تشديدا كبيرا ، وقال فيها قولا ذكره علماء السنة في كتبهم ، وبأسفارهم محتجين به ، قال شمس الدين السرخسي ( 1 ) في كتابه المبسوط في كتاب النكاح ، قال :
وبلغنا عن عمر ( رض ) أنه قال : لأمنعن النساء خروجهن إلا من الأكفاء ، وفي هذا دليل على إن للسلطان يدا في الأنكحة فقد أضاف المنع إلى نفسه وذلك يكون بولاية السلطنة .
وفيه دليل إن الكفائة في النكاح معتبرة ، وإن المرأة غير ممنوعة من أن تزوج نفسها ممن يكافئها ، وإن النكاح ينعقد بعبارتها ( 2 ) . فصل : قال أبو بكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي الحضرمي في كتابه ، رشفة الصادي ، أيضا في ضمن
فائدة
ذكر فيها كلام العلماء على أولاد بنات رسول الله ( ص ) غير الحسن والحسين ( ع ) بوجوه :
منها ، أنهم لا يكافئون أولاد الحسن والحسين فالزبيني مثلا ليس كفوا للحسنية ، ولا للحسينية ، انتهى ،
فلينظر العاقل الذي أوتي حظا من الأنصاف أنه إذا كان أمر الكفائة عند العلماء بالغا إلى حد يمنع كون الزبيني كفوا للحسينية ‹ صفحة 75 › والحسينية فكيف يمكن أن يجتري ذو فهم ودين على أن يجعل عمر بن الخطاب وهو بعيد عن الرسول ( ص ) في النسب بمراحل شاسعة ، وفيافي نازحة ، كفوا لأم كلثوم ( ع ) وهي بنته ( ص ) بلا شك ولا ارتياب ، إن هذا إلا زعم أهل التيار والتبات ، وقول المستهترين باللغو والكذاب فصل ، لقد أتى العلامة أبو بكر بن شهاب الدين الشافعي الحضرمي بكلام مبرم في تأييد عمل السادة العلويين الحسنيين قديما وحديثا ، وفي عدم تزويج بناتهم إلا من شريف صحيح النسب حيث قال : في كتابه شرفة الصادي ما نصه :
تتمة
جرى عمل سادتنا العلويين الحسينيين رضوان الله عليهم ، قديما وحديثا أنهم لا يزوجون بناتهم إلا من شريف صحيح النسب ، غيرة منهم على هذا النسب العظيم ، ولا يجيزون تزويجها بغير شريف وإن رضيت ورضي وليها مثلا لأنهم يرون أن الحق في هذا النسب الطاهر ، راجع لكل من انتسب إلى الحسنين رضي الله عنهما لا للمرأة ووليها فقط ، ورضاء جميع أولاد الحسنين بذلك متعذر .
وعلى هذا العمل إلى الآن وهم نعم القدوة والأسوة ، إذ فيهم من الفقهاء والصلحاء والأقطاب ، والأولياء ، من لا ينبغي لنا أن نخالفهم فيما أسسوه ، ودرجوا عليه ، لا يسعنا غير السير بسيرتهم ، والاقتداء بهم ، ولهم اختيارات وأنظار لا مطمع للفقيه في إدراك أسرارها ، ويؤيد هذا الاختيار أيضا قول سيدنا عمر بن الخطاب ( رض ) : لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء ، والله أعلم ( 1 ) انتهى .
وأنت إذا أحطت خبرا بهذا الكلام استبان لك إن السادات الكرام قديما وحديثا لا يعتقدون صحة تزويج سيدتنا أم كلثوم ( ع ) لعمر بن الخطاب ، إذ لو كان عندهم خبر يوثق به في هذا الباب لما وسعهم الاتفاق على العمل بخلاف عمل ‹ صفحة 76 › جدهم المعصوم الذي يدور الحق معه حيث ما دار ( 1 ) عليه آلاف سلام الله الملك الغفار ، وهذا واضح عند أولي الأحلام والأبصار ، كالشمس في رابعة النهار .
فصل :
إذ من العجائب الآيات القائدة إلى الحق ، أن القاضي شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي الحنفي الملقب بملك العلماء الذي هو من كبار علماء أهل السنة ، قد شدد في عدم جواز تزويج العلويات بغير العلويين بأتم التشديد ، وأتى في ذلك بكلام متين ، وقول سديد ، حيث قال في كتابه المسمى - هداية السعداء - في الهداية الحادية عشر في الجلوة الرابعة ما هذا لفظه :
وتصحيح نسب واجب أسست تا كسي خود را بدروغ علوي نكو ياند ، ودختران رسول الله ( ص ) باغير كفو نكاح نشوند ، ودر نسب رسول الله ( ص ) اختلاق واستحقاق روي نيارد ، ومردمان أزين قول كافر نشوند ، ودر دعوى حرامزادكي نه افتند ، وتبره كار نشوند ، ودين بباد ندهند ، واگر باد شاه در هر قصبة سيد أجل نصب نكند هرجه أزين فساد وتسلسل ضلاله روي نمايد وذمة بادشاه باشد ، فرداي قيامت مصطفى ( ص ) خصم أو كردد وسيد أجل را بايد كه دختر سيد غير كفورا دادن ، واكرداده باشد فسخ نكاح وخلع كنا ند ،
انتهى . وفي هذه العبارة الرشيقة فوائد عديدة وحقائق سديده :
منها أن تزويج العلوية بغير علوي تزويج بغير كفو ولو كان مدعيا كونه علوي النسب . منها أن تزويج العلوية بغير علوي يوجب اختلاط النسب رسول الله ( ص ) ويورث استحقاقه .
ومنه أن هذا التزويج يوجب الكفر . ومنها إن هذا التزويج يورث دعوى التولد من الحرام . ‹ صفحة 77 ›
ومنها إن هذا التزويج يورث الإثم .
ومنها إن هذا التزويج تضييع للدين .
ومنها إن هذا التزويج يوجب الفساد وتسلسل الضلال . ومنها إن هذا التزويج يوجب أن يكون الرسول ( ص ) خصما للمزوج يوم القيامة .
ومنها أن سيدنا الأجل الذي هو نقيب الأشراف لا يجوز له الرضا بهذا التزويج لأنه تزويج بغير كفو .
ومنها إن هذا التزويج لو وقع ، فعلى السيد الأجل أن يفسخ هذا العقد ، ويحكم بالخلع ، وإذا أحطت خبرا بما ذكره الحبر الجليل ظهر لك أن تزويج العلوية بغير العلوي قد كان موروثا بهذه المفاسد الجمة ، كيف يجوز مسلم عاقل تزويج سيدتنا أم كلثوم ( ع ) بعمر بن الخطاب ، فإنه يستجمع تمام هذه المفاسد بألف أولوية والله العاصم عن التعصب والتعسف وأنه شر بلية .
فصل
قد أورد علي المتخلص بازاد البلجرامي ( 1 ) الذي هو من كبار علماء الهند في التخلص عن أعضاء عدم كفاءة عمر بن الخطاب لسيدتنا أم كلثوم ( ع ) أضعف من التمام وأتى بقول أوهن من بيت العنكبوت عند ذوي الأحلام ، حيث قال في كتابه المسمى - سند السعادات في حسن خاتمة السادات ، ما لفظه :
در روايت صحيحة آمده از عمر بن الخطاب إنه خطب أم كلثوم من علي فاعتل بصغرها ، وبأنه أعدها لابن أخيه جعفر فقال له : ما أردت الباه ولكن سمعت رسول الله ( ص )
يقول : كل سبب ونسب يتقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي ، وكل نبي عصبتهم لأبيه ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم ‹ صفحة 78 › وعصبتهم ، يعني خطبة كرد عمر أم كلثوم را از علي بس عذر آورد بصغر سن أم كلثوم ، وبانيكه نكاهداشته است اورا برأي يسر برادر خود جعفر طيار ، بس عمر كفت : كه اراده نكرده أم باه راو لكن شندم رسول خداكه ميفر مود : هر سببي ونسبي كه هست منقطع ميشور در روز قيامت سواي سبب ونسب من ، وهمة فرزندان دختري عصبه اشيان بدران ايشان باشند جز فرزندان فاطمة بس بدر ستيكه من بدر ايشان وعصبة ايشانم . صاحب صواعق محرقة كويد حاصل كلامش اينكه انتسابيكه از خصايص حضرت در أين حديث وأمثال آن مفهوم ميشود اينست كه حضرت را بدر بني فاطمة توان كفت ، وبني فاطمة رابسران آن حضرت ، وجون بني فاطمة را باخبان نبوت نسبت ابوت ونبوت بهم رسيد أين نسيت را در كفائف اعتبار خواهد بود ، بس هاشمي غير شريف كفو نمي شود شريفه را ، وقول علماء كه بني هاشم وبني عبد المطلب أكفائند محل ان در ما عداي أين صورة است ، واكر كسي وصيت كرد كه مال مرابس از من بفرزندان حضرت بد هند وصي راميبا يدكه به بني فاطمة بدهد واكرهم جنين كسي وقف كند بر فرزندان حضرت مصرف ان بني فاطمة خواهد بود ، وأين حكم در أولاد دختري ع = غير حضرت ( ص ) جاري نشود ، مثلا اكر كسي وصين كنند كه مال مرابر فرزندان زيد تقسيم كنند أولاد دختر زيد راهيج نمي رسد . راقك الحروف كويد : در أين مقام شبه وارد من شودكه هركاه از حديث مفهوم شد كه غير شريف كفائت ندارد با شريف بس علي ( ع ) جرا خطبة عمر را أجابت كرد ، وجوابش اينكه أين معنى بنابر ضرورت بود جه درآن وقت عنفوان نشو تنماى شجرة سيادت بود ، وشريفي كه با شريفة نسبت كفائتي داشته باد وهم شرعا بأهم ما كحت أو جائز بود باشد أصلا بعرصة وجود نيا مد . انتهى ( 1 ) .
‹ صفحة 79 ›
وفي هذا الكلام الجالب لضروب التعنيف والملام علل واسقام ،
منها : ادعاء البلجرامي صحة رواية أوردها والحال ان كل ما روى في هذا الباب أعني تزويج علي ( ع ) ابنته بعمر من أبين البهت والكذاب ، وان ادعى أحد من المتجاسرين ، صحة رواية في هذا الشأن ، فعليه الإتيان بالبيان وعلينا دمغ رأسه بمقمعة الحجة والسلطان وكسر ظهره بضرب البينة والبرهان . ومنها ، ان الجواب عن الإعضال الوارد على اعتلال علي ( ع ) بصغرها ، فأية ضرورة تفرض في هذا الحال إلى تزويجها من شيخ فإن ليس لها بكفو في حال من الأحوال ، ولعمري إن فرض الضرورة ليس له صورة في هذا العقد لا من الخاطب ولا من المزوج .
ومنها : ادعائه أن في ذلك الزمان لم يكن لسيدتنا أم كلثوم كفو ، قول فاسد ، لأن الخبر الذي ذكره مشتمل على أن عليا ( ع ) اعتل عند خطبة عمر بأنه أعدها لابن أخيه جعفر ، فهل يجتري مسلم على أن يقول : إن إعداد علي ( ع ) سيدتنا أم كلثوم لابن أخيه جعفر كان إعداد لغير كفو ، ما هذا إلا تقول باطل ، وزعم عن حلية الصدق عاطل .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 74 ›
( 1 ) شمس الديلأن محمد بن أحمد بن أبي سهر السهرخسي الحنفي المتوفى حدود 483 . متكلم أصولي مجتهد سجن مدة طويلة وكتب المبسوط في السجن . معجم المؤلفين 8 : 239 . ( 2 ) المبسوط 5 : 23 .
‹ هامش ص 75 ›
( 1 ) رشفة الصادي
‹ هامش ص 76 ›
( 1 ) الغدير 3 : 177 .
‹ هامش ص 77 ›
( 1 ) غلام آزاد بن نوح الحسيني الواسطي المتوفى 1194 . فقيه مؤرخ عالم بالأدب له مؤلفات . الأعلام 5 : 314 . معجم المؤلفين 8 : 41 . كتابهاي جابي فارسي 3 . 71 . 3
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|