07-22-2010, 09:47 PM
|
#3
|
خادم الحسين
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1
|
تاريخ التسجيل : May 2010
|
أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
|
المشاركات :
2,305 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
اكمال استدالالهم بالايات على وجوب غسل الرجلين
التأويل الرابع :
ما قاله الصاوي بعد أن اعترض على حملهم الجر على الجوار : ( والأولى أن يقال : إنه مجرور لفظا ، ومعنى معطوف على الرأس والمسح مسلط عليه ) ( 4 ) .
وقال الخازن : ( قال جماعة من العلماء : إن ( الأرجل ) معطوفة على ( الرؤوس ) في الظاهر ، والمراد فيها : الغسل ، لأنه قد ينسق بالشئ على غيره والحكم فيهما مختلف ، مثل ( علفتها تبنا وماء باردا )
يعني :
( وسقيتها ماء باردا ) . وكذلك المعنى في الآية : ( وامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم ) ، فلمالم يذكر الغسل وعطفت ‹ صفحة 58 › ( الأرجل ) على الرؤوس في الظاهر اكتفى بقيام الدليل على أن ( الأرجل ) مغسولة من مفهوم الآية والأحاديث الصحيحة الواردة بغسل الرجلين في الوضوء ) ( 1 ) .
ويرد على هذا الوجه :
أولا : أنه يمكن القول بصحة ذلك إذا كان هناك قرينة على المراد ، وكان إعراب المعمولين من نوع واحد ، وحصل الأمن من الالتباس ، كما في المثال المذكور .
وأما في الآية فالقرينة غير موجودة ، والإعراب مختلف ، والأمن ليس بحاصل .
والشاهد عليه ذلك الاختلاف الهائل بين المسلمين حول طهارة الرجلين في الوضوء .
ثانيا : أن قوله : ( ماء باردا ) منصوب بفعل مقدر ، أي ( سقيتها ماء باردا ) ، لا بالفعل المذكور ( علفتها ) وإرادة غيره من الكلام حتى نقيس الآية عليه .
وقد تقدم كلام ابن الحاجب على المثال المذكور في التأويل الثالث .
وثالثا : أن ادعاء اكتفاء الشارع بمفهوم الآية والأحاديث الصحيحة عن ذكر الغسل ، باطل ، لأن الاستدلال بمفهوم الآية على المدعى مصادرة على المطلوب .
وأن الآية ظاهرة - بل صريحة - في المسح . والأخبار الواردة في الغسل معارضة بالصحاح المروية في المسح ، وممكنة الحمل على محامل قريبة دون أخبار المسح ، كما سترى عن قريب إن شاء الله تعالى .
ورابعا : أنه يمكن أن يتصور هذا في حق من لم يعلم بمداليل الكلام ومفاهيم العبارات . وأما بالنسبة إلى كتاب الله الكريم فلا يتفوه به جاهل فضلا عن عالم . أما لو فرض وجود نكتة غائبة عنا ، فإنا لا نتصور إمكان وجود نكتة تستوجب ارتكاب ذلك الأسلوب المخالف لأهل العرف واللغة ، وما يترتب عليه من الخلاف واللبس .
التأويل الخامس :
أن المراد بالمسح في الآية : * ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ) * هو ‹ صفحة 59 › الغسل الخفيف ، لأن العرب تسمي الغسل الخفيف مسحا .
حكوه عن ابن زيد الأنصاري وأبي علي الفارسي ( 1 ) .
ويردعليه ما قال عنه الصاوي : ( وهو بعيد ) ( 2 ) .
وقال عماد الدين الطبري : ( إن الشرع أراد تفرقة ما بين البابين فقال : * ( فاغسلوا وجوهكم ) * ثم قال : * ( وامسحوا ) * .
فلو كانا متقاربين في المعنى لم يقصد إلى التفرقة ، فإن تقارن ما بين الغسل والمسح إن اقتضى إطلاق لفظ واحد عليهما ، فتقارن ما بينهما يقتضي إطلاق لفظ الغسل على الجميع إطلاقا واحدا ، ولم يرجع في الرؤوس إلى لفظ المسح ) ( 3 ) .
إن ادعى المؤول للآية اتحاد المعنى في المسح والغسل فقد يرد عليه - إضافة إلى ما تقدم من بني قومه : أن العرف واللغة يأبيان ذلك ، والعرف يفرق بين مسح الشئ بالماء وبين غسله ، بل يعتبر المأمور بمسح الشئ مؤاخذا إذا غسله ، لأنه لم ينفذ الأمر المطلوب ، بل نفذ غيره . هذا أولا .
وثانيا : لماذا لا يقول في الرأس أيضا : إن المراد بمسحه هو الغسل الخفيف ؟ . وإن ادعى اختلاف المعنى فيهما ،فكيف يجوز إطلاق لفظ واحد وإرادة معنييه الحقيقيين أو إرادة معنى حقيقي وآخر مجازي في استعمال واحد ؟ ومخالفة الشافعي لا يؤخذ بها بعد ما حققه المحققون .
التأويل السادس :
ما قاله الزمخشري : ( إن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة ، تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه ، فعطفت على الثالث الممسوح ، لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في ‹ صفحة 60 › صب الماء عليها ( 1 ) .
ويرد عليه ما قاله أبو حيان :
( هذا التأويل - وهو كما ترى - في غاية التلفيق والتعمية في الأحكام ) ( 2 ) . أقول : كان اللازم على الزمخشري قبل أن يحرر تأويله هذا أن يتصور بأن القرآن نزل من لدن عليم حكيم وأنه إذا أراد أن يعلم عباده مذمومية الإسراف في صب الماء فهو قادر على أن يعلمهم بطرق أخرى بدل هذا الأسلوب المشوش الذي ادعاه الزمخشري فأدخل العباد في اللبس والحيرة .
التأويل السابع :
أن قراءة الخفض منسوخة مع بقائها ثابتة في الرسم . قال ابن رشد بعد استدلاله بخير : " ويل للأعقاب " على وجوب الغسل : إن السنة ناسخة للقرآن [ أ ] . وقال بالنسخ الطحاوي [ ب ] وحكي عن السيوطي [ ج ] وابن حزم [ د ] ( 3 ) .
ويرد عليه ما قاله الآلوسي بعد حكاية النسخ عن السيوطي :
( ولا يخفى أنه أوهن من بيت العنكبوت وأنه لأوهن البيوت ) . وقال في موضع آخر : ( كما ظنه - يعني النسخ - من لا وقوف له ) ( 4 ) .
وما رواه القرطبي عن أبي ميسرة أنه قال : ( المائدة من آخر ما نزل ، ليس فيها منسوخ ) .
وروى أيضا أنه قال : روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قرأ سورة المائدة في حجة الوداع وقال : " أيها الناس ، إن سورة المائدة آخر ما أنزل ، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها " ( 5 ) .
وقال السيوطي : أخرج أبو داود والنحاس - كلاهما في ( الناسخ ) - عن أبي ‹ صفحة 61 › ميسرة عمرو بن شرحبيل أنه قال : ( لم ينسخ من المائدة شئ )
وقال : أخرج عبد ابن حميد ، وأبو داود في ناسخه ، وابن المنذر عن أبي عون قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شئ ؟ فقال : لا .
وقال أيضا : أخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب ، وعطية بن قيس أنهما قالا : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " المائدة من آخر القرآن نزولا ، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها " .
وأخرج أحمد ، وأبو عبيد في فضائله ، والنحاس في ناسخه ، والنسائي ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال : حججت فدخلت على عائشة ، فقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة ؟ فقلت : نعم . فقالت : أما إنها آخر سورة نزلت ، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه ، وما وجدتم من حرام فحرموه ( 1 ) .
وقد ادعى الحازمي وغيره من أكابر القوم نسخ خبر أوس وغيره مما يدل على المسح . فيفهم بناء عليه ، أن حكم المسح استمر إلى نزول المائدة في المسح ثم نسخ بقراءة النصب ، أو بخبر : " ويل للأعقاب " .
وهذا كما ترى رد قاطع على من ادعى عدم ثبوت المسح عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما سيأتي كل ذلك .
وستري الحال في دلالة خبر : " ويل للأعقاب " عن قريب إن شاء الله تعالى .
التأويل الثامن :
قال الكياالهراسي : ( وإن سلمنا لهم أن اللفظ ظاهر في المسح فاحتمال الغسل قائم ، والذي يتصل به من القرائن يثبته ، ومن القرائن * ( الكعبين ) * ،
ومنها خبر : " ويل للأعقاب من النار " ) ( 2 ) .
ويرد على هذا ما قاله فخر الدين الرازي : ( والقوم أجابوا بوجهين :
الأول : أن الكعب عبارة عن العظم الذي تحت مفصل القدم ، وعلى هذا التقدير فيجب المسح على ظهر القدمين . ‹ صفحة 62 ›
والثاني : أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق ، إلا إنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين . وحينئذ لا يبقى هذا السؤال ) ( 1 ) .
لا يخفى أن كبرى القضية في الاستدلال - عدم التحديد في المسح - مصادرة على المطلوب . مع أنه بناء على هذا الأسلوب في الاستدلال يصح أن نضع مع كل حكم شرعي وظهور قرآني احتمالا آخر ثم نحكم بالتخيير بينهما .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الهوامش
‹ هامش ص 57 ›
( 1 ) البحر المحيط 3 : 437 ، عمدة القارئ 2 : 238 ، تاج العروس 2 : 223 مادة : مسح . ( 2 ) فتح القدير 1 : 8 . ( 3 ) البحر المحيط 3 : 438 . ( 4 ) حاشية الصاوي على شرح الجلالين 1 : 254 .
‹ هامش ص 58 ›
( 1 ) لباب التأويل 2 : 16 .
‹ هامش ص 59 ›
( 1 ) المغني ( ابن قدامة ) 1 : ، الجامع لأحكام القرآن 6 : 92 ، البحر المحيط 3 : 438 وعمدة القاري 2 : 239 ، حاشية الصاوي 1 : 254 ، المقدمات ( ابن رشد ) 1 : 15 ، تاج العروس 2 : 223 باب الحاء / فصل الميم - مسح . ( 2 ) حاشية الصاوي على شرج الجلالين 1 : 254 . ( 3 ) أحكام القرآن ( الطبري ) 3 : 4140 .
‹ هامش ص 60 ›
( 1 ) الكشاف 1 : 326 ، غرائب القرآن 6 : 53 ، تفسير المنار 6 : 131 ، البحر المحيط 3 : 437 وعمدة القاري 2 : 238 ، فتح الباري 1 : 215 . ( 2 ) البحر المحيط 3 : 438 . ( 3 ) [ أ ] المقدمات 1 : 15 [ ب ] شرح معاني الآثار 1 : 39 [ ج ] روح المعاني 6 : 70 [ ب ] [ د ] تفسير المنار 6 : 228 . ( 4 ) روح المعاني 6 : 69 ، 70 . ( 5 ) الجامع لأحكام القرآن 6 : 3130 .
‹ هامش ص 61 ›
( 1 ) الدر المنثور في التفسير بالمأثور 2 : 251 ، 252 . ( 2 ) أحكام القرآن 3 : 43 ، بدائع الصنائع 1 : 6 .
‹ هامش ص 62 ›
( 1 ) مفاتيح الغيب 6 : 165
. . . . . . . . . . . . . . .
|
|
|